خطاب الثبات والإستقامة | سماحة السيد مرتضى السندي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته

أبارك لكم جميعاً وللأمة الإسلامية ميلاد الإمام الحسن المجتبى سبط النبي الأكرم (ص)، واسأل الله بحق كريم أهل البيت عليهم السلام أن يقر أعين شعب البحرين بالفرج العاجل لجميع المعتقلين في سجون الظالمين، وأبارك لشعب البحرين جميعاً الفرج لأختنا الصابرة المجاهدة المضحية المؤمنة زكية البربوري، التي غدت أيقونةً وقدوةً لنساء شعب البحرين بصبرها وثباتها وشجاعتها وعفتها وإيمانها.

إن الأحداث في المنطقة تتسارع بشكل كبير وتجري خلاف رغبة قوى الاستبداد والقهر في المنطقة، وإن الصبر الكبير الذي تمثّل في شعوب المنطقة قد بانت ملاحم ثماره، كانت السلطة وقوى القهر والاستبداد تراهن على فوز دونالد ترامب بولاية ثانية، الذي كان يوفر لهم الغطاء الكامل لقمع الشعوب وقتلها وقطعها بالمناشير، ولا من منكر أو رافض لهذه السياسات، المهم هو إجراء صفقات السلاح مع الولايات المتحدة الأمريكية ودفع مئات المليارات قيمة الدعم والحماية من المحاسبة وإعطاء الضوء الأخضر لقمع الشعوب المستضعفة، إلا أن هذه الحكومات قد فشلت توقعاتها ومساعيها حين فشل دونالد ترامب في الانتخابات، وفاز جو بايدن الذي ينتمي للحزب الديمقراطي، والذي يرفع شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وجدت الأنظمة الديكتاتورية نفسها في ورطة، فما كانت من السعودية إلا أن أعلنت عن مبادرة وقف الحرب والعدوان على اليمن، والإفراج عن المعتقلة لجين الهذلول والحديث عن الإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين.

وفي البحرين، خرج ولي العهد الخليفي الذي كان يواصل مشروع أبيه القمعي طوال فترة حكم ترامب، يتحدث عن رؤية حقوقية، توسيع العقوبات البديلة وفكرة السجون المفتوحة، ولكن الأوضاع كانت تحت السيطرة خصوصاً بعد جائحة كورونا، الظرف الذي فرض على الناس التباعد الاجتماعي، وعدم إقامة الفعاليات الاحتجاجية والتظاهرات، ولكن بعد تفشي فيروس كورونا في داخل السجون وخروج الأهالي بعفوية إلى الشوارع، خشية على أبناءهم الذين تكتظ السجون بهم، ولم تكن السلطة تعرف أو تستطيع أن تتنبأ بما قد يحصل في حال قمع هذه التظاهرات، فآثرت أن تراقب الوضع وأن تغرم الناس بغرامات مالية بحجة عدم التباعد الاجتماعي ومخالفة إجراءات التباعد الاجتماعي، وذلك من أجل تضعيف الحراك دون اللجوء إلى القوة واستخدام العنف في تفريق الناس والمتظاهرين والمعتصمين، وقد تأخرت السلطة كثيراً في البحث عن الخيار البديل الذي يرغم الناس على عدم النزول إلى الشارع وتحريكها من جديد وإحراج السلطة، مما يعني زيادة الضغوط على السلطة.
إن ما يحصل هو انتصار لإرادة الشعوب المقهورة الصابرة، وهذه الانتصارات هي بفضل الله سبحانه وتعالى والصبر الكبير الذي تمثل في شعوب المنطقة وشعبنا الأبي في البحرين.

عشر سنين من العذابات جوبهت بعشر سنين من الصبر والتحدي، ما حصل بالأمس من إفراج عن أختنا الحرة زكية البربوري، جاء نتيجة نزول الشعب إلى الشارع وضغط الناس على السلطة الغاشمة، وإن الذئب المفترس لا يمكن أن يتحول إلى حملٍ وديع في ليلة وضحاها، إن يد حمد بن عيسى ملطخة بدماء الشهداء، فهو الذي أمر بجلب درع الجزيرة، وأعلن عن قانون الطوارئ ليبسط اليد للجيش وقواته الموتزقة لقتل الناس في الشوارع وغرف التعذيب، وإن الشهادات الكثيرة المتكثرة تؤكد تورط حمد نفسه في إعطاء الأوامر بقتل الناس، وآخرها ما جاء على لسان وزير خارجية عمان بن علوي، الذي أكد أنه نصحه بعدم استخدام للعنف إلا أن حمد بن عيسى لم يقبل هذه النصيحة.

لهذه الأسباب وغيرها أدعو لتكثيف التظاهرات والاحتجاجات في جميع أرجاء البحرين وممارسة الضغوط القصوى على السلطة للإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين بدون قيد أو شرط، لا عقوبات بديلة ولا سجون مفتوحة بل حرية بلا شروط أو قيود، وأؤيد فكرة التظاهرات المشتركة بين القرى المتجاورة كما في الدعوة الكريمة لأهالي الدير وسماهيج، ويمكن لهذه الفكرة أن تتوسع في كل أنحاء البحرين من أجل أبنائنا الذين ضحوا من أجلنا ويرزحون اليوم ويدفعون ثمن حياتهم في قعر السجون.

إن معالجة الملف الحقوقي والإنساني لا يعني أبداً انتهاء المطالب السياسية التي خرج من أجلها أبناء شعب البحرين في الرابع عشر من فبراير 2011، بل إن الأسباب التي دعت الناس للخروج في 2011، هي نفسها حاضرة اليوم وبشكلٍ تأكيده أكبر، وقد تضاعفت الأسباب التي تدعو للتغيير الجذري في البحرين، بعد كل هذه الانتهاكات الكبيرة والشنيعة تجاه شعبنا الصابر والمضحي، وخصوصاً ملف خيانة الأمة العربية والإسلامية من خلال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب القاتل لأطفال ونساء فلسطين.

في النهاية أقول بأن ما لم يستطع الجلاد والسفاح حمد وجلاوزته أن يأخذوه بالقتل والسجن والتعذيب والاغتصابات والانتهاكات والترهيب، لن يستطيع أخذه بالحيلة والخديعة، فالسلطة الخليفية فاقدة للشرعية ولن تستطيع أن تثبت شرعيتها بالقتل، ولن تستطيع بإذن الله فعل ذلك بالحيل السياسية والخديعة، فشعبنا أوعى من أن تنطلي عليه هذه الخدع والمسرحيات.

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار وفك قيد أسرانا الأحرار وانصرنا على من ظلمنا يا قهار يا جبار.
والحمدلله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى