الأستاذ عبدالوهاب حسين: هذا عهدنا لربنا ولشهدائنا الأبرار

بسم الله الرحمن الرحيم

الشهداء الذين يُقتلون من أجل رفع راية الحق ونصرته أحياءٌ عند ربهم يرزقون من الطيبات في الدرجات العالية في جنة البرزخ، وفرحون بالتوفيق الإلهي لهم إلى نعمة وشرف وكرامة الشهادة، وما صاروا إليه من المنزلة عند الله في جنة البرزخ الزاخرة بالنعيم والكرامات، ومن أحوالهم في جنة البرزخ أنهم يستبشرون بما يأتيهم ويصل إليهم من أخبار إخوانهم المؤمنين المجاهدين الذين لا يزالون في الحياة الدنيا وهم ثابتون على الإيمان والجهاد، ويأملون في أن ينالوا شرف وكرامة الشهادة ويفرحون بما يشاهدونه من حسن أحوالهم وما هو مدخرٌ لهم عند الله من الثواب العظيم والأجر الجزيل.

ومن استشراف أحوال الشهداء نعلم بأنَّ القضية التي تُروى شجرتُها بدماء الشهداء الأبرار تكون قضيةً خالدةً ومنتصرةً حتمًا؛ لأنها قضية محقة ثابته في وجدان وضمائر حملتها، لا يتخلون عنها، ولأنها تُروى بأثمن الأشياء وهي دماء الشهداء الزكية الطاهرة، وفي الوقت الذي يعلو فيه الشهداء إلى أرفع الدرجات، وتنمو شجرتهم، يهوي القتلة إلى الحضيض وتنهار دولتهم وتجرفها دماء الشهداء وتغرقهم.

وأمّا أهالي الشهداء فإنهم بمقدار ما يفارقون به أحبتهم شهداء من اللوعة والمرارة والألم؛ ينالون شرف انتساب الشهداء إليهم والمجدُ والجاهُ الرفيعُ في الدنيا، ويكونون الأسعد بشفاعتهم وما ينالونه من الكرامات بسببهم في الآخرة.

في يوم الثلثاء بتاريخ ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٢ ميلادية تمرُّ علينا الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشهيد السعيد علي أحمد قمبر – رحمه الله-، الذي كان نموذجًا في الصدق والإخلاص والصبر والتحمل والإيثار، وتحمل قضيته الدلالة على العزم والإرادة والإصرار والثبات، وما وقع عليه من الظلم والجَور والطغيان، وما تعرّض له من التعذيب والإهمال المتعمد للرعاية الصحية، الذي يسري على غيره إلى اليوم، حتى مضى إلى ربه شهيدًا كريمًا، ومخلّفًا وراءه قاتلَهُ حاملًا العارَ والفضيحة والخزي والخيبة حتى يجمعهُ الله عزَّ وجلَّ معه في يوم القيامة؛ من أجل الحساب والجزاء على الأعمال، وعندها سيعلم الجميع لمَن الظفر.

أمّا لسانُ حالنا ونحن نأبنه – وهو تأبينٌ لجميع الشهداء الأبرار- فترديد قول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام (لنا حقٌ فإنْ أُعطيناه، وإلا ركبنا أعجازَ الإبل، وإن طال السُرى). أي الاصرار على المطالبة بالحق والثبات عليه، والصبر على تحمّل المشاق العظام والصعاب الجسام، وبذل أثمن التضحيات حتى الحصول عليه والظفر به، وإن طال السير في ظلام غياب الحق ومشاقه ومآسيه ففي ذلك الشعور بالعزة والكرامة، وفي تركه الذل والهوان والاستعباد وهيهات منا الذلة، هذا عهدنا لربنا ولشهدائنا الأبرار الذين نحييهم جميعًا، ونقرُّ لهم بالجميل والعرفان حتى نلحقَ بهم إن شاء الله تعالى.


صادر عن:
فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين
معتقل سجن جو – البحرين
الناطق الرسمي باسم تيار الوفاء الإسلامي
الاثنين 27 ربيع الأول 1444هـ الموافق 24 أكتوبر 2022م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى