أطروحة التكامل

لقد نالت أطروحة التكامل التي تقدم بها تيار الوفاء الإسلامي مطلع العام 2009م حظاً وافراً من المناقشة والحوار وتبادل الرأي على مستوى النخب والجماهير، وقد استطاعت الأطروحة البروز كخيار واقعي يمكن أن يلملم شتات قوى المعارضة على اختلاف مناهجها وخياراتها، وأن تخلق بصيصاً من الأمل بإمكان ولادة حالة جديدة متقدمة في العلاقات المستقرة والمنتجة والتعاون على مستوى المشتركات بين قوى المعارضة، مبتعدة بذلك عن الحدية والتفكك والصراع البيني وما يمكن أن يترتب عليها من عواقب وخيمة على الساحة الوطنية وقوى المعارضة ومصالح المواطنين، ولتضع مانعاً للخصومة والقطيعة والتوتر وسوء الفهم بين قوى المعارضة، وفي هذه الرؤية يحاول التيار أن يبيّن رأيه في أهم المسائل التي دارت حولها الحوارات والمناقشات المتعلقة بأطروحة التكامل في سبيل مزيد من إخصاب الحوار وزيادة وتيرة الأمل المتصاعد، لا سيما وقد لمس التيار تقدم حالة التفهم والقبول لأطروحة التكامل نخبوياً وجماهيرياً.

 

مفهوم التكامل

في اللغة: يعني كمل الشيء، وتمت أجزاؤه أو صفاته، وثبتت فيه صفات الكمال، وأكمل الشيء: أتمّه، وتكامل الشيء: كمل شيئاً فشيئاً، وتكاملت الأشياء: كمّل بعضها بعضاً، والتكملة هي ما يتم بها الشيء، والكامل له معاني عديدة، منها:

  • الجامع لصفات الكمال والمناقب الحسنة في فنّه، مثل: الطبيب الكامل هو الطبيب الذي لا تنقصه صفة من صفات فن الطب.
  • المتكامل الأجزاء.
  • ما تم في مقابل ما لم يتم.

وفي الاصطلاح للتكامل مفاهيم عديدة، منها:

  • الانتقال من حالة الغموض إلى حالة الوضوح، ومن حالة التشتت إلى حالة الائتلاف، ويقابل التكامل على هذا الأساس الغموض والتشتت.
  • انضمام كيانات مختلفة ومتفرقة إلى بعضها البعض بحيث تتجنب بعض الخسائر وتستطيع الوصول إلى درجة من القوة والقدرة وتحقيق مكاسب لا تستطيع الوصول إليها بدون هذا الانضمام، مما يحفز الأطراف نحو التكامل، وتسمى الوحدة القائمة بين الكيانات على هذا الأساس بالوحدة التكاملية.
  • تصرف الأفراد والأطراف بطريقة تؤدي إلى التوافق والانسجام والتآلف والتساند والاعتماد المتبادل بحيث تشكل في مجموعها وحدة أو نظام ضمن إطار قيمي مشترك وتكون خصائص الوحدة أو النظام ككل غائبة في أي من العناصر المكونة وحدها، ويؤدي الأفراد والأطراف وظائفهم دون احتكاك وبما يحقق مصلحة الجميع.
  • جوهر ومقومات التكامل
  • قد تطلق كلمة التكامل ويراد منها عملية تحقيق التكامل لا النتيجة ذاتها بالضرورة.
  • أن التكامل يكون بين القيادات ومراكز الثقل والفعل في الأطراف المعنية.
  • أن التكامل يكون بين أطراف يتوفر كل منها على عناصر غير متوفرة في الآخر، مثل: التكامل الاقتصادي بين طرف يمتلك القوى البشرية والسوق الواسعة وطرف يمتلك الخبرة ورأس المال.
  • للتكامل مقومات لابد من توفرها من أجل تحقيق النجاح المطلوب، منها:
  • الاشتراك في المكاسب والتضامن في الخسارة.
  • وجود درجة من الملائمة والهوية أو الولاء والمصالح المشتركة.
  • إمكانية إقامة الاتصال والتفاعل بين أطراف التكامل.
  • القناعة المتبادلة بين الأطراف الداخلة في مشروع التكامل بأنها تشكل حالة تكاملية مع بعضها البعض، وإجراء التنسيق بينها في إطار أدبي وقيمي موثق، بعيداً عن القبول والاجتهادات الفردية، والنزول على آليات متوافق عليها في عملية التنسيق، وتحمل المسؤولية من قبل الجميع على أساس المبادئ والقيم المشتركة بينهم.
  • إن عملية وممارسة التكامل قد يكون معلناً، وقد يكون خافياً.

 

أطروحة تيار الوفاء للتكامل

كان النداء الأول لتيار الوفاء الإسلامي في بيان الانطلاق هو الدعوة إلى وحدة الكلمة والتكامل في الأدوار، وهذا هو نص النداء كما جاء في بيان الانطلاق: «إن هذه المرحلة الخطيرة لتفرض على كافة فئات الشعب وأطيافه، وأفراده ومؤسساته، أن يؤسسوا لمرحلة جديدة تقوم على: وحدة الكلمة، والانسجام، ورص الصفوف، والتنسيق، والتلاقي، والتمسك بالعمل المشترك: الإسلامي والوطني، فلم يعد بالإمكان أبداً القبول بثقافة التعصب والتشتيت والإقصاء، ففي ذلك إضعاف للجميع، وتشتيت للطاقات الخلاقة للشعب، وتقوية للنظام الظالم الذي يضطهد الجميع، ولا نعني بالوحدة هنا إلغاء الوجودات والقناعات وتغييب الرأي الآخر، وإنما هي الوحدة التي تقوم على تفهم الآخر والاعتراف به، وتنوع الأدوار وتكاملها، والعمل على ضوء المشتركات، وعدم إضعاف الآخرين، والحذر من تضييع البوصلة وتحويل الصراع إلى غير وجهته».

 

استراتيجية التكامل لدى تيار الوفاء

تعبّر أطروحة التكامل عن رؤية استراتيجية لتيار الوفاء الإسلامي في الإدارة السياسية على مستوى المعارضة للساحة الوطنية، وذلك لدواعي عديدة، منها:

  • أن ما يقوم به كل طرف من العاملين من داخل أو خارج العملية السياسية، أو من طرف المشاركة أو المقاطعة ونحوهما يحتوي في الواقع وعلى ضوء الرأي الآخر على سلبيات كبيرة أو صغيرة، ولكنه ليس شراً مطلقاً بحيث لا يمكن التلاقي والتنسيق والتعاون بين الأطراف مع وجوده بأي حال من الأحوال، فالتكامل إنما يقوم على أساس النقاط المشتركة وبين ما يصلح، ووجود السلبيات والاختلاف في جوانب أخرى ـ وإن كانت جوهرية ـ لا يمنع من التكامل مادامت للتكامل مبرراته من جهات أخرى لتجنب الخسائر أو لجلب المصالح.
  • أن ما يعجز عن القيام به طرف يمكن أن تقوم به أطراف أخرى، فإذا اجتمعت الجهود إلى بعضها وتكاملت فسوف تعود بنتائج إيجابية أفضل بالتأكيد لصالح الوطن والمواطنين.
  • توفير ظروف أفضل لعمل جميع الأطراف، بحيث يعمل كل طرف لتحقيق أهدافه من خلال رؤيته وبرامج عمله دون الاحتكاك البيني والانشغال بالآخر، ويكون التركيز على نيل الحقوق من السلطة وتحقيق الأهداف المشتركة.
  • من الخطأ تصور أن الانتصار لخيارات أي طرف من الأطراف السياسية في الظروف الراهنة على الساحة الوطنية لا يكون إلا بمحاربة خيارات الأطراف الأخرى وإلغائها، وذلك في ظل تبني رموز دينية كبيرة وتيارات جماهيرية واسعة وقوى سياسية محسوبة على المعارضة لقناعات وخيارات سياسية مختلفة، فتصور الانتصار لخيار سياسي على حساب الآخر في الوقت الحاضر غير واقعي، وهو تصوّر جامد لا يدرك المتغيرات، ولا يأخذ جميع المكونات بعين الاعتبار في فهم المعادلة السياسية وإدارة الموقف السياسي، وسيكون – لو عمل به – فشلاً لجميع الأطراف، بل هو انتحار سياسي إرادي ناتج عن سوء التقدير وسوء الإدارة.
  • فالمواجهة البينية بين قوى المعارضة تؤدي إلى إضعافها وتشتت جهودها وفشلها وتشرذم مريديها وتصادمهم، وهذا ليس في مصلحة المعارضة ولن يخدم أي من خياري المشاركة والمقاطعة في العملية السياسية بأي وجه من الوجوه، والمستفيد الوحيد من ذلك هي السلطة وحدها، والخاسر هو الشعب والمعارضة، وهي أعظم هدية مجانية تقدمها المعارضة للسلطة، ودليل على سوء التفكير وسوء الإدارة، هذا وقد استفادت السلطة كثيراً من الاختلاف بين قوى المعارضة، وكادت أن تنجح في خلق الفتنة في أكثر من محطة لولا توفيق الله سبحانه في تجاوزها وحكمة المؤمنين المتصدين للساحة.
  • أن الآليات السياسية، بما فيها خيار المشاركة أو المقاطعة للعملية السياسية، ليس هو كل شيء على الساحة الوطنية، فالمطالب والأهداف التي تقف وراء أي خيار هي بلا شك أكثر أهمية من الخيار نفسه، وهذا يتطلب تجاوز حدود الخيار والتركيز أكثر على حسن إدارة الموقف على ضوء الرؤية الشاملة لمكونات الساحة والثوابت الإسلامية والوطنية، وبما يمنع وقوع الضرر الأكبر على الأهداف، ويساهم بشكل أفضل في تحقيق الأهداف وتحصيل المطالب.

الرؤية تأسيس لحالة جديدة

لقد بلور تيار الوفاء الإسلامي رؤيته حول مجمل القضايا والشؤون السياسية وغيرها، وهي خلاصة لنقاشات واسعة ومعمقة وورش عمل وملاحظات أتت من علماء كبار ومحامين ومثقفين وسياسيين وغيرهم، ورؤية التكامل أسست لحالة جديدة ولوعي جديد للساحة وللإدارة السياسية، فالأطروحات التي سبقتها كانت أحادية، أما الرؤية فقد طرحت التكامل، على اعتبار أن أي خيار أو موقف سياسي – كالمقاطعة مثلاً – للعملية السياسية ليست مطلوبة في نفسها، وإنما هي مطلوبة من أجل تحقيق الأهداف والإصلاح الحقيقي كمفهوم قرآني، فقد كانت انتفاضة الكرامة وثورة 14 فبراير ومئات الشهداء الذين سقطوا فيهما وآلاف المعتقلين ومئات المهجرين والمبعدين من أجل المشاركة في عملية سياسية حقيقية قائمة على إرادة الشعب الحرة، وليس المقاطعة، إلا أن المشاركة الحالية لا تؤدي إلى تحقيق الأهداف – وهي الغاية المطلوبة من المشاركة – بل هي عقبة في تحقيقها.

 

إشكالات حول أطروحة التكامل

وقع البعض في فهم خاطئ لطرح مبادرة التكامل من جهات عديدة، منها:

  • البعض ربط القبول بأطروحة التكامل بقبول الأطراف الأخرى المعنية بها لها، وهي لم تقبل، فاعتقد البعض ألا قيمة عملية لهذه الأطروحة.
  • البعض رأى بأن أطروحة التكامل فيها مراعاة إلى الأطراف التي تقبل بخيارات سياسية بعيدة عن الفكر الممانع والثوري، كخيار المشاركة في العملية السياسية على حساب الأطراف المقاطعة.
  • البعض رأى بأن أطروحة التكامل تضعف الخيارات والرؤى الاستراتيجية للتيار في الوقت الذي يسعى تيار الوفاء لتقوية خياره الاستراتيجي هذا.
  • البعض ادعى التهافت العلمي بين مقتضيات مقاطعة العملية السياسية وأطروحة التكامل.
  • كما أشكل البعض بأن رؤية التكامل لو صح تطبيقها قد تتعارض مع التكليف الشرعي، كون أحد الخيارات السياسية في الساحة قد يكون هو الراجح والمطلوب من ناحية دينية وشرعية، ويكون تكامل هذا الخيار مع غيره من الخيارات هو تكامل بين وظيفة وفعل شرعي وبين غيره مما لايقرّه الشرع، وفي ذلك إقرار بخيار باطل أو خطير، ويقتضي ذلك الإقرار تقوية واعترافاً بالطرف الذي يتبنى هذا الخيار ويعمل على تطبيقه وإنجاحه، رغم عدم رضا الشرع به.

 

جواب الإشكالات

أولاً: أن أطروحة التكامل لا تتوقف على قبول الأطراف الأخرى بها أو صدودهم عنها، والأطروحة لم تقم على مراعاة أحد من الخطوط السياسية والثورية في الساحة على حساب الآخر، أو دعم أي من خياري المشاركة والمقاطعة، كما كان الإشكال في مرحلة زمنيّة سابقة، وإنما قامت على الفهم الشامل والدقيق لمكونات الساحة الوطنية وتأثير كلّ مكوّن فيها، والطريقة المثلى والأفضل في إدارتها، وعدم تقبّل بعض المعنيين بها لا يمنع من طرحها، والسعي لإقناع الآخرين بها بهدف العمل بها وتطبيقها في المستقبل، فمسؤولية التيار الدينية والوطنية والسياسية هو طرح هذه الرؤية والدعوة إليها والسعي لإقناع الآخرين بها والعمل بجد وصدق من أجل تطبيقها، وإن واجهت الأطروحة صدوداً وعدم قناعة فإن الأمر قد يختلف في المستقبل، فالواجب على تيار الوفاء أن يطرح ويعمل ما يؤمن بأن فيه لله رضاً وللناس فيه صلاح، وأن يسعى في تذليل العقبات التي تقف في وجهه وعدم الخضوع والاستسلام إليها، وقد بين تيار الوفاء مراراً وتكراراً بأنه ملتزم بمبادئه وقناعاته ولو كان العمل بها من طرف واحد.

ثانياً: أن مراعاة الأطراف السياسية المخلصة على الساحة الوطنية والاعتراف بها والعمل معها هو ما يؤمن به تيار الوفاء الإسلامي كقناعة وخيار إسلامي ووطني على المستوى الاستراتيجي، حيث لا يؤمن تيار الوفاء الإسلامي بسياسة الإلغاء والإقصاء، وقد ظهر ذلك في الخطاب الرسمي لتيار الوفاء الإسلامي، فجوهر أطروحة التكامل هو الاعتراف بالآخر كشريك في الوطن وقضاياه الكبرى، وتمتعه بحقوق لا يجب أن يعتدى عليها انطلاقاً من الخلاف السياسي، وقد عبّر الناطق الرسمي باسم تيار الوفاء الإسلامي فضيلة الأستاذ المجاهد عبدالوهاب حسين فرج الله عنه عن هذا النهج وهذه الروح الإسلامية النادرة في «الوصية الأساس» في ميدان الشهداء في الأيام الأولى لانطلاق ثورة 14 فبراير، حيث عرِضَ رؤية هدف إسقاط النظام، وأهمية تبنّي هذا السقف على المستوى الاستراتيجي والتكتيكي، وأرفق فضيلته الخطاب بنداء لعامة أبناء الشعب بالاستماع للآراء الأخرى، وتمحيصها، واختيار الأفضل منها.

ثالثاً: أن أطروحة التكامل لا تضعف الخيار الثوري والممانع، ولا تؤدي ولا بأي شكل من الأشكال إلى ترسيخ خيار العمل من داخل العملية السياسية والاعتراف بشرعية الحكم، حيث لا يلزم من التكامل عدم سعي كل طرف لتحقيق أهدافه، بل إن ثمرة التكامل هو تجنب المواجهة البينيّة، مما يخلق بيئة أفضل للنجاح، وهذا الطرح الخائف على الخيار الممانع والثوري من وراء أطروحة التكامل هو طرح مرعوب لا يملك الثقة الحقيقية في خياراته وقدرته على الانتصار في الصراع من خلال الأدوات المؤثرة والأساليب الواقعية البعيدة عن الضجيج والإثارة، ويقابل ذلك خوف مماثل على خيار الاعتراف بالعملية السياسية وضرورة العمل ضمن إطارها، حيث يخشى أصحاب هذا النهج من أن العمل وفق أطروحة التكامل قد يؤدي لإعطاء رافعة للخيار الممانع والثوري، واعتراف به كطرف فاعل في الساحة.

فيجب أن تتطلع القوى الثورية والممانعة لكسب الأكثرية الشعبية لرؤيتها وموقفها على أسس واقعية تصب في خدمة المصلحة الوطنية العليا، بدون إحداث التصادم، فالتيار سوف يسعى لبيان وجهة نظره وتحقيق أهدافه ولكن بالحسنى، فالرؤية واضحة في تبني النهج الثوري الممانع، والدعوة له.

كما أن النهج الثوري الممانع هو موقف واقعي من أجل العمل على القضايا النضالية الكبرى لشعبنا، وليست رغبة سياسية في مقابل رغبات سياسية أخرى، وأن أطروحة التكامل لا تضعف هذا النهج وهذا الخيار، ولا تفيد التقارب مع قوى العمل السياسي على حساب القوى الثورية، فمساحة التقارب مع القوى الثورية الممانعة هي الأوسع والأهم بحسب رؤية تيار الوفاء الإسلامي، وأطروحة التكامل مفيدة للجميع، وتدعو إلى العمل بالحكمة والدفع بالتي هي أحسن لا سيما مع الأخوة والأصدقاء.

رابعاً: إن مقتضيات العمل الممانع الذي تشير إليه الرؤية لا تتعارض علمياً مع أطروحة التكامل، فللعمل الممانع والثوري مقتضياته، وللتكامل مقتضيات أخرى، وقد دفعتنا مقتضيات العمل الممانع والثوري لتبنيه عملياً، ودفعتنا مقتضيات التكامل لطرح التكامل ضمن الرؤية الشاملة والدقيقة لمكونات الساحة والأفضل في إدارتها، ودعوى التهافت العلمي بين دعوى التكامل ومقتضيات التكامل – كما توهم البعض – منتفية علمياً.

خامساً: إن دعوى تناقض أطروحة التكامل مع التوجيه الشرعي أو الأمر الشرعي والولائي نابعة من اشتباه في المجالات التي تتحرك فيها أطروحة التكامل، حيث أن مجال أطروحة التكامل هو في أمرين:

  • الأمر الأول هو الخيارات السياسية التي لا يوجد فيها أمر ولائي أو رأي شرعي ملزم.
  • الأمر الآخر هو التكامل بين خيارين سياسيين ناتجين عن تكليفين مختلفين لجهتين مختلفتين، فالتكليف الشرعي لطرف ما في الساحة قد يقابله تكليف شرعي آخر مغاير لطرف آخر في الساحة، ويكون هذا التمايز في التكليف والدور والوسائل راجحاً لتحقيق مصالح آنية وأخرى استراتيجية.
  • أما في حال تعيّن التكليف الشرعي الولائي وانحصاره في خيار سياسي معيّن فلا مجال هنا لرؤية التكامل ولتكامل الخيارات أو الأدوات بين الأطراف التي تستقي تكليفها الشرعي من نفس المصدر.

يؤمن تيار الوفاء الإسلامي بضرورة الحوار البيني والمناقشات الجادة والواعية لرؤية التكامل بين القوى المعارضة الفاعلة فيما يتعلق بمجمل الملفات والتحديات في الساحة، والبحث عن المشتركات وقواعد التلاقي والتقارب والانسجام، وتجنب تلك المناقشات الخشبية الجامدة التي تقوم على التعصّب والأحكام المسبقة، والمناقشات الانفعالية الغرائزية والموتورة، والبحث عن الثغرات وتصيّد الأخطاء غير المقصودة وتضخيمها وسوء توظيفها، ويجب أن تتحلى قوى العمل الثوري والسياسي بالصبر والحلم والتريّث قبل إصدار الأحكام، ولا تستعجل فإن العجلة أحد أسباب الوقوع في الخطأ، وتورث للإنسان الندامة.

ويوجّه تيار الوفاء الإسلامي نخبته وجماهيره بعدم الاشتغال بالمسائل الشكلية والاختلافات اللفظية، حيث أن مصلحة السلطة هي في إسقاط خيار التكامل، وسوف تلجأ مستقبلاً إلى أسلوبها القديم الجديد بأن تعمل على خداع بعض الأصدقاء والأحبة لإسقاط هذا الخيار؛ لأن تصديها المباشر لإسقاط هذا الخيار سيثير الناس ويلفت نظرهم وسيفضح السلطة، فالأفضل بالنسبة للسلطة هو التحرك بالنيابة عنها، وعلى يد الأصدقاء المفترضين للمشروع، وأمل تيار الوفاء الإسلامي كبير جداً في ظلّ وعي قياداتنا ونخبنا وجماهيرنا وإخلاصهم في أن نكسب جميعاً الجولة لصالح هذه الرؤية المتوازنة، لكونها صالحة للمستقبل، والعمل بها من أجل مجد الوطن ومصالح المواطنين، إن لم يكن على المدى القريب فعلى المدى البعيد، والعاقبة للتقوى وللمستضعفين في الأرض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى