الأستاذ عبدالوهاب حسين: السجناء في شدة.. ويمكن لغضب السجناء أن ينفجر في أي لحظة

السجناء في شدة والسجن يئطّ بثقل حَمْل وعجزهِ عن حمله. فالسجناء يحكرون في الزنازين لمدة ٢٣ ساعة في اليوم والليلة، فلا يخرجون إلا ساعةً واحدة يقضون فيها جميع حوائجهم التي يحتاجونها في خارجها، كالتشمس والاتصال ونحوهما، ويُعاقبون بأشدّ العقوبات ويُحرمون من ذلك لأتفه الأسباب.

ويُوضع بعضهم في السجن الانفرادي والعقابي لمدد طويلة غير محددة في وضع يرثى له، مثقلون بالقيود والأغلال، وفي بعض الحالات يكونون في أوضاع في غاية القسوة والوحشية، كالتثبيت في السرير بالقيود على شكل صليب طوال المدة.

وعلماء النفس الحيوان يحذرون من آثار الحبس الطويل للحيوان في البيت أو الحظيرة، أي أن حكر السجناء في الزنازين لمدةً طويلة مما لا يحتملهُ ولا يطيقهُ ولا يصبر عليه حتى الحيوان، ولهُ آثارٌ سلبية عليه، وإنما يصبر عليه السجناء ويحتملونه لسبب رسوخ إيمانهم وعظيم ثقتهم بربهم وربطهِ على قلوبهم، ولقوة يقينهم بعدالة قضيتهم ووجاهتها، ولشدة عزمهم وحزمهم، وعظيم رجائهم لربهم وتطلعهم لحسن العاقبة.

وهم محرومون من الرعاية الصحية اللازمة ويعانون من سوء المعاملة على أيدي سجانين أجانب لا يشعرون بهم؛ لأنهم ليسوا منهم، ويصعب التواصل معهم مما يضاعف من الغضب والمرارة والشعور بالغربة في الوطن، ويُحرَّكون في داخل السجن وخارجهِ لمختلف الأغراض بالقيود والأغلال الثقيلة، حتى المرضى منهم.

والزيارات لمدة قصيرة نصف ساعة لا تستحق ما يبذله الأهلُ من التعبِ من أجل الوصول لها، وهي غيرُ منتظمة، ويحرم السجين من الملامسة الجسدية كالمصافحة والعناق مع الأهل لأنها تجري من وراء حاجزٍ زجاجي، ويكون الكلام بالهاتف مما يشعر السجين وأهلهُ بالألم النفسي الشديد طوال الزيارةِ وبعدها، حتى أن الكثير من السجناء يرفضون الزيارة لأن الألم الذي يتولدُ منها أكثر من الألم الذي يتولدُ من الحرمانِ منها، ومن السجناء مَن قضى في السجن أكثر من عقد من الزمن، فمن المدهش أن يطيق هذا الأمر ويحتمله.

نعم هكذا تُحفظ وتُصان حقوق الانسان وكرامتهُ وانسانيتهُ في سجون البحرين، وبدل الإدانة والاستنكار تحصل التغطية والتستر من بعض من يسمّون أنفسهم مدافعين عن حقوق الإنسان، لهذا وغيره الكثير يكون السجنُ على كفّ عفريت أزرق، وعلى صفيح ساخن جدًا.

ويمكن لغضب السجناء أن ينفجر في أي لحظة ولأي سبب، وربما تصدق مقولة القشة التي قصمت ظهر البعير، وهذا أمرٌ واضح يدركهُ أصحاب البصائر والحس المرهف، الذين يتجاوزون بعقولهم ونفاذ بصيرتهم ولطافة حسهم حدود ما يسمعون وما يرون ليدركوا ما وراءه، ويغفل عنهُ سجناء الحس وأسرى الانفعال ولا يشعر به المتبلّدون شعوريًا.

وقد انفجر غضب السجناء فيما سبق، وأوشك أن ينفجر مؤخرًا -لولا لطف الله-؛ فإذا انفجر مجددًا فسوف تحدث كارثة كبيرة، وتكتب صفحة سوداء بشعة في تاريخ الحكم لا تُنسى، وذلك بالنظر إلى حجم وعمق الغضب المخزون والمتراكم في نفوس السجناء.

وأني أوصي السجناء الأعزاء بأن يتحلّوا بالوعي والصبر والحلم وطول النفس، ويوازنوا بين حفظ كرامتهم وبين سلامتهم وحفظ أنفسهم وادّخارها لما هو أهم الذي ينتظرهم في خارج السجن وبعده، ولا يسمحوا بأن تستهلك أنفسهم وطاقاتهم وقدراتهم ومواهبهم في أمور تُفرض عليهم، ولا أن يستفزهم أحد ويولجهم فيما لا يريدون.

وأنبه إن كان هناك أحدٌ من العقلاء في وسعهِ أن يفعل شيئًا لتدارك الأمر للتنفيس عن السجناء وإصلاح الأوضاع واستبدال السياسة بأحسن منها، فليفعل قبل فوات الأوان وحدوث الكارثة وحصول ما لا يُحمد عقباه، والمرجو أن يؤخذ هذا التنبيه مأخذ الجد ويُقاس على ما يُعلم فاني من الناصحين.

صادر عن:

  • الأستاذ عبدالوهاب حسين
  • الناطق الرسمي باسم تيار الوفاء الإسلامي
  • الخميس 7 جمادى الأولى 1444 هـ
  • الموافق 1 ديسمبر/كانون الأول 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى