مخاضات تيار الوفاء الإسلامي | السيد مرتضى السندي

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[1]

خمس مخاضاتٍ مرت على تيار الوفاء الإسلامي منذ التأسيس إلى يومنا هذا:

المخاض الأول: مخاض الولادة

قيادات وأعضاء تيار الوفاء الإسلامي كانوا ينتمون إلى جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، وبعد قانون الجمعيات السياسية، آثر هؤلاء أن يخرجوا من جمعية الوفاق لأنهم يرفضوا قانون الجمعيات السياسية الذي يكبّل الحركة السياسية المعارضة في البحرين.

في عام 2009م قامت السلطة في البحرين بهجمة أمنية شرسة استهدفت قيادات خط الممانعة وعلى رأسهم الأستاذ حسن مشيمع وسماحة الشيخ محمد حبيب المقداد فرج الله عنهم، والفئات الثورية الشابة بقبضة أمنية حديدية، أدت إلى أن يستجمع الأستاذ عبدالوهاب حسين والشيخ عبدالجليل المقداد والشيخ سعيد النوري والأستاذ المجاهد عبدالهادي الخواجة وثلة آخرون، الذين آمنوا بضرورة الحركة والانطلاقة، استجمعوا قواهم وصفوفهم وقاموا بإضرابٍ عن الطعام لمدة 10 أيام في منزل الأستاذ عبدالوهاب حسين، وبعد الإضراب عن الطعام أعلنوا بيان الانطلاق، وهو بيان انطلاق تيار الوفاء الإسلامي.

عندما أعلنوا الانطلاق كان هناك مخاض باعتبار التنافس السياسي الموجود على الساحة بين الأحزاب الموجودة والمتصدية في الساحة، لذلك كان هناك محاصرة وملاحقة وتضييق في الحركة لكي لا ينتشر ولا يتوسع ولا يتمدد تيار الوفاء الإسلامي، وكان هذا مخاض صعب وكبير وعسير حتى طُرحت إشكالية الشرعية الدينية في مسألة الحركة إلا أن قيادات التيار قامت بحركة شعبية واسعة وقامت بزيارة لمكاتب المراجع في الجمهورية الإسلامية والنجف لكسر هذا الطوق، وبعد عناء كبير استطاعوا أن يكسروا هذا الطرق، وهذا يمثل مخاض الولادة.

المخاض الثاني: القبضة الأمنية الأولى

كانت بعد عامٍ من انطلاق تيار الوفاء الإسلامي وهو في أغسطس 2010م، قامت السلطة بهجمة شرسة قاسية واعتقلت غالبية قيادة تيار الوفاء الإسلامي وحركة حق وحركة أحرار البحرين وقامت بتعذيبهم تعذيباً قاسياً وشديداً، في ذلك الوقت ذهبنا برفقة الشيخ أحمد النوار لزيارة الأستاذ عبدالوهاب حسين في منزله لنتضامن معه ونؤازره، قال لنا في هذا اللقاء: «تيار الوفاء الإسلامي أمانة في أعناقكم، ربما يتم اعتقالنا ونبقى بقية العمر داخل السجن، وربما نخرج من السجن، وربما نخرج إلى القبر، ولكن هذا التيار أمانة في أعناقكم، يجب أن تحافظوا عليه وعلى هذا الخط».

سأله أحد المشايخ: «ماذا تقصد؟ هل تيار الوفاء الإسلامي الذي يجب أن نحافظ عليه وهو أمانة؟»

قال: «إن أمكنكم أن تحافظوا على تيار الوفاء الإسلامي فحافظوا عليه، إن لم يمكنكم فحافظوا على خط الإمام الخميني الأصيل، الإسلام المحمدي الأصيل، هذا الإسلام الثوري ولا تبيعوه حتى لو كلفكم أرواحكم وأنفسكم».

هذا المخاض كان صعباً وعسيراً.

المخاض الثالث: انطلاق ثورة الرابع عشر من فبراير

عندما انطلقت الثورة، الكثير من القيادات والعلماء والزعماء والكثير من أبناء الشعب البحريني لم يكن يتوقع بأن تنطلق الثورة في البحرين، بل بعضهم في المقابلات التلفزيونية والصحفية، كان يقول: «لن تخرج أي حركة في البحرين، ولن تكون هناك أي حركة في البحرين».

أما أستاذ عبدالوهاب حسين، حينما الأخوة قاموا بزيارته، كان يقول: «بأن الثورة ستنطلق، وستكون أقوى ثورة في تاريخ البحرين، واستعدوا لهذه الثورة لأنها ستكون ثورة شعبية عارمة كبيرة واسعة، ويجب أن توطّنوا أنفسكم على التضحية في هذه الثورة».

انطلقت الثورة وتقدم الصفوف، أول من خرج في يوم الرابع العشر من فبراير بعد صلاة الفجر كان الأستاذ عبدالوهاب حسين في ذلك اليوم، وحصلت ثورة الرابع عشر من فبراير، وبعد ذلك المخاض هو اعتقال الصف الأول من قيادات تيار الوفاء الإسلامي، والذين عذبوا تعذيباً شديداً وقاسياً ومذلاً، وحكموا جميعاً بالسجن المؤبد ولا زالوا يكملون اليوم عشر سنوات خلف قضبان السجن، كان المخاض صعباً وعسيراً.

انتقلت الأمانة إلى سواعد شباب وهم يمثلون الصف الثاني في التيار، وبدؤوا يلملمون صفوفهم ويرتبون أوضاعهم وأوراقهم حتى جاء المخاض الرابع.

المخاض الرابع: القبضة الأمنية الثانية

اعتقال غالبية الصف الثاني، بضربة أمنية قاسية تمثلت في اعتقال: سماحة الشيخ عيسى القفاص، والأستاذ حميد البصري، والأستاذ محمد السباع، والأخوين العزيزين محمد وعلي فخراوي، والأستاذ محمد سرحان، وسماحة الشيخ زهير عاشور، وكانت هذه الضربة مخاضاً قوياً وقاسياً، ولكن سرعان ما استطاع الأخوة أن يلملموا صفوفهم من جديد واستطاعوا أن يكملوا حركتهم ومسيرتهم حتى جاء المخاض الخامس.

المخاض الخامس: المقاومة

في عام 2017 تم تبني المقاومة وتغطيتها سياسياً، الأصدقاء والأعداء وقفوا في وجه هذا الخيار، وجاءتنا الاعتراضات من الأصدقاء والأعداء، وحاولوا أن يوقفوا هذا الخيار، ولكن بإصرار قيادات تيار الوفاء الإسلامي وبتكاتفهم وبتجمعهم ووحدة كلمتهم، اليوم المقاومة في البحرين واقع لا يمكن التنكر إليه، اليوم نحن ندخل المخاض السادس.

المخاض السادس: تطهير البحرين من الوجود الهصوني

قبل سنتين ونصف، جاءت امرأة إلى قم تدعي أنها باحثة وتبحث شؤون المعارضات في البحرين، اسمها كايلي، كانت تبحث عن قيادات تيار الوفاء الإسلامي وتريد أن تلتقي بهم، بعد حركة هنا وهناك شك الأخوة في حركتها ومطالبتها، فتم السؤال والبحث عنها، حتى عرفوا بأن لها خيوط مرتبطة بالكيان الصهيوني، أخبروا الجهات الأمنية، أخذوا الجهات الأمنية إجراءاتها واعتقلوها، قالت أنها: «مبعوثة من قبل الكيان الصهيوني لاستهداف تيار الوفاء الإسلامي».

قبل التطبيع هذا الموضوع، هي هذه الجاسوسة التي تم تبادلها قبل عدة شهور مع مجموعة من الأخوة الإيرانيين.

المخاض السادس هو تطهير البحرين من الوجود الصهيوني، هذا المخاض هو السادس الذي سنخوضه وهو تطهير البحرين من وجود الكيان الصهيوني، وعدم إبقاء الإسرائيليين في أرضنا الطاهرة، أرض الشهداء.

هذه المخاضات وإن كانت كلفتها كبيرة، كلفتها هؤلاء القامات العالية – الرموز القادة -، كلفتها آلاف المعتقلين ودماء زاكية سفكت في هذا الطريق، عذابات وآلام وجراح لم تندمل إلى يومنا هذا، أعراض انتهكت، لكننا مصممون على مواصلة المسير وتحقيق المطالب، ونحن في كل مخاض نخرج أقوى وأعز وأكثر ثباتاً وقناعةً بهذا الخط، ربما يرحل رجال هذه الحركة، ولكن سوف يبقى خط هذه الحركة كما قال الأستاذ المجاهد عبدالوهاب حسين، وسوف يبقى هذا النهج ونحن مستعدون بأن نسقيه بدمائنا لكي يبقى وينتصر ويترعرع ويتمدد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[1] الأنفال: 26

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى