خطاب السيد مرتضى السندي في الذكرى السنوية لشهادة الشهيد النمر وعملية سيوف الثأر

.

النص الكامل لكلمة القيادي في تيار الوفاء الإسلامي، سماحة السيد مرتضى السندي، بالحفل الذي أقيم بمركز الإمام الخميني بمدينة قم المقدسة الثلاثاء (30 ديسمبر/كانون الأول 2021) تحت شعار “لهم البشرى” بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد النمر وعملية سيوف الثأر


بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين

الشهداء أمراء أهل الجنة، الشهداء قادة المسيرة الربانية، الشهداء فرقان الأمة البيِّن بين أهل الحق وأهل الباطل. الشهيد السعيد الشيخ نمر باقر النمر جسّد ظلامة شعوب المنطقة في الخليج، فتمرد على الكبت والظلم والقمع والاستبداد، وأعلن صرخته المدوية في وجه طغاة الخليج.

صرخة النمر لم تكن صرخة صوت بل كانت صرخة دين وضمير، وعبرت عن ظلامات مكبوتة ومقموعة فكان صداه يتردد في صدور خائفة مرتجفة فأوقظها وأحياها. كان صرخته لله، وكان غضبه لله، فأعطى الله له حبا في قلوب الجماهير الغاضبة والجماهير التي تعيش ألم الظلم وغصص الحرمان.

كان غضبه يتفجر حمما من صدره المليء بحرقة على الظلم الواقع على عباد الله كلمات تحرق عروش الظالمين، وتشكل أكبر تهديد لها. كان غضبا مقدساً لأنه لم يكن غضبا ذاتياً، بل كان غضبا لله، ومن أجل قضايا مقدسة.

لقد تُرِك الشهيد وحيداً في مواجهة الطغاة ويزيدي العصر إلا أن ذلك لم يفل من عزيمته وإرادته، لأنه تشرب من ثقافة كربلاء، علم أن الحق ينتصر حتى لو طُحِن بحوافر الخيل. وتعلم من عاشوراء أن الدم ينتصر على السيف، حتى لو تناثرت الأشلاء على الرمال وقطعت الرؤوس ومُثِّل بالأجساد.

لذلك تحول الشيخ النمر إلى مشعل يضيء للباحثين عن الكرامة والإباء والشموخ، وكان نبراساً يضيء للثوار والأحرار في كل أرجاء المعمورة، وكل أولئك الذين يتطلعون للحرية. كان الشهيد القائد رضا الغسرة أحد أولئك الذين تربوا على مدرسة وفكر آية الله الشيخ نمر باقر النمر، كان يعيش ظلامته، ومعجب بشجاعته وبسالته، ومتيمن بيقينه.

كان وقع خبر إعدام الشيخ نمر باقر النمر على نفس رضا كبيراً جداً، ولكن شتان ما بين موقفين، موقف الانهيار وموقف الثأر.. كان في زنزانته ويفكر في الثأر للشيخ النمر، في الوقت الذي ينهار فيه كبار تحت لمعان وبريق السيف.

كان رضا يفكر ويخطط، ويختلي بنفسه، ويختلي بربه، يخطط ويدعو حتى قرر أن يقدم على عملية سيوف الثأر. كان يخطط لتحرير ثلاثمائة أسير، إلا أن هناك مشكلتين كانت تعيق فكرة الشهيد القائد رضا الغسرة:

  • الأولى: سرية العملية؛ لأن العملية تحتاج إلى سريّة، وإذا أراد أن يحرر ثلاثمائة أسير فإن هذا الخبر سينتشر وسيصل إلى الجلاوزة والسجانين.
  • الثانية: كيفية نقل المحررين من منطقة السجن البعيدة عن المناطق إلى المناطق الآمنة. لذلك فكر وخطط واستخار واستشار، حتى قلل العدد إلى 10 أشخاص.

الجامع بين الشهيدين النمر والغسرة هو قوة الإرادة وتحدي الصعاب وتحدي ما يعتقده الناس مستحيلاً. قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}

أتذكر حينما بدأ العدوان على إخوتنا وأحبتنا في اليمن، كان البعض قد أخذته هول القصف وأشلاء الأطفال فكان يصرخ ويقول ويكيل التهم للمقاومة والثوار ويقول: خذوا العبرة مما يجري في اليمن، يجب أن نستسلم ونتراجع وألا نتحدى الطغاة.

أتذكر حينها كنت أقول أن الله قد وعد المستضعفين بالنصر في حال الصبر والثبات.. فكان بعضهم يسخر من كلامنا ويقول كونوا واقعيين واتركوا عنكم الغيبيات والأحلام الوردية.

أود أن أذكر بأن الحفاة والأشلاء قد انتصرت اليوم بنصرها لدين الله ولله، وأن الله قد حقق وعده بنصرة المستضعفين. وها هم الحفاة قد لقنوا قوات العدوان درساً لن ينسوه طوال حياتهم ولم يتبقَ من المعركة إلا مديريتين من محافظة مأرب، لقد حقق الله وعده ونصر المستضعفين في أرضه الذين نصروا الله فنصرهم.

المقاومة تنتصر في العراق وتجبر الولايات المتحدة الأمريكية على الرحيل. الشعب الأفغاني ينتصر ويجبر المحتل الأمريكي على الخروج. رجال المقاومة في سوريا ينتصروا على قوى الهيمنة العالمية كلها. والمقاومة في غزة تنتصر على الكيان الصهيوني.

نعم، كلها انتصارات ولكنها لا توزع بالمجان بل توزع بالتضحيات والدماء والأشلاء وبالصبر والثبات هي مشروطة بنصرة دين الله، والنصرة هي قوله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ  وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ۚ ومن أوفى بعهده من الله ۚ فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ۚ وذلك هو الفوز العظيم}.

في ذكرى شهادة آية الله شيخ نمر باقر النمر وذكرى العملية البطولية (سيوف الثأر) نود أن نتحدث في ثلاثة عناوين بشكل مختصر:

أولاً: أحكام الإعدام التي تصدر على أخوتنا الأعزاء هي أحكام باطلة مدانة، ونؤكد مطالبتنا بإلغاء أحكام الإعدام المسيسة التي تصدر ضد المعارضين في البحرين والحجاز، ونؤكد تضامننا ومطالبتنا بالإفراج عن الأخوين العزيزين (جعفر محمد سلطان، وصادق مجيد ثامر) الذين تم الحكم عليهم بالإعدام في بحكم آل سعود الظلمة.

ثانياً: موضوع الأسرى والمعتقلين في البحرين هو من المواضيع المهمة والحساسة والتي تعتبر من اولوياتنا، ولذلك عملنا ونعلن اليوم عن تأسيس (هيئة شؤون الأسرى) والتي تعنى بالأسير البحراني في عدة جوانب وسنعلن بشكل مفصل لاحقاً عن أهدافها وبرامجها.

ثالثاً: الدعم الأجنبي للدكتاتورية في المنطقة وخصوصاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وقد تجلى ذلك بوضوح في فترة رئاسة دونالد ترامب، وقد استبشر كثيرون بمجيء الحزب الديمقراطي لسدة الرئاسة إلا اننا نعتقد أن السياسة الأمريكية واحدة ضد إرادة الشعوب وخير دليل على ذلك هو تصريح السفير الأمريكي الجديد الذي تم ترشيحه ليكون سفيراً في البحرين، حيث أعلن انه يريد ان يأتي للبحرين من أجل الوقوف أمام تطلعات الشعب البحريني وأعلن دعمه للخليفيين واعتبر الخليفيين بأنهم حلفاء استراتيجيين وأنهم قدموا لهم خدمات جليلة في إجلاء عملائهم في أفغانستان.

أقول لأولئك الذين يعوّلون على الولايات المتحدة الأمريكية أن أمريكا شريكة في جرائم السلطة الخليفية تجاه أبناء شعب البحرين، وأنها كانت ولا تزال تدعم الدكتاتورية والتخلف والاستبداد في المنطقة وأن الشعارات البراقة التي تدعيها من نشر قيم الديمقراطية والحرية كلها تمزقت وظهر زيفها أمام امتحان المصالح الضيقة والبسيطة للولايات المتحدة الامريكية وأن أمريكا مستعدة أن تضحي بكل قيمها وشعاراتها ومبادئها أمام مصالح آنية وضيقة.

ينبغي لنا نحن الشعب البحراني أن نستقي الدروس والعبر من القرآن الكريم أولاً ومن تجارب الشعوب الأبية التي وقفت في وجه مؤامرات الداخل والخارج وخرجت منتصرة في نهاية المطاف، ولكن علينا أن نتسلح بجلباب الصبر والاستقامة والثبات، وأن نكون على استعداد للتضحية من أجل مبادئنا وقيمنا وأهدافنا التي هي أهداف السماء والرسالة في إقامة العدل والقسط في الأرض.

اللهم ارحم شهدائنا الابرار وفك أسرانا الأحرار وانصرنا على من ظلما يا جبار يا قهار، برحمتك يا أرحم الراحمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى