إنا لا نرى الموت إلا سعادة
لَمَّا أحاط عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ (لَعَنَهُ اللَّهُ) بالإمامِ الحسينِ (عليه السلام) وأصحابهِ وأَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ، قَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيباً، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْأَمْرِ مَا تَرَوْنَ، وإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وتَنَكَّرَتْ وأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا واسْتَمَرَّتْ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، وإِلَّا خَسِيسُ عَيْشٍ كَالْكَلَإِ الْوَبِيلِ. أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ، والْبَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ، لِيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ، فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، والْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً».
لقد خلّدَ اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الساعات من الدنيا التي دارتْ أحداثُها في العامِ 61 للهجرةِ النبويّةِ، حيث وقفتْ هذه الثلّةُ القليلةُ من أهلِ الإيمانِ مع إمامِ زمانِها في مواجهةِ الظّلمِ والضّلالِ.