حوار ولقاء الأستاذ عبد الوهاب حسين مع المناضل أحمد الشملان بصحبة عقيلته السيدة فوزية

19 مايو 2007م

بسم الله الرحمن الرحيم

قام الرمز الوطني المعروف المناضل أحمد الشملان بصحبة عقيلته السيدة فوزية مطر بزيارة الأستاذ عبد الوهاب حسين في بيته الكائن بقرية النويدرات ، وذلك في صباح يوم السبت بتاريخ : 2 / جمادى الأولى / 1428هج الموافق : 19 / مايو ـ آذار / 2007م في إطار مساعي عقيلته لكتابة سيرة حياته من خلال لقاءاتها مع الأشخاص الذين كانت تربطهم معه علاقات مهنة أو علاقات عمل في الحقل الوطني ، وذلك نظرا لعدم قدرته في الوقت الحاضر على الكتابة بسبب عجزه الناجم عن حالته الصحية . وقد وجهت السيدة فوزية مطر مجموعة أسئلة أجاب عليها الأستاذ ، وهذا نص ما كتبته بعد مراجعته من قبل الأستاذ .

أستاذي الفاضل الأستاذ عبد الوهاب حسين حفظه الله ..
تحية طيبة وبعد

أرسل لكم صياغة التسجيل الذي أجريته معكم وقد رتبته وفقا للأسئلة التي طرحتها عليكم . وقد حرصت تماما على المحافظة على ما قلتموه مع تعديل بسيط في بعض الصياغات والأمر متروك لكم لتعديل ما ترغبون في تعديله ، مع ملاحظة أن شهادتكم وذكرياتكم عن أبي خالد قد لا تأتي حين تدوين سيرته بالترتيب ذاته ، وإنما وفقا لترتيب الكتاب مع تأكيدي على أن ما سيرد من كلامكم سيكون هو الكلام الذي قلتموه ووافقتم عليه بعد إطلاعكم وأعاهدكم على ذلك .

أم خالد
الأربعاء 23/5/2007

نص مكتوب للقاء مسجل صوتيا مع الأستاذ الفاضل عبد الوهاب حسين حول ذكرياته وانطباعاته عن المناضل الوطني أحمد الشملان
طرحت الأسئلة زوجة أحمد الشملان السيدة فوزية مطر وذلك في صباح يوم السبت
بتاريخ : 19 / مايو / 2007م

السؤال الأول : كيف كانت ظروف تعارفكم مع أحمد الشملان ؟ وهل سمعتم عنه قبل هذا التعارف ؟

أجاب الأستاذ : تعرفت على الأخ المناضل أحمد الشملان(أبو خالد) في العام : 1992 ، وقد جاءت المعرفة في ظرف تحرك وطني مشترك يجمع معظم ألوان الطيف السياسي البحريني المعروف والفاعل سياسيا آنذاك ، وذلك برفع ما عرف بـ( العريضة النخبوية ) إلى الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، وقد تضمنت العريضة بعض المطالب الوطنية الملحة في ذلك الوقت ، وفي مقدمتها تفعيل الدستور ، وإعادة الحياة البرلمانية المعطلة ، وكان لأبي خالد حضوره البارز ودوره الفاعل معنا في لجنة العريضة ، سواء على مستوى الصياغة والتدقيق والتصحيح ، أو على مستوى جمع التواقيع والحوار السياسي في الشؤون الوطنية والإقليمية والدولية ، وقد استفادت لجنة العريضة كثيرا من الخبرة السياسية لأبي خالد نظرا لتاريخه السياسي والنضالي الطويل ، ثم لخبرته كمحامي وصحفي . وقد بقيت علاقتي مع أبي خالد مستمرة من ذلك الحين وحتى الآن ، مرورا بالأنشطة السياسية الوطنية التي تلت العريضة النخبوية ، وكانت لأبي خالد مواقف مشرفة أثناء الانتفاضة ، دفع ثمنها غاليا كما تعرفين جيدا . وكنتُ ـ بطبيعة الحال ـ قد سمعت من قبل هذا التعارف والعمل المشترك عن الأخ المناضل أحمد الشملان ، باعتباره رمزا وطنيا له تاريخ نضالي طويل يعرفه كل مهتم بالشأن البحريني وتاريخ البحرين السياسي الحديث ، فالأخ المناضل أحمد الشملان ، لم يكن شخصا طارئا على الساحة الوطنية البحرينية وعلى العمل السياسي البحريني ، وإنما كان له حضوره النضالي الطويل في التاريخ الحديث للساحة الوطنية البحرينية ، فقد كان منتميا لحركة القوميين العرب ، ثم إلى جبهة التحرير ، وما زال إلى الآن ـ كما تعرفين ـ محتفظا بعلاقته مع الأخوة في جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي التي تمثل الامتداد التاريخي لجبهة التحرير ، والوريث إلى تاريخها وتراثها الفكري والسياسي .

السؤال الثاني : من هم أعضاء اللجنة حين التحرك على العريضة النخبوية ؟

أجاب الأستاذ : أعضاء اللجنة الذين حملوا العريضة وسلموها إلى الديوان الأميري ثم التقوا بشأنها مع الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بعد أسبوع من تسليمها ، هم سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري ، وفضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، وفضيلة الشيخ عيسى الجودر ، وعبد الوهاب حسين ، والمحامي حميد صنقور ، والنائب السابق محمد جابر الصباح ، وكان من وراء هؤلاء أعضاء أساسيين مثل : المحامي أحمد الشملان ، وعلي ربيعة ، وهشام الشهابي ، وسعيد العسبول ، وإبراهيم كمال الدين ، وأحمد منصور ، وغيرهم ، وأعتذر إذا كنت قد نسيت بعض الأسماء الأساسية والمهمة في لجنة العريضة . بالإضافة إلى وجود ناشطين من مختلف التيارات السياسية كانوا قريبين جدا من اللجنة ومطلعين على أنشطتها ، وربما كان لبعضهم حضور في بعض جلساتها العامة .. مثل : الأخ عبدالله المطيويع الذي كان حول اللجنة وقريب منها جدا وله حضور في بعض جلساتها ، أما الأخ عبد الله هاشم فقد تعرفت عليه بعد الاعتقال الأول وذلك لدوره المشكور في الدفاع عن المعتقلين ، ولم أتعرف على الأخ محسن مرهون إلا بعد الاعتقال الثاني وصدور ميثاق العمل الوطني ، ولم تكن لي بهما معرفة شخصية أثناء التحرك على العريضتين : النخبوية والشعبية . وكان هناك أشخاص آخرون كثيرون كانوا يتحركون مع اللجنة وقريبا منها ، وكان لهم دور كبير في جمع التوقيعات ، إلا أن أسماؤهم لا تحضرني الآن ، وبعضهم لا اعرفه بطيعة الحال . وكانت لقاءات اللجنة تعقد في بيت فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، وبيت علي ربيعة ، وبيت أحمد الشملان ، وبيت عبد الوهاب حسين . هذه هي البيوت الأربعة التي كانت تحتضن معظم اللقاءات ، وعقد لقاء واحد في بيت أحمد منصور في جبلة حبشي ، وهو اللقاء الذي طرحت فيه فكرة العريضة الشعبية ، حيث تم الاتفاق على خطوطها الأساسية والنقاط الجوهرية التي يجب أن تتضمنها ، وكلف الأخ المناضل أحمد الشملان بصياغة مسودتها الأولى ، وتقديمها إلى اللجنة من أجل مناقشتها حتى تأخذ صيغتها النهائية .

السؤال الثالث : هل كان للجنة العريضتين نظام أساسي ينظم عملها ؟ وهل حل أحد من التيار الإسلامي الشيعي مكانكم في اللجنة حينما اعتقلتم في المرتين الأولى والثانية ؟

أجاب الأستاذ : لم يوضع للجنة العريضة نظام أساسي ، لأنها لم تكن تمثل حركة منظمة بقدر ما كانت تمثل نشاط وطني شعبي مشترك ، وكانت هذه الصيغة الشعبية غير المنظمة هي السبيل بتقديرنا للخروج من التعقيدات من قبيل حصص التمثيل لكل جماعة ، فقد جمعت اللجنة معظم ألوان الطيف السياسي المعروفة على الساحة الوطنية والفاعلة سياسيا آنذاك ، وكانت القرارات تأخذ بعد النقاش الأخوي الموضوعي المنفتح بالتوافق وليس بالتصويت . وقد جاءت العريضة النخبوية على عدة إيقاعات محلية وإقليمية ، أهمها احتلال صدام حسين للكويت ثم تحريرها ، حيث أدرك الجميع في ذلك الظرف الصعب الحاجة للإصلاح السياسي الشامل على مستوى دول المنطقة كافة ، وضرورة التحرك السلمي من أجل الإصلاح في البحرين ، وعلى هذا الإيقاع جاءت فكرة العريضة النخبوية ثم العريضة الشعبية ثم تفجرت الانتفاضة الشعبية المباركة ، حيث أخذ عدد من الناشطين السياسيين من كافة الأطراف السياسية المبادرة ، وطرحوا فكرة العريضة النخبوية ثم العريضة الشعبية ، وقد أعطتنا العريضتان دفعات معنوية قوية للاستمرار والتقدم في العمل السياسي والمطالبة بالحقوق على المستوى الشعبي ، وكانت العريضتان تمثلان بحق نقلة نوعية في تاريخ العمل السياسي الوطني بإجماع المراقبين ، وقد اتصل عمل العريضتان : النخبوية والشعبية تاريخيا ومعنويا بالانتفاضة الشعبية المباركة ، حتى وصف وزير الداخلية السابق الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة في لقاء خاص لي معه أثناء الاعتقال الأول العريضة بقوله : العريضة هي ساس البلى ، وقد فتحت الانتفاضة المباركة باب الإصلاح السياسي في البحرين ، بغض النظر عن الأخطاء التي رافقتها والانقلاب الذي حدث بعد ذلك على الدستور وميثاق العمل الوطني . وكانت مناقشات أعضاء اللجنة في لقاءاتهم لم تقتصر على موضوع العريضتين ، وإنما كانت منفتحة وشاملة ، فقد كان أعضاء اللجنة يناقشون في لقاءاتهم الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية ويحللونها ويبحثون عما ينبغي عمله على الصعيد الوطني ، وكانوا يركزون على ضرورة المحافظة على الصيغة الوطنية والعمل الوطني المشترك في التحرك والمحافظة عليهما بأي حال من الأحوال ، وقد التزموا فعلا بذلك حتى بعد توقف عمل اللجنة من الناحية العملية مع ظهور الجمعيات السياسية التي كانت وريثا للتيارات السياسية التي كانت موجودة على الساحة الوطنية قبل ميثاق العمل الوطني ، بالإضافة إلى ظهور جمعيات سياسية وتيارات جديدة لم يكن لها وجدود من قبل ، وهذه حالة طبيعة ، وحق لا يستطيع أحد أن يسلبه من أحد . وقد تركت تجربة لجنة العريضة تأثيرها على معظم الجمعيات السياسية التي أخذت ولا زالت تأخذ بالصبغة الوطنية والعمل الوطني المشترك بين كافة ألوان الطيف السياسي الوطني ، رغم ظهور بعض أشكال التقصير والخلل المقصود أحيانا وغير المقصود أحيانا أخرى . لقد أدركنا قيمة العمل الوطني المشترك بين كافة القوى والتيارات السياسية الموجودة على الساحة الوطنية ، وجسدنا قناعتنا تلك من خلال العريضتين : النخبوية والشعبية ، فقد جمعت لجنة العريضة عناصر إسلامية : شيعة وسنة وعلمانيين من كافة الفصائل : شعبية وتحرير وبعث ، وكانت تعمل بانفتاح وإخلاص وأريحية كفريق واحد بعيدا عن الحزازات والحواجز والأضغان والأحقاد الطائفية والحزبية وغيرها ، وأعتقد بأن تجربتنا هذه في البحرين كانت متقدمة ومتميزة على مستوى المنطقة والعالم العربي . لقد كانت تجربتنا هذه متقدمة ومتميزة لأن كل الأطراف شاركت فيها بدون حواجز وبدون صعوبات ، وكانت متقدمة ومتميزة على مستوى المنطقة والعالم العربي لأننا لم نجد تجربة مماثلة لها بهذا المستوى من التضامن في العمل الوطني المشترك والنجاح حتى الآن . وقد استمر هذا الثابت في العمل الوطني بعد انتهاء عمل لجنة العريضة متمثلا في الجمعيات السياسية ، كما أثبت قيمته وجدواه في التصويت على ميثاق العمل الوطني . وكان سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري وأنا نمثل التيار الإسلامي الشيعي في اللجنة ، ولم تسمح الظروف بالاتفاق على أن يحل أحد عنا في جلسات اللجنة أثناء الاعتقالين : الأول والثاني ، إلا أن بعض الشباب من التيار كانوا متواصلين مع أعضاء اللجنة ويتشاورون معهم بشأن الأوضاع والأحداث والقضايا على الساحة الوطنية ، وكان لهذا التواصل نتائج إيجابية كبيرة صبت في خدمة الانتفاضة الشعبية والقضايا الوطنية المطروحة على الساحة الوطنية .

السؤال الرابع : ما هو الدور الذي لعبه أحمد الشملان في لجنة العريضتين ؟ وبم تميز دوره في اللجنة ؟

أجاب الأستاذ : كان للأخ المناضل أحمد الشملان حضور فاعل في لجنة العريضة ، فكان يقوم بدور كبير ومتميز ، وكنا نعتمد عليه كثيرا في البعد القانوني بحكم تخصصه من حيث التدقيق في الصياغات القانونية وما شابه ذلك , والأخ المناضل أحمد الشملان هو الذي قام بصياغة مسودة العريضة الشعبية بعد الاتفاق بين أعضاء اللجنة على الخطوط الأساسية والنقاط الجوهرية التي ينبغي أن تتضمنها العريضة الشعبية . فقد اجتمعت اللجنة في بيت الأخ أحمد منصور بجبلة حبشي ، وكانت الفكرة الأولى أن نرفع مذكرة إلى الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة تتناول الحاجة للإصلاح السياسي الشامل في البلاد والجوانب الأساسية التي يجب أن يشملها الإصلاح ، على أن يقوم عدد من النخبة بتوقيعها ورفعها إلى الأمير الراحل على خطى العريضة النخبوية السابقة ، وكنتُ شخصيا قد كتبت هذه المذكرة وقدمتها إلى أعضاء اللجنة ، وبعد التداول ارتأينا أن نستبدل المذكرة بعريضة شعبية كنا قد فكرينا فيها سابقا ، ورجحت لدينا فكرة العريضة الشعبية ، واتفقنا على الخطوط العريضة والأفكار الرئيسة ، وكلفنا الأخ المناضل أحمد الشملان بكتابة المسودة ، وقد انتهى من كتابتها في زمن قصير ، وواصلت اللجنة اجتماعاتها لدراسة المسودة ومناقشة مضامينها حتى أخذت صيغتها النهائية ، ثم شرعت اللجنة في جمع التواقيع عليها بواسطة الشباب المتعاون معها ، وقد بلغ عدد الموقعين على العريضة الشعبية ما يقارب ( 45000 : توقيع ) . كما استفادت اللجنة أيضا من الخبرة السياسية للأخ المناضل أحمد الشملان نظرا لتاريخه النضالي الطويل ومن خبرته الصحفية ، وكان للأخ المناضل أحمد الشملان دور بارز في مناصرة الانتفاضة الشعبية في المجال الإعلامي ، من خلال المقابلات الصحفية في الإذاعات الأجنبية مثل : إذاعة لندن ومنتكارلو وطهران ، بالإضافة إلى مقالاته الصحفية في الصحف المحلية والخليجية . وكان الأخ المناضل أحمد الشملان يتميز بعدة خصائص .. منها :

الخاصية الأولى : كان شخصية صارمة وحاسمة وصلبة في مواقفها الوطنية من الناحية المبدئية ، فلا يتنازل في مواقفه الوطنية عن مبادئه وثوابته الوطنية مهما كان الثمن بدون أن يكون متطرفا ، وقد دفع أثمان مواقفه من حريته ورزقه وصحته ، والحالة الصحية التي عليها الأخ المناضل أحمد الشملان في الوقت الحاضر خير شاهد على ذلك ، فالأخ المناضل أحمد الشملان الآن في حالة عجز ، وقد اعتزل العمل السياسي قسرا ، بعد المواجهة البطولية له مع المسؤولين الأمنيين ، حيث كان عازما على سفرة عائلية إلى الخارج ، واستدعي عصرا مع إبراهيم كمال الدين من قبل عبد العزيز عطية الله في مركز شرطة الحورة ، وقد حدثت مشادة عنيفة بين الأخ المناضل أحمد الشملان وعبد العزيز عطية الله في هذا اللقاء الأمني ، وتعرض الأخ المناضل أحمد الشملان إلى نوع من التهديد ـ بحسب وصف عقيلته الأخت فوزية مطر ـ من قبل عبد العزيز عطية الله ، وقال الأخ المناضل أحمد الشملان لعبد العزيز عطية الله : أنا أنوي غدا السفر ، فهل أنا ممنوع من السفر ؟ فأجابه عبد العزيز عطية الله بالنفي ، إلا أنه أتصل به بعد صلاة المغرب هاتفيا ، وأخبره بالمنع من السفر ، مما أدى إلى استياء الأخ المناضل أحمد الشملان ، وقد طلب من العائلة السفر كدليل على عدم الإذعان ، إلا أن أفراد العائلة رفضوا ذلك ، وتحرك في صباح اليوم الثاني لإلغاء حجوزات السفر ، وبعد وجبة الغداء في البيت أصيب بالجلطة في الدماغ ، وقد حمدت العائلة الله جل جلاله لأنها لم تسافر ، وإلا أصيب الأخ المناضل أحمد الشملان بالجلطة وليس معه أحد في البيت ، وكانت لحظة إصابته بالجلطة ، هي اللحظة التي اعتزل فيها الأخ المناضل أحمد الشملان العمل السياسي بصورة قسرية ، لتكون شاهدا حيا ومتجددا على صموده وإصراره البطولي على المطالبة بحقوقه العادلة كمواطن يمتلك حقوق المواطنة بالإضافة إلى حقوق كافة المواطنين ، وشهادة إخلاص يختم بها تاريخه النضالي الشريف . الجدير بالذكر : تقول زوجة المناضل أحمد الشملان السيدة فوزية مطر : أنه بعد سنة من إصابته بالجلطة سافر من أجل العلاج في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت ، وعند عودته إلى البحرين أوقف في مطار البحرين لمدة ساعتين ، رغم مرضه وعدم قدرته على الكلام !!

الخاصية الثانية : رغم الصرامة والحسم الذين كان يتحلى بهما الأخ المناضل أحمد الشملان في مواقفه الوطنية ، إلا أنه كان بعيدا عن التطرف ، فثمة فرق كبير بين الحسم والتطرف ، فالحسم حسنة ، والتطرف سيئة . فلم يكن الأخ المناضل أحمد الشملان متطرفا ، بل كان صاحب مواقف وطنية صارمة بعيدة عن الضعف وعن التنازل غير المقبول وعن المهادنة ، ولكنها في نفس الوقت معتدلة : أي واقعية وعقلانية بعيدة عن التطرف ، فالأخ المناضل أحمد الشملان كان في مواقفه الوطنية صارما وحاسما إلا أنه كان في نفس الوقت معتدلا لا يميل إلى التطرف .

الخاصية الثالثة : كان الأخ المناضل أحمد الشملان وطنيا بعيدا عن الطائفية فكرا وشعورا وكلمة ومواقف . البعض يفسر ذلك بالاتجاه العلماني اليساري الذي كان ينتمي إليه الأخ المناضل أحمد الشملان ، إلا أن هذا غير صحيح ، فليس كل إسلامي طائفي ، وليس كل علماني بعيدا عن الطائفية ، وقد وجدت من خلال التجربة أن الطائفية معششة في تفكير وشعور وممارسات ومواقف الكثير من العلماني ومن هم محسوبين على الخط الوطني ، إلا أن الأخ المناضل احمد الشملان ، كان مناضلا شريفا بعيدا عن الطائفية ، وكان لوجود الأخ المناضل أحمد الشملان بالإضافة إلى وجود شخصيات سنية أخرى مثل : فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، وفضيلة الشيخ عيسى الجودر ، والأخ علي ربيعة ، وهشام الشهابي ، وغيرهم ، دور مهم جدا في تجاوز الحس الطائفي في عمل لجنة العريضة ، حيث كنا نعاني كثيرا من الحس الطائفي الذي كان معششا ـ بحسب الحس والتجربة ـ حتى بين العناصر اليسارية الشيعية والسنية وليس فقط بين الإسلاميين من الطائفتين . وكانت لي جلسات مع عناصر من اليسار متقدمين أكاديميا ، وكانوا مع ذلك يشتكون من بروز الحس الطائفي في المعاملة والمواقف على مستوى النخب اليسارية ، وكان الأخ المناضل أحمد الشملان ـ والحمد لله ـ مناضلا وطنيا نظيفا ، قد أثبت من خلال التجربة : على مستوى الأقوال والمواقف ، أنه بعيد عن كل الحساسيات الطائفية المريضة التي قد أصابت بعض المناضلين وأفسدت الكثير من مواقفهم .

الخاصية الرابعة : من مميزات الأخ المناضل أحمد الشملان ـ وهنا أنا أتكلم بصراحة ربما تكون عن مألوفة في مجتمعاتنا ـ أنه كان يعتز بانتمائه الإيديولوجي اليساري والحركي لجبهة التحرير الوطني ، فكان لا يتردد عن وصف نفسه بالمناضل الشيوعي ، ولكنه كان منفتحا وغير متحيز ، فكان مع اعتزازه بانتمائه الإيديولوجي والتنظيمي لجبهة التحرير ذات التوجه اليساري ، كان يعتز أيضا بعمله الوطني المشترك مع الإسلاميين ، فكان يقول مثلا : أنا المناضل الشيوعي أعتز بأن أعمل مع هؤلاء المناضلين الإسلاميين الشرفاء ، وكان يفتخر بأن يجلس مع الإسلاميين الشيعة والسنة ويساهم معهم في عمل وطني مشترك . وهذه الخاصية ـ في ذلك الوقت ـ كانت ذات قيمة كبيرة بالنسبة لنا من أجل نجاح تجربتنا في العمل الوطني المشترك من خلال لجنة العريضة ، حيث كانت قد تكونت لدينا طموحات كبيرة في العمل الوطني المشترك ، والخروج بتجربة متميزة على مستوى المنطقة والعالم العربي ، وكنا نردد بأن قيمة البحرين وأهميتها ليس بعدد سكانها وإنما بنوعه وتجاربه المتميزة وتاريخه السياسي الطويل في النضال ، وقد وجدنا في ذلك الوقت تحسس لدى الكثير من العناصر الليبرالية واليسارية من العمل مع الإسلاميين ، وكانوا يصفونهم بالظلاميين والرجعيين ، وكانوا يرفضون العمل معهم ، ويتخوفون من ذلك كثيرا ، وهذا ليس مجرد كلام ، وإنما هو قائم على تجارب عديدة ممتدة لتاريخ طويل ، إلا أن وجود مثل الأخ المناضل أحمد الشملان ، وعلي ربيعة ، ومحمد جابر الصباح ، وهشام الشهابي ، واحمد منصور ، وسعيد العسبول ، وعبد الله المطيويع ، وغيرهم ، قد ساعدنا كثيرا على نجاح التجربة ، وكان للأخ المناضل أحمد الشملان دور كبير جدا في ترسيخ هذا المبدأ ، لأنه كان يحمل إيمانا حقيقيا وصدقا وإخلاصا في ترسيخ مبدأ العمل الوطني المشترك بين كافة ألوان الطيف السياسي في البحرين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية . لقد دخل الأخ المناضل أحمد الشملان معنا في تجربة ناجحة للعمل الوطني المشترك ، تجربة تعتبر سابقة ناجحة على مستوى المنطقة والعالم العربي ، فلم نجد لها مثيل في العالم العربي كله ـ بحسب علمي وإطلاعي ـ حتى الآن . لقد نجحنا بالفعل في تجربتنا ، وكانت لفاءاتنا مكثفة ومستمرة بمعدل أسبوعي أحيانا ، وقد تكونت بيننا علاقة مودة ، وكان لأبي خالد بالفعل دور كبير في ترسيخ هذا المبدأ وتثبيته ، وكان يحتضن الكثير من اجتماعات اللجنة في بيته ومكتبه في ذلك الوقت العصيب ، حيث كان احتضان هذا النوع من الاجتماعات في مرحلة القمع في ظل قانون أمن الدولة ، يحتاج إلى شجاعة كبيرة واستعداد للتضحية ، لاسيما وأن أعضاء اللجنة كانوا على علم بمتابعة جهاز المخابرات لأنشطتهم ، وقد عثر بعضهم على أجهزة تنصت مزروعة في بيته . وقد تركت تجربة لجنة العريضة في العمل الوطني المشترك تأثيرها الإيجابي في عمل المعارضة إلى ما بعد الميثاق ، حيث انتهى عمليا دور لجنة العريضة ونشاطها ، وحلت محلها الجمعيات السياسية ، إلا أنه يؤسف لحدوث بعض التراجع على مستوى الممارسة لدى الجمعيات السياسية في هذا الجانب ، لاسيما في ظل الانتخابات البلدية والبرلمانية ، كما يؤسف لوجود من لا زال من اللبراليين واليساريين يحتفظ في فكره وشعوره بنفس الموقف القديم من الإسلاميين رغم نصوع التجربة ، ولا زالوا يعبرون عن كافة القوى الإسلامية بالقوى الظلامية والرجعية ، ولازالت لديهم نفس الحساسية والتحفظ من العمل الوطني المشترك معهم ، وبعضهم يحتج على صحة موقفه بتجربة الانتخابات البلدية والبرلمانية في العامين : 2002 و 2006م . أما الأخ المناضل أحمد الشملان والكوكبة من العناصر اليسارية التي كانت تعمل معنا وذكرت بعض أسمائهم ، كانوا على العكس من ذلك تماما والحمد لله رب العالمين ، وكان لوجودهم معنا دور حقيقي في نجاح التجربة البحرينية المتميزة في العمل الوطني المشترك الذي قادته لجنة العريضة التي كانت تضم معظم ألوان الطيف السياسي الموجودة والفاعلة آنذاك في البحرين .

ومن أجل الأمانة العلمية والتاريخية : أقول : بأني لا أملك معرفة تفصيلية بالتاريخ الفكري والروحي للأخ المناضل أحمد الشملان ، وعليه فإني لا أستطيع أن أحكم على تاريخه السابق من هذا الجانب ، وينبغي الرجوع في هذا لمن عاصروه وشاركوه الحياة والعمل وساهموا معه في النضال ، أما هذه الشهادة فهي تستند إلى فترة عملنا الوطني المشترك . وهنا أريد بهدف إنصاف الرجل من جانب آخر وإبراز الحقيقة كاملة أن أقول : بأن جلسات خاصة كانت تجمعني معه ، وكانت غالبا تسبق جلسات اللجنة في مكتبه أو بيته ، وكانت بعض هذه الجلسات تأخذ طابعا فكريا ، كان من خلالها يحاول أن يميز بين انتمائه السياسي والتنظيمي لجبهة التحرير بما تحمله من أرث فكري يساري ، وبين حالته الروحية مع الله جل جلاله . ففي الوقت الذي كان يعتز فيه بانتمائه الإيديولوجي وانتمائه السياسي والحركي لجبة التحرير بما تحمله من ارث فكري يساري ، وكان لا يتردد بوصف نفسه بالمناضل الشيوعي على أساس ثوري من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس ، إلا أنه كان يقول لي بأن له مع الله جل جلاله علاقة صوفية ، ولست الآن بصدد مناقشة منطقية أو عدم منطقية هذا القول ، وإنما الوصول إلى خلاصة الكلام : وهي أن الأخ المناضل أحمد الشملان لا يرى نفسه ملحدا ، بينما يوجد أشخاص لديهم نفس الانتماء كانوا ولا زالوا يفصحون بأنهم ملحدون ، أما أبو خالد فلم يكن كذلك ، وأقول هذا بحدود تجربتي معه ومن باب الأمانة في الوقت الذي يعجز فيه أبو خالد عن الكلام .

السؤال الخامس : ما هي برأيكم أسباب اعتقال أحمد الشملان كونه السني الوحيد الذي اعتقل من أعضاء اللجنة ؟

أجاب الأستاذ : كنت في السجن في الوقت الذي اعتقل فيه الأخ المناضل أحمد الشملان ، ولم أتعرف بالتفصيل على ظروف اعتقاله ، وبعد أن خرجت من السجن لم أناقش الموضوع بالتفصيل مع أحد ، ولكني أرى بحسب التحليل ، بأن لاعتقال الأخ المناضل أحمد الشملان ، علاقة بمواقفه الوطنية الصريحة والصارمة ، ولكونه متميزا بإيمانه الصادق بالعمل الوطني المشترك ، ولصدقه ونشاطه الدؤوب ودوره الإعلامي المتميز في المطالبة بالحقوق الوطنية والدفاع عن الانتفاضة الشعبية وشباب الانتفاضة . فقد ارتبط اسمه بمواقف ذات جرأة وشجاعة ، وكان يعلن عن مواقفه في لفاءاته الصحفية مع إذاعة لندن ومونت كارو وطهران وغيرها ، فلم يكن يعمل تحت الستار ، ولم يحجب آراءه ومواقفه كغيره بين صفوف النخبة والأخذان ، وإنما كان يعمل في الفضاء المفتوح ، ويفصح عن آرائه في الصحف والإذاعات من خلال المقالات والمقابلات الصحفية ، وكانت له مواقف شجاعة ومتميزة في دعم الانتفاضة الشعبية ، انتفاضة الكرامة المباركة ، وهذه الميزة لم تكن لدى الكثير من الأشخاص ، حيث كان الكثير من الأشخاص مستعدون للكلام بين الجدران المغلقة في صفوف الأصدقاء والأخدان ، ولكنهم غير مستعدين لدفع الثمن بالإفصاح عن أرائهم للرأي العام وفي وسائل الإعلام ، مما كان يشكل نوعا من الخذلال للقضايا الوطنية في تلك الأوقات العصيبة ، بخلاف الأخ المناضل أحمد الشملان ، الذي كان يصدع بآرائه في وسائل الإعلام ويحرص على وصولها إلى الرأي العام في الداخل والخارج ، فكان يفصح عن آرائه في عموده الصحفي الذي يكتبه في إحدى الصحف المحلية بعنوان أجراس إن لم تخني الذاكرة ، وفي وسائل الإعلام الأجنبية من خلال المقابلات الصحفية مع الإذاعات والصحف ومحطات التلفزة .

والخلاصة : أن مبدئية الأخ المناضل أحمد الشملان ، وصلابته وقوة مواقفه الوطنية ، وتواجده الفاعل والمؤثر في أعمال لجنة العريضة والأنشطة في الساحة الوطنية ، ودعمه الصريح للانتفاضة الشعبية ، ونشاطه الإعلامي المتميز في دعم الانتفاضة وشبابها والدفاع عن القضايا والمطالب الوطنية ، ودوره المتميز من خلال نشاطه الإعلامي والسياسي في إضفاء الصبغة الوطنية على الانتفاضة الشعبية وفضح مخططات السلطة التي كانت تسعى جاهدة لإضفاء الصبغة الطائفية على الانتفاضة ومطالبها الوطنية المشروعة ، كل هذا وغيره أدى باعتقادي إلى اعتقال الأخ المناضل أحمد الشملان دون غيره من أعضاء اللجنة من غير التيار الإسلامي الشيعي . وأعود واكرر بأني كنت في المعتقل وقت اعتقال الأخ المناضل أحمد الشملان ، وليس لدي إلمام كامل بظروف اعتقاله ، ولكن على ضوء الخلفيات التي ذكرتها فقد كان اعتقال أبي خالد متوقعا ، ولما أصبح الأخ أحمد في المعتقل كنت في سجن انفرادي بعيدا عنه وعن غيره ، فلم التقي به ، ولم تكن تصلني معلومات عنه ولا عن غيره ، حيث كنت في سجن إنفرادي طوال السنوات الخمس ، وكانت المخابرات هي التي تشرف بصورة مباشرة على مقابلاتي مع العائلة وتحضرها فلم تكن تصلني معلومات عما يجري في الساحة من أحداث وتطورات ، وقد سمعت عن اعتقال الأخ المناضل أحمد الشملان في وقت متأخر جدا ، ولكني لم استغرب حينها من اعتقاله بحكم دوره المتميز والفاعل في دعم الانتفاضة والدفاع شبابها وعن القضايا الوطنية العادلة . وأرى بأن السلطة إنما اعتقلته مضطرة ، لأنها كانت حريصة كل الحرص على إضفاء الصبغة الطائفية على الانتفاضة المباركة والحركة المطلبية ، وأن اعتقال الأخ المناضل أحمد الشملان وهو مناضل يساري وسني بحسب التصنيف المذهبي يدحض ادعاءاتها بطائفية الانتفاضة والحركة المطلبية الشعبية . وسبق أن قلت : بأن لوجود عناصر وطنية : إسلامية وعلمانية في لجنة العريضة ، ومواقفهم في دعم الانتفاضة الشعبية دور كبير في نفي الصبغة الطائفية عن الانتفاضة والحركة المطلبية كما كانت تريد السلطة وتسعى إليه ، وإضفاء الصبغة الوطنية عليها رغم كل الجهود التي بذلتها السلطة في الداخل والخارج لإضفاء الصبغة الطائفية عليهما ، وكان لدور الأخ المناضل أحمد الشملان السياسي والإعلامي تأثيره الايجابي الكبير في إضفاء الصبغة الوطنية على الانتفاضة الشعبية والحركة المطلبية . إن الأخ المناضل أحمد الشملان لم يقتصر دفاعه عن العريضتين النخبوية والشعبية كعمل وطني مشترك فحسب ، وإنما دافع أيضا باستماتة عن الانتفاضة وعن شباب الانتفاضة سياسيا وإعلاميا وقضائيا بوصفه أحد المحامين المعروفين ، وكان هذا الدور لافتا حينها ، لأن بعض الأشخاص الذين كان لهم دور في العريضتين : النخبوية والشعبية ، نفضوا أيديهم حينما بدأت الانتفاضة الشعبية وابتعدوا . أما الأخ المناضل أحمد الشملان فقد استمر ودافع بشجاعة وجرأة سياسيا وإعلاميا وقضائيا عن الانتفاضة وعن شباب الانتفاضة . وحينما طُرحت المبادرة في اعتقالنا الأول ، تواصل الأخ المناضل أحمد الشملان وغيره من لجنة العريضة مع أصحاب المبادرة بنفس النفس وبنفس القوة ، وانعكس ذلك على موقفه من الانتفاضة الثانية واعتقالنا الثاني . لقد أهتم الأخ المناضل أحمد الشملان كثيرا بالدفاع عن العريضة النخبوية والعريضة الشعبية وعن الانتفاضة وشباب الانتفاضة ، ويعتبر كعنصر يساري وسني من العناصر التي نجحت فعلا بدورها المشكور في إضفاء الصبغة الوطنية على الانتفاضة الشعبية والحركة المطلبية ونفي الصبغة الطائفية عنهما ، حيث كانت السلطة تسعى جاهدة لإضفائها عليهما . ويسعدني بهذه المناسبة أن أبدي اعتزازي بالدور المشكور الذي قام الأخ المناضل أبو خالد ورفاقه من العناصر الوطنية الشرفية : الإسلامية السنية والعلمانية في الدفاع عن الانتفاضة وعن شبابها وعن الحركة المطلبية والقضايا الوطنية وإضفاء الصبغة الوطنية عليها ونفي الصبغة الطائفية عنها .

السؤال السادس : كيف كان دور أحمد الشملان كمحامي في الدفاع عنكم وعن المعتقلين الآخرين ؟

أجاب الأستاذ : أحمد الشملان أخذ قضايا ، ومحمد أحمد أخذ قضايا ، وعبد الشهيد خلف أخذ قضايا ، وعبد الله هاشم أخذ قضايا ، وعبد الله الشملاوي أخذ قضايا ، وعباس الشيخ منصور أخذ قضايا ، وحسن رضي وجليلة السيد أخذنا قضايا ، ومحامين آخرين أخذوا قضايا ، وكلهم تعانوا وتعاطفوا مشكورين جدا مع الانتفاضة الشعبية المباركة وشبابها ، ويؤسفني عدم قدرتي على حصر أسماء جميع المحامين الذين تعاونوا وتعاطفوا مع الانتفاضة ودافعوا عن شبابها ، وفي الحقيقة كان تعاطف المحامين مع شباب الانتفاضة متميزا وكبيرا جدا ولافتا ، وكانوا لا يأخذون شيئا مقابل أتعابهم في الدفاع عن شباب ورموز وقيادات الانتفاضة ، وقد أغضب موقف المحامين هذا وتعاطفهم السلطة ، ولكنهم صمدوا ولم يغيروا مواقفهم تحت الضغوط . وبطبيعة الحال لم يكن كل المحامين كذلك ، ولكني أتكلم عن كوكبة المحامين الكثر الذين عرفوا بذلك أو لم يعرفوا . وعني شخصيا : كان الأخ الفاضل المحامي حسن رضي والأخت الفاضلة المحامية السيدة جليلة السيد قد تولوا متابعة قضيتي والدفاع مشكورين عني ، وربما يكون للأخ المناضل أحمد الشملان دور في الدفاع عن الأخوة الآخرين من أصحاب المبادرة ، إلا أني لم أقف على تفاصيل ذلك أو لا يحضرني ذلك الآن . ومن المؤكد أن للأخ المناضل أحمد الشملان دور واضح في الدفاع عن شباب الانتفاضة ، وبحسب ما يحضرني الآن ـ على نحو الإجمال ـ أنه خلال اعتقالنا الأول لم تشكل هيئة للدفاع عنا ، ولكن أثناء المبادرة في عام : 1995 تكوّنت هيئة دفاع عن أصحاب المبادرة ، وكان الأخ المناضل أحمد الشملان واحدا منها ، أما عني شخصيا : فقد بقي وكيليّ في الدفاع هما : الأخ الفاضل المحامي حسن رضي والأخت الفاضلة المحامية السيدة جليلة السيد ، مع إعطائهما صلاحية تشكيل هيئة دفاع إذا تطلب الأمر أو اقتضت المصلحة ذلك بحسب تقديرهما ، هذا أهم ما يحضرني الآن في هذا الموضوع .

السؤال السابع : هل انضم أعضاء لجنة العريضتين بصفتهم ممثلين عن تنظيمات سياسية ؟ وهل كان وراء الشخصيات التي انضمت للجنة العريضة تنظيمات سياسية؟

أجاب الأستاذ : رغم تنوع انتماءات المشاركين في لجنة العريضة ومعرفة الانتماءات لديهم وإرادتهم لذلك ، إلا أن مشاركتهم في اللجنة كانت بصفتهم الشخصية وليس تمثيلا عن الجهات التي كانوا ينتمون إليها ، فمثلا : وجود الأخ المناضل أحمد الشملان ومحمد جابر الصباح لم يكن تمثيلا عن جبهة التحرير بصورة رسمية في لجنة العريضة ، ولم يكن وجود الأخ عبد الله مطيويع تمثيلا عن الجبهة الشعبية بصورة رسمية في لجنة العريضة ، وهكذا باقي المشاركين في لجنة العريضة : إسلاميين سنة وشيعة وعلمانيين . فكان لكل ارتباطه وانتماؤه ، ولكن المشاركة في اللجنة لم يقم على التمثيل رسميا للجهات التي كانوا ينتمون إليها أو يرتبطون بها ، وإنما كانت مشاركتهم بالصفة الشخصية إن صح التعبير ، رغم الحرص والقصد على أن تجمع اللجنة كل ألوان الطيف السياسي الموجودة والفاعلة على الساحة الوطنية آنذاك ، وعلى أن يمثل نشاط اللجنة عملا وطنيا مشتركا بكل معنى الكلمة ، فهذا ما أردناه وتحقق بالفعل على أرض الواقع والحمد لله رب العالمين . فقد أردنا أن تأخذ اللجنة الحالة الشعبية وليس التنظيم الحزبي المعروف ، وأردنا لها أن تجمع كل ألوان الطيف السياسي الموجودة والفاعلة على الساحة الوطنية آنذاك ، وأردنا لها أن تمثل صورة ناجحة للعمل الوطني المشترك ، وهكذا كانت في الواقع والحمد لله رب العالمين . وكان عمل اللجنة ونشاطها مدعوما بطبيعة الحال من القوى السياسية ورموزها في الداخل والخارج ، وكان محل افتخارهم ، وهذا كان في غاية الوضوح .

والخلاصة : أن اللجنة أخذت الحالة الشعبية ولم تأخذ الحالة التنظيمية المعروفة ، وكان وجود الأشخاص فيها ومشاركتهم في أنشطتها بصفتهم الشخصية وليس تمثيلا عن انتماءاتهم الحزبية بصورة رسمية ، وكانت القرارات تأخذ بالتوافق وليس بالتصويت والأغلبية ، وكنا قد أردنا ذلك من أجل تسهيل عمل اللجنة ونجاحه ، ولو كنا قد دخلنا في التمثيل الحزبي والمحاصة لتعقدت الأمور وفشلت اللجنة في عملها ، لأننا سوف نختلف في التمثيل : مَن يمثل مَن ؟ وكم العدد عن كل طرف أو جهة ؟ ونسب التصويت على القرارات ، وغير ذلك من التعقيدات التي لا أول لها ولا نهاية . لقد كان لدينا إيمان بالعمل الوطني المشترك ، وضرورة إنجاح التجربة ، وتجنب الدخول في التعقيدات والمسائل التي يمكن الاختلاف حولها ، والاتجاه نحو كل ما من شأنه تسهيل العمل وإنجاحه ، وهكذا كان والحمد لله رب العالمين . فكل واحد منا كانت له ارتباطاته ، وكان يحتفظ بهذا الارتباط ، وربما يعبر عن رأي الجهة التي ينتمي إليها في اللجنة ، ولكن بصفة شخصية ، وكنا راضينا عما كنا نقوم به ، وكانت لدينا طموحات كبيرة في تطوير العمل الوطني المشترك ، إلا أن تجربة لجنة العريضة توقفت بعد الميثاق ، وحلت محلها الجمعيات السياسية كل جمعية تمثل لونا سياسيا ، وقد ظهر مبدأ العمل الوطني المشترك لدى الجمعيات في أشكال التحالف بينها رغم الأضرار التي أصابته ، وأتمنى بهذه المناسبة على كافة الجمعيات السياسية الوطنية ، أن تغادر التخندق الطائفي والحزبي وتتدارك تلك الأضرار التي لحقت بمبدأ العمل الوطني المشترك ، وتسعى لمعالجتها من أجل المصلحة الوطنية العليا . هذا وقد ظهرت بعض الأصوات التي نادت بعد الميثاق ببقاء لجنة العريضة واستمرارها في عملها كتجربة وطنية أثبتت نجاحها ، إلا أن ذلك لم يكن ممكنا في تقدير معظم أعضاء اللجنة ، ولهذا توقفت عمليا ولم يصدر قرارا رسميا من أعضاء اللجنة بتوقف عملها .

السؤال الثامن : ماذا عن المشاركة النسائية في عضوية اللجنة وأنشطتها ؟

أجاب الأستاذ : لم تكن معنا في أول التأسيس عناصر نسائية في لجنة العريضة ، وكانت لدينا قناعة بدخول عناصر نسائية وطموح بذلك ، وكانت الأخت منيرة فخرو وأخريات مرشحات لذلك وتكرر طرح أسمائهن كثيرا . وأذكر أن الأخت منيرة فخرو قد حضرت بعض الجلسات في الفترة الأخيرة قبل الاعتقال الثاني لأصحاب المبادرة ، فقد التقيت أنا شخصيا معها في اجتماع لبعض أعضاء اللجنة بمكتب أحمد الشملان بتاريخ 13/1/95 تقريبا ، قبل اعتقالي الثاني بيوم واحد أو يومين ، وكانت الأخت منيرة على موعد مع السفر للخارج : أمريكا أو أوربا لا أتذكر الآن ، وكانت تريد الحصول منا على بعض المعلومات من أجل خدمة الانتفاضة والقضايا الوطنية في سفرها والدفاع عنها ، وكانت لها مع أخريات مواقف مشرفة ومشكورة في الدفاع عن شباب الانتفاضة وعائلات الانتفاضة . وقد ناقشنا في الاجتماع المذكور موضوع رفع العريضة الشعبية إلى الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة واتخذنا قرارا نهائيا برفعها ، وكان فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود حاضرا ، وكان له رأي مخالف بشأن رفع العريضة ، حيث كان رأيه عدم رفعها لأن السلطة غير مهيأة في ذلك الوقت لتقبلها ، ولكن الأغلبية في اللجنة كانت مع رفعها ، فاتخذنا قرارا نهائيا برفها ، وعليه اتخذ فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود قراره بالانسحاب من اللجنة المكلفة برفع العريضة الشعبية للأمير الراحل ، وكانت الأخت منيرة فخرو العنصر النسائي الوحيد الذي كان حاضرا معنا في ذلك الاجتماع ، وقد قامت الأخت المحامية جليلة السيد والأخت المرحومة عزيزة البسام والأخت حصة الخميري وأخريات على العريضة النسائية المعروفة خلال فترة اعتقالنا الأول ، ويمكن الرجوع إلى الأخت جليلة السيد والأخت حصة الخميري حول هذا الموضوع إذا كنت تريدنا المزيد من التفاصيل حول هذه العريضة .

السؤال التاسع : ما هي برأيكم أسباب توقف الشيخ عبد اللطيف المحمود عن العمل ضمن اللجنة ؟ وما تقييمكم للأسباب التي طرحها ؟

أجاب الأستاذ : فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود أصابه ـ بحسب تقديري ـ التردد بعد ظهور الانتفاضة ، وكان يرى بأن العناصر الشيعية قد أخذت الساحة إلى مكان آخر غير الذي تريده لجنة العريضة ، وبعد الإفراج الأول عنا شارك في بعض اجتماعات اللجنة ، وكان متحفظا على رفع العريضة الشعبية إلى الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، لأنه كان يرى بأن السلطة غير مهيأة لتقبلها .

أما بالنسبة إلى الشق الثاني من السؤال : فقد نُُقل لي بأن فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود يبرر توقفه بأني شخصيا كنت أعمل من أجل الطائفة الشيعية ، وقد طرح ذلك أيضا في التلفزيون وبعض الصحف في بعض المقابلات الصحفية التي أجريت معه ، ولست أريد الرد على ذلك لكي لا ادخل في الجاذبات الطائفية ، وأكتفي بالقول : أن أطروحتي الفكرية والسياسية مكتوبة يمكن الجميع الرجوع إليها ، وأن مواقفي السياسية ومطالبي الوطنية ظاهرة على الساحة الوطنية يعرفها القريب والبعيد وليست تخفى على أحد ، وهي أصدق من القيل والقال ، وأنا مجرد أحد أعضاء لجنة العريضة ولست كلها ، وكان بوسع فضيلة الشيخ أن يناقش الموضوع مع أعضاء اللجنة إذا كانت توجهات عبد الوهاب حسين بحسب تقديره تؤثر على عمل اللجنة وأن يواصل عمله الوطني المشترك وتواصله مع أعضاء اللجنة إذا كانت لديه قناعة بذلك لا أن يتوقف . وأنا أفضل ـ لكي يكون التقييم موضوعيا وغير منحاز ـ الرجوع إلى الآخرين من أعضاء اللجنة والقريبين منها مثل : علي ربيعة ، وعبد الله مطيويع ، وهشام الشهابي ، وعيسى الجودر ، وسؤالهم عن ذلك . وبحسب علمي أن لهم رأي مخالف جدا لرأي فضيلة الشيخ عبد اللطيف المحمود ، وقد دخلوا معه في حوارات حول هذا الموضوع ، فيمكن كل من يريد الحقيقة ويبحث عنها في هذا الموضوع الرجوع إليهم وسؤالهم عنه .

السؤال العاشر : هل كان هناك توزيع للمسئوليات في عمل لجنة العريضة أم سار العمل وفقا لمبادرات الأعضاء ؟

أجاب الأستاذ : الحالة التي كانت عليها اللجنة هي الحالة الشعبية غير المنظمة بالصورة المألوفة ، وهذا كان جيدا ومطلوبا من أجل بقاء اللجنة ونجاحها في عملها في ذلك الوقت ، فقد كنا محاصرين بقانون أمن الدولة السيئ الصيت وغيره من القوانين المقيدة للحريات العامة ، وكنا في حاجة إلى الابتعاد عن المحاصة في التمثيل وتعقيدات التصويت وغيره من أجل تسهيل عمل اللجنة ونجاحها في عملها ، وكان لدينا طموح في تطوير عمل اللجنة وتوسيع أفاقه في دائرة العمل الوطني المشترك ، إلا أن المهام بقيت قليلة وبسيطة إلى نهاية عمل اللجنة في عمرها القصير المشرف والمضيء والمتميز ـ بحسب تقديري ـ في تاريخ مسيرتنا الوطنية ، وكانت تعتمد على مبادرات الأشخاص ، فانتفت بذلك الحاجة إلى توزيع المهام بين الأعضاء .

السؤال الحادي عشر : متى انتهى دور لجنة العريضة ؟

أجاب الأستاذ : جاءت العريضة النخبوية واستمرت بعدها اجتماعات أعضاء اللجنة ، وكنا نتداول الشؤون الوطنية والإقليمية والدولية ونتدارس ما يجب علينا اتخاذه من خطوات في سبيل خدمة قضايانا وتطوير مسيرتنا الوطنية ، ثم جاءت العريضة الشعبية كثمرة لهذه الاجتماعات ، واستمرت اجتماعاتنا ومناقشاتنا للشؤون الوطنية والإقليمية والدولية ، وكانت الحوارات غنية نظرا للانفتاح الذي تحلى به أعضاء اللجنة ومن كان يشاركهم الجلسات والحوارات ونظرا لتعدد الخبرات ، واستمر الحال حتى تفجرت انتفاضة الكرامة المباركة ، وحدثت الاعتقالات ، وقد تحدثت عن دور أعضاء لجنة العريضة في الدفاع عن الانتفاضة المباركة وشبابها في الإجابة على الأسئلة السابقة ، ودارت مناقشات كثيرة بعد الميثاق حول استمرار لجنة العريضة ودورها ، وكانت هناك أصوات تطالب باستمرارها مع إعادة التشكيل وإضافة أطراف وطنية أخرى لم يكن لها تمثيل سابق في اللجنة ، واستمرت النقاشات والمطالبة باستمرار اللجنة كتجربة ناجحة في العمل الوطني حتى بعد ظهور الجمعيات السياسية ، ثم توقفت النقاشات وفرضت الجمعيات السياسية نفسها كأمر واقع ، وظهرت التحالفات والتنسيق بين الجمعيات السياسية على أسس وطنية ، وظهرت جماعات وأفراد مستقلين لهم دورهم البارز في العمل السياسي والساحة الوطنية ، وتوقف عمليا دور لجنة العريضة ، وبقيت كتجربة ناصعة ومضيئة في تاريخ العمل الوطني المشترك الحديث ، وقد تركت ـ بحسب تقديري ـ لجنة العريضة وتجربتها بصماتهما في العمل الوطني والساحة الوطنية وعلى الأطراف الوطنية الناشطة والأشخاص الناشطين بوضوح .

والخلاصة : كانت هناك ثلاثة آراء : الأول يرى بقاء اللجنة كما هي ، والثاني يرى المحافظة على اللجنة كتجربة ناجحة في العمل الوطني مع إعادة تشكيلها وتوسيعها لتضم أطرافا أخرى لم يكن لها تمثيل من قبل في اللجنة لتكون أكثر تمثيلا لأوان الطيف السياسي الموجودة على الساحة الوطنية وأكثر مصداقية في تجسيد العمل الوطني المشترك ، والثالث يرى أن مهام اللجنة ودورها قد انتهى مع ظهور البديل عنها المتمثل في الجمعيات السياسية والتحالفات بينها على أسس وطنية ، ولم يُتخذ قرارا رسميا من أعضاء اللجنة بحل لجنة العريضة وإنهاء أعمالها ، ولكن ذلك حدث بصورة عملية ، وقد ساعد على ذلك الحالة الشعبية غير المنظمة للجنة .

السؤال الثاني عشر: ما هو تقييمكم لشخصية أحمد الشملان من حيث الجوانب السلبية إن وجدت ؟

أجاب الأستاذ : الأخ المناضل أحمد الشملان إنسان غير معصوم له بالطبع أخطاؤه وحسناته على الصعيد الشخصي كإنسان ، ولست معنيا بالحديث عن هذا الجانب الآن ، ولست مطلعا عليه بما فيه الكفاية لأتحدث عنه ، ولكني لم أجد جوانب سلبية في تجربتي معه في العمل السياسي المشترك ، بل كان الأخ المناضل أحمد الشملان من أفضل العناصر التي تعرفت عليها وعملت معها على صعيد العمل الوطني المشترك من ناحية الخبرة والنزاهة والصدق والفاعلية ، فكان له دور ايجابي بارز في تعزيز الصبغة الوطنية للعمل المشترك . نعم كان ينفعل ويرفع صوته أحيانا ، إلا أن ذلك لم يكن بالدرجة الشاذة أو غير العادية . لقد كان الأخ المناضل أحمد الشملان مبدئيا وصارما في مواقفه الوطنية ، وكان الحسم والصرامة والانفعال أحيانا مرتبط بالمبدئية والنزاهة والصدق والإخلاص في العمل من دون شذوذ أو تطرف ، يجب علينا أن نميز في التقييم بين الصرامة والحسم من جهة وبين التطرف من جهة ثانية ، فثمة فرق كبير وتباين بين الجهتين . لم يكن الأخ المناضل أحمد الشملان متطرفا ، والدليل على ذلك انه رغم اعتزازه بانتمائه الأيديولوجي والتنظيمي ، كان يملك إيمانا صادقا بالعمل الوطني المشترك الذي تشترك فيه كافة الأطراف : الإسلامية والعلمانية على اختلاف توجهاتها الفكرية والسياسية .

السؤال الثالث عشر : ما رأيكم في القول بأن تحرككم كتيار إسلامي شيعي في موضوع المبادرة ولجنة المبادرة قد تسبب في تخلخل وضع لجنة العريضة كحاضنة للتحرك الوطني المشترك وأدى لإضعافها وعزز ما أرادته السلطة في أن يتسم التحرك بالصبغة الطائفية ؟

أجاب الأستاذ : لقد كان لدى أصحاب المبادرة إيمان راسخ بالعمل الوطني المشترك ، وكانوا على علم بدور العناصر الوطنية من غير التيار الشيعي في إضفاء الصبغة الوطنية على الانتفاضة والحركة المطلبية ، وكانوا حريصين على مشاركتهم من أجل المصلحة الوطنية العليا وغير مستعدين في التفريط بذلك بأي ثمن ، وكانت مطالب أصحاب المبادرة وطنية كلها ، وليس فيها مطلب واحد يخص الطائفة ، مما ينفي رغبتهم بالتفرد بعيدا العمل الوطني المشترك وعن شركائهم من أعضاء لجنة العريضة . إلا أن الظروف هي التي فرضت نفسها عليهم ، حيث جرت الحوارات التي تولدت عنها المبادرة في داخل السجن ، ولم يكن أحد غيرهم من أعضاء لجنة العريضة موجد في السجن ، وقد جرت محاولات مع السلطة في السجن لإشراكهم في الحوارات إلا أنها باءت بالفشل ولم تصل إلى نتيجة إيجابية . وقد تواصل أصحاب المبادرة مع شركائهم من أعضاء لجنة العريضة بعد السجن ، ولم ينفردوا دونهم بالقرارات ، ولم تدم فترة بقاء أصحاب المبادرة بين الاعتقالين أكثر من أربعة شهور ، وكانت مليئة بالتجاذبات مع السلطة ولم تشهد الاستقرار ، وهذا يدل على خطأ التقدير الذي ورد في السؤال . وفي الحقيقة أن ما ورد في السؤال طرح في الحوارات بين أصحاب المبادرة والقوى الوطنية الأخرى ، وقد تفهم معظم أعضاء لجنة العريضة وغيرهم من الوطنيين الظروف التي فرضت نفسها على أصحاب المبادرة وقبلوا عذرهم الواقعي وواصلوا المسيرة معهم بدون تحفظ . إلا أن البعض لا زال يعزف على نفس الوتر من أجل أشياء تخصه وحده ولا علاقة لها بالحرص على مسيرة العمل الوطني المشترك ، لأن مسيرة العمل الوطني المشترك متواصلة الآن من خلال التحالف بين الجمعيات السياسية والتنسيق مع المستقلين الذين يؤمنون به ، ولا توجد صعوبات أو موانع أمام أي شخص أو جمعية أو جهة تريد المشاركة فيه أو تصحيحه أو تطويره ، وسلوك أصحاب المبادرة على فرض أنه كان خاطأ في ذلك الوقت ، فإن تأثيره السلبي على العمل الوطني المشترك في هذا الوقت يعد معدوما بكل تأكيد ، ولا يعد عذرا مقبولا لأي شخص يدعي الإيمان به والحرص عليه ويبقى بعيدا عنه الآن .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى