كلمة السيد مرتضى السندي في الذكرى السنوية لشهداء المقاومة والحرية

النص الكامل لكلمة القيادي في تيار الوفاء الإسلامي، سماحة السيد مرتضى السندي، في الذكرى السنوية لشهداء المقاومة والحرية مساء الأمس الاثنين (6 يناير 2023) الذي أقيم في مركز الإمام الخميني.


بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين

السلام على الدماء الزاكية

السلام على الإباء والشموخ

السلام على البذل والعطاء

السلام على الإيثار والنصرة

السلام على من بذلوا أموالهم وأنفسهم ليشتروا الخلود والجنان

السلام على الذين لم يبدلوا تبديلا فما ضعفوا وما وهنوا وأصروا على مواصلة الطريق حتى نهاية الحياة.

السلام على القائد المغوار الشهيد رضا الغسرة

السلام على ربان قارب الحرية الشهيد مصطفى يوسف

السلام على الشهيد المقاوم محمود يحيى

السلام على الشهيد المقاوم حسن علي البحراني

السلام على الشهيد المقاوم ميثم علي

السلام على الشهيد البطل السيد قاسم خليل

السلام على الشهيد البطل الأسير المحرر السيد محمود عادل

السلام على شهدائنا ورمز عزتنا وفخرنا وتاج رؤوسنا

السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته

قال تعالى في محكم كتابه الكريم: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)

أي صادقين الذين يريدنا الله سبحانه وتعالى أن نكون معهم؟

فيجيب الله سبحانه وتعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً) الأحزاب 23

إن المسيرة الجهادية صعبة عسيرة تمر عبر ضغوطات وصعوبات مريرة وقاسية، تدفع كثير من المؤمنين لأن يؤثرون طريق الراحة والدعة على طريق الجهاد والمقاومة، ويسعون لتبرير تقاعسهم وهروبهم من المسؤولية الشرعية بمبررات شرعية، وعناوين دينية للفرار من عناوين التضحية والايثار والفداء والبذل والعطاء، وأي عطاء أغلى من عطاء الدم.

إلا ان هناك فئة من المؤمنين وطنت نفسها أن تبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول للمعشوق ولو كلفهم ذلك أموالهم وأنفسهم وأهليهم.

أجلى مصداق لهذه الفئة هم الشهداء الذين نعيش اليوم ذكراهم الاليمة بالنسبة لنا، السعيدة بالنسبة لهم. فهم (فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) 170 آل عمران

كم أتمنى لو أن تتاح الفرصة لأتحدث عنهم واحد تلو الآخر فكلهم أيقونات وقدوات ومناراتٍ في الطريق إلا أن الوقت لا يسع والفرصة غير كافية فسأقتصر حديثي عن قائدهم وقدوتهم وقائدنا وقدوتنا الشهيد رضا الغسرة.

إن رحيل رضا يمثل جرحاً غزيراً في نفوس المجاهدين، وألما عميقاً لا يبرؤ، وأستطيع أن اقول إن لقتل رضا حرارة في نفوس المقاومين لن تبرد أبداً.

هذه الحرارة هي التي تغذي فينا روح المقاومة وروح الصبر، وروح التحدي، وروح الاستقامة.

رضا كان متواضعاً أشد التواضع بين أخوته وأقرانه ورفقاءه، كان شامخاً شجاعاً شديداً شرساً على أعداء الله وأعدائه، له غيرة دينية فريدة، وله بسالة وشجاعة منقطعة النظير.

عصامي …لا ينكسر، لا ينهزم، لا يستسلم.

كانت لثقافة كربلاء الدور الأبرز في صياغة شخصيته وكأنه تنفس هواء كربلاء وعاش لهيب عاشوراء، وكأنه جاء من هناك.

أتذكر جيداً مقولته الذي كان يرددها دوماً:

(الهزيمة يتيمة والانتصار له ألف أب) الذي يصنع الانتصارات قلة قليلون، والذين يتباهون بالنصر كثرة كثيرون.

وحين تقع الهزيمة فالكل يلقي اللوم على المجاهدين ولا يتفاعل مع ظلامتهم وتجربتهم، ومن هنا أود الإشادة بالبطل المجاهد المعتقل أحمد الهدي الذي شخّص تكليفه أن يذهب لسجن جو لوحده ويبذل قصارى جهده في تحرير ونصرة المعتقلين فلم يحالفه الحظ ولم يوفق لتحرير أخوته السجناء.

إننا نفخر بمثل هؤلاء الشباب الذين يشكلون مصدر عزٍ وفخر لأهليهم ولكل أبناء شعب البحرين، أن من بين شعبنا رجال لا يفكرون في أنفسهم بل يفكرون في تكليفهم وما يستطيعوا أن يقدموه للأوفياء من شعبهم.

إن أحمد الهدي وأخوته هم المصداق الآخر للصادقين الذين لم يبدلوا تبديلاً، رغم الإعدامات والتعذيب القاسي والمهين، ورغم بث الرعب والسجن لسنوات طوال إلا أن ذلك لم يدفعهم أن يتراجعوا عن أهدافهم وطموحاتهم وآمالهم في الحرية وتحطيم الطاغوت، وإيجاد العدالة حتى لو كان ثمنها دمائهم وأعمارهم وأجسادهم.

كانت سلطات آل خليفة تتوهم أنها انتصرت على شعب البحرين بتخويفهم وترهيبهم وبث الرعب في نفوس الناس، إلا أنها علمت بعد هذه العملية أن هناك رجال مستعدين أن يقدموا أرواحهم ودمائهم وأعمارهم من أجل حريتهم وحرية أخوتهم، وعلموا أن هذا الشعب لم ولن يهزم بإذن الله، وأنه لا زال هناك مقاومون ينتفضون على القبضة الحديدية وأن مسيرة المقاومة مستمرة ومنتصرة بإذن الله.

أن نكون مع الصادقين هو أن نسير على خطى الشهداء ونواصل مسيرتهم، أن نكون مع الصادقين هو أن ننصر الصادقين الذين لم يبدلوا تبديلا، وبقوا ثابتين رغم الصعوبات والضغوطات التي يمرون بها.

أقبل أيادي المقاومين الثابتين في داخل السجون وخارجها، في المنافي وداخل الأوطان، وأتقدم بالشكر الجزيل لأحبتي وأخوتي وتاج رأسي الأعزة السجناء الذين أعيش همهم ليل نهار، وأعيش هم تحريرهم ليل نهار، وسوف أقضي كل عمري سعياً وعملاً في تحريرهم، اسأل الله سبحانه وتعالى لهم الفرج والخلاص، فهذا الهم يؤرقني ويحملني مسؤولية كبرى من أجل السعي الحثيث لتخليصهم وكسر قيد السجان.

أشكرهم على حسن ظنهم بي، وأشكر هديتهم لي، وأرجو منهم أن لا ينسوني من خالص دعائهم.

في الختام ندعو أبناء شعبنا مع اقتراب الذكرى الثانية عشر لثورة الرابع عشر من فبراير للمشاركة الواسعة في الفعاليات الثورية التي تقيمها المعارضة في البحرين، وأرجو منهم أن يواصلوا المسير ويثبتوا على الطريق وأن لا يبدلوا تبديلا، أرجو أن يوصلوا رسالهم للعدو والصديق بأننا شعبٌ ثابت القدم لم ولن يُهزم، وأننا مع أخوتنا مستمرون بإذن الله لا تراجع ولا تخاذل وسوف نواصل المسير حتى النهاية.

عهدٌ للشهداء، وعهد للسجناء وعهد لأم رضا ولكل أمهات الشهداء بأن نبقى مع الصادقين حتى نلقى الله..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ورحم الله من قرأ الفاتحة وأهدى ثوابها للشهداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى