المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة القطرية

مع فضيلة الأستاذ عبدالوهاب حسين قبل الانتخابات النيابية

المعلومات الشخصية:
الاسم: عبدالوهاب حسين علي أحمد إسماعيل.
تاريخ الميلاد: 1954م.
السكن: قرية النويدرات.
المؤهل التعليمي: ليسانس فلسفة واجتماع
الجامعة وسنة التخرج: الكويت عام 1977م

نبذة مختصرة:
عمل في التدريس لمدة ثلاث سنوات، ثم مشرف اجتماعي لمدة خمسة عشر سنة، ثم أحيل على التقاعد المبكر أثناء اعتقاله الثاني.

من عائلة فقيرة، توفى والده وعمره اثني عشر سنة، فعاش اليتيم إلى جانب الفقر والحرمان، حتى تخرج من الجامعة بدعم ومساندة من أبن عمه وزوج أخته عبد الحسين سلمان. وهو الآن احد رموز المعارضة البحرينية الإسلامية والوطنية، وأحد أعضاء لجنة العريضة وأصحاب المبادرة. دخل السجن مرتين لمواقفه السياسية، تحت طائلة قانون أمن الدولة بدون محاكمة.
المرة الأولى: لمدة ستة أشهر تقريبا من يوم الجمعة 17/مارس/1995م إلى يوم الخميس 10/ سبتمبر/1995م، وقد خرج من السجن مع أصحاب المبادرة في ظل اتفاق مع الحكومة، يقوم بموجبه أصحاب المبادرة بتهدئة الشارع، على أن تقوم الحكومة في هذه المرحلة بإطلاق سراح المعتقلين غير المحكومين، وبعد استتباب الأمن، يتقدم أصحاب المبادرة وشركائهم السياسيين بمطالبهم السياسية إلى الأمير الراحل، وأهمها تفعيل الدستور، وإعادة الحياة البرلمانية، والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وعودة المبعدين. غير أن الحكومة تنكرت للاتفاق قبل الإتمام النهائي للمرحلة الأمنية، فتأزم الشارع من جديد، واعتقل مرة ثانية لمدة خمس سنوات قضاها في السجن الانفرادي من يوم الأحد 14/1/1996م وحتى يوم الاثنين 5/2/2001م ، وقد حصل على حكم بالإفراج من محكمة التمييز يوم 17/نوفمبر/2000، لأن اعتقاله مخالف حتى لقانون أمن الدولة، إلا أن الحكومة لم تنفذ الحكم، حتى أفرج عنه ضمن من أفرج عنهم من المعتقلين السياسيين، في ظل الحركة الإصلاحية التي قادها عظمة الملك. وكان له دور مفصلي في الدعوة إلى التصويت على ميثاق العمل الوطني بنعم، بعد اتصالات مكثفة أجراها مع رموز المعارضة في الداخل والخارج، على هدي التزامات قدمها عظمة الملك له مع ثلاث شخصيات بارزة شيعية اجتمع معهم عظمة الملك مساء الخميس 8/نوفمبر/2001م بعد ثلاثة أيام من الإفراج عنه، وهم سماحة الشيخ عبد الأمير الجمري، وسماحة السيد عبد الله الغريفي، والدكتور علي العريبي، وتلك الإلتزامات هي :
1- حاكمية الدستور على ميثاق العمل الوطني.
2- إن الصلاحيات التشريعية والرقابية هي للمجلس المنتخب، وليس للمجلس المعين إلا دور استشاري فقط ، بل ليس من صلاحياته إعاقة القرارات والقوانين الصادرة عن المجلس المنتخب، فكل صلاحياته استشارية فقط. وقد صرح بذلك سعادة وزير العدل إلى الصحافة المحلية يوم الجمعة الموافق 9/نوفمبر/2001م بوصفه رئيس اللجنة العليا للميثاق، وتصريحه بمثابة التفسير لما جاء في ميثاق العمل الوطني.
3- الإفراج عمن تبقى من المعتقلين السياسيين.
4- عودة المبعدين.
5- تجميد قانون أمن الدولة تمهيدا لإلغائه.
وعلى ضوء هذه الالتزامات، غيرت المعارضة مواقفها وتم التصويت بنعم للميثاق، وبفضل هذه الجهود وصلت النسبة 98.4% بإجماع المراقبين المتابعين والعارفين بالشأن البحريني، وكانت الحكومة قبيل هذه الجهود تراهن على 51% كما في تصريح سمو ولي العهد في مؤتمر صحفي بتاريخ 5/فبراير/2001م
وقد التزم عظمة الملك بالنقاط ( 3-5 ) وخولفت النقاط ( 1-2 ) في دستور المنحة الجديد، ولهذا وغيره جاءت مقاطعة الانتخابات.
س1: برأيك ما الأهمية الحقيقية التي تمثلها الانتخابات البرلمانية التي تشهدها البحرين يوم الرابع والعشرين من أكتوبر القادم ؟

الإجابة: يمتد عمر الحركة المطلية في البحرين لما يقرب من تسعين عاما، وفي جميع مراحلها يتكرر مطلبي الدستور والبرلمان، وكانت أخر حلقات الحركة المطلية الانتفاضة المباركة، التي قدمت ما يقرب من أربعين شهيدا، وخمسة عشر ألف معتقل، ومئات المبعدين، وقد أعادت هذه الانتفاضة المباركة الأمل إلى قلب المعارضة والحركة المطلية، بعد ما قاربت على البأس، وأعادت حضورها الفاعل على الساحة بعد انحسار شديد، وكان المطلبين الرئيسيين لها هما: تفعيل الدستور، وإعادة الحياة البرلمانية، وجاءت إصلاحات عظمة الملك من خلال طرحه لميثاق العمل الوطني، كاستجابة للحركة المطلية، وفي الميثاق، ومن خلال التعهدات المكتوبة والشفهية من عظمة الملك لرموز المعارضة، والتي دعمها بتصريحات لكبار المسئولين في الصحافة، منها تصريح سعادة وزير العدل بوصفه رئيس اللجنة العليا للميثاق يوم الجمعة 9/2/2001م، والذي يعد تصريحه بمثابة التفسير لما جاء في ميثاق العمل الوطني، وفي كل ذلك جاءت ضمانة العودة لدستور 73م وإعادة الحياة البرلمانية، على أن يكون المجلس المنتخب وحده صاحب حق التشريع، والمعين ليس له دور أكثر من الاستشارة، ولو تم الالتزام بذلك، لكان للانتخابات البرلمانية أهمية كبيرة في تاريخ البحرين، وتأطير العلاقة بين الحكومة والشعب بإطار حسن واقعي بناء، أما وقد حدث الانقلاب على دستور 73م وميثاق العمل الوطني، والتعهدات والالتزامات المكتوبة والشفهية، وذلك من خلال دستور المنحة الجديد، الذي ينتقص الحقوق الشعبية المكتسبة التي ضمنها له دستور 73م، ويحاصر الشعب فلا يترك له فرصة التغيير، فإن الانتخابات البرلمانية لم تفقد قيمتها فحسب، بل تمثل ورقة غير مرغوبة في تاريخ البحرين الحديث، وتدل على أن الحكومة لم تغادر مواقعها القديمة في سلب الشعب حقوقه الشرعية، في الوقت الذي تعترف فيه نظريا بأنه مصدر السلطات جميعا، وبالتالي فإن الدستور الجديد، والبرلمان الذي يستمد شرعيته منه، يدخلان البلاد في حلقة جديدة من حلقات الصراع، بعد أن كدنا نخرج منها.

س2: هل حقا تمثل هذه الانتخابات خطوة جادة على طريق الإصلاح السياسي المطلوب أم أنها لا تعدوا أن تكون تنفيس لاحتقان سياسي ؟

الإجابة: الانتخابات البرلمانية القادمة لا تمثل خطوة جادة على طريق الإصلاح السياسي المطلوب، لأنها تنتقص الحقوق المكتسبة للشعب، كما لا تمثل خطوة لتنفيس الاحتقان السياسي، فتنفيس الاحتقان حقيقة قائمة، إلا أنها قد بدأت مع بداية الحركة الإصلاحية، التي ترتب عليها إلغاء قانون أمن الدولة، والإفراج عن المعتقلين، والسماح للمبعدين بالعودة والحرية الملحوظة في الندوات والمحافل الشعبية، وهي سابقة على قيام البرلمان الجديد، أما البرلمان فما هو في الحقيقة إلا صورة كارتونية جميلة فاقدة للحياة، فليست هي تجميل لصورة حية، وإنما هي صورة كارتونية جميلة، وسوف أوضح في إجابة السؤال رقم ( 7 ) انتقاص الحقوق الشعبية المكتسبة التي ضمنها دستور ( 73 )، انتقصت في دستور المنحة الجديد.

س3: هل تعتقد أن هذه الانتخابات ستفرز أفضل العناصر القادرة على التمثيل النيابي ؟

الإجابة: مع اتساع رقعة المقاطعة وقوتها شعبيا، واتخاذ الجمعيات الأربع: الوفاق، والعمل الوطني، والعمل الإسلامي، والتجمع القومي قرار المقاطعة، فقد نأت الرموز الكبيرة، والشخصيات المرموقة أكاديميا وسياسيا ومهنيا واجتماعيا بنفسها عن الترشيح، وأن الشخصيات التي رشحت نفسها ما هي إلا شخصيات مجهولة وغير معروفة، وليس لها حضور سابق في ساحة العمل الوطني، ولا تمتلك الحد الأدنى من الكفاءة، حتى أصبحت محل تندر حتى في الإعلام الرسمي، فضلا عن الإعلام الشعبي، وأصبح من المقطوع به أنها أقل بكثير من الطموح الرسمي والشعبي، مما سيكون له انعكاساته السلبية الخطيرة على مستقبل الحياة البرلمانية، ويعد ذلك بمثابة الفشل الذريع للحركة الإصلاحية التي يقودها عظمة الملك، لهذا تقدمت في أكثر من مناسبة بدعوة عظمة الملك لاتخاذ قرره الشجاع بتأجيل الانتخابات والدخول مع قوى المعارضة في حوار وطني على أساس دستور 73 وميثاق العمل الوطني، من أجل المصلحة الوطنية، وإنقاذ المشروع الإصلاحي لعظمة المملك، وقد فهم بعض من رشح نفسه، بأن هذه الدعوة تدل على أن صاحبها يشعر بأنه قد ضيع الخيارات، ولم يبقى لديه سوى توجيه هذه الدعوة رغم إيمان الشخص نفسه بقيمة تأجيل الانتخابات، وكان الأولى به أن يفهم، بأن الدعوة صادرة من نية حسنة تجاه الملك ومشروعه الإصلاحي، وعدم الرغبة في الدخول من جديد في حلقة جديدة من الصراع بعد أن كدنا نخرج منه، ما لم نكن مضطرين ومجبورين عليه، وقد أصدرت الجمعيات الأربع التي دعت إلى المقاطعة بيان كررت فيه نفس الطلب.

س4: وهل ستعبر هذه الانتخابات حقيقة عن الأوزان الحقيقية للتيارات السياسية في الشارع السياسي ؟

الإجابة: بعد مقاطعة الجمعيات الأربع الرئيسية، التي تمتلك أكبر قاعدة جماهيرية، والتي تمتلك تاريخ نضالي طويل، وخبرة سياسية وفي العمل الوطني، فإن الانتخابات القادمة لن تعبر قطعا عن الأوزان الحقيقة للتيارات السياسية في الشارع السياسي البحريني، فقد فشلت الانتخابات في فرز أفضل العناصر القادرة على التمثيل النيابي، وفشلت في التعبير عن حقيقة الأوزان للتيارات السياسية في الشارع البحريني، لا يختلف في ذلك اثنان من أبناء الشعب والحكومة.

وأستطيع أن أقول: بأن قرار المقاطعة يمتاز بميزتين، هما:-

الميزة الأولى: أنه يستند إلى منطق حقوقي وسياسي قوي جدا، وقوة منطق قرار المقاطعة، فرض على الجميع احترامه، وأنه حتى الآن لم يستطع أحد أن يرد على هذا المنطق، سواء في بعده الحقوقي أو السياسي، إلى درجة أن البعض ممن أراد ترشيح نفسه، حاول أن يلتف على هذا المنطق، فأكد شرعيته وصحته، وأنه يصب في المصلحة الوطنية، إلا أن القرار يحتاج إلى المساندة من الداخل، وأنهم يرشحون أنفسهم لدعم قرار المقاطعة من داخل البرلمان، رغم إيمانهم وتصريحهم العلني بعدم إمكانية التصحيح من الداخل، لهذا رفضنا هذا التبرير غير الموضوعي، والبعيد عن الواقعية، وأكدنا بأن المشاركة ترسخ الوضع الدستوري الغير دستوري، وإعطاء الشرعية له بدون مبرر معقول، وتضعف الحركة التصحيحة المشروعة، وأن المنطق القوي للمقاطعة: يلزم بعدم المشاركة لا ترشيحا ولا انتخابا، وهو وحده الذي يخدم المصلحة الوطنية حسب تقديري.

الميزة الثانية: إن قرار المقاطعة ذو مساحة شعبية جماهيرية واسعة جدا، وهو في نفس الوقت قرار نخبوي، وقرار وطني شاركت في جميع ألوان الطيف السياسي، والقوى السياسية الأكثر شعبية وذات التاريخ النضالي الطويل، وقرار الغالبية العظمى من رجال القانون، وقد نتج عن ذلك عزوف الرموز الوطنية البارزة ذات الخبرة السياسية والتاريخ النضالي الطويل، وعزوف الشخصيات المرموقة، عن ترشيح نفسها، وضعف المنافسة رغم كل الإغراءات المادية التي قدمتها الحكومة، ويتوقع المراقبون بدون استثناء الانخفاض الحاد لنسبة المشاركة في التصويت، مما سيلقي بظلاله السوداء على مستقبل البلاد والحياة البرلمانية على وجه الخصوص، وعليه جاءت دعوتي لعظمة الملك بتأجيل الانتخابات، كما أصدرت الجمعيات الأربع المقاطعة بيانا ضمنته مثل هذه الدعوة، وأقدر أن عظمة الملك، يمتلك من الشجاعة وسعة الأفق، ما يشجعه على الخروج عن المألوف في السياسة التقليدية واتخاذ مثل هذا القرار، أنا واثق من ذلك، والمجد والسؤدد للبحرين.

س5: هل يوجد لدى المرشحين برامج سياسية تعبر عن قوى فاعلة في المجتمع أم هي شعارات عامة يتشابه في أغلبها الجميع …وأطروحات يغلب عليها الطابع الفردي ؟

الإجابة: أوضحت قيما سبق بأن الجمعيات السياسية الأكثر شعبية، وذات التاريخ النضالي الطويل قد قاطعت الانتخابات، وكذلك الرموز السياسية الأكثر بروزا، والشخصيات المرموقة أكاديميا ومهنيا واجتماعيا، وأن الذين رشحوا أنفسهم يفتقرون إلى الخبرة والحد الأدنى من الكفاءة، التي تمكنهم من التمثيل النيابي، فضلا عن القبول الشعبي، ومن تابع أخبار الدعايات الانتخابية يشعر بالحزن والغثيان لوضع هؤلاء، حتى أن بعضهم لا يعرف ألف باء السياسة والقانون، وغائب تماما عن أوضاع الساحة الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو لا يعرف ابرز الشخصيات الداعية إلى المقاطعة، ولا يعرف لماذا يقاطعون، بل لا يعرف حتى تركيب جملتين متناسقتين، فمن أين لهؤلاء أن يأتوا ببرامج عمل سياسية أو غير سياسية ؟! إن كل ما يملكه هؤلاء هو توزيع الصور بصورة عشوائية في الشوارع والأزقة، ونصب الخيام والموائد، وبعضهم لم يستطع حتى نشر صورته أو نصب خيمة، في كثير من المناطق الواسعة وذات الكثافة السكانية العالية، لأنهم غير مرغوبين شعبيا، وبعيدين عن شبه الإجماع الشعبي على المقاطعة في تلك المناطق، فمن أين لهؤلاء أن يأتوا ببرامج عمل، ومن يريدون خدمته بتلك البرامج، وهم بعيدين عن الإجماع الشعبي، وغير مرغوبين شعبيا.

ومن جهة ثانية: فإن أغلب هؤلاء أشخاص مستقيلين، ونحن نعلم بأن قدرات الفرد مهما كبرت فهي أقل من أن تضع برنامج عمل وطني كامل على مستوى الحياة البرلمانية، فإن مثل ذلك يحتاج إلى العمل المؤسساتي الضخم، وإذا فرضنا أن الفرد استطاع بلورة برنامج عمل كامل على مستوى الحياة البرلمانية، فإنه لن يستطيع أن ينفذ ذلك البرنامج في البرلمان، لأن التنفيذ يحتاج إلى تكتل، ولهذا فإن غياب الأحزاب، يعني غياب الحياة البرلمانية الصحيحة والحقيقية، وبدون الأحزاب سوف تبقى إرادة الحكومة هي المسيطرة على إرادة الشعب، ولن يتحقق مبدأ الشعب مصدر السلطات إلا إذا سمح للأحزاب بالعمل، والترشيح للانتخابات والدخول للبرلمان من خلال القوائم وبرامج العمل، لهذا دعونا إلى قيام الأحزاب، والترشيح عن طريق القوائم المستندة إلى برامج عمل جماعية، فهذا هو السبيل الوحيد إلى بلورة برامج عمل وطنية ذات كفاءة، وهو السبيل الوحيد إلى تحقيق مبدأ: أن الشعب مصدر السلطات جميعا، وخلق التوازن بين المعارضة والحكومة.

الجدير بالذكر: أن الحكومة أصدرت قانونا يمنع الجمعيات من المشاركة في الانتخابات أو تقديم الدعم إلى المرشحين باسمها، ثم تراجعت عن ذلك بعد فوات الأوان، أي بعد أن ضاعت الفرصة على الجمعيات الراغبة في المشاركة، وضاق بها الوقت عن وضع برنامج عمل، فضلا على عدم وجود الاطمئنان إلى قدرة الجمعيات المشاركة أو بعضها – على الأقل- على وضع البرامج أصلا، لقلة خبرتها.

س6: هل تتوقعون نزاهة العملية الانتخابية وما رأيكم في الضمانات المعلنة لذلك ؟

الإجابة: لا أرغب في توجيه الأحكام على النوايا، وإنما من الناحية الموضوعية، فإن غياب الرقابة الدولية، ورقابة المعارضة يدعو إلى القلق، وأن رقابة جمعية حقوق الإنسان غير كافية، بل هناك جهة أولى منها، وهي جمعية الشفافية، والمطلوب رقابة القوى السياسية المعارضة؛ المشاركة والمقاطعة على حد سواء، لأن العملية الانتخابية قضية وطنية عامة، تهم المشاركين والمقاطعين على حد سواء. أضف إلى ذلك: السماح بالتصويت في غير الدوائر الانتخابية، مما يجعل عملية المراقبة متعذرة، وإمكانية التزوير واردة، هذا بالإضافة إلى التصويت في خارج البلد.

س7: هل تتوقع أن يتمتع مجلس النواب القادم بفاعلية، ويمارس صلاحياته التشريعية والرقابية بكفاءة ؟

الإجابة: إن الإجابات على الأسئلة السابقة، فيما يتعلق بمقاطعة الجمعيات الأربع السياسية، وعدم توفر الحد الأدنى من الخبرة والكفاءة، لدى المرشحين للتمثيل النيابي، يلقي الضوء على موضوع هذا السؤال، وأضيف إلى ذلك: بأنه حتى لو توفرت العناصر القادرة على التمثيل النيابي، فإن ذلك لن يجعل مجلس النواب القادم، يتمتع بفاعلية، ويمارس صلاحياته التشريعية والرقابية بكفاءة، وذلك لسببين، هما:-

السبب الأول: هيمنة المجلس المعين على المجلس المنتخب.

السبب الثاني: لأن تلك الصلاحيات منتقصة أصلا.

وهذا من أسباب دعوتنا، وتمسكنا بقرار المقاطعة، وإليكم التفصيل:

ينص دستور (73) الشرعي، [ المادة (1) الفقرة (د) ]، ودستور المنحة الجديد، [ المادة (1) الفقرة (د) ] أيضا، على أن نظام الحكم في البحرين ديمقراطي، والسيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعا. والسيادة تعني في النظام الديمقراطي النيابي: أن يمارس الشعب عملية التشريع، والمراقبة على التنفيذ، بواسطة ممثليه، وباسمه، ولحسابه. ويشترط في الديمقراطية النيابية شرطين، هما:

الشرط الأول: أن يكون المجلس منتخبا من قبل الشعب، انتخابا حرا مباشرا، وإذا ضم المجلس أعضاء معينين، فيجب أن تكون الغالبية عدديا للأعضاء المنتخبين، إذ لا يصح أن نعتبر الأعضاء المعينين ممثلين عن الشعب.

الشرط الثاني: أن يمارس المجلس اختصاص التشريع والرقابة على التنفيذ، وهو جوهر السيادة.

وبدون هذين الشرطين، لا يتحقق مبدأ السيادة للشعب. وقد انتقص الدستور الجديد هذين الشرطين.

أما انتقاص الانتخاب، فذلك واضح، لأن عدد الأعضاء المعينين، يساوى عدد الأعضاء المنتخبين، بل إن الدستور الجديد فضل المجلس المعين على المجلس المنتخب، وذلك حينما جعل رئاسة المجلس الوطني الذي يمثل المجلسين، في يد رئيس المجلس المعين ( المادة: 85 )، وهذا تفضيل معنوي، ويعادل صوت الرئيس صوتين، في حال تعادل الأصوات في التصويت ( المادة: 80 ) وهذا تفضيل مادي. وأما الانتقاص في التشريع، فذلك بما يلي:

أولا: مشاركة المجلس المعين للمجلس المنتخب في اختصاص التشريع، مع ترجيح كفة المعين لسببين، هما:

السبب الأول: أن الرئاسة في المجلس الوطني، هي لرئيس المجلس المعين، وفي ذلك تفضيل معنوي، وتفضيل مادي يتمثل في قيمة صوت الرئيس الذي يعادل صوتين، في حال تعادل الأصوات.

السبب الثاني: أن حالة التضامن بين أعضاء المجلس المعين، أثبت منها بين أعضاء المنتخب، وذلك لأن الأعضاء المعينين يعملون لحساب من عينهم، وهي الحكومة، بينما الأعضاء المنتخبون يأتون من مشارب شتى، ومدارس مختلفة، ويعملون لغايات متباينة، مما يجعل حالة تضامنهم أقل.

ثانيا: الصلاحيات التشريعية للملك، وهي كالتالي:

  1. الدستور الجديد أعطى للملك، حق طرح المواضيع العامة أمام الاستفتاء الشعبي ( المادة: 43 ) ، وهذا – وإن لم ينقص من سيادة الشعب – إلا أنه يزيل الصفة النيابية للنظام ، وهو غير موجود في دستور (73) .
  2. الدستور الجديد أعطى الملك، حق الاعتراض على قرار المجلس، وذلك بمرسوم مسبب، يحدد فيه ميعادا يستطيع فيه المجلس الوطني، الذي يضم (النواب والشورى) تجاوز اعتراض الملك بأغلبية الأعضاء المكونين للمجلس. وتجاوز اعتراض الملك غير ممكن عمليا، بسبب رجحان كفة المجلس المعين كما أوضحت قبل قليل.
  3. يلزم أن يصدق الملك على قرار المجلس الوطني، إما تصديقا حقيقيا، أو تصديقا حُكميا، وذلك بعدم الاعتراض عليه خلال ستة أشهر [ المادة (35) الفقرة (ب) ] من الدستور الجديد، بينما في دستور 73 ( ثلاثون يوما )، وأعتقد أن الشهور الستة فيها تعطيل كبير، بدون مبرر معقول، لاسيما أن الدستور الجديد أضاف إجراءات جديدة، لم تكن موجودة في دستور (73) منها: عرض القرار على الحكومة قبل المناقشة، ولا يناقش إلا إذا أحالته الحكومة بنفسها إلا المجلس، ومنها: أن القرار يناقش أمام المجلسين المنتخب والمعين. وهذا كله يعطي فرصة كافية للملك لدراسة القرار وتقييمه، مما يجعل زمن الشهر كافيا، كما في دستور (73).
  4. الدستور الجديد أعطى للملك أن يحيل إلى المحكمة الدستورية ما يراه من مشروعات القوانين قبل إصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور، ويعتبر التقرير ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، وليست المشكلة في الرقابة المسبقة على القوانين فحسب، وإنما في إلزاميتها المادة: (106).

ثالثا: الصلاحيات التشريعية لمجلس الوزراء: أعطى الدستور الجديد مجلس الوزراء، صلاحيات تشريعية، من شأنها أن تحجم الدور التشريعي للمجلس الوطني، وهي كالتالي:

  1. أعطى الدستور الجديد للحكومة حق اقتراح القوانين، وأعطى اقتراحاتها الأولوية في المناقشة في المجلسين ( المادة: 81 ).
  2. اقتراحات أعضاء المجلس الوطني بشقيه: المنتخب والمعين، غير قابلة للمناقشة إلا إذا قدمت عن طريق الحكومة، أي تقدم أولا للحكومة، ثم تحيلها الحكومة للمجلس لمناقشتها. وتملك حق إحالتها في نفس دورة الانعقاد، أو تأجيلها إلى دور الانعقاد اللاحق.
  3. تستطيع الحكومة استعجال المجلس في بعض الموضوعات ( اقتصادية أو مالية )، فإن لم يُبَتْ فيها خلال المدة المطلوبة، تصدر بمرسوم، له قوة القانون ( المادة:87 )، وفي تقديري، فإن عملية تعطيل البت، واردة، لاسيما من خلال المجلس المعين.

وأما انتقاص حق الرقابة: فقد أعطى الدستور الجديد لمجلس النواب حق الرقابة ( المواد 65- 69 )، ولكنه حق منقوص، وأن ما جاء في دستور ( 73 ) أكمل منه ( المواد 66 – 69 )، وذلك كالتالي:

  1. أن مجلس النواب لا يستطيع أن يثير مسئولية رئيس الوزراء بالطريقة التي يثير بها مسئولية الوزراء، بينما له ذلك في دستور (73) [ المادة: 66 ].
  2. ليس للمجلس طرح عدم الثقة في رئيس الوزراء، ولكن له أن يعلن عدم إمكان التعاون معه، وهنا يتفق الدستور الجديد مع دستور (73)، وفي هذه الحالة للملك الخيارين التاليين:

الخيار الأول- إقالة رئيس الوزراء.

الخيار الثاني- حل البرلمان: ويختلف الدستور الجديد عن دستور (73)، أن إقرار عدم التعاون، يجب أن يكون محل إقرار من المجلس المعين أيضا بثلثي أعضاء المجلس الوطني، الذي يضم النواب والشورى، ونحن نقدر صعوبة إقرار المجلس المعين بعدم التعاون مع رئيس الوزراء، مما يجعل مسألة إقرار عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، مسألة في غاية الصعوبة، بل بعيدة المنال.

ونتساءل في هذا الصدد أيضا: إذا كان ثلثي الأعضاء من المجلس الوطني، الذي يضم ( المنتخبين والمعينين ) يرون عدم إمكان التعاون مع رئيس الوزراء، مع أن تحصيل هذا الإقرار في غاية الصعوبة، إذا كان الأمر كذلك.. نتساءل: ما هو المبرر للاحتفاظ برئيس الوزراء، وحل مجلس النواب ؟!! . هذا وقد نص دستور (73) بالقول: ( فإن حل المجلس، وتجددت توليه رئيس مجلس الوزراء المذكور، ولكن قرر المجلس الجديد، بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم، عدم التعاون معه كذلك، اعتبر معتزلا منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة ) [ المادة: 69 ]، بينما سكت الدستور الجديد عن ذلك.

  1. يختلف الدستور الجديد عن دستور (73)، بأن إجراء الانتخابات الجديدة بعد حل المجلس، يكون في موعد لا يتجاوز الأربعة أشهر، بينما في دستور (73) شهرين فقط، ويجيز الدستور الجديد للملك أن يؤجل الانتخابات، لمدة غير محدودة ربما تكون بمثابة الحل النهائي، ويجيز له أن يعيد المجلس القديم لمدة جديد !! نعم يحل المجلس، ثم للملك، بناء على رأي مجلس الوزراء، إعادة المجلس المنحل، ودعوته إلى الانعقاد، لا ليستكمل دورته السابقة، وإنما ليبدأ دورة جديدة كما لو كان مجلسا منتخبا جديدا.. نعم هكذا ( المادة: 64 ).
  2. أن العضو، لا يستطيع أن يستخدم حق المساءلة والاستجواب، إذا كان في ذلك مصلحة للعضو نفسه، أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة، أو لأحد موكليه ( المادة: 65، والمادة: 91 ). ونرى بأن ذلك يتعارض مع طبيعة النظام النيابي، ومع ( المادة 89 )، التي تنص على أن العضو يمثل الأمة بأسرها.
  3. تنص [ المادة (33) الفقرة (أ) ] من الدستور الجديد، و [ المادة (33) الفقرة (أ) ] من دستور (73) أيضا، على أن الملك غير مسئول وذاته مصونة لا تمس. بينما تنص [ المادة (33) الفقرة (ج) ] من الدستور الجديد، على أن الملك يمارس سلطاته مباشرة، وبواسطة وزرائه.

ونحن نرى: بأن الملك رمز للدولة، وظل لجميع أبنائها، وسبيل لوحدتها وقوتها، ويجب أن يؤمن له الاحترام الواجب، وأن يكون بعيدا عن النقد والتجريح، وهذا يتطلب أن يكون الملك بعيدا عن الاختصاصات التنفيذية، لأنها محل اختلاف ونقد، فقد تحظى بالقبول أو المعارضة، والصحيح أن يمارس الملك سلطاته بواسطة وزرائه فقط، كما جاء في دستور (73)، فتكون الحكومة، هي المسئولة، وتتحمل التبعات، حتى إذا تتطلب الأمر استقالتها تستقيل، إما لعدم الثقة أو لعدم التعاون معها، فتقال، وتصان ذات الملك.

أما إذا مارس الملك سلطاته مباشرة، كما جاء في الدستور الجديد، فإن هذا يجعلنا شعب، بين خيارين غير مطلوبين، وغير مرغوبين، وهما:

الخيار الأول: عدم الرقابة على التنفيذ، وفيه تنازل عن السيادة، وذلك لا يخدم المصلحة الوطنية.

الخيار الثاني: نقد الملك، وهو خلاف الدستور، ولا يخدم المصلحة الوطنية العليا أيضا.

وهناك إشكالية أخرى: تدور حول الحصانة البرلمانية للأعضاء، فمن جهة: يجب عليهم أن يمارسوا الرقابة على التنفيذ، ومن جهة أخرى: يحظر عليهم المس بذات الملك، فإذا فعلوا تسقط عنهم الحصانة البرلمانية !! فكيف يستطيعوا إذن: أن يوفقوا بين حقهم في الرقابة على التنفيذ، وواجب صيانة ذات الملك ؟!! . فالملك يقوم باختصاصات تنفيذية متعددة، هي عرضة للقبول أو المعارضة، وتدخل في اختصاص الرقابة، وفي نفس الوقت ذاته مصونة !! ويجب أن تحظى بالاحترام الواجب !! .

والنتيجة التي نخلص إليها: أن ممارسة الملك سلطاته مباشرة – كما جاء في الدستور الجديد – لا يخدم المصلحة الوطنية، ويحد من سيادة الشعب وحقه في ممارسة الرقابة على التنفيذ.

  1. فيما يتعلق بالرقابة المالية، فقد نص دستور ( 73 ) المادة ( 97 ) على إنشاء ديوان للرقابة المالية يكفل القانون استقلاله، ويكون ملحقا بالمجلس الوطني، وجاء دستور المنحة الجديد، ( المادة 116 ) فألغى تبعية ديوان المراقبة المالية للسلطة التشريعية، ثم صدر المرسوم بقانون رقم ( 16: لسنة 2002 ) يلحق الديوان بالملك، أي بالسلطة التنفيذية، التي يفترض أن يكون الديوان رقيبا عليها.

وأخيــرا: كي يقوم أعضاء المجلس التشريعي بدورهم في عملية التشريع والمراقبة، فإنهم يحتاجون إلى ضمانات تقيهم شر الخوف والقلق والمساءلة، وهذا ما يعرف بالحصانة البرلمانية.

وتعني الحصانة البرلمانية: أن العضو لا يسأل عما يبديه من آراء وأقوال أثناء الجلسة العامة، أو في اللجان.

وقد نصت ( المادة: 89 ) من الدستور الجديد على ذلك، غير أنها انتقصتها حينما أضافت جملة تملصية تقول: ” إلا إذا كان الرأي المعبر عنه، فيه مساس بأسس العقيدة، أو وحدة الأمة، أو بالاحترام الواجب للملك، أو فيه قذف في الحياة الخاصة لأي شخص كان “. ويؤخذ على ذلك ما يلي:

  1. أن العبارات المستخدمة، غير دقيقة، وتقبل التفسير والتأويل، بأكثر من وجه، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار: أن البرلمان مؤسسة سياسية، تتعدد فيها وجهات النظر، والمشارب السياسية والأيدلوجية، ويصدر أحكامه على اعتبارات سياسية بحتة. والأدهى من ذلك، أن ( المادة: 99 ) من الدستور الجديد أجازت إسقاط العضوية، إذا فقد أحد الأعضاء – حسب نصها – الثقة والاعتبار، أو أخل بواجبات عضويته، وهي عبارات مماثلة في عدم الدقة والتحديد.
  2. أن المادة المذكورة، تسقط من العضو الحصانة البرلمانية، إذا مس بالاحترام الواجب للملك، في الوقت الذي أعطت ( المادة: 33 ) اختصاصات تنفيذية عديدة للملك، وفي ذلك انتقاص واضح لحق الشعب في مراقبة التنفيذ عن طريق ممثليه كما أوضحناه بالتفصيل في الملاحظة السابقة.

وفي الختــام: وبعد ذلك كله.. أليست الحقيقة، هي: أن المجلس الوطني ليس إلا مجرد مجلس شورى مضخم ؟!!

هذا وقد أجرى ثمانية من المحامين المعتمدين والبارزين في البحرين دراسة تحت عنوان ” الرأي في المسألة الدستورية ” تبنته الجمعيات الأربع المقاطعة، ونشرته في كتاب، وقد تضمن تفاصيل أكثر دقة وشمولية، يمكن الراغبين الرجوع إليه.

س8: هل ترى أن مجلسي الشورى والنواب سيكمل بعضهم بعضا، أم أنه سيعطل أحدهما الآخر، ويحد من صلاحياته التشريعية ؟

الإجابة: كنا قد قبلنا بالتصويت على ميثاق العمل الوطني بنظام المجلسين، لأنا كنا نطمح في الخروج من الأزمة بدون تعقيد، ووضع قاطرة العلاقة بين الحكومة والشعب على الطريق العدل، وكنا ننظر بان نظام المجلسين سوف يحقق لنا مكسبين رئيسيين، هما:

المكسب الأول: تجنب الهزات في العلاقة بين الحكومة والشعب، التي من شأنها أن تنتهي بحل البرلمان كما حدث في تجربة السبعينات، حيث من المعلوم أن سبب حل البرلمان، كان قانون أمن الدولة، الذي تقدمت به الحكومة ورفضه نواب الشعب، وانتهت النتيجة بحل البرلمان، ولو تقدمت الحكومة بالقانون كمقترح، وأعطت الفرصة لنواب الشعب لمناقشته وإدخال التعديلات المناسبة عليه، لما توصلنا لتلك النتيجة، وهي حل البرلمان. وبالتالي، فإن وجود مجلس الشورى المعين إلى جانب مجلس النواب المنتخب، من شأنه أن يمنع حدوث مثل ذلك التشنج في العلاقة بين الحكومة والشعب، ويمنع نتائجها الوخيمة على ساحة العمل الوطني.

المكسب الثاني: إعطاء فرصة أفضل لنضج القرارات والقوانين الصادرة عن المجلس، وعقلانيتها، وتوازنها بين مطالب الشعب ومطالب الحكومة، لأنها تدرس من خلال المجلسين المعين والمنتخب، وليس من خلال مجلس واحد، وقد فضلنا ذلك على التكلفة المادية الباهضة للمجلسين على ميزانية الدولة المحدودة.

كان ذلك في صيغة ميثاق العمل الوطني للمجلسين، الذي صوت عليه الشعب. أما في الصيغة الحالية حسب دستور المنحة الجديد، فإنه مفصل للتعطيل والإعاقة، أو من شأنه ذلك بإرادة أو بدون إرادة.

س 9 : ما هي الخطوة الديمقراطية الثانية، التي تتطلعون إليها بعد وجود برلمان بحريني منتخب ؟

الإجابة: من الخطوات المهمة التي من الممكن أن تتطلع إليها المعارضة، في التاريخ التطويري للحركة الإصلاحية في البحرين، السماح بالأحزاب، وتداول السلطة على مستوى رئاسة الوزراء، وهذا كان ممكنا حسب دستور 73، وميثاق العمل الوطني، وأصبح غير ممكن حسب دستور المنحة الجديد.

س10: برأيك لمن ستكون الأغلبية داخل البرلمان الجديد، هل بإمكانكم أن ترسموا – بناء على استقرائك للواقع السياسي البحريني – توزيع الخريطة السياسية داخل هذا البرلمان ؟

الإجابة: نظرا لغياب الجمعيات الأربع السياسية الرئيسية المعارضة في البحرين عن الانتخابات البرلمانية القادمة، لمقاطعتها إياها، وهي: جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وجمعية العمل الوطني الديمقراطي، وجمعية التجمع القومي، وجمعية العمل الإسلامي، ولمشاركة الجمعيات الإسلامية السنية، والجمعيات الأقل شعبية، وشخصيات مستقلة، فإن الأغلبية الساحقة، سوف تكون للتيار الإسلامي السني، في مناطق المنافسة مع المستقلين والعلمانيين، رغم التنافس الحميم بين فصائل التيار السني، وحضور قليل من المستقلين في المناطق الشيعية، لغياب المنافسة تماما.

س11: لماذا برأيكم أثارت قضية المشاركة النسائية في الانتخابات كل هذه الضجة ؟

الإجابة: بوجه عام: يوجد توافق لذا جميع التيارات الإسلامية والعلمانية الرئيسية على مشاركة المرأة، والمرأة في البحرين حققت مكاسب كبيرة حتى الآن، وللضجة سببين حسب تقديري، هما:

السبب الأول: عدم نجاح أي امرأة في الانتخابات البلدية، ويتخوف حدوث مثله في الانتخابات البرلمانية، وهذا لا يعني – كما يحلو للبعض أن يسميه – بأن المجتمع البحريني مجتمع ذكوري، فهذا ظلم وإجحاف بحقه، وإنما يعني حدوث بعض الأخطاء في الترتيبان، وعدم ترشح شخصيات نسائية بارزة، ربما بسبب التحفظ الشعبي على الانتخابات نفسها، وهذا لا يعني أيضا عدم وجود رأي يتحفظ كثيرا على مشاركة المرأة في الترشيح والانتخاب، إلا انه محدود الحجم والتأثير.

السبب الثاني: رغبة بعض الأقلام والشخصيات الظهور بمظهر المدافع عن حقوق المرأة، ولإثبات تقدم الحكومة على المعارضة والشعب في موضوع المرأة، وهذا ليس بحق. واقدر بأن فرصة المرأة أكبر للوصول إلى قبة البرلمان من خلال التيار الإسلامي الشيعي، وذلك لتوفر الإمكانيات ونمط التفكير.

س12: ما رأيكم في فكرة مقاطعة الانتخابات… هل تنظرون إلى الأمر من منظور الحق السياسي أم منظور تعطيل العملية الديمقراطية الوليدة ؟

الإجابة: لقد ذكرت فيما سبق، بأن عمر المطالبة بالحياة البرلمانية عند المعارضة، تمتد لتسعين عاما تقريبا، وقدمنا في سبيل ذلك تضحيات عظيمة، أعظمها دماء الشهداء الأعزاء، ومن غير المنطقي أن نقاطع الانتخابات بعد كل هذا التاريخ الطويل من النضال، وبعد كل هذه التضحيات العظيمة، في سبيل إقامة الحياة البرلمانية، لولا أننا كنا مجبورين على ذلك. فبالإضافة إلى أن دستور المنحة الجديد، ينتقص الحقوق المكتسبة الرئيسية للشعب، كما بينته في الإجابة على السؤال السابع، بالإضافة إلى ذلك، فإن تسليط المجلس المعين على المجلس المنتخب، في ظل التوجس وغياب الرؤيا الواضحة وسوء الفهم وغياب التفاهم، يعني إمكان تحويل المجلس الوطني إلى أداة تعمل لغير صالح الأمة، إذ من خلال تشكيلة المجلسين ونظام عملهما، يمكن تمرير قرارات وقوانين، تخالف مصالح وقيم الشعب وباسمه من خلال ممثليه، فلو تقدمت الحكومة بقانون مماثل لقانون أمن الدولة، الذي فشلت في تمريره على مجلس السبعينات، فلجأت إلى حل البرلمان، لو تقدمت بمثل ذلك القانون إلى المجلس الجديد، لاستطاعت تمريره بكل يسر وسهولة، لهذا وقفنا ضد هذا المجلس والدستور الذي يستند عليه، ولم نتحمل المسئولية الدينية والتاريخية والأخلاقية أمام الله والناس والتاريخ، بتوريط الشعب لأجيال متعاقبة قادمة، في وضع دستوري وسياسي خاطئ وخطير، ولجأنا إلى المقاطعة من أجل التصحيح، وهو ممكن إذا أحسنت المعارضة الأداء. إن المقاطعة تستند إلى منطق حقوقي يعتمد على حماية الحقوق المكتسبة الرئيسية للشعب، ومنطق سياسي يعتمد على عدم توريط الوطن والمواطنين في وضع دستوري وسياسي خاطئ وخطير. إننا نعمل من أجل الوصول بالبلاد إلى إصلاح سياسي حقيقي، من خلال العمل والأداء الواقعي البعيد عن المجاملة والخيال، وثوابت العمل الوطني، مثل المحافظة على القيمة العالية للدستور بوصفه الوثيقة القانونية الأكثر أهمية في النظام، وعدم المساس به إلا من خلال آلياته، ومبدأ فصل السلطات، وأن الشعب مصدر السلطات جميعا، والمحافظة على الحقوق والواجبات الرئيسية التي أقرتها المواثيق الدولية، وضمنها لنا دستور (73)، وانتقصها دستور المنحة الجديد. هذا ما نصبوا إليه من خلال المقاطعة، ويدل عليه تاريخنا ومواقفنا الوطنية، والأساس العلمي والحقوقي والسياسي الذي بيناه واحترمه الجميع كما أوضحت سابقا.

س13: كيف تقيمون دور وسائل الإعلام الرسمية في حملة الانتخابات الراهنة ؟

الإجابة: أعتقد بأن وسائل الإعلام الرسمية راغبة حقيقة في الدعوة بكثافة للانتخابات الراهنة، ولكنها كالحكومة تشعر بالإحباط ومحاصرة بقوة منطق المقاطعة، واتساع رقعتها، لذلك فهي غير قادرة على فعل شيء ذو بال.

س14: كيف تنظرون إلى مستقبل البحرين خصوصا في ظل التغيرات السياسية الحالية، ومنطقة الخليج عموما مع دعاوى الحرب وما يشاع عن سيناريوهات سايكس بيكو جديدة في المنطقة ؟

الإجابة: مستقبل البحرين في ظل السياسة المحلية التي أوضحنا بعضها، سيكون باهت اللون والشكل، فقير المضمون والعطاء، وفي ظل التهديدات الأمريكية للعراق سيكون خطير يصعب تحديد أبعاده بدقة، إن شأن البحرين في ذلك شأن أخواتها دول مجلس التعاون، فالعالم أمام شكل جديد من الاستعمار، أخطر من الشكل القديم، فالاستعمار القديم كان يستهدف الأرض والثروة، والاستعمار الجديد يستهدف الأرض والثروة والإنسان والثقافة والحضارة، الاستعمار القديم إذا تركت له الأرض والثروة، فإنه لا يلجأ لقتل الإنسان، أما الاستعمار الجديد فهو يأتي بهدف وإصرار مسبق لقتل الإنسان، لأنه يحمل مشروع مغايرا لمشروعة الذي يريد أن يفرضه بقوة السلاح.

وفي رأيي فإن مسألة النفط وأمن إسرائيل يأتي في مقدمة اهتمام أمريكا، أما النفط: فلأنها تعلم بأن مستقبل هيمنتها على العالم كأول قوى عظمى، تتوقف على قوتها الاقتصادية وليس العسكرية، وأنها داخلة في منافسة اقتصادية كبيرة مع دول أوربا واليابان وشرق أسيا، وتريد من خلال السيطرة على الخليج أن تسيطر على النفط، شرايين الحياة في هذه الدول، فنتسيطر عليها من خلال ذلك، وتضمن بقاء هيمنتها على العالم كأول قوة عظمى فيها، أي أنها تسخر قوتها العسكرية الراهنة لأجل ضمان سيطرتها على العالم من خلال السيطرة على مصادر النفط. وبريطانيا تهدف من تحالفها مع أمريكا إلى إحياء مجدها الاستعماري القديم، والحصول على نصيبها من الغنيمة، الذي يضمن لها موقع قدم في العالم مستقبلا، فهي تريد أن تصحيح وضعها من خلال ذلك، وإعادة مجدها المفقود، ولهذا الغرض، فإن أمريكا سوف تفرض سيطرتها على جميع دول المنطقة، وليس على العراق فحسب، و للغرض نفسه، ومن أجل حماية أمن الدولة الصهيونية، سوف يضربون دولا أخرى عربية وإسلامية، مثل إيران وباكستان ولبنان وسوريا وليبيا واليمن والسودان وغيرها، ومن الأهداف القريبة المحتملة المملكة العربية السعودية، وذلك للمساحة الواسعة، والنفوذ الكبير فيها، للتيار السلفي المستهدف أمريكيا، والذي يمثل مساحة كبيرة من الإسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى