حوار مع نشرة عاشوراء البحرين – العدد الثالث – جمعية التوعية
الموضوع: حوار مع فضيلة الأستاذ عبد الوهاب حسين ( النص المراجع ).
مكان النشر: نشرة عاشوراء البحرين ( العدد الثالث ).
جهة الإصدار: جمعية التوعية الإسلامية.
تاريخ النشر: الأحد – 6 / محرم/ 1424 هـ.
الموافق: 6 / مارس / 2003 م.
فضيلة الأستاذ عبد الوهاب حسين، واحد ممن عرفوا بعطائهم المؤثر على واقع الساحة في البحرين، في المجال الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي، وليس مثله بحاجة إلى مزيد من التعريف، فبصماته واضحة على ملامح الحياة الإسلامية والوطنية في البحرين، ولقد طلبنا من الأستاذ الحديث في منطلقات النهضة الحسينية ومعطياتها وانعكاساتها.. فكان هذا اللقاء:
السؤال ( 1 ): ما هي أسباب خلود الثورة الحسينية ؟
الجواب ( 1 ): لقد أراد الإمام الحسين عليه السلام لثورته أن تكون خالدة ومؤثرة على مسيرة الأمة طوال التاريخ حتى ظهور القائم المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف )، وكانت رعاية أهل البيت عليهم السلام لها تستهدف ذلك، وقد نجحوا جميعا في تحقيق هذا الهدف العظيم.. ومن الأسباب التي جعلتها خالدة ما يلي:
السبب الأول: شخصية الإمام الحسين عليه السلام وما تتمتع به من قدسية وعظمة، فهو ابن الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وسيد شباب أهل الجنة.
السبب الثاني: لأن الثورة عقائدية عادلة.
السبب الثالث:الإخلاص في النية لله رب العالمين، وهذا أهم أسباب البقاء والخلود، فما لله تعالى يبقى ويدوم ببقائه ودوامه ، وما لغيره يفنى بفناء صاحبه .
السبب الرابع: حجم التضحيات ونوعيتها النفيسة المتمثلة في الروح الطاهرة الزكية للإمام الحسين عليه السلام، وأرواح أهل بيته وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
السبب الخامس: الصور المأساوية التي صاحبت القتل والتي سبقته والتي جاءت بعده، وهي صور تثير الوجدان وتؤثر في كل شعور وضمير.
السبب السادس: الرعاية المباركة للثورة العظيمة من أهل البيت عليهم السلام، ونجاحهم في إدخالها إلى الوجدان الشعبي للأمة، وما ترتب عليه من إحياء جماهيري سنوي لذكرى الثورة.
السبب السابع: القيمة الحية التي تشعرها الأمة للإحياء وتأثيراتها المباركة في حياتهم اليومية وقضاياهم المصيرية الكبرى.
السبب الثامن: ما يقوله العلماء والثوار والمصلحين والمفكرين والفلاسفة عن الثورة، مما يعزز قيمة الثورة في وعي الأمة ووجدانها، ويؤثر تأثيراً كبيراً في مسيرتها وقضاياها المصيرية الكبرى.
السؤال ( 2 ): قال الإمام الحسين عليه السلام: ” ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا باغيا ولا مفسدا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي “. ما هو الإصلاح الذي يريده الإمام الحسين عليه السلام ؟
الجواب ( 2 ): لقد نفى الإمام الحسين (ع) عن حركته أربعة أمور. وهي:
الأمر الأول: نفى أن تكون حركته عليه السلام من أجل الرياء والسمعة والبهرجة الإعلامية.
الأمر الثاني: نفى أن تكون حركته عليه السلام من أجل الاستعلاء على الناس والسيطرة على مقدرات الأمة أو حرف الأمور عن مواضعها.
الأمر الثالث: نفى أن تكون حركته عليه السلام خروج على العدالة والحكمة الشرعية.
الأمر الرابع: نفى أن تكون حركته عليه السلام تهديدا لأمن الأمة واستقرارها.
وأكد على أن الغاية من حركته عليه السلام، هو الإصلاح على قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه عليه السلام يسير في كل حركته بسيرة جده الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وسيرة أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام .
أما الإصلاح الذي يريده الإمام الحسين عليه السلام فهو على قسمين وهما:
القسم الأول: يتعلق بالمرجعية الدينية لأهل البيت عليهم السلام، وفيه أن الأمة أمرها الله جل جلاله بالرجوع لأهل البيت عليهم السلام لأخذ دينها منهم، إلا أن الأمة بعد أن غلب أهل البيت عليهم السلام على مرجعيتهم السياسية واستولى غيرهم على الحكم، وقعت الأمة في شبه عدم التمييز بين المرجعية الدينية وبين الحاكم، لاسيما أنها كانت تنظر إلى جامعية الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بين المرجعية الدينية والسياسية والقضائية، وهذا ما كان ينبغي أن يكون لأهل البيت عليهم السلام من بعده، إلا أنهم غلبوا على السلطتين السياسية والقضائية فوقعت الأمة في شبه الرجوع للحكام لأخذ دينها منهم، فعمل الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام وابناه الإمامان الحسن والحسين عليهما السلام على تبصير الأمة علمياً بوجوب الرجوع لأهل البيت عليهم السلام لأخذ دينها منهم.. وليس من الحكام، وكانت ثورة الإمام الحسين واستشهاده عليه السلام هي الحدث الأعظم الذي بصر الأمة بوجوب الفصل بين الحكام وبين المرجعية الدينية، وإلا فإن عليها أن تضفي الشرعية الدينية على قتل يزيد للإمام الحسين عليه السلام، وهذا ما لا يمكنها قبوله بعد كل الذي سمعته من أحاديث الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في سبطه الإمام الحسين عليه السلام، وقد استوعبت الأمة الدرس عمليا، إلا الشذوذ الذين لم يستطيعوا استيعاب الدرس فوقعوا في شبهة: خرج الحسين على إمام زمانه فقتل بسيف جده.
القسم الثاني: يتعلق بالإصلاح السياسي في الأمة، حيث كان يزيد يمثل قمة الفساد في الحكم، وكانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام من أجل إصلاح ذلك الفساد، وكانت من أهم المطالب تطبيق أحكام الشريعة، وعدالة التوزيع في الثروة، واحترام حقوق الإنسان، والإصلاح المالي والإداري، والإصلاح الاجتماعي والأخلاقي، والمحافظة على وحدة الأمة، واحترام الرأي الآخر، وإعطاء الشرعية للمعارضة السياسية.
السؤال ( 3 ): برأيك كيف يمكن للمنبر الحسيني أن يشارك في إصلاح واقع الأمة الإسلامية ؟
الجواب ( 3 ): المنبر أحد العناصر الثلاثة للموكب الحسيني، وعليه أبدأ بإعطاء تعريف للموكب الحسيني حسب رأيي الشخصي.
الموكب الحسيني: هو مسيرة الأمة بقيادة المعصوم أو نائبه في عصر الغيبة الكبرى لتحقيق أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام، ويتألف الموكب من ثلاثة عناصر رئيسية.. وهي: ( المنبر الحسيني، المسيرات العزائية، والزيارة ) وكلها مؤسسة من قبل المعصومين من أهل البيت عليهم السلام. ومن خلال التعريف تتبين لنا النقاط التالية:
النقطة الأولى: أن الثورة بدأها الإمام الحسين عليه السلام، وأنه استشهد في يوم (10 / محرم / 60 هـ ) إلا أن الثورة لم تنته ولم تتوقف، وأنها مستمرة بقيادة المعصومين عليهم السلام ونوابهم الفقهاء في عصر الغيبة الكبرى، وأنها تأخذ أشكالا مختلفة من التغبير من أجل تحقيق أهدافها، وأن نهاية الثورة تكون بظهور القائم(عجل الله تعالى فرجه الشريف) وإقامة دولة العدل الإلهي العالمية، وبالتالي فإن الموكب بعناصره الثلاثة يصب في الإعداد لظهور القائم عليه السلام.
النقطة الثانية: إن الموكب الحسيني يجب أن يكون في مقدمة اهتمام الرموز والقيادات الدينية، وأن يوجه بدقة وموضوعية لتحقيق أهدافه المشروعة العظيمة.
النقطة الثالثة: إن الوظيفة الرئيسية للمسيرات العزائية هو إعطاء القدوة الحسنة للشخصية الإسلامية المؤمنة المجاهدة من الإمام الحسين عليه السلام.. والتفاعل الإيجابي معها، والمطلوب هو توظيف الموكب بعناصره الثلاثة ( المأتم، والمسيرات العزائية، والزيارة ) لتحقيق أغراض الثورة، ولكي يفعل الموكب الحسيني في عملية الإصلاح فعله.. كما أراده الإمام الحسين والأئمة من ولده عليهم السلام.
النقطة الرابعة : نستنتج من التعريف والتوضيحات والشروحات السابقة أبعاد الموكب الحسيني .. وهي:
أولاً: أن الموكب حركة جماهيرية لكل الأمة.
ثانياً: أنه يربي الأمة على الانضباط وإتباع القيادة.
ثالثاً: أنه ينشر الوعي والثقافة بين الأمة.
رابعاً: أنه يحرك وجدان الإنسان وانفعالاته وعواطفه نحو الخير والبناء.
خامساً: أنه يهتم بقضايا الناس وهمومهم اليومية.
سادساً: أنه يتتبع تطورات الأوضاع في الأمة ويقول كلمته.. ويحدد مواقف الأمة فيها.
سابعاً: أنه يربي على العقيدة ويربط حركة الأمة ومسيرتها بالعقيدة والشريعة وقيمها.
ثامناً: أنه يدعو إلى توحد الصف والكلمة.