عبد الوهاب حسين في حوار مع الوسط: نفى نيته الترشح لانتخابات الوفاق… الناشط عبد الوهاب حسين: المعارضة ينقصها البرنامج السياسي… وخلل في آليات العمل مع العلماء

العدد 331 الخميس 6 اغسطس 2003 الموافق 8 جمادى الثاني 1424 هــ

كان منذ البدء يشكل رقما صعبا في معادلة التوازنات المعقدة، يتمتع بوضوح الرؤيا وسعة الأفق، يعيش مع الوطن دائما، في آلامه وآماله، كان يمثل أحد الأقطاب الرئيسية في المجموعة التي عرفت لاحقا بأصحاب المبادرة ، لكنه في الوقت ذاته يمتلك الجرأة باستمرار على اتخاذ موقف مغاير وفقا لقناعاته الشخصية. .. انه الناشط السياسي عبدالوهاب حسين الذي كان رهن الاعتقال لعدة سنوات بسبب انتفاضة التسعينات، ولكن يا ترى كيف يقرأ الناشط عبدالوهاب حسين الوضع البحريني بكل تفاصيله المعقدة… هذا ما أجاب عنه في حواره مع الوسط …

هناك من يقول إن أطرافا خارجية نصحتكم بالمشاركة في الانتخابات النيابية، ما تعليقكم على ذلك؟

  •  لا أعلم بهذه النصيحة، فإذا وجدت فإنها لا تغير من الواقع شيئا، وما حدث هو دليل على استقلالية القرار وموضوعيته.

ما الأسرار الكامنة وراء استقالتك من رئاسة جمعية التوعية الإسلامية، وهل كان لانتخابات الوفاق دور في خلفيات هذه الاستقالة؟

  •  أولا، فيما يتعلق باستقالتي من رئاسة جمعية التوعية الإسلامية، فإنه على رغم النجاح في عدم تسييس برامج الجمعية، فإن الصبغة السياسية لي شخصيا كانت تلقي بظلالها على الجمعية، ومن أجل حماية الجمعية وعدم تسييسها فضلت الاستقالة، ولا علاقة لذلك بانتخابات إدارة الوفاق، ولن أرشح نفسي فيها.

كيف يرى الناشط عبدالوهاب حسين كيفية التعامل مع التيارات الأخرى التي تشارككم الاهتمامات السياسية، بمعنى آخر هل هذه العلاقة تحكمها مصالح آنية فقط؟!

  •  بعيدا عن الجدل عن المصطلحات، وهل أن التحالف بين القوى السياسية هو تحالف أم تنسيق، وهل هو استراتيجي أم تكتيكي، بعيدا عن كل ذلك فإن المصلحة الوطنية تتطلب العمل الوطني المشترك، وهو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح في القضايا الوطنية الجوهرية، وخلق التوازن مع الحكومة الذي هو بمثابة الضرورة لصلاح المسيرة الوطنية المباركة، كما ان من شأن العمل الوطني المشترك أن يوفر فرصا أفضل لنجاح كل تيار في خدمة أهدافه الخاصة النابعة من رؤيته السياسية في أجواء التفاهم والتعاون.

الأيام السابقة دللت على وجود صقور وحمائم داخل الكيان الوفاقي، الى أي الطرفين تميل؟!

  •  لقد سمعت بهذا التقسيم، لكني قريب إلى الجميع بالدرجة نفسها، المهم ان يكون عمل الجميع من أجل قوة الوفاق ودورها الوطني وفق آليات عمل صحيحة، وبعيدة عن الأهواء والمصالح والمكتسبات الشخصية.

لقد دارت خلال الأيام الأخيرة مناقشات داخل أروقة الوفاق ، تدور حول إعادة النظر في خيار المقاطعة مستقبلا… كيف ترى ذلك؟

  •  لقد ناديت منذ البداية برفع شعار تعدد الآراء ووحدة القرار، ومن شأن تعدد الآراء أو من عطاءاتها إتاحة الفرصة لمختلف الآراء في القضايا الإسلامية والوطنية، وبالتالي فإن ذلك يتيح الفرصة لمراجعة القرار وتصحيح الموقف، وإذا كانت تلك المناقشات تدخل في دائرة المراجعة للقرار فهو عمل صحي، لكن المطلوب ان تكون هذه المراجعة نابعة من منطلقات صحيحة، ووفق آليات عمل صحيحة أيضا من أجل خدمة المصالح الإسلامية والوطنية. وهذا القول لا يغير شيئا من قناعتي الشخصية بصحة قرار المقاطعة.

ألا ترى ان المعارضة ينقصها البرنامج السياسي الواضح المعالم الذي وعدت به الشارع، والذي يمثل البديل للرؤية الحكومية؟!

  •  في تقديري أن جوهر العمل المؤسساتي للمعارضة يتمثل في وجود رؤى واضحة واستراتيجيات عمل وبرامج تستند إلى دراسات علمية ميدانية، ومن دون ذلك يفقد العمل المؤسساتي للمعارضة قيمته المرجوة، وتكون المعارضة غير ذات جدوى حقيقية، وغير قادرة على منافسة الحكومة التي تمتلك برامج العمل، وهذا الأمر يمثل إحدى جوانب الخلل في عمل المعارضة حتى الآن، كما ان هذا الخلل قد حرم المعارضة من امتلاك زمام المبادرة في العمل السياسي على الساحة الوطنية، وقد اقترحت على المعارضة ان تتقدم بمبادرة وطنية إلى جلالة الملك كجزء من برنامج متواصل للحوار الوطني.

لماذا فضلت الانكفاء في الكثير من القضايا المطروحة مثل معضلة الأحوال الشخصية، أو التجنيس، ألا يحق لنا ان نتساءل لماذا لم تدل بدلوك كالآخرين؟!

  •  لقد قلت رأيي فيما ذكر بقدر الحاجة الخارجة عن دائرة الفضول!!

ألا ترى ان من المنطقي التعامل مع لجنة التحقيق البرلمانية المعنية بالتجنيس، لأن الحكمة تقتضي تغليب المصلحة الوطنية العليا، على المصالح الحزبية الضيقة؟!

  •  أعتقد بحسب وجهة نظري الشخصية أن المصلحة الوطنية تكمن في الالتزام بالموقف الذي أعلنته الجمعيات المقاطعة سابقا.

هناك من يتحدث عن وجود خلافات بين القوى السياسية الإسلامية، وبين قيادة التيار… هل تعتقد بأن العلماء يجب ان يكون لهم دور في بلورة القرار السياسي في أروقة الجمعيات أم لا؟

  •  تقع الإجابة عن هذا السؤال في ثلاث نقاط رئيسية…

النقطة الأولى: توجد اختلافات علمية في الرؤى وهذه ظاهرة طبيعية وصحية، وهي مؤشر حياة وقوة ولا علم لي باختلافات تستند إلى الأهواء، أو الرغبات والمصالح الشخصية. نعم، أقدر وجود بعض الخلل في آليات العمل، وهذا مشخص لدى الرموز العلمائية، وهو في طريقه إلى الإصلاح، وفقط هناك حاجة إلى بعض الوقت لإصلاح وتدارك هذا الخطأ.

النقطة الثانية: أعتقد بأنه من حق العلماء ومن مصلحة الوطن ان يكون للعلماء دور أساسي وجوهري في بلورة واتخاذ الموقف السياسي الوطني.

النقطة الثالثة: أرى ان الأمر لا يتطلب دورا للرموز العلمائية الكبيرة في بلورة واتخاذ القرار السياسي الوطني من داخل المؤسسات؛ لأن دورهم على مستوى التيار والوطن، وليس محصورا في دائرة المؤسسة فحسب، ولكن ينبغي ان تتحدد دائرة الرموز العلمائية الكبيرة ودائرة المؤسسات بدقة في بلورة واتخاذ القرارات الوطنية العامة، وفقا لآليات عمل دقيقة وصحيحة.

هل تشاطرني الرأي في أن الساحة السياسية المتلبدة باتت بحاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى إلى قيادات شابة غير مثقلة بأعباء الحقبة السابقة؟

  •  ان تقدم وتطور العمل الوطني بحاجة دائمة إلى الدماء الجديدة الطموحة، وذات النشاط والكفاءة، لكنها في الوقت نفسه بحاجة ماسة إلى خبرة وثقل وحنكة الرموز. لكن هناك اطروحات تدعو إلى إدخال الدماء الجديدة ولكن على حساب خبرة وثقل وحنكة الرموز من أجل ان تكون الساحة والمصلحة الوطنية ألعوبة في أيدي الذئاب السياسية، فالمطلوب ان تسمح الرموز بدخول الدماء الجديدة وتفعيل دورها في العمل الوطني مستفيدة من الجوانب السابقة، أي ان المصلحة الوطنية بحاجة إلى خلق حال التوازن بين الدماء الجديدة وثقل وخبرة الرموز.

كيف تقرأ طبيعة الوضع السياسي المعقد اليوم، خصوصا في ضوء المتغيرات الإقليمية الخطيرة التي عصفت بالمنطقة، وهل يستدعي منا ذلك كسلطة ومعارضة إعادة قراءة الكثير من الاجندة المطروحة؟

  •  بكل قطع، فإن المتغيرات الإقليمية والدولية تستدعي من السلطة والمعارضة إعادة قراءة الاجندة المطروحة، وهي تمثل عوامل ضغط تلقائية على الحكومة للمضي قدما في سبيل التطوير والإصلاح، وفي الوقت نفسه تمثل عوامل تحدي للمعارضة، وفرصة متاحة لتحقيق أهدافها ومطالبها المشروعة، وهذا يتطلب منها ان تعرف مفاتيح اللعبة السياسية، وتجيد تحريك الأدوار فيها.

في ضوء هذه المعطيات الحالية، كيف يبدو لك المستقبل اذن؟!

  •  المستقبل يتوقف – إلى حد كبير – على قدرة المعارضة في ممارسة دورها، وخلق التوازن مع الحكومة، وبحكم قصر التجربة في عمل المعارضة البحرينية بعد الانفتاح، على رغم عراقة المعارضة البحرينية، وامتداد العمر الزمني لدور بعض الرموز طيلة عقود من الزمن، فإني لا أتوقع للمعارضة ان تكون منافسا للحكومة في الوقت الراهن، ولكني أرى أن المعارضة تتعلم وتتقدم بسرعة، وستتمكن من إجادة دورها وخلق التوازن في وقت قادم ليس ببعيد، ما سيعود على الساحة الوطنية بالنفع الكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى