الدكتور مهدي البغدادي في ندوة تأسيس تيار الوفاء: (ورقة بحثية): نحو رؤية في مجال العلاقات الدولية تيار الوفاء الإسلامي نموذج (النص كاملاً)

أقام تيار الوفاء الإسلامي الجمعة 5مارس/آذار2021م بمدينة قم المقدسة ندوة سياسية تحليلية في أسبوع ذكرى تأسيس التيار الموافق للرابع والعشرين من فبراير، بمشاركة نخبة من الشخصيات السياسية والحقوقية البارزة على الصعيد الدولي والمحلي، وقد تناولت الندوة الخلفيات الفكرية والعقدية لإنطلاق التيار والمخاضات الصعبة التي مر بها خلال العقد المنصرم، ومن بين المشاركين أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الأديان والمذاهب سماحة الشيخ الدكتور مهدي البغدادي الذي شارك بورقة بحثية بعنوان: نحو رؤية في مجال العلاقات الدولية تيار الوفاء الإسلامي نموذج، وقد جاء نص المشاركة كالتالي:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا وقائدنا أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين وصحبه الأخيار المنتجبين.
أصحاب السماحة أيها السادة الحضور الكرام السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.

عن أبي رمحة الحضرمي قال: سمعت جعفر بن محمد بن علي (ع) يقول: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ أَيْنَ الرَّجَبِيُّونَ فَيَقُومُ أُنَاسٌ يُضِي‏ءُ وُجُوهُهُمْ لِأَهْلِ الْجَمْعِ عَلَى رُءُوسِهِمْ تِيجَانُ الْمُلْكِ مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَمِينِهِ وَ أَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَسَارِهِ يَقُولُونَ هَنِيئاً لَكَ كَرَامَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عِبَادِي وَ إِمَائِي وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَاكُمْ وَ لَأُجْزِلَنَّ عَطَاكُمْ [عَطَايَاكُمْ‏] وَ لَأُوتِيَنَّكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ إِنَّكُمْ تَطَوَّعْتُمْ بِالصَّوْمِ لِي فِي شَهْرٍ عَظَّمْتُ حُرْمَتَهُ وَ أَوْجَبْتُ حَقَّهُ مَلَائِكَتِي أَدْخِلُوا عِبَادِي وَ إِمَائِي الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع هَذَا لِمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ شَيْئاً وَ لَوْ يَوْماً وَاحِداً فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ.
هاهو شهر رجب قد شارف على النهاية نسأل الله أن نستفيد من هذه الأيام المتبقية والمباركة.

بالعودة إلى موضوعنا، بدعوة كريمة وقبل ذلك نحن نعيش هذه الأيام الذكرى السنوية العاشرة لثورة شعب البحرين والموصومة بثورة 14 فبراير، عشر سنين انقضت وشعب البحرين صامدُ أبي معطاء يرفض الضيم والاستكانة للطغاة الذين استولوا على مقدرات الدولة وبنوا ممالك استبدادية مدعومين من أعتى طغاة العالم في هذا العصر على الإطلاق، بدعوة كريمة من الأخوة في تيار الوفاء الإسلامي وبمناسبة ذكرى تأسيس التيار أقدم مداخلتي المتواضعة تحت عنوان: “نحو رؤية في مجال العلاقات الدولية تيار الوفاء الإسلامي نموذج” إن مقاربة هذا الموضوع تتم كما ارتأيت من خلال الحديث حول عدة جوانب أو عدة محاور:

أولا: العلاقات الدولية تعريفها وأطرافها أو وحداتها أو كما يقال الفاعلون الدوليون.
ثانيا: أسس العلاقات الدولية بين المفهوم الإسلامي ونظام الأمن الجماعي.
ثالثا: بين العلاقات الدولية ومقاطعة العملية السياسية.

المحور الأول: العلاقات الدولية تهتم بدراسة كل الظواهر التي تتجاوز الحدود الدولية وهذه الظواهر لا تقتصر على الجانب أو البعد السياسي وعندما تتعداها إلى مختلف الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية وإلى آخره، عندما نتحدث عن العلاقات الدولية نكون أمام تفاعلات تتميز بأن أطرافها أو وحداتها الكلاسيكية هي وحدات دولية تستطيع أن تمارس نشاطات من شأنها أن تؤثر بشكل أو بآخر في حركة التفاعل الدولي، بمعنى آخر يكون الفاعل الدولي قادراً على لعب دور ما في المسرح الدولي وهذا لا يعني اقتصار الفاعلين الدوليين على الدول هذا أول مرتكز لابد أن يكون ثابتا، نعم الدولة هي الوحدة الكلاسيكية والصورة النمطية في مجال العلاقات الدولية في العقود الماضية وحسب التعبير الأصولي الدولة هي الحصة التي ينصرف إليها الذهن عند الحديث أو سماع مفهوم العلاقات الدولية نتيجة كثرة الاستعمال إلا أن العلاقات الدولية تعدت عنصر الدولة لتشمل الكثير من الأشكال التنظيمية الأخرى وهكذا تتمتع بشخصية قانونية أو لا، والمنظمات الدولية أو الإقليمية مثل الأمم المتحدة، جامعة الدول العربية باتت بمثابة وحدات إضافية وفواعل دولية إضافة إلى الدولة، كذلك الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات غير الحكومية والرأي العام العالمي والأحزاب بل حتى الشخص الطبيعي أي الفرد حيث نشهد تعاظم دور مجموعة أشخاص لهم من القدرة المالية والسياسية والتنظيمية ما يساهم في صنع التطورات والأحداث الكبرى التي تتجاوز بنتائجها مجال الدولة الواحدة كل هذه العناصر وكل هذه الأشكال هي بمثابة فواعل دولية تلعب دوراً أو أدوارا على المسرح الدولي إما مباشرة أو بممارسة التأخير على القابضين على سلطة القرار والممسكين بزمام القوة، وبالطبع لاشك أن درجة التأثير تختلف من فاعل لآخر نظراً لعدة اعتبارات قد تكون داخلية متعلقة بإمكانيات وإدارة الفاعل وقد تكون خارجية عن ذلك، مثلا وجود فواعل أقوى أو أن نسق العلاقات في البيئة الخارجية قد يفرض مستوى محدد من التأثير وعلى هذا الأساس نفرق بين الفاعل الرئيس والفاعل العادي، وكلامنا ليس هنا فنكتفي بمجرد الإشارة إلى ذلك.

ثانيا: أسس العلاقات الدولية بين المفهوم الإسلامي ونظام الأمن الجماعي:

كل العلاقات التي قامت بين الدول بل حتى تلك التي كانت قائمة بين التجمعات البشرية في العصور القديمة قبل نشوء الدولة قامت على أسس وعلى مبادىء وهدفت إلى مقاصد وأهداف محددة ويمكن لنا في هذه العجالة أن نقارب موضوعنا هذا من خلال ذكر نموذجين من أسس العلاقات الدولية، الأول أسس العلاقات الدولية في الإسلام وأسس العلاقات الدولية في نظام الأمن الجماعي، أما الأول مباني وأصول العلاقات الدولية في الإسلام نذكر أربعة منها:
مبدأ الدعوة أو الجهاد، ربما يكون هذا المبدأ هو الأهم في العلاقات الدولية لأنه على أثر هذا المبدأ يمكن استنتاج مبادىء أخرى مثل مبدأ الحفاظ على الاستقلال ومبدأ الحفاظ على وحدة أراضي الإسلام وغيرها من المبادىء، فالواجب الأول والأهم للنبي (ص) كان هو الدعوة إلى الخير والصلاح وأما إعلان الجهاد فيأتي بعد الدعوة لدرجة أنه يعتبر الجهاد غير المسبوق بالدعوة جهاداً غير مشروع.

مبدأ نفي السبيل هذا العنوان مستوحى من نص الآية القرآنية “ولَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا” وبناء على نفي السبيل يجب سد أي نوع من أنواع نفوذ الكفار وسيطرتهم على المجتمعات الإسلامية في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، فالإسلام يرفض الظلم والاستبداد والاستغلال ولا يُجوّز التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية وقراراتها السياسية.

مبدأ الكرامة الإسلامية وتعني في ما تعني تفوق التعاليم الإسلامية وبالتالي تفوق المجتمعات الإسلامية فالآيات الدالة على عزة المؤمنين والمسلمين وكذلك الحديث المشهور الإسلام يعلو ولا يعلى عليه هي من الوثائق الفقهية لهذا المبدأ.

مبدأ الوفاء بالعهد واحترام العقود والمواثيق فمن وجهة نظر الإسلام فإن هذا المبدأ مقدس لا يمكن انتهاكه تحت أي ظرف من الظروف حتى لو كانت المعاهدة مع غير المسلمين فلا يجوز مخالفتها بأي شكل من الأشكال إلا إذا انتهكها الطرف الآخر، قال تعالى “وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ” وأيضا في آية أخرى “وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ”.

وأما النموذج الثاني فاختيارنا لنظام الأمن الجماعي، لماذا اخترت هذا النموذج ؟لأنه آخر شكل من أشكال التنظيم الدولي فالعلاقات الدولية كانت تقوم على أساس القوة ثم وصفت الفترة الممتدة بين عقد صلح وستفاليا عام 1642 وماقبل ظهور عصبة الأمم عام 1914م، صفت بفترة شيوع نظرية توازن القوى باعتبارها وسيلة لتحقيق السلام، ثم تلاها فترة تحول العالم إلى نظام الأمن الجماعي مع ظهور عصبة الأمم، ومن ثم مع منظمة الأمم المتحدة، وأما اختيارنا لنموذج الأمم المتحدة لأنها المنظمة الأكبر والأقوى من سائر المنظمات من خلال الرجوع إلى ميثاق الأمم المتحدة يمكن لنا استخراج المبادىء والأهداف التي تستند عليها العلاقات الدولية بالتحديد إلى الفصل الأول من الميثاق الموسوم بعنوان في مقاصد الهيئة ومبادئها ذكروا هناك في المادة الأولى من الفصل الأول أهداف الأمم المتحدة ذكروا أربع أهداف الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتطوير العلاقات الإقتصادية الدولية،والرفاه أو الرعاية الدولية، وتطوير القانون الدولي مع التركيز على حقوق الإنسان وعلى مبدأ تقرير المصير، جعل الأمم المتحدة مركز تجانس لكافة ميادين السياسة الدولية أما المبادىء وقد وردت في المادة الثانية من الفصل الأول:

أولا: المساواة بين جميع الأعضاء طبعا هو حبر على ورق وإلا لما كانت فقط خمس دول تمتلك حق نقض الفيتو.
ثانيا: مبدأ حسن النية من حيث الإلتزامات التي أخذوها على أنفسهم في هذا الميثاق.
ثالثا: إلتزام الدول بحل نزاعاتها بالوسائل السلمية.
رابعا: مبدأ عدم التهديد باستخدام القوة أو التهديد ضد أي دولة.
سادسا: العمل على تسيير الدول غير الأعضاء على مبادىء الأمم المتحدة.
سابعا: عدم تدخل الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية لأي دولة باستثناء الإجراء الزاجر.

نعم الجدير ذكره أن كل هذه الأهداف وكل هذه المبادىء نجد مثيلا لها أو ما يتقاطع معها ضمن مواثيق المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى مثلا جامعة الدول العربية وفي الاتفاقيات والمعاهدات التي قامت بين الدول قريبا وحديثا بل حتى تلك التي قامت في ما بين التجمعات البشرية قبل نشوء الدولة.

المحوور الثالث الجانب العملي التطبيقي:

السؤال الذي يطرح : ما بين العمل في مجال العلاقات الدولة ومقاطعة العملية السياسية الداخلية كما يفعل الأخوة في التيار هل هناك تعارض أو تزاحم أو غير ذلك؟
طبعاً في النظرة الابتدائية الاولية قد يتصور البعض أن هناك تزاحماً أو تعارضاً بين العمل في مجال العلاقات الدولة ومقاطعة العملية السياسية في الداخل،إلا أن الحق خلاف ذلك حيث يمكن الجمع بينهما، وأنا كمراقب مهتم بالعمل الساسي ومختص في مجال العلاقات الدولية بين المزوجين أرى أن تيار الوفاء الإسلامي هو أحد الفواعل الدوليين في مجال العلاقات الدولية بغض النظر عن مدى التأثير في الشأن الدولي
كيف لا و للتيار علاقات تنسيق مع سائر التشكيلات والجهات في محور المقاومة والممانعة وهي جهات فاعلة دولياً وإقليميا ولها تأثير مهم في الشأن الدولي، أنا قدمت في المحور الأول أن الفواعل الدولية ليس الدولة فقط أيضا الأحزاب والأفراد ، أضف لذلك أن للتيار نشاط على المستوى الحقوقي والإعلامي والثقافي وغيرها وهذا النشاط له صداه على المستوى الإقليمي والدولي.

وكيف لايكون التيار فاعلاً دولية والبحرين صحيح أنها جزيرة لكن من الناحية الجيوسياسية بلد مهم له مجاله الحيوي وتتشابك فيه المصالح الدولية و الاقليمية وبعض هذه المصالح يقف سداً منيعا بوجه التيارات والجميعات السياسية المعارضة ومنها تيار الوفاء الاسلامي.

نعم لابد من تنظيم هذا العمل كما جرت العادة في الأحزاب السياسية المؤثرة والفاعلة دولياً، وهذا الأمر أي عملية التنظيم موكول إلى نفس التيارعبر إجراء ورش داخلية وإعداد خطة عمل شاملة أعمال على هذا الصعيد تدعم عمل التيار على الصعيد الداخلي وهذه الخطة تكون شاملة للقضايا والأولويات الاستراتيجية للتيار وتبين الأهداف وتحدد السياسات والبرامج الموصلة إلى تحقيق الأهداف، لذلك لابد من هيكلة وتأطير ومأسسة العمل على الصعيد الدولي والأقليمي حتى يصل التيار إلى نتائج أسرع وأفضل.

ايها الأحبة في تيار الوفاء الإسلامي:
المقاومة شكل من أشكال السياسة تحتاج الى ما يدعمها ويترجمها على صعيد العلاقات السياسية.
في الختام أردت من هذه المداخلة أن أبين ما يلي:
1.العلاقات الدولية لا تقتصر على البعد السياسي بل تشمل ابعاد أخرى.
2.الفاعل الدولي لا يقتصر على عنصر الدولة بل يعم أشكالاً أخرى منها الحزب والفرد وغيرهما.
3.العقلاقات الدولية تبتني على مبادىء وتسعى لتحقيق أهداف والنموذج الامثل بالنسبة لنا هو النموذج الاسلامي وليس الوضعي انطلاقاً من إيماننا وعقيدتنا بالدستور الإسلامي كدستور حياة.
4. لاتعارض ولا تزاحم بين العمل في مجال العلاقات الدولية ومقاطعة العملية السياسية الداخلية.
5. العمل في مجال العلاقات الدولية يحتاج إلى هيكلة وتأطير ووضع خطة استراتيجية شاملة.

أرجو أن أكون قد وفقت فيما قصدت.
أسأل الله العلي القديم أن ينصر الشعب الأبي والودود الشعب البحراني المقاوم وأن يرحم الشهداء الذين رووا بدمائهم الزاكية تراب هذا الوطن الذ ويشفي الجرحى ويفرج عن الأسرى ويرجع المغتربين والمبعدين عن بلادهم.

بسم الله الرحمن الرحيم .. ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون
والحمد لله رب العالمين .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور مهدي البغدادي في ندوة تأسيس تيار الوفاء: (ورقة بحثية): نحو رؤية في مجال العلاقات الدولية تيار الوفاء الإسلامي نموذج (النص كاملاً)

أقام تيار الوفاء الإسلامي الجمعة 5مارس/آذار2021م بمدينة قم المقدسة ندوة سياسية تحليلة في أسبوع ذكرى تأسيس التيار الموافق للرابع والعشرين من فبراير، بمشاركة نخبة من الشخصيات السياسية والحقوقية البارزة على الصعيد الدولي والمحلي، وقد تناولت الندوة الخلفيات الفكرية والعقدية لإنطلاق التيار والمخاضات الصعبة التي مر بها خلال العقد المنصرم، ومن بين المشاركين أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الأديان والمذاهب سماحة الشيخ الدكتور مهدي البغدادي الذي شارك بورقة بحثية بعنوان: نحو رؤية في مجال العلاقات الدولية تيار الوفاء الإسلامي نموذج، وقد جاء نص المشاركة كالتالي:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين سيدنا ونبينا وقائدنا أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين وصحبه الأخيار المنتجبين.
أصحاب السماحة أيها السادة الحضور الكرام السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
عن أبي رمحة الحضرمي قال: سمعت جعفر بن محمد بن علي (ع) يقول: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ أَيْنَ الرَّجَبِيُّونَ فَيَقُومُ أُنَاسٌ يُضِي‏ءُ وُجُوهُهُمْ لِأَهْلِ الْجَمْعِ عَلَى رُءُوسِهِمْ تِيجَانُ الْمُلْكِ مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَمِينِهِ وَ أَلْفُ مَلَكٍ عَنْ يَسَارِهِ يَقُولُونَ هَنِيئاً لَكَ كَرَامَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عِبَادِي وَ إِمَائِي وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَاكُمْ وَ لَأُجْزِلَنَّ عَطَاكُمْ [عَطَايَاكُمْ‏] وَ لَأُوتِيَنَّكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ إِنَّكُمْ تَطَوَّعْتُمْ بِالصَّوْمِ لِي فِي شَهْرٍ عَظَّمْتُ حُرْمَتَهُ وَ أَوْجَبْتُ حَقَّهُ مَلَائِكَتِي أَدْخِلُوا عِبَادِي وَ إِمَائِي الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع هَذَا لِمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ شَيْئاً وَ لَوْ يَوْماً وَاحِداً فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ.
هاهو شهر رجب قد شارف على النهاية نسأل الله أن نستفيد من هذه الأيام المتبقية والمباركة.

بالعودة إلى موضوعنا، بدعوة كريمة وقبل ذلك نحن نعيش هذه الأيام الذكرى السنوية العاشرة لثورة شعب البحرين والموصومة بثورة 14 فبراير، عشر سنين انقضت وشعب البحرين صامدُ أبي معطاء يرفض الضيم والاستكانة للطغاة الذين استولوا على مقدرات الدولة وبنوا ممالك استبدادية مدعومين من أعتى طغاة العالم في هذا العصر على الإطلاق، بدعوة كريمة من الأخوة في تيار الوفاء الإسلامي وبمناسبة ذكرى تأسيس التيار أقدم مداخلتي المتواضعة تحت عنوان: “نحو رؤية في مجال العلاقات الدولية تيار الوفاء الإسلامي نموذج” إن مقاربة هذا الموضوع تتم كما ارتأيت من خلال الحديث حول عدة جوانب أو عدة محاور:
أولا: العلاقات الدولية تعريفها وأطرافها أو وحداتها أو كما يقال الفاعلون الدوليون.
ثانيا: أسس العلاقات الدولية بين المفهوم الإسلامي ونظام الأمن الجماعي.
ثالثا: بين العلاقات الدولية ومقاطعة العملية السياسية.
المحور الأول: العلاقات الدولية تهتم بدراسة كل الظواهر التي تتجاوز الحدود الدولية وهذه الظواهر لا تقتصر على الجانب أو البعد السياسي وعندما تتعداها إلى مختلف الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية وإلى آخره، عندما نتحدث عن العلاقات الدولية نكون أمام تفاعلات تتميز بأن أطرافها أو وحداتها الكلاسيكية هي وحدات دولية تستطيع أن تمارس نشاطات من شأنها أن تؤثر بشكل أو بآخر في حركة التفاعل الدولي، بمعنى آخر يكون الفاعل الدولي قادراً على لعب دور ما في المسرح الدولي وهذا لا يعني اقتصار الفاعلين الدوليين على الدول هذا أول مرتكز لابد أن يكون ثابتا، نعم الدولة هي الوحدة الكلاسيكية والصورة النمطية في مجال العلاقات الدولية في العقود الماضية وحسب التعبير الأصولي الدولة هي الحصة التي ينصرف إليها الذهن عند الحديث أو سماع مفهوم العلاقات الدولية نتيجة كثرة الاستعمال إلا أن العلاقات الدولية تعدت عنصر الدولة لتشمل الكثير من الأشكال التنظيمية الأخرى وهكذا تتمتع بشخصية قانونية أو لا، والمنظمات الدولية أو الإقليمية مثل الأمم المتحدة، جامعة الدول العربية باتت بمثابة وحدات إضافية وفواعل دولية إضافة إلى الدولة، كذلك الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات غير الحكومية والرأي العام العالمي والأحزاب بل حتى الشخص الطبيعي أي الفرد حيث نشهد تعاظم دور مجموعة أشخاص لهم من القدرة المالية والسياسية والتنظيمية ما يساهم في صنع التطورات والأحداث الكبرى التي تتجاوز بنتائجها مجال الدولة الواحدة كل هذه العناصر وكل هذه الأشكال هي بمثابة فواعل دولية تلعب دوراً أو أدوارا على المسرح الدولي إما مباشرة أو بممارسة التأخير على القابضين على سلطة القرار والممسكين بزمام القوة، وبالطبع لاشك أن درجة التأثير تختلف من فاعل لآخر نظراً لعدة اعتبارات قد تكون داخلية متعلقة بإمكانيات وإدارة الفاعل وقد تكون خارجية عن ذلك، مثلا وجود فواعل أقوى أو أن نسق العلاقات في البيئة الخارجية قد يفرض مستوى محدد من التأثير وعلى هذا الأساس نفرق بين الفاعل الرئيس والفاعل العادي، وكلامنا ليس هنا فنكتفي بمجرد الإشارة إلى ذلك.
ثانيا: أسس العلاقات الدولية بين المفهوم الإسلامي ونظام الأمن الجماعي
كل العلاقات التي قامت بين الدول بل حتى تلك التي كانت قائمة بين التجمعات البشرية في العصور القديمة قبل نشوء الدولة قامت على أسس وعلى مبادىء وهدفت إلى مقاصد وأهداف محددة ويمكن لنا في هذه العجالة أن نقارب موضوعنا هذا من خلال ذكر نموذجين من أسس العلاقات الدولية، الأول أسس العلاقات الدولية في الإسلام وأسس العلاقات الدولية في نظام الأمن الجماعي، أما الأول مباني وأصول العلاقات الدولية في الإسلام نذكر أربعة منها:
مبدأ الدعوة أو الجهاد، ربما يكون هذا المبدأ هو الأهم في العلاقات الدولية لأنه على أثر هذا المبدأ يمكن استنتاج مبادىء أخرى مثل مبدأ الحفاظ على الاستقلال ومبدأ الحفاظ على وحدة أراضي الإسلام وغيرها من المبادىء، فالواجب الأول والأهم للنبي (ص) كان هو الدعوة إلى الخير والصلاح وأما إعلان الجهاد فيأتي بعد الدعوة لدرجة أنه يعتبر الجهاد غير المسبوق بالدعوة جهاداً غير مشروع.

مبدأ نفي السبيل هذا العنوان مستوحى من نص الآية القرآنية “ولَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا” وبناء على نفي السبيل يجب سد أي نوع من أنواع نفوذ الكفار وسيطرتهم على المجتمعات الإسلامية في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، فالإسلام يرفض الظلم والاستبداد والاستغلال ولا يُجوّز التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية وقراراتها السياسية.

مبدأ الكرامة الإسلامية وتعني في ما تعني تفوق التعاليم الإسلامية وبالتالي تفوق المجتمعات الإسلامية فالآيات الدالة على عزة المؤمنين والمسلمين وكذلك الحديث المشهور الإسلام يعلو ولا يعلى عليه هي من الوثائق الفقهية لهذا المبدأ.

مبدأ الوفاء بالعهد واحترام العقود والمواثيق فمن وجهة نظر الإسلام فإن هذا المبدأ مقدس لا يمكن انتهاكه تحت أي ظرف من الظروف حتى لو كانت المعاهدة مع غير المسلمين فلا يجوز مخالفتها بأي شكل من الأشكال إلا إذا انتهكها الطرف الآخر، قال تعالى “وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ” وأيضا في آية أخرى “وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ”.
وأما النموذج الثاني فاختيارنا لنظام الأمن الجماعي، لماذا اخترت هذا النموذج ؟لأنه آخر شكل من أشكال التنظيم الدولي فالعلاقات الدولية كانت تقوم على أساس القوة ثم وصفت الفترة الممتدة بين عقد صلح وستفاليا عام 1642 وماقبل ظهور عصبة الأمم عام 1914م، صفت بفترة شيوع نظرية توازن القوى باعتبارها وسيلة لتحقيق السلام، ثم تلاها فترة تحول العالم إلى نظام الأمن الجماعي مع ظهور عصبة الأمم، ومن ثم مع منظمة الأمم المتحدة، وأما اختيارنا لنموذج الأمم المتحدة لأنها المنظمة الأكبر والأقوى من سائر المنظمات من خلال الرجوع إلى ميثاق الأمم المتحدة يمكن لنا استخراج المبادىء والأهداف التي تستند عليها العلاقات الدولية بالتحديد إلى الفصل الأول من الميثاق الموسوم بعنوان في مقاصد الهيئة ومبادئها ذكروا هناك في المادة الأولى من الفصل الأول أهداف الأمم المتحدة ذكروا أربع أهداف الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتطوير العلاقات الإقتصادية الدولية،والرفاه أو الرعاية الدولية، وتطوير القانون الدولي مع التركيز على حقوق الإنسان وعلى مبدأ تقرير المصير، جعل الأمم المتحدة مركز تجانس لكافة ميادين السياسة الدولية أما المبادىء وقد وردت في المادة الثانية من الفصل الأول:
أولا: المساواة بين جميع الأعضاء طبعا هو حبر على ورق وإلا لما كانت فقط خمس دول تمتلك حق نقض الفيتو.
ثانيا: مبدأ حسن النية من حيث الإلتزامات التي أخذوها على أنفسهم في هذا الميثاق.
ثالثا: إلتزام الدول بحل نزاعاتها بالوسائل السلمية.
رابعا: مبدأ عدم التهديد باستخدام القوة أو التهديد ضد أي دولة.
سادسا: العمل على تسيير الدول غير الأعضاء على مبادىء الأمم المتحدة.
سابعا: عدم تدخل الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية لأي دولة باستثناء الإجراء الزاجر.
نعم الجدير ذكره أن كل هذه الأهداف وكل هذه المبادىء نجد مثيلا لها أو ما يتقاطع معها ضمن مواثيق المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى مثلا جامعة الدول العربية وفي الاتفاقيات والمعاهدات التي قامت بين الدول قريبا وحديثا بل حتى تلك التي قامت في ما بين التجمعات البشرية قبل نشوء الدولة.
المحوور الثالث الجانب العملي التطبيقي:
السؤال الذي يطرح : ما بين العمل في مجال العلاقات الدولة ومقاطعة العملية السياسية الداخلية كما يفعل الأخوة في التيار هل هناك تعارض أو تزاحم أو غير ذلك؟
طبعاً في النظرة الابتدائية الاولية قد يتصور البعض أن هناك تزاحماً أو تعارضاً بين العمل في مجال العلاقات الدولة ومقاطعة العملية السياسية في الداخل،إلا أن الحق خلاف ذلك حيث يمكن الجمع بينهما، وأنا كمراقب مهتم بالعمل الساسي ومختص في مجال العلاقات الدولية بين المزوجين أرى أن تيار الوفاء الإسلامي هو أحد الفواعل الدوليين في مجال العلاقات الدولية بغض النظر عن مدى التأثير في الشأن الدولي
كيف لا و للتيار علاقات تنسيق مع سائر التشكيلات والجهات في محور المقاومة والممانعة وهي جهات فاعلة دولياً وإقليميا ولها تأثير مهم في الشأن الدولي، أنا قدمت في المحور الأول أن الفواعل الدولية ليس الدولة فقط أيضا الأحزاب والأفراد ، أضف لذلك أن للتيار نشاط على المستوى الحقوقي والإعلامي والثقافي وغيرها وهذا النشاط له صداه على المستوى الإقليمي والدولي.
وكيف لايكون التيار فاعلاً دولية والبحرين صحيح أنها جزيرة لكن من الناحية الجيوسياسية بلد مهم له مجاله الحيوي وتتشابك فيه المصالح الدولية و الاقليمية وبعض هذه المصالح يقف سداً منيعا بوجه التيارات والجميعات السياسية المعارضة ومنها تيار الوفاء الاسلامي.
نعم لابد من تنظيم هذا العمل كما جرت العادة في الأحزاب السياسية المؤثرة والفاعلة دولياً، وهذا الأمر أي عملية التنظيم موكول إلى نفس التيارعبر إجراء ورش داخلية وإعداد خطة عمل شاملة أعمال على هذا الصعيد تدعم عمل التيار على الصعيد الداخلي وهذه الخطة تكون شاملة للقضايا والأولويات الاستراتيجية للتيار وتبين الأهداف وتحدد السياسات والبرامج الموصلة إلى تحقيق الأهداف، لذلك لابد من هيكلة وتأطير ومأسسة العمل على الصعيد الدولي والأقليمي حتى يصل التيار إلى نتائج أسرع وأفضل.
ايها الأحبة في تيار الوفاء الإسلامي:
المقاومة شكل من أشكال السياسة تحتاج الى ما يدعمها ويترجمها على صعيد العلاقات السياسية.
في الختام أردت من هذه المداخلة أن أبين ما يلي:
1.العلاقات الدولية لا تقتصر على البعد السياسي بل تشمل ابعاد أخرى.
2.الفاعل الدولي لا يقتصر على عنصر الدولة بل يعم أشكالاً أخرى منها الحزب والفرد وغيرهما.
3.العقلاقات الدولية تبتني على مبادىء وتسعى لتحقيق أهداف والنموذج الامثل بالنسبة لنا هو النموذج الاسلامي وليس الوضعي انطلاقاً من إيماننا وعقيدتنا بالدستور الإسلامي كدستور حياة.
4. لاتعارض ولا تزاحم بين العمل في مجال العلاقات الدولية ومقاطعة العملية السياسية الداخلية.
5. العمل في مجال العلاقات الدولية يحتاج إلى هيكلة وتأطير ووضع خطة استراتيجية شاملة.

أرجو أن أكون قد وفقت فيما قصدت.
أسأل الله العلي القديم أن ينصر الشعب الأبي والودود الشعب البحراني المقاوم وأن يرحم الشهداء الذين رووا بدمائهم الزاكية تراب هذا الوطن الذ ويشفي الجرحى ويفرج عن الأسرى ويرجع المغتربين والمبعدين عن بلادهم.

بسم الله الرحمن الرحيم .. ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون
والحمد لله رب العالمين .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى