صحيفة الوقت البحرينية: شريف والمحفوظ: تحرك عبدالوهاب حسين; لوناً من المطالبة الشعبية، فيما ساور الآخرون الشك بطأفنتها
العدد 1111 السبت 10 ربيع الأول 1430 هـ – 7 مارس 2009
أنهى المضربون عن الطعام في منزل السياسي المعارض عبدالوهاب حسين إضاربهم على إيقاع بيان ختامي ألقاه صاحب المنزل، حدد فيه طبيعة تحركاتهم المستقبلية، في الوقت الذي يرى سياسيون أن الخطاب كان ينمُّ عن تشكيل حركة سياسية جديدة بغطاء ديني (شرعي) تحت مظلة أحد المشايخ المعتصمين.
كما أكد حسين في بيانه أن السبيل إلى تحقيق الإصلاح هو تصعيد التحرك الشعبي السلمي المنظم والفاعل، وأن الحلول الترقيعية، والمعالجات الشكلية، ليست السبيل الصحيح للتعاطي مع المشكلات القائمة، وحلحلة الملفات والقضايا الساخنة، مشدداً على المساواة في الحقوق والواجبات كشرط أساسي لينعم هذا الوطن العزيز بالأمن والاستقرار، إلا كان الأمن للجميع.
شريف: التاريخ النضالي تصديق لوطنيتها
أمين عام جمعية العمل الوطني الديمقراطي إبراهيم شريف يقترب كثيراً من المهزع في نظرته للأسس التي قامت عليها الحركة الجديدة، أبرزها كون الخطاب الذي أطلقه المعتصمون في النويدرات شبيه من الناحية الدينية بخطاب جمعية الوفاق، الداعي للتمسك بمرجعية دينية تمنح التحرك السياسي غطاءً شرعيا، مبيناً “أن هذا ليس خطابا مدنيا كالذي أطلقته حركة حق، بل هو عودة لنفس الخطاب الديني الذي يتحدث عن تكليف شرعي، “ومن السابق لأوانه الحديث عن تغيير على الأرض”، بحسبه.
وحول ما إذا كانت الحركة الجديدة (في حال تشكلها) بقيادة عبدالوهاب حسين ستسهم في زيادة الاصطفاف الطائفي، أو تحجيم هذا الاصطفاف وتقزيمه أوضح شريف أن “هناك محاولات لتحميل الاستقطابات الطائفية أكبر مما تحتمل من أجل مكاسب على حساب الناس”، مشدداً بقوله “نحن نعرف الأخ عبدالوهاب حسين منذ فترة طويلة، ولم نسمع منه أو من الأخوة المعتصمين أية مطالب تنتصر لطائفة ضد طائفة، بل طالبوا بالعدل وعدم التمييز، ولكن الخطوة بحد ذاتها لا تساعد في تقليل حدة الاستقطابات، لأن أي رد فعل مجتمعي بالانكفاء داخل الطائفة أو إعادة ترتيب بيت الطائفة لن يساهم في بناء حركة سياسية منفصلة عن الوعي الطائفي”.
ورأى شريف أن “الحركة الجديدة هي شبيهة بحركة حق في بعدها السياسي وربما في تكتيكاتها، ولكنها مختلفة من ناحية توفر مرجعية دينية”، مبيناً أن حركة حق كانت تمرداً على المرجعية الدينية التقليدية، وضمت خليطاً غير متجانس من الناحية الأيديولوجية لذلك فهي أقرب أن تكون حركة احتجاج سياسي بدل أن تكون حزبا سياسياً.
ولفت شريف أن وجود عبدالوهاب حسين على رأس الحركة وعلاقاته الوطنية يطمأننا بأن قيادة الحركة ستحاول تجنب التراشق السياسي مع تيارات المعارضة الأخرى وخاصة الوفاق، وسيكون هناك – بطبيعة الحال – تنافس لاستقطاب الأنصار، مشيرا إلى أن الخلافات السياسية بين تيارات المعارضة ستبقى، أغلبها تكتيكية، و”هناك مناطق واسعة للعمل المشترك من شأنها تخفيف حدة الاستقطابات والخلافات”.
المحفـــــــوظ: التنــــــوع سنــــــة كـــونــية
أما أمين عام جمعية العمل الإسلامي (أمل) محمد علي المحفوظ فرأى أن “لكل جهة مطلق الحرية في التنوع والتعدد، خصوصاً إذا رأوا أنفسهم يتمتعون بالجرأة والتكليف الشرعي، مع مراعاة الحكمة في تحركهم”، مطالباً الجميع باستيعاب “التنوع في المجتمعات”، لكونها حالة صحية من حالات المجتمع البشري، مستدركاً بقوله “بحيث لا ينتج ذلك التنوع تقابل بقدر ما يسهم في التكامل بين الأصناف الموجودة، وتكميل زاوية الدائرة الواحدة بهدف الوصول إلى الحقيقة”.
وتابع المحفوظ “قد لا ينظر البعض إلى الحركة الجديدة في حال نشؤها على أنها حالة من التشطر، ولذلك ينبغي الإيمان تفهم هذه الطبيعة المتمثلة في الحرية والتلون، كونها سنة كونية”، مستنكراً النظر إليها من زاوية تعضيد الاصطفافات الشيعية أو فسخها، مشدداً على أن ولادتها وعملها على أرض الواقع ستجعلها في مصاف الاصطفافات الوطنية، منوهاً باختزال أو مصادرة الحالة الوطنية من فئة معينة هو استبداد بحد ذاته.
ونبه المحفوظ إلى أن ولادة الحركات المطلبية هو نتيجة عجز النظام السياسي عن استيعاب الحركة السياسية، مشيراً إلى أن الحركات المطلبية ما هي إلا محاولة للتعبير عن نفسها بعد فشل المؤسسات التشريعية في المملكة عن تلبية طموحاتها.
وأضاف المحفوظ “من شارك أو دخل في البرلمان كأحد المداخل المطروحة للخروج من أزمة التسعينات، رأى نفسه خارج منطقة التأثير وأخذ القرار، بعد أن بقيت مواقع القرار مختزلة خارج هذه الدوائر”، مذكراً أن الإصلاحات في المملكة أعطت الأهالي مساحة من حرية الكلام، ولكن أبقتهم بعيدون عن الشراكة السياسية الفعلية.
وبالنظر إلى مدى مقاربة طرحها مع الحركات والجمعيات القائمة، أكد المحفوظ على حقيقة سعي مختلف الأطياف عن مكانة في التأثير، سواء عن طريق الإحلال كبديل عن جمعيات قائمة، أو الإضافة، أو التطوير، يضاف إلى ذلك “فإن البحرين حُبلى بالمفاجآت، وكل فرد في المملكة هو مشروع معارضة مادام الناس يعانون من المشاكل المتعددة”، مرجحاً حرص هذه القوة الجديدة على قربها من الأطياف الأخرى، والبقاء على مسافة متساوية منهم”.
المهـــزع: لا نــريد إســلاماً سياسياً طائــفياً
وبشأن نظرة السياسيين إلى البيان الختامي، وهل من الممكن أن يسهم في الانشطار في التيار الشيعي المعارض أم لا، يُرجح رئيس جمعية الوسط العربي الإسلامي جاسم المهزع أن يكون هذا بداية للانشطار أو الانقسام في الشارع الشيعي – وإن كنا لا نحبذ استخدام مثل هذه العبارات-، مضيفاً أنه كان بودنا كمعارضة أن ننظر إلى عبدالوهاب حسين وجميع القوى المعارضة ذات أبعاد وطنية صرفة بعيداً عن المذهبية الدينية، “لأننا نرى أن الإسلام السياسي والظروف المتعلقة بالمجتمع البحريني، هو إسلام سياسي طائفي، يساهم في تقسيم المجتمع وطأفنته، وبالتالي فإن أي دعوة تصدر من أي جهة كانت، ستساهم في هذا التقسيم، فهي مرفوضة بالنسبة إلينا”. وتابع المهزع “أخشى أن تسهم الحركة الجديدة في ازدياد الاحتقان الأمني في الشارع، مما سينجم عنه ازدياد التسارع في العنف والعنف المضاد”، مبيناً أن الأحداث الأخيرة التي جرت مع الأجانب في قريتي الدراز وبني جمرة، ومنها ظهور ملثمين بكثافة ومهاجمة بعض الوافدين، يذكرنا بحوادث لبنان العام ,1979 أو أحداث مقديشو في ثمانينات القرن الماضي.
وبشأن تأكيد حسين في بيانه التزامه بـ “تصعيد التحرك الشعبي السلمي المنظم والفاعل”، أكد المهزع أن أي تحرك سلمي خارج إطار القانون يفقد صفته السلمية بخروجه، مبيناً أن الأحداث تشتد خطورتها في حال التلاحم المباشر بين المنظمين للحدث، وبين القوات الأمنية، لأن الإصابات تكثر كماً ونوعاً، منوهاً في الوقت نفسه اتفاق جمعية الوسط مع سائر الجمعيات الأخرى المعارضة في تراجع المشروع الإصلاحي عن الكثير من مبررات إطلاقه، وفشله في تلبية طموحات الأخالي، وإن حافظ على كونه المرجعية التي يمكن الاحتكام لها في الوقت الحاضر.
وبخصوص علاقة الحركة الجديدة مع حق، إن كانت ستعاضدها أم ستسحب البساط منها، رأى المهزع أن الحركتين ستكونان وجهين لعملة واحدة، مضيفاً أنه في حالة عدم كونها عضيدة لها، فستكون بديلة لها، مذكراً أن التطرف من شأنه أن يؤجج رجل الشارع، ومن ثم جني نتائج غير محمودة.
مدن: رفض مطلق للحركات السياسية الدينية
الأمر لا يختلف كثيراً لدى أمين عام جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن، فهو يعلن صراحة من حيث المبدأ معارضته للحركات السياسية القائمة على المرجعيات الدينية أياً كانت، مبيناً تأييده للحركات السياسية الوطنية المستقلة، التي تستطيع بناء علاقات مع الدولة والقوى الأخرى، مع احتكامها إلى معايير العمل السياسي الصرف.
وعللَّ مدن ذلك بأن وجود المرجعيات الدينية في العمل السياسي يضفي على العمل أجندات ذات طابع ديني، وأحياناً مذهبي، تزيل عنه طابعه الاجتماعي، وتجعل منه خطاباً غير قادر على توحيد مختلف قوى المجتمع، ضمن خطاب وطني جامع مشترك، و”هذا ينطبق بصورة عامة على كل الحركات دون النظر إلى قدمها أو حداثتها”.
بل يذهب مدن إلى أن الحركة في حال تأسيسها لن تكون عامل توحيدي في العمل الوطني المشترك، و”ستظل تعبر عن إطار محدود طالما كانت تعتمد هذه الحركة على المرجعيات الدينية مع انقسامها مذهبياً، وحتى إن تمتعت الحركة الجديدة بقاعدة جماهيرية، فإن تأثيرها سيظل محدوداً على مستوى المعيار الوطني العام في المملكة -بحسبه-.
المعاودة: دوافع مجهولة وراء التأسيس
أما نائب رئيس كتلة الأصالة، رئيس لجنة الأمن والدفاع الوطني في مجلس النواب عادل المعاودة فيبين أن الفرصة لم تسنح له بالإطلاع على البيان الختامي للمضربين عن الطعام، ولكنه يستدرك:”لا أعرف ثقل الشخصية التي ستمثل المرجعية الدينية للحركة لدى التيار الشيعي، ولكن إذا كان يُقصد من ورائها المقداد، فإنه لا يوازي أي من المراجع التي لها ثقل حقيقي وشرعي لدى التيار الشيعي”.
وبيَّن المعاودة أنه قد ينجذب للمقداد نفس الفئة من الشباب المتحمس لعبدالوهاب حسين، وحسن مشيمع، اما كمرجعية دينية، لا أعتقد أنه سيكون لها الثقل الشرعي، لأنه لا يحوز على الأهلية العلمية ليكون في مصاف من عُرفوا في الساحة البحرينية.
ورأى المعاودة أن “ولادة الحركة الجديدة لن تغير في حركة الاصطفاف الطائفي، بل على العكس قد تميز في الصفوف بين المتشددين والمعتدلين، ولعل هذا التمايز قد يوضح صورة المعتدلين أكثر، الذين قد يُنسب لهم بجريرة بعض الأفعال التي يقوم بها الآخرون جراء الأخذ بالعموميات”.
وتابع المعاودة “اعتقد أن الحركة الجديدة وحركة حق ستكون شيئاً واحداً، أو قد تكون أكثر حدةً من حق بسببها إرادتها للغطاء الشرعي، ومعروف لا يوجد غطاء شرعي صغير مع وجود غطاء شرعي أكبر، وهذا لابد أن يكون له أهداف معينة، وأعتقد أن من يريد أن يتخذ موقفاً شرعياً حقاً، فكيف لا يصير إلى الكبار، مما قد يدل أن هذا يُراد تسخيره لقضايا معينة”