خطاب السيد مرتضى السندي في تأبين الشهيد علي قمبر

النص الكامل لكلمة القيادي في تيار الوفاء الإسلامي، سماحة السيد مرتضى السندي، في الحفل التأبيني مساء أمس الاثنين (24 أكتوبر/ تشرين الأول 2022) الذي أقيم في مركز الإمام الخميني في مدينة قم المقدسة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لشهادة الشهيد علي قمبر.


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 بسم الله الرحمن الرحيم

 والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على خير الأنام محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

رحم الله من قرأ سورة الفاتحة وأهدى ثوابها لأرواح الشهداء والمؤمنين والمؤمنات.

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم <مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا>

عرفته حين كنت في الخامسة عشر من عمري، حين التقيته في زنزانة رقم اثنين في توقيف مركز مدينة عيسى، وجدته شاباً كان عمره حين ذاك ثمانية وعشرين عاماً، له جاذبية روحية وطهر قلبي وصفاء نفس عالية وشجاعة منقطعة النظير، يشبه في سماته رجلاً حفر اسمه في تاريخ البحرين المعاصر اسمه «عيسى قمبر»، كان يجمعنا نحن الصبية الصغار بعد صلاة الفجر وقراءة الدعاء لنتلوا بعض آيات القرآن الكريم، يعلمنا بعض معاني السور والآيات، كان عاشقاً لسورة يوسف، كثيراً ما يتلو آياتها، يحاول التدبر في معانيها.

يجمعنا ليعلمنا تلاوة القرآن وبعض معاني آياته، يشجعنا على حفظ سوره، حفظنا معه سورة ياسين والرحمن والواقعة والملك والصف، وكان يجازينا على حفظ كل سورة بهدية كانت صورة الشهيد عيسى قمبر التي كان يخفيها في قرآنه الصغير، فكلما حفظنا سورة أهدانا صورة لأخيه الشهيد عيسى قمبر، كان يسدي لنا النصح فيما يتعلق بشؤون حياتنا الخاصة، كانت أغلى هدية يقدمها لنا في داخل السجن هي هذه الصورة الصغيرة التي يخفيها بين صفحات كتاب الله، دارت الأيام وانقضت أيام السجن بحلوها ومرها.

كان سبّاقاً لعمل الخير وإغاثة الملهوف ونصرة الضعيف، ومتواجدا في ساعات المواجهة بين الحق والباطل، كان يمتلك قلباً أبيضاً بياض كفنه لا يحمل في قلبه كراهية أو حقداً على أحد، مبادراً لإصلاح ذات البين ولتزويج العزاب وقضاء حاجات أخوته المؤمنين، كان من أول المبادرين في مشروع بناء المساجد التي هدمها الطاغية، كان ثمن ذلك باهظاً إلا أنه لم يأبه بما يفعله الطغاة، وكان دائماً من المرابطين، كل حجرٍ ومدرٍ في مسجد مؤمن وسلمان الفارسي والإمام الباقر والإمام الحسن المجتبى وغيرهم من المساجد شاهدة له وبمرابطته وعمله الدؤوب.

استهدفه الخليفيون عدة مرات وتعرض لعدة اعتقالات آخرها تم اعتقاله في مسجد في مسجد سلمان الفارسي وحُكِم ظلماً وجوراً بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً قضى منها بضع سنين، حتى ابتلاه الله بمرض السرطان وهو في داخل السجن، حيث لم يتمكن من العلاج إلا بعد فوات الأوان وانتشار المرض وتمكّنه من الشهيد وغدا الأطباء عاجزون عن علاجه بعد أن تمكّن منه المرض واخذ مأخذه منه، حينها تم الإفراج عنه ليصارع المرض في عدة بلدان حتى عجز الجميع من علاجه فعاد الى وطنه ووطن آبائه وأجداده ليختار أن تعرج روحه وهو على تراب وطنه لكي يضمه ويغفو غفوته بين أحضانه.

علا عليٌّ إلى علياءه مع الشهداء ..

وارتاح من هم الدنيا وهمومها وبقي إخوته يرسلون استغاثتهم من بين قضبان غليظة ومن الزنازين المظلمة يطالبون بأبسط حقوقهم وهو توفير العلاج اللازم لهم، في وقته وقبل فوات الأوان، كم من عليٍّ رحل من بيننا وكم من عليٍّ ينتظر لحظة الرحيل.

إن ذكرى رحيل علي يعيد ملف الأسرى الذين يحتاجون للرعاية الصحية الى الواجهة، ويدفعنا لأن نطالب بتوفير العلاج اللازم لهم وبشكل فوري.

إننا نعبر عن قلقنا المتزايد على سلامة الأسرى المرضى، وخصوصاً بعد دخول الصهاينة على سلك وزارة الصحة والعلاج في البحرين.

علي قمبر والسيد كاظم السهلاوي ومحمد سهوان وحسين سبت ومحمد مشيمع وقائمة طويلة قضوا نحبهم ولم يبدلوا تبديلاً، وقائمة المنتظرين للعلاج والمنتظرين للحظة العروج للسماء ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.

إن واجبنا الأخلاقي ألا نضيع هذه التضحيات وهذه الدماء وأن نكون أوفياء لمن رحلوا من أجلنا ومن أجل كرامتنا وحقوقنا.

وأحد صور هذا الوفاء لهؤلاء الشهداء هو عدم المشاركة في هذه الانتخابات الهزلية الشكلية التي تزور الإرادة الشعبية، إن المشاركة اليوم تمثل رضاً وإقراراً بما تقوم به السلطة من أعمال غير مشروعة من تطبيع واستبداد وسجن لقتل وقتل لأبناء شعبنا، فالخيار الذي أجمعت عليه كل قوى المعارضة الفاعلة هو مقاطعة هذه الانتخابات.

والحمد لله رب العالمين ورحم الله من أعاد الفاتحة للشهداء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى