اللقاء المفتوح لفضيلة الأستاذ عبد الوهاب حسين مع المركز التعليمي الثقافي لقرية عالي
الموضوع: لقاء مفتوح مع الأستاذ عبد الوهاب حسين.
المناسبة: فعاليات شهر رمضان.
الجهة المنظمة: المركز التعليمي الثقافي لقرية عالي.
المكان: قرية عالي – مأتم أولاد الحاج عباس.
التاريخ: 5/ رمضان / 1425 هـ.
الموافق: 19 / أكتوبر – تشرين الأول / 2004 م.
مقدمة مدير اللقاء..
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وحبيب قلوبنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه والذين اتبعوه بإحسان إلى قيام يوم الدين.
الأستاذ والأخوة والأخوات.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بالأصالة عن نفسي ونيابة عن رئيس وأعضاء المركز التعليمي الثقافي بقرية عالي، يسعدنا ويشرفنا الترحيب بكم جميعا في أمسية جديدة من سلسلة الأمسيات الثقافية الرمضانية التي انطلقت ولا تزال من رحم هذا المشروع، لتثير فكرة هنا.. وفكرة هناك، لا لشيء سوى فائدة الإنسان وطلب رضا الرحمن.
ونحاول في هذه الأمسية أن نتعرض مع ضيفنا الأستاذ الفاضل عبد الوهاب حسين لمسألة الحوار السياسي مع السلطة، ولكن قبل ذلك فلتسمحوا لي وليسمح لي الأستاذ بهذه المقدمة.
مع صدور دستور: ( 2002 ) أو وثيقة: ( 2002 ) – كما يحلو للبعض تسميتها – وجدت المعارضة والشارع الذي يتبعها أنفسهم أمام انتهاك حقيقي لدستور: ( 1973 ) الساري المفعول، ولميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه الشعب وأقره، ولتعهدات المسؤولين الشفهية والمكتوبة، حيث لا يمكن إجراء تعديلات على الدستور إلا عبر المجلس الوطني حسب ما ينص الدستور في المادة: ( 104 ).
وعندما ضاعت نداءاتها أدراج الرياح، قررت مقاطعة الانتخابات لتكون منسجمة مع قناعاتها، ومع تاريخها النضالي، ومع قواعدها الشعبية وتضحياتها الكبيرة من أجل مشاركة حقيقية في صنع القرار السياسي ومراقبة السلطة فيما تقوم به.
وفي الذكرى الثانية لإصدار دستور: ( 2002 م ) بدأت المعارضة السياسية في البلاد في تنفيذ سلسلة من الفعاليات التي لنا أن نعتبر أنها تدخل ضمن خانة الفعل بدلا من ردة الفعل على مشاريع الحكم ، حيث نظمت المعارضة متمثلة في الجمعيات الأربع المقاطعة : ( الوفاق – العمل الديموقراطي – التجمع القومي – العمل الإسلامي ) مؤتمرا دستوريا شاركت فيه بجانبها مجموعة من المحامين والمستقلين المدافعين عن مكتسبات دستور : ( 1973م ) .
ورغم محاولات الحكم إجهاض عقد المؤتمر من خلال منع إقامته في احد الفنادق، ومنع ضيوفه من العرب والأجانب، وشن هجوم إعلامي شرس على المعارضة.. إلا أنها: أي المعارضة، تمكنت من قيادة ” المعركة ” السياسية بهدوء ودون الانجرار وراء ردود الفعل.
وكان من ضمن مقررات المؤتمر، إطلاق عريضة شعبية لجمع توقيعات تطالب بالرجوع إلى مكتسبات دستور: ( 1973 م ) العقدي، إلا أن السلطة ومن اجل إضعاف حركة المعارضة وإفشال مشروع العريضة ، قامت بإطلاق سلسة من التصريحات والتهديدات ، ومنها إعلانها بأنها ستغلق الجمعيات المعارضة في حال تبني العريضة الشعبية . عندها تراجعت المعارضة واكتفت بدعوة أعضائها بالتوقيع وطلبت من كل داعم لموقفها بان يسجل عضويته مع إحدى الجمعيات.. ثم يوقع العريضة، فيما عرفت في حينه بحملة: ( وقع ثم وقع ).
إلا أن ذلك لم يرق للسلطة أيضا، فقامت بمحاولات لإجهاض العريضة، وصلت قمتها باعتقال مجموعة من النشطاء القائمين على جمع التواقيع على العريضة.. وتحولوا إلى “رهائن”. وكانت السلطة بواسطة ذلك تمارس الضغط على المعارضة للتراجع عن خطوتها وبشكل سافر ومكشوف.
وتأسيسا على كل تلك التراكمات الشعبية، وفي ظل ظروف موضوعية جديدة تمثلت في بعض التغيرات والتحولات العالمية والإقليمية، وبالتحديد الإعلان عن المبادرات الأمريكية والأوربية لإجراء اصطلاحات سياسية في المنطقة فيما عرف في حينه ( بمبادرة الشرق الأوسط الكبير ) أو ( مبادرة الشراكة الأوروبية الشرق أوسطية ) وحيث أن هناك دعوة لعاهل البلاد لحضور قمة الدول الصناعية الكبرى من اجل ضرب المثل بالبحرين كنموذج لبد تتحرك فيه وتيرة الإصلاح المطلوبة، جاء لقاء ممثلي الجمعيات مع الملك ليتم بعده إطلاق سراح معتقلي العريضة، وكان ممثلو الجمعيات الأربع في تصريحاتهم قد أشاروا إلى أنهم يرغبون بطرح وجهات نظرهم بخصوص الإشكالية الدستورية في اللقاء، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك ، فقط تمت الإشارة إلى أشخاص يمكن للجمعيات التحدث معهم حولها ، وبعد برهة يخرج وزير العمل ( بصفته احد أولئك الأشخاص ) معقبا بأنه مخول من السلطة للحوار أو التفاوض مع الجمعيات الأربع بخصوص الملف الدستوري . إلا أنه وبعد أربع لقاءت جمعت الوزير بالجمعيات الأربع .. يخرج علينا الوزير بتصريحاته التي يقول فيها : بأن اللقاءات ما هي إلا جلسات استماع ومحاولة إقناع المقاطعين دخول انتخابات ( 2006 ) .
ولعل أفضل وصف لها .. ما قاله سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) .. بأنها : ( تصريحات تبقي التفاوض بلا موضوع ، وتنفي التفاوض صراحة ) .
هذا على الرغم من اتفاق الوزير مع ممثلي الجمعيات – ومن أول لقاء – على تخفيف الحملات الإعلامية بين الجانبين ، بما يخدم الحوار أو العملية التفاوضية .
وبعد ذلك .. وبالتحديد في أول جمعة من سبتمبر ، أطلق سماحة الشيخ عيسى قاسم خطبته الشهيرة ، والتي فصل في جزء كبير منها ، رأيه فيما يجب أن يكون عليه المسار التفاوضي ، محذرا من فشل عملية التفاوض وانعكاس ذلك على المشاركة الشعبية والتفاعل مع مشاريع الحكم .
ثم يجيء لقاء السبت : ( 11 / سبتمبر ) بين ممثلي الجمعيات الأربع والوزير ، فيطلب الأخير منها أن تقدم مرئياتها بشأن التعديلات الدستورية مكتوبة ، على أن يتم الرد عليهم في : ( 2 / أكتوبر / 2004 ) .
وبعد هذا الاستعراض السريع : يحق لنا كمواطنين ( وكمعنيين بالحوار بدرجة أولى ) أن نسأل ونتساءل عن كثير من جوانب هذا الحوار أو التفاوض السياسي . وهذا ما سنثيره هنا مع ضيفنا من خلال أربعة محاور .
في المحور الأول : سنطلب من ضيفنا أن يتعرض لمقومات الحوار السياسي الناجح ، ويطلعنا على تجارب من حوارات السلطات مع المعارضة ، والمحطات السابق للحوار من تاريخ البحرين .
وفي المحور الثاني : سنحاول أن نستوضح موقف السلطة من الحوار الدائر حاليا .
أما المحور الثالث : فسنسأل ضيفنا عن التغييرات الأخيرة التي حصلت على الحوار .
وفي المحور الرابع : نستشرف معه مستقبل هذا الحوار ودور الجماهير في عملية الحوار أو التفاوض .
ضيفنا هذه الليلة هو احد أعضاء فريق المعارضة المفاوض ، وركن أساس في الحركة السياسية البحرينية المعاصرة .. ورمز من رموزها ، هو أستاذنا الفاضل عبدالوهاب حسين .
قبل كل شي نشكره على استجابته دعوتنا وتشريفه لبرنامجنا في هذا الشهر الفضيل ، أعاده الله علينا جميعا ونحن في خير وصحة وعافية وبحال أفضل من هذا الحال ، وندعوه سبحانه أن يطيل لنا في عمر مثل هذه الرموز .
محاور اللقاء
المحور الأول – الحوار الناجح : خلفية ثقافية وتاريخية ..
السؤال ( 1 ): برأيكم.. ما هي مقومات الحوار السياسي الناجح ؟
الجواب ( 1 ): من أجل نجاح أي حوار سياسي يجب أن تتوفر فيه المقومات الرئيسية التالية ..
أولا – التكافىء بين أطراف الحوار ، بحيث لا يرى طرف نفسه فوق الأطراف الأخرى .. أو أقل منها ، فيختل التوازن بين الأطراف ، ويتحول اللقاء إلى وسيلة لفرض الوصايا أو الشروط أو وسيلة للاستجداء أو المساومة أو لرفع الراية البيضاء وتوقيع صك الاستسلام .. أو غير ذلك .
ثانيا – وجود إرادة جدية لدى أطراف الحوار لنجاحه على أسس واقعية ترضي جميع الأطراف .. وتحفظ حقوقها المشروعة ، بعيدا عن الابتزاز أو الانتقاص .
ثالثا – أن تمتلك أطراف الحوار صلاحية اتخاذ القرار ، وأن تكون لديها رؤية واضحة حول أهدافها منه .. واستراتيجيتها وأولوياتها فيه ، بحيث يعلم كل طرف بوضوح ما يجب عليه تقديمه على غيره .. وما يجب تأخيره ، وما يمكنه التنازل عنه .. وما لا يمكنه التنازل عنه .
رابعا – الإعلان عن الحوار ، والأطراف المشاركة فيه ، والمواضيع التي سوف يتناولها ، والشفافية مع الجماهير أصحاب المصلحة الرئيسية في الحوار .. والاهتمام برأيهم في المسائل الرئيسة الداخلة فيه .
السؤال ( 2 ): هل هناك تجارب لحوارات سياسية لبعض الحكومات ومعارضيها تشبه وضع البحرين ؟ وما هي نتائجها ؟
الجواب ( 2 ): أذكر نموذجين ناجحين للحوار بين السلطة والمعارضة ..
النموذج الأول – في جنوب أفريقيا: وانتهى بتولي زعيم المعارضة السيد ( نيلسون مندلا ) رئاسة الدولة، ولنا في هذه التجربة الدروس التالية ..
الدرس الأول : قيمة الصمود والاعتماد على القدرات الشعبية في تحقيق الأهداف الوطنية ، وعدم التعويل على الأجانب في الكفاح الوطني . فإنه على الرغم من الدعم الغربي والأمريكي للنظام العنصري في جنوب أفريقيا آنذاك ، إلا أن ( مندلا ) نجح من خلال صموده واعتماده على القدرات الشعبية أن ينتصر ويحقق أهدافه الوطنية . وهذا مما ينبغي أن نتعلمه من التجربة ، بحيث لا نعول في كفاحنا الوطني على مواقف قوى الاستكبار العالمي البرجماتية الظالمة .
الدرس الثاني : تخلي السيد ( نيلسون مندلا ) عن السلطة طوعا ، مما يدل على أنه كافح وضحى من أجل مصلحة شعبه وليس من أجل أن يتسلم هو السلطة بعد أن ينجح في إزاحة خصومه . وهذا هو الدرس البليغ الذي يجب أن يتعلمه رموز وقيادات المعارضة ، فلا يكون كفاحهم من أجل أن يزيحوا خصومهم من السلطة ليحلوا هم مكانهم ، فيركبوا على ظهور الجماهير من أجل مصالحهم ، ثم يحتكروا السلطة ويتحولوا إلى أنظمة دكتاتورية باسم الشعب.
ومن المؤشرات الخطيرة السلبية التي يجب التنبه إليها والحذر منها في عمل المعارضة قبل استلام السلطة .. في أي بلد : حالة الاستبداد وإقصاء المخالفين في الرأي .
النموذج الثاني – في المغرب العربي : وانتهى بتولي السيد ( عبد الرحمن اليوسفي ) رئاسة الوزراء .. بتاريخ : ( 4 / فبراير – شباط / 1998 م ) ، وكان أول زعيم حزب سياسي .. وهو : ( الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ) لأول حكومة انتقالية في المغرب .
وكان ( اليوسفي ) معارض سياسي يساري منذ عام : ( 1944 م ) ، وتعرض للاعتقال والسجن والنفي عدة مرات ، وقد طالب المدعي العام بإصدار حكم الإعدام عليه في جلسات محاكم مراكش : ( 1969 – 1975 ) .
أما النتيجة: فقد كسبت المغرب من وراء ذلك الثقة الشعبية والاستقرار الوطني ، وعلى الحكومات العربية الأخرى : أن تأخذ الدرس وتتعرف قيمة وأهمية الحوارات الوطنية الناجحة مع المعارضة للاستقرار الوطني والسمعة الدولية .
وهناك تجارب غير مثمرة .. منها :
أولا – الحوار بين السلطة والمعارضة في ليبيا : فكثيرا ما سمعنا وقرأنا عن حوارات بين السلطة والمعارضة هناك ، ولكننا لم نرى ثمرة طيبة لتلك الحوارات حتى الآن .
ثانيا – مملكة البحرين : وأنتم تعايشون هذه التجربة وترون نتائجها المخيبة للآمال .
ثالثا – في العراق قبل سقوط نظام صدام : فقد كنا نسمع عن حوارات بين الحكومة والمعارضة وتحالفات .. ولم نرى لها ثمارا طيبة ، وقد انتهى الأمر بما تشاهدونه في العراق اليوم .
رابعا – في السودان : الحوار بين السلطة والمعارضة في الجنوب وولاية دارفول .. وهي الحوارات التي تسمعون أخبارها في هذه الأيام .
والحقيقة التي يجب أن تتعلمها الحكومات العربية من تجربة العراق والسودان ..
أن الشعوب العربية : إذا ضاقت بها الأحوال مع حكوماتها ، وعجزت عن التغيير أو الإصلاح عن طريق الاعتماد على الذات ، فقد تستنجد بأطراف خارجية من أجل الخلاص . وهذا هو السلاح الذي تلوح به أمريكا لابتزاز الحكومات العربية اليوم ، وهو السلاح الذي يمكن أن تستخدمه أي دولة في العالم .. لابتزاز دولة أخرى ، وهو الأمر الذي يجب أن تخشاه الحكومات المخلصة لأوطانها .. فنتيجته الوخيمة : خسارة الحكومات لسلطاتها ، وخسارة الشعوب لاستقلالها .. والحكومات المستبدة تتحمل وحدها مسؤولية ذلك .
السؤال ( 3 ): ما هو تقدير صناع السياسة لمثل هذه المواقف والمبادرات ؟
وهل يستطيع أي طرف من أطراف المعارضة المناورة فيها والكسب من ورائها ؟
الجواب ( 3 ): لقد قلت أن الدروس بليغة جدا للحكومات والشعوب وقوى المعارضة، ولكن الحقيقة القديمة المتجددة.. هي : أن المواعظ كثيرة ، والمتعظون قليل ، ومن لا يستفيد من التجارب خاسر لا محالة .. وأن الحكام هم أقل من يتعظ . فالمأمول أن تستفيد جميع الأطراف من دروس وتجارب التاريخ من أجل مصالحها ومصالح الآخرين .. واستقرار وتقدم الأوطان والشعوب .
السؤال ( 4 ): هل لكم أن تلقوا نظرة سريعة على محطات تاريخية لحوارات سابقة في البحرين بين السلطة والمعارضة ؟
وما هي الدروس التي ينبغي الاستفادة منها ؟
الجواب ( 4 ) : سوف أشير إلى تجربتي حواريتين ..
التجربة الأولى : تجربة الخمسينات بين السلطة وهيئة الاتحاد الوطني ..
فقد تم تأسيس هيئة الاتحاد الوطني إثر تجمع شعبي واسع أقيم في قرية السنابس الباسلة ، بتاريخ : ( 25 / أكتوبر – تشرين الأول / 1954 م ) ثم حلت بتاريخ : ( 6 / نوفمبر – تشرين الثاني / 1956م ) بعد العدوان الثلاثي على مصر ، ووقوف الهيئة إلى صف الحكومة المصرية ، وكان الاتحاد يضم قرابة مئة عضو ، وله هيئة تنفيذية عليا تضم ثمانية أعضاء .. من الشيعة والسنة ، وقد ناضلت هيئة الاتحاد من أجل مصالح الشعب ، وحصلت بعد نضال مرير على اعتراف من السلطة بتمثيلها له ، وخاضت مجموعة حوارات مع السلطة من أجل تنفيذ مجموعة مطالب وطنية إصلاحية .. من أهمها : وضع دستور وبرلمان منتخب .
وقد سجل المناضل ( عبد الرحمن الباكر ) تجربة الاتحاد في مذكراته ( من البحرين إلى المنفى ) وهي مذكرات جديرة بالقراءة.
الدروس المستفادة من تجربة الاتحاد ..
الدرس الأول : الاعتماد على الجماهير والشفافية معها ، وقد أثبت في هذه التجربة .. والتجارب اللاحقة : حضور الجماهير الفاعل في الساحة من أجل القضايا الوطنية والقومية والإسلامية .. ووفائها لقياداتها المخلصة .
الدرس الثاني : أن الحكومة لم تغير من أسلوبها السلبي في التعاطي مع المعارضة .. وأثبتت التجربة : أنها لا تستجيب للمطالب الشعبية العادلة إلا تحت الضغوط .
فقد جاء في البلاغ رقم ( 8 ) للهيئة .. بتاريخ : ( 2 / ديسمبر – كانون الأول / 1954م ) ” إنه لمن المؤسف حقا أن نعلن للشعب الكريم أن جميع المحاولات التي قمنا بها في السابق والمقابلات والاتصالات الأخيرة لم تأتي بنتيجة لحل قضايانا إنما كانت أقرب إلى المناورة وتخدير الأعصاب وكسب الوقت ” ( من البحرين إلى المنفى . ص 122- 123 ) .
الدرس الثالث : ضرورة الانتباه إلى أهمية العمل الوطني المشترك ، والتخلص من النزعة الطائفية البغيضة في مناقشة المسائل الوطنية ومعالجتها واتخاذ المواقف بإزائها .
الدرس الرابع : ضرورة توفر الإرادة الجدية لدى الشعب والمعارضة في المطالبة بالحقوق .. ومواجهة ألاعيب السلطة ، وإلا فإن المعارضة لن تنجح في تحقيق أي مطلب من مطالب الشعب الرئيسية ، ولن تتقدم المسيرة الوطنية جوهريا إلى الأمام .
الدرس الخامس : يجب أن تكون القيادات بمستوى المسؤولية ، وأن تتصدى بنفسها لقيادة الحدث وصناعته .
وفي تقديري الشخصي : أن أداء الهيئة متقدم نوعيا على أداء المعارضة في الوقت الحاضر .. من الجهات التالية :
أولا – منهجية الحركة والتصدي لقيادة الحدث وصناعته .
ثانيا – الاعتماد على الجماهير والشفافية معهم .
ثالثا – وضوح الرؤية حول المطالب واستراتيجية التحرك .
رابعا – توفر الإرادة الجدية في المطالبة ومواجهة ألاعيب السلطة .
التجربة الثانية : تجربة أصحاب المبادرة في السجن سنة ( 1994 ) ، وهي تجربة متواضعة .. إلا أنها كانت شرسة ، لأنها كانت مع الجهات الأمنية في داخل السجن ، وكانت مهمة لأنها تتصل بالانتفاضة الشعبية التي تمثل أهم حدث في تاريخ البحرين المعاصر ، ولأنها استطاعت أن تنقل البحرين إلى وضع سياسي جديد .. وهذا ما يقره الجميع .
وهنا أرغب في ذكر بعض الملاحظات المهمة المتعلقة بالتجربة ..
الملاحظة الأولى : لقد جرى الحوار تحت ضغوط شديدة في داخل السجن ، وقد أثرت تلك الضغوط على مستوى الحوار .. ولم تؤثر على جوهره ، حيث لم يتراجع أصحاب المبادرة عن المطالب الشعبية العادلة .. فكانوا يصرون عليها ، وينظرون إلى ذلك الحوار على أنه جولة من سلسلة جولات في الصراع .. يجب أن تتواصل على الطريق إلى تحقيق المطالب ، ولم ينظروا إليه على أنه نهاية الطريق ، وكانوا ينظرون إلى أن قيمة الحوار ليس في نفسه .. وإنما فيما يأتي بعده – وهذا ما صرحوا به لأنفسهم في داخل السجن – وكان من أهدافهم الرئيسية في ذلك الحوار ..
الهدف الأول : بلورة القيادة الشعبية لقيادة الساحة الوطنية .
الهدف الثاني : الخروج بالبلاد من المأزق الأمني إلى الصراع السياسي السلمي من أجل تحقيق المطالب الشعبية العادلة .
ولهذا واصلوا المشوار بعد الإفراج عنهم ، ودخل جميعهم السجن مرة ثانية .
الدروس التي يجب أن تتعلمها المعارضة من هذه الملاحظة ..
الدرس الأول : أن لا تقبل الحوار تحت الضغوط مهما كانت الظروف ، لأن الحوار في هذه الحالة يكون بالضرورة فاقدا للمقومات الرئيسية للحوار الناجح ، وهو القرار الذي اتخذه أصحاب المبادرة ورفضوا على أساسه الحوار في داخل السجن في المرة ثانية .. رغم كثرة محاولات المخابرات جرهم لذلك .
الدرس الثاني : الصمود والصلابة في المواقف من أجل تحقيق المطالب الشعبية المشروعة .
الملاحظة الثانية : لقد نجحت السلطة في السيطرة الأمنية على الشارع في العام ( 98 ) تقريبا ، وكان هناك اتجاهين في فهم الساحة والانتفاضة ..
الاتجاه الأول : كان يعول على الحركة الأمنية للجماهير لكي تنجح الانتفاضة في تحقيق المطالب ، ولما نجحت السلطة في السيطرة الأمنية على الشارع ، يئس أصحاب هذا الاتجاه .. ورأوا : بأن الانتفاضة قد انتهت ، وأن الطريق إلى تحقيق المطالب قد انقطع ، ولهذا رفعوا راية الاستسلام ، وبذلوا مساعيهم للإفراج عن المعتقلين .. وإنهاء الانتفاضة .
الاتجاه الثاني : كان يعول على التحرك السياسي السلمي .. ولكن بروح قتالية . ولهذا أصروا على المطالب ، ووقفوا في وجه محاولات السلطة جر الساحة إلى المواجهات الأمنية .. أثناء فترة المبادرة ، وتحركوا سياسيا بعزيمة وإصرار ، وصمدوا في المعتقل .. رغم شدة الضغوطات ، حتى أفرج عنهم ضمن مشروع الإصلاح .
وقد بقيت هذه المنهجية طوال تصدي أصحاب المبادرة لقيادة وتوجيه الساحة .
الدروس التي يجب أن تتعلمها المعارضة من هذه الملاحظة ..
الدرس الأول : وجوب التمييز بين التحريك السياسي للجماهير وتحريكهم باتجاه المواجهات الأمنية مع السلطة ، فيجب تحريكهم سياسيا .. وليس باتجاه المواجهات الأمنية ، والإصرار على بقاء الصراع مع السلطة في الدائرة السياسية ، وعدم السماح لها بجر الساحة والجماهير إلى المواجهات الأمنية .
وهذا شيء ممكن إذا تصدت قيادات المعارضة إلى صناعة الأحداث وليس الإشراف عليها فوقيا .. من الخارج .
الدرس الثاني : التركيز في تقييم أداء المعارضة على منهجية الحركة ، وليس على المسائل الجزئية التي لا يضر الاختلاف فيها كثيرا ولا يؤثر نوعيا على الحركة .. إذا سلمت المنهجيات .
المحور الثاني – السلطة والحوار ..
السؤال ( 5 ) : هل كانت المقومات التي ذكرتموها في الجواب ( 1 ) من المحور الأول متوفرة في اللقاءات مع وزارة العمل ؟
الجواب ( 5 ) : غير متوفرة حتى الآن .
السؤال ( 6 ) : إذن لماذا استمرت المعارضة في عقد اللقاءات ؟
الجواب ( 6 ) : في تقديري الشخصي : أنها استمرت للأسباب التالية ..
السبب الأول : أنها لا ترغب في تحمل مسؤولية توقف الحوار .
السبب الثاني : أنها ترجو تحسن أوضاع الحوار في المستقبل .
وفي جميع الأحوال – فإن المعارضة قالت على لسان رموزها : بأنها لن تقدم شهادة زور في المسألة الدستورية ، وأنها لن تمضي في الحوار ، ولن تشارك في الانتخابات القادمة ، إذا فشل الحوار في تحقيق أهدافه المتعلقة بالمسألة الدستورية .
السؤال ( 7 ) : في ملتقى الوفاق : ( الحوار الوطني مع السلطة .. ظروفه وشروطه ومستقبله ) ظهرتم متفائلين .. إذ قلتم : ” في تقديري : أن الحوار بين السلطة والجمعيات السياسية الأربع كحدث ، يدل على اعتراف السلطة بوجود أزمة دستورية ”
من ناحية أخرى ( وفي نفس الندوة ) يرى الدكتور عبد الهادي خلف في مداخلة له : ألا مجال للتفاؤل والتعويل على مثل هذه الحوارات واللقاءات ما دامت عقلية السلطة هي نفس العقلية وأسلوب تعاطيها هو نفس الأسلوب القائم – كما عبر عنه بقوله : ” أن ليس للناس حقوق تطالب بها ، وإنما هي مكرمات إن شاء الحاكم أعطاها الناس وإن لم يشأ احتفظ بها . فالناس رعايا وليسوا مواطنين لهم حقوق المواطنة واستحقاقاتها ” .
أين تتفق وأين تختلف مع الدكتور خلف ؟
الجواب ( 7 ) : نعم لقد قلت ذلك .. ولم يختلف تقديري للموضوع حتى الآن ، ولكن الذين قرأوا التفاؤل في الورقة من هذه المسألة لم تكن قرأتهم دقيقة ، لأن قرأتهم للورقة لم تكن شاملة . وأتفق مع الدكتور : بأنه لا مستقبل للحوار مع السلطة ما لم تغير السلطة من منهجية تعاطيها مع الشعب والمعارضة .
ولكن الحقيقة الكاملة .. هي : أن لا مستقبل للحوار مع السلطة ما لم تغير السلطة من منهجية تعاطيها مع الشعب والمعارضة ، وما لم تغير المعارضة من منهجية حركتها في المطالبة ومواجهة ألاعيب السلطة في إجهاض الحركة المطلبية والالتفاف على مطالب الشعب العادلة المشروعة .
السؤال ( 8 ) : هل السلطة جادة في تضييق حدة الخلاف وتوحيد وجهات النظر ؟
أم تسعى لخلق فجوة بين الأطراف تستفيد منها سياسيا وإعلاميا ؟
الجواب ( 8 ) : السلطة تسعى لإقناع المقاطعين للقبول بالأمر الواقع والمشاركة في انتخابات ( 2006 ) وتركز أكثر اهتمامها على جمعية الوفاق ، وتحاول إدخال المسألة الدستورية في دائرة المساومة الطائفية ، وتمارس صنوف الضغط السياسي على التيار .. وآخرها : ما يتداول هذه الأيام من طرح قانون الأحوال الشخصية على البرلمان ، وإلغاء دائرتي الأوقاف : الشيعية والسنية .
وفي تقديري الشخصي : أن السلطة في الوقت الراهن قد غضت النظر عن التأييد الشعبي للمشاركة في الانتخابات القادمة في عام : ( 2006 م ) ، ويكفيها أن تشارك شخصيات شيعية مرموقة في هذه الانتخابات .. ولو عن طريق التزكية ، في سبيل تحسين صورة المشروع في الرأي العام الخارجي ، بدلا من الشخصيات المجهولة وشبه الأمية المشاركة حاليا .
وفي تقديري : أن المخارج في الوضع الحالي ، تتوقف على استراتيجية المعارضة في مواجهة الموقف . وأؤكد لكم : بأن السلطة لم تقرأ المشهد السياسي كاملا ، وأن قراءتها غير دقيقة ، وأنها قد تفاجأ بما لم تتوقعه ولم يكن في حسبانها .. كما فوجئت من قبل ، فهي من خلال هذه الضغوط : قد أثبتت بأن دائرة الفساد في الوضع المحلي .. أوسع وأخطر مما كان متصورا ، مما قد يولد تصلبا أكثر في مواجهة المشكلة .. وفي دائرة أوسع شمولاً .
المحور الثالث – التغييرات في الحوار ..
السؤال ( 9 ) : ما أبرز التغيرات التي حصلت على آلية الحوار وشخوصه ؟ ومتى بدأت ؟
الجواب ( 9 ) : لقد اتفق فريق المعارضة المفاوض مع السلطة على المواضيع التي يجب أن يشملها الحوار .. وأن يكون على مرحلتين .
في المرحلة الأولى : يتم الحوار حول التعديلات الدستورية ونظام الأحزاب والدوائر الانتخابية .
وفي المرحلة الثانية : يتم الحوار حول الآلية التي يتم من خلالها إقرار التعديلات الدستورية .
وقد تم الحديث حول الخيارات التي يمكن من خلالها إجراء الحوار في المراحل القادمة .. منها : تشكيل فرق عمل ، وفرق حوار فنية ، وفرق استشارية .. لكلا الطرفين .
إلا أن سعادة الوزير تراجع عن كل ذلك في آخر جلسة ، وأكد – حسب فهمي الشخصي ، وهذا تصريح غير رسمي – على أن : جلالة الملك والسلطة ليست لديهم الرغبة في الحوار حول مضامين التعديلات الدستورية ، ولا يريدون تجاوز البرلمان في هذا الموضوع ، واقترح أن تتقدم المعارضة بمرئياتها حول التعديلات إلى السلطة ، لتقدم الأخيرة مقترحاتها للمعارضة حول الإجراءات التي يمكنها إتباعها .. كأن تتحاور مع الجمعيات الأخرى أو مع أعضاء البرلمان !!
وقد قدمت المعارضة المباديء العامة لرؤيتها حول التعديلات الدستورية .. ولم تقدم صيغ التعديلات ، وطالبت باستمرار الحوار حسب ما سبق الاتفاق عليه .
السؤال ( 10 ) : هل تم إعلامكم بهذه التغيرات .. أم سمعتم بها كغيركم ؟
الجواب ( 10 ) : لقد كنت حاضرا في جلسات الحوار مع السلطة ، وجلسات المعارضة للرد على طلب الوزير ، فجميع ما قلته عن حضور .. وليس عن سماع .
وجميع ما قلته قد سبق وأن خرج إلى الصحافة والشارع العام .. ولم أذع سرا.
السؤال ( 11 ) : في ظل تلك التغيرات .. هل تتوقعون أن تسير المفاوضات أو الحوار بطريقة أفضل ؟ وخصوصا أن التوصيات التي جاءت بها التقارير وقدمتها لجان تفعيل الميثاق لم يطبق الشيء الكثير منها .
الجواب ( 11 ) : المؤشرات المتوفرة حاليا .. تقول – حسب فهمي وتقديري الشخصي : أنه لا مستقبل لهذه الجولة من الحوار ، وأنها قد شهدت تراجعا عما اتفق عليه ، وقد تصل إلى طريق مسدود .. ما لم يجد جديد في الساحة وتتغير القناعات والمواقف .
والمطلوب – حسب رأيي الشخصي – التالي ..
أولا – أن لا تنظر المعارضة لهذه الجولة من الحوار مع السلطة على أنها نهاية الطريق ، وعليها أن تواصل مشوار المطالبة بالحقوق الشعبية العادلة .. بكل وسيلة مشروعة ، وأن تبقى على موقفها الصحيح بشأن المسألة الدستورية ( أم المسائل الوطنية كلها ) والمقاطعة للانتخابات القادمة .. ما لم يحرز تقدم جوهري في الحوار مع السلطة بشأنها .
ثانيا – أن تبحث بجدية عن كافة الخيارات العملية السلمية المطلوبة للاستمرار في حركتها المطلبية ، وتتحرك عليها بعزيمة وإرادة قوية .. في الداخل والخارج ، حتى تحصل على مطالبها العادلة بشأن المسألة الدستورية .. وغيرها من القضايا الوطنية الكبيرة والجوهرية .
ثالثا – على المعارضة أن تحذر من جعل جلسات الحوار سبيلها الوحيد لتحصيل مطالبها .. بعيدا عن أدوات ووسائل الضغط السلمية ، وفتح قنوات عديدة مشروعة للمطالبة بالحقوق ، فإنها إن لم تفعل الأدوات المشروعة للضغط ، وتفتح قنوات عديدة مشروعة للمطالبة بالحقوق ، فلن تجني إلا الفشل الأكيد والتراجع وخسران المكتسبات في الساحة الوطنية !!
المحور الرابع – الحوار واستشراف المستقبل ..
السؤال ( 12 ) : ماذا تتوقعون في استشرافكم للمستقبل عبر الحوار في آلياته وقنواته الحالية ؟
الجواب ( 12 ) : لقد قلت بأن المؤشرات المتوفرة حتى الآن .. تقول : بأنه لا مستقبل للحوار في الجولة الحالية ، وأعتقد بأن فشل الحوار خسارة وطنية وتتحمل السلطة وحدها مسؤولية ذلك .
السؤال ( 13 ) : ما أهم الرؤى التي اشتملت عليها ورقتكم المنشورة عل موقعكم بتاريخ : ( 3 /9 / 2004 م ) والمعنونة : ( العبور من الواقع إلى الطموح .. المعارضة في بؤرة الضوء ) والتي يمكن الاستفادة منه في الحوار ؟
الجواب ( 13 ) : لقد اشتملت الورقة على العديد من الأفكار يصعب حصرها في هذه العجالة .. وأفضل الرجوع إليها ، ومما اشتملت عليه ..
أولا – ضرورة وجود الرؤية الواضحة والمنهجية الصحية في الحركة المطلبية ، ومنها المنهجية القتالية في المطالبة الوطنية بالحقوق العادلة الكبيرة ، وعدم تعطيل أساليب الضغط المشروعة ، وتنويع قنوات الحركة المطلبية وعدم حصرها في جلسات الحوار .
ثانيا – ضرورة وجود القيادة المؤهلة .
ثالثا – ضرورة ترسيخ العمل المؤسساتي والاعتماد على الرؤى المتخصصة والكوادر المدربة .
رابعا – ضرورة توفر الإرادة الجدية والروح القتالية .
خامسا – الاعتماد على الجماهير والثقة فيهم ، واعتماد الشفافية والتواصل معهم .
سادسا – ضرورة التنسيق وتطوير العمل الوطني المشترك .. بين كافة الأطراف الفاعلة في الساحة الوطنية .
السؤال ( 14 ) : هل وضعت المعارضة لنفسها رؤية واضحة وسيناريوهات متعددة في حال نجاح الحوار أو إخفاقه أو المناورة فيه ؟
الجواب ( 14 ) : أعتقد بأن ذلك من ضروريات العمل السياسي المنظم .. ولا بد للمعارضة أن تفعله ، والكشف عنه من صلاحيات إدارات الجمعيات .. فينبغي الرجوع إليها فيه . فأنا – كما تعلمون – لست عضو في أي واحدة من هذه الإدارات ، وإنما أنا عضو مشارك في الفريق التفاوضي بناء على رغبتهم .
السؤال ( 15 ) : بناء على ما ذكرتم في ورقتكم التي أشرنا إليها سابقا : أن تنظيم الحالة العلمائية القيادية في التيار الإسلامي الشيعي ” مسألة مهمة في غاية الإلحاح ، وعليها يتوقف إحراز تقدم جوهري في وجود المعارضة وعملها وتطور الحالة الشعبية ” وأضفتم أنهم : ” الرقم الأصعب – من طرف المعارضة – في المعادلة السياسية وعليهم يتوقف الحسم في معظم – إن لم يكن كل – القضايا والمسائل الرئيسية الجوهرية : الدينية والوطنية ، ولا يمكن تجاوزهم – لدى عاقل يعمل بواقعية – في ساحة العمل الإسلامي والوطني ” .
هل العلماء على علم ودراية بردة الفعل (أو الفعل المضاد) الذي ستقومون به تبعا لأي سيناريو؟
الجواب ( 15 ) : المسؤولين عن وضع وتنفيذ سيناريوهات الفعل ورد الفعل والتنسيق مع أصحاب السماحة العلماء .. هم إدارات الجمعيات ، وقد علمتم بوضعي في الحوار . والذي أعلمه أن هناك متابعة من قبل أصحاب السماحة العلماء .. لا سيما مع جمعية الوفاق ، ولكن التجربة أثبتت بأن هناك أوجه خلل في آليات وأطر التنسيق معهم ، ولا أعلم بأي تطوير في هذا الأمر حتى الآن .
السؤال ( 16 ) : برأيكم .. ما دور الجماهير في إنجاح عملية الحوار ؟
الجواب ( 16 ) : الجماهير هم المعنيين مباشرة بنتائج الحوار .. وعليهم يقع الربح والخسارة ، فلا يجوز تجاهلهم وإهمال دورهم ورؤاهم في مسائل الحوار الرئيسية ، ولا يجوز لهم أن يتقاعسوا عن المتابعة والتدخل متى اقتضت مصلحتهم ذلك .
واعتقد بأن اعتماد القيادات على الجماهير والثقة بهم والشفافية معهم ، يقوي من مواقف القيادات ويزيد من فرص نجاحهم .
وأن تجاهل القيادات للجماهير وعدم الثقة بهم والشفافية معهم ، يؤدي إلى
ضعف موقف القيادات وتقوية احتمالات فشلهم .
المحور الخامس – أسئلة الجمهور ..
السؤال ( 1 ) : كما عودتنا أستاذنا الفاضل على صدق قولك . هل أنت مع تصريحات الأستاذ الخواجة في طرحه وتوقيته أم تختلف عنه ؟
الجواب ( 1 ) : لي رأي فيما قاله الأستاذ عبد الهادي الخواجة ولا أرى التوقيت مناسبا لطرحه الآن .. إلا أن المهم أن نعلم – سواء اتفقنا أم اختلفنا مع الأستاذ عبد الهادي الخواجة في رأيه – بأن من حقه أن يعبر عن رأيه حول أداء رئيس الوزراء وأن يطالب بإعفائه من منصبه .. وهو حق كفله له الدستور.
فعبد الهادي: لم يخالف القانون .. وإنما الذين اعتقلوه هم الذين خالفوا القانون والدستور ، وهو مظلوم .. والواجب يحتم علينا الوقوف إلى صفه ومناصرته والمطالبة بالإفراج عنه.
السؤال ( 2 ) : ما هو المؤشر الذي تحمله مخالفة الأخوة المعتصمين لتوجيهات سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم يوم الجمعة الفائت .. حيث أمرهم بعدم الخروج ؟
هل هو عدم الرضا عن موقف الشيخ ؟
الجواب ( 2 ) : كان موقف سماحة الشيخ عيس أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) واضح تماما في التضامن مع الأستاذ عبد الهادي الخواجة .. ضمن حق إبداء الرأي، ولكن حرصا من سماحة الشيخ على عدم الاصطدام الطائفي وتحويل القضية من حق مشروع إلى قضية طائفية.. حيث حشدت السلطة حشودا طائفية، فإنه أمر بالتوقف عن تلك المسيرة بالذات.. ولم يأمر بالتوقف عن حملات التضامن – كما فهمت. وكانت رؤيته صائبة وحرصه في محله، والأمر على خلاف ما فهمه البعض أو حاول البعض أن يوجهه: بأن القائمين على المسيرة المناصرة للأستاذ عبد الهادي الخواجة لديهم نزعة طائفية، فالتحشيد الطائفي جاء من جهة السلطة.. وليس من جهتهم، وأن أمر الشيخ بالتوقف عن تلك المسيرة بالذات، كان من أجل تحاشي التصادم الطائفي وحماية القضية من التحول إلى قضية طائفية بدلا من كونها قضية حق مشروع.
أما عن المخالفة: فهي وليدة الخلل في الإدارة السياسية وأطر وآليات التنسيق ، وليست وليدة رغبة في المخالفة ، حيث أن الرموز والقيادات السياسية في الوقت الحاضر – بسبب النقص والخلل في الترتيب – لا يصنعون الحدث ويمارسون قيادته بصورة مباشرة – كما كان الحال في وقت المبادرة – وإنما يصنعه غيرهم وهم يشرفون من فوق ومن الخارج .. ويتدخلون أحيانا في الوقت الضائع، مما أدي في كثير من الحالات إلى إحداث إرباك في الساحة.
والشعب البحريني متدين ، ومشهود له بالوفاء والطاعة لقياداته العلمائية المخلصة .
السؤال ( 3 ) : عجيب موقف الأستاذ بتخليه عن دوره السياسي وفي الوقت ذاته نراه أحد كبار المفاوضين مع باقي الأخوة مع وزير العمل !!
هل هذه ازدواجية في الموقف أم تخبط أم رجوع بعد انقطاع.
الجواب ( 3 ): في الحقيقة إني لم أقل يوما بأني توقفت عن العمل السياسي أو سوف أتوقف.. والذي قلته: بأنني خارج دائرة صنع القرار، ولهذا توقفت عن الخطاب السياسي الذي يتعلق بالتوجيه المباشر للساحة في القضايا اليومية والتفصيلية، ولم أتوقف عن الخطاب السياسي العام الذي يبصر المواطنين بحقوقهم ووجباتهم والسبل الشرعية الموصلة إليها. كما التزمت بما وعدت به من البقاء على التواصل مع الرموز والقيادات السياسية: الإسلامية والوطنية، والإشارة عليهم بالرأي فيما يستشيروني فيه من القضايا والمسائل المتعلقة بالساحة الوطنية.
ولما رغبوا في وجودي ضمن الفريق المفاوض للمعارضة تحت مظلة الجمعيات الأربع المقاطعة.. ورأيت المصلحة في ذلك، دخلت معهم من أجل المصلحة الوطنية العزيزة، ولم تغير هذه المشاركة شيئا من وضعي الذي اخترته لنفسي.
السؤال ( 4 ) : ألا يعتقد الأستاذ بأن السلطة قد حصرت المعارضة في غرفة وجوعتها سياسيا ، ثم تضع لها في زاوية الغرفة مبادرة هزيلة فيهروا إليها .. وتمر الشهور ، ثم تضع مبادرة أهزل من أختها فإذا بالجميع يطبل ويرقص لها فرحا !!
أليس هذه مضيعة للوقت وإحراق للرموز ؟
الجواب ( 4 ) : نعم هي مضيعة للوقت وإحراق للرموز إذا لم تفتح المعارضة قنوات عديدة للتحرك من أجل تحصيل المطالب العادلة المشروعة وتمارس كافة أشكال الضغط المشرع ، كما أوضحت في الإجابة على أحد أسئلة محاور الندوة .
السؤال ( 5 ) : ما هي شروط الأستاذ للرجوع للساحة السياسية كسابق عهده ؟
الجواب ( 5 ) : الذي أدخلني في الوضع الحالي هو عدم رغبتي في العمل بدون وضوح في آليات العمل ومنهجية الإدارة السياسية ، والحرص على عدم تضارب مصادر التوجيه ، ولم أتخلي عن واجبي في خدمة ديني وشعبي ووطني ، وسوف أبقى أخدمهم بالأسلوب والوضع الأنسب لمصلحتهم – حسب فهمي – إن شاء الله تعالى ، الذي أسأله أن يعيني على نفسي الأمارة بالسوء بما يعين به الصالحين على أنفسهم إنه عزيز حكيم .
السؤال ( 6 ) : في حوار الجمعيات مع السلطة ممثلة في وزير العمل ، اطلعنا على تصريحات يظهر فيها التناقض الجلي في رؤية المشاركين في الحوار من جهة المعارضة ، فالنعيمي متفائل والمشيمع متشائم ولا يعترف بوجود حوار أصلا .
من وجهة نظركم : هل ذلك تكتيك مقصود أم أن ذلك تباين في مرئيات المشاركين مما يدل على تباين الهدف من الحوار ؟
الجواب ( 6 ) : الناطق الرسمي باسم فريق المعارضة المفاوض هو المهندس : ( عبد الرحمن النعيمي ) وإليه يجب الرجوع في معرفة الرأي الرسمي للفريق وليس غيره .
وتباين وجهات نظر الأعضاء في تقييم أوضاع التفاوض أمر مشروع ، وظهورها إلى الجمهور يتيح لهم فرصة أفضل لمعرفة الحقيقة والمساهم في تحديد الموقف ، ولا يدل بالضرورة على تباين الهدف من الحوار لديهم .
السؤال ( 7 ) : ذكرت بأن الحكومة قوية في المواجهات الأمنية وضعيفة في المواجهات السياسية ، ولكننا من خلال إطلاعنا نرى أن الحكومة قوية في الجهتين ، وأن المعارضة والشعب ضعيفين أمام ألاعيب الحكومة .
ما هو ردكم على هذا التساؤل ؟
الجواب ( 7 ) : الحكومة تحاول دائما جر المعارضة والشعب من المواجهة السياسية إلى المواجهات الأمنية ، لأنها تعلم أنها ضعيفة في المواجهة السياسية وأنها تحرف القضايا عن مسارها في المواجهات الأمنية ، وتجد لنفسها مبررات أمام الآخرين لقمع الحركة المطلبية المشروعة .
وأنا لا أعتقد – حسب التجارب – بأن الحكومة قوية في المواجهات السياسية ، وأعتقد بأن الشعب قوي جدا وصامد وصبور وواعي ، ولكن المعارضة ليست لاعبا جيدا في الساحة السياسية .. في الوقت الراهن ، وأنها تعاني من مجموعة أخطاء منهجية وغير منهجية ، يمكن الاهتداء إلي بعضها من خلال الإجابات على أسئلة محاور الندوة .
السؤال ( 8 ) : يرى البعض أن سياسات الحكومة واقع مفروض ، فيجب علينا أن نتعاطى مع هذا الواقع والاستفادة منه .
فما هو رأيكم تجاه هذا الرأي ؟
الجواب ( 8 ) : هذا الرأي الانهزامي موجود ليس في البحرين فقط .. وإنما في كل دول العالم ، وهو المسؤول عن ظهور الظلم والفساد وتمكنهما وتراجع الأوضاع في دول العالم ، وهو خلاف الفطرة والكرامة الإنسانية ورسالات الأنبياء ، ولو عملت الشعوب بهذا الرأي ، لما وجدنا غير الظلم والتخلف والفساد ، ولم نجد للعدل والإصلاح والتقدم سبيل .. في الأرض .
قال الله تعالى : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } ( البقرة : 251 ) .
وقال الله تعالى : { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين } ( آل عمران : 140 ) .
السؤال ( 9 ) : الجماهير بشكل عام : ترى أن السلطة لم تستجب خلال السنتين لأي مطلب .. بل زادت من تزمتها ، وهذا يدل على عدم جدوى المواجهة السياسية السلمية . فهل ترون مواجهة من نوع آخر مناسبة ؟
الجواب ( 9 ) : لقد حذرت مرارا من الانجرار إلى المواجهات الأمنية مع السلطة .. ولا زلت ، وهذا رأيي ليس الآن فحسب ، وإنما كان أيضا في بداية الانتفاضة .. ويعلمه بعض المطلعين على دقائق الأمور ، وقد بينت بعض الأسباب قبل قليل ، والمعارضة لم تفعل حتى الآن أساليب وأدوات المواجهات السلمية ، ولديها أخطاء منهجية في التحرك .. منها : تعطيل أساليب الضغط المشروعة ، وعدم تنوع قنوات المطالبة بالحقوق الشعبية المشروعة .
أيها الأحبة الأعزاء : لقد بلغت الأساليب السياسية السلمية من القوة والفاعلية بحيث أنها نجحت في تحرير شبه القارة الهندية على يد ( غاندي ) من الاستعمار البريطاني ، وأعتقد بأنها أقدر وأكثر فاعلية في تحقيق مطالبنا العادلة المشروعة في البحرين ، ولو أن السلطة لم تبادر إلى اعتقال أصحاب المبادرة في المرة الثانية وتنفرد بالشارع وتجره إلى المواجهات الأمنية ، لكانت الاستجابة للمطالب الشعبية أسرع وأفضل مما هي عليه الآن .
وهنا يجب التمييز بين فضل الانتفاضة الشعبية في الوصول إلى الإصلاحات ، وبين المواجهات الأمنية التي حدثت أثنائها . فالانتفاضة الشعبية نجحت في الوصول إلى الإصلاحات لأنها حركة شعب مظلوم انتفض وطالب بحقوقه العادلة المشروعة ، وليس لأنه خاض مواجهات أمنية مع السلطة .. لا سيما وأن السلطة نجحت في السيطرة الأمنية على الشارع في عام ( 89 ) تقريبا .
فالمطلوب : هو الالتزام بالأساليب السياسية السلمية ، وتنويع قنوات التحرك في المطالبة بالحقوق العادلة المشروعة ، وممارسة أساليب الضغط المشروع على السلطة حتى تستجيب إلى المطالب المشروعة العادلة .
وأنا على قناعة تامة : بأن السلطة لن تنجح في جر المعارضة والشعب للمواجهات الأمنية هذه المرة ، لأنهما أصبحا أكثر وعيا وقناعة بالأساليب السلمية وفاعليتها في تحقيق المطالب ، وأصبح أفقهما أوسع ، وأصبحت لهما خبرة في استخدام الأساليب السلمية .. ولم يكن الحال كذلك في التسعينات .
السؤال ( 10 ) : أكد الملك في خطابه الأخير أمام مجلس الشورى والنواب على إقرار قانون الأحوال الشخصية من خلال البرلمان .
برأيكم : ما هو سبب هذا التأكيد في هذه المرحلة بالذات ، ونحن نعلم أن هذا التأكيد قد يوقع مواجهة شديدة بين العلماء من جهة .. وبين الملك ومجلسي الشورى والنواب من جهة ثانية ؟
الجواب ( 10 ) : في تقديري أنها محاولة للضغط على العلماء وتخويفهم في سبيل الدخول في انتخابات ( 2006 ) وهو ضغط وتخويف ليس في محله ، وسوف تكون نتائجه سلبية على السلطة – حسب تقديري الشخصي – فأفق العلماء أوسع .. ولن يخلطوا بين الأوراق ، وموقفهم من قانون الأحوال الشخصية – حسب علمي – قوي جدا ولن يتراجعوا عنه ، وأنصح بعدم اللعب بهذه الورقة .. والتورط في هذا المأزق الديني الخطير .
السؤال ( 11 ) : ما هو الواقع في تعاطي سماحة الشيخ أحمد قاسم في الشأن السياسي منذ عودته من قم المقدسة إلى هذه الفترة ، لا سيما أنه قال في أول خطاب له بعد العودة بأنه لن يتدخل في الشأن السياسي ؟
الجواب ( 11 ) : حسب المنهجية الإسلامية ليس في وسع الرموز العلمائية الكبيرة الابتعاد عن الشأن السياسي ، وسماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) قال في أول خطاب له بعد عودته من قم المقدسة : بأنه سوف يترك قيادة الشأن السياسي الشعبي بيد سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري وأصحاب المبادرة .. وذلك تجنبا للازدواجية في التوجيه ، وأنتم تعلمون الوضع الصحي لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري وعدم تصدي أصحاب المبادرة لقيادة الساحة في الوقت الراهن . وبناء على ذلك: فإن سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم قد تصدى عمليا للشأن السياسي .. وله منهجيته الخاصة في ذلك .
السؤال ( 12 ) : نحن الآن في أزمة كبيرة وقد رجعنا إلى الوراء في جميع النواحي : اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وأخلاقيا .
هل توافقني الرأي : بأن الوضع لم يعد من السهل تداركه .. بل صار من المستحيل ذلك ؟
الجواب ( 12 ) : إن تدهور الأوضاع يأتي نتيجة لتخلي الشعوب عن النهوض بمسؤوليتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الظلم والفساد والمطالبة بالحقوق . ومهما استاءت الأوضاع : فإن تصدي الشعوب ونهضتها بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة كل أشكال الظلم والفساد والمطالبة بالحقوق المشروعة بأساليب واقعية فاعلة وفق منهجية عمل صحيحة .. من شأنه أن يقلب المعادلة ويصحح الأوضاع مهما كانت سيئة !!
فهذه هي سنة الحياة القائمة من أول الدنيا إلى نهايتها .
السؤال ( 13 ) : هل تتوقعون بأن الحكومة ستستجيب يوما ما لمطالب الشعب وتحقق العدل ويرتاح الشعب ؟
الجواب ( 13 ) : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر .