عبدالوهاب حسين: المعظم من المعارضة تجاوب معنا و المعارضة تفتقد “الرؤية”
الوقت – أحمد الملا:
اتهم الناشط السياسي عبدالوهاب حسين قوى المعارضة بـ”غياب الرؤية الواضحة والإرادة الجدية لقيام العمل المشترك”، لافتاً إلى أن ”التحرك الجديد” والذي يتولى أمره ”يجد تجاوبا من جميع الأطراف عدا جمعية الوفاق، رغم أننا زرنا الشيخ عيسى قاسم وطلب منا الالتقاء معها، وعبرنا له عن رغبتنا في ذلك وحرصنا الأكيد عليه”. وعبر حسين في مقابلة أجرتها ”الوقت” معه وتنشر اليوم حلقتها الأولى، عن عدم ممانعته جعل الشيخ عيسى قاسم على رأس الهيئة القيادية المشتركة “إذا رغب في أن يكون مظلة للجميع”.
اليكم نص الحوار:
عبدالوهاب حسين شخصية عرفت بمواقفها المعارضة إلا أن ذلك لم يمنعه في أن يكون عراب مرحلة التوقيع على ميثاق العمل الوطني في مصالحة بين الشعب والسلطة لم تشهد لها البحرين مثيلاً، وقد استقال حسين من الوفاق مع مجموعة من الشخصيات الأخرى بعد أن ارتأت الأخيرة تكييف أوضاعها مع قانون الجمعيات السياسية الذي رأى أنه تمهيدا للمشاركة في الانتخابات التشريعية في العام ,2006 ويعتقد البعض أن حسين السبب وراء تردي الوضع السياسي للمعارضة البحرينية من خلال دعوته ‘المرتفعة’ للتصويت على الميثاق، ويحملونه تبعات ما وصل إليه حال المعارضة والقوى السياسية. «الوقت» التقته لفتح ملفات طالما أريد لها أن تكون مغلقة،أو ضمن دائرة ‘المسكوت عنه’ من الملفات، ولكن ننبشها حرصاً على مبدأ الشفافية وحرية القارئ في الاطلاع على ما يدور خلف الكواليس مما له علاقة مباشرة بالوضع السياسي والديني في البحرين.
اتهم الناشط السياسي عبدالوهاب حسين، قوى المعارضة ‘غياب الرؤية الواضحة والإرادة الجدية لقيام العمل المشترك’، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ‘التحرك الجديد ‘ الذي يتولي أمره ‘يجد تجاوبا من جميع الأطراف، عدا جمعية الوفاق رغم أننا زرنا الشيخ عيسى قاسم وطلب منا الالتقاء معها، وعبرنا له عن رغبتنا في ذلك وحرصنا الأكيد عليه’.
وعبر حسين في مقابلة أجرتها ‘الوقت’ معه وتنشر اليوم حلقتها الأولى، عن عدم ممانعته جعل الشيخ عيسى قاسم على رأس الهيئة القيادية المشتركة ‘إذا رغب في أن يكون مظلة للجميع، وذلك يختلف عن كونه مصدر الشرعية فيها، فهذا مما يختلف حوله المؤمنون’، حسب تعبيره.
ونفى حسين بشدة أن يكون أعضاء ‘التحرك الجديد’ جماعة من المحبطين والمتوجسين الذين لم يستطيعوا العمل وفق أطر معينة، ورأوا في التحرك الجديد خلاصاً لهم، موضحا أن ‘لهم رؤيتهم الدينية والوطنية التي يستندون عليها في مواقفهم الإسلامية والوطنية، ويهدفون من ورائها إلى مرضاة الله وتحقيق مصالح العباد’.
وقال ‘لقد نشأ التحرك الجديد استجابة للتكليف الشرعي والمسؤولية الوطنية، والسبيل إلى ذلك هو تعزيز العمل الوطني المشترك والتحالف بشأن القضايا الوطنية’.
* ماهي أسباب انقسام قوى المعارضة وسبل الخروج من المأزق؟
– السبب هو غياب الرؤية الواضحة والإرادة الجدية لقيام العمل المشترك، ويرغب التحرك الجديد في المساهمة مع الحلفاء والأصدقاء لتعزيز العمل الوطني المشترك لقوى المعارضة، ضمن رؤى واضحة وبرامج عملية، وقد بدأ التفاوض فعلاً مع عدد من أطراف المعارضة بشأن بعض القضايا، وسوف تعلن النتائج في حينها إن شاء الله تعالى.
* يتهم البعض ‘التحرك الجديد’ أنه يحاول أن يوجد ‘مرجعية رديفة’ لمرجعية الوفاق، فما تعليقك؟
– المرجعية الدينية العليا للتحرك الجديد هي مرجعيات التقليد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وهي مرجعية لا يختلف عليها المؤمنون ولا تؤدي إلى التنازع بينهم، فالتحرك لم يأت بمرجعية دينية جديدة رديفة أو غير رديفة. والقائمون على التحرك يحافظون على حرمة المؤمنين وكرامتهم، ويصونون مكانة العلماء الأجلاء، ويحترمون كل المرجعيات الدينية والوطنية الرشيدة، ولا يفرطون في القيم والمبادئ والمصالح العامة، ولا يجعلون أحداً فوقها أو يقدمونه عليها، ولا ينافسون أحداً على شيء من حطام الدنيا الفانية ولا على زخارفها الباطلة وبهارجها الخادعة لطلابها، التي قد تؤدي بهم إلى الخسران المبين في الدين والدنيا والآخرة.
* ما هي جهودكم في السعي إلى الوحدة ؟
– قد نشأ التحرك الجديد استجابة للتكليف الشرعي والمسؤولية الوطنية، وبهدف تدشين جدار صد للتراجعات الشاملة، والسبيل إلى ذلك هو تعزيز العمل الوطني المشترك والتحالف حول القضايا الوطنية الحيوية المشتركة.
وللقائمين على التحرك الجديد تجاربُ سابقة في الدعوة والنشاط لتعزيز العمل الوطني المشترك، منها : اللقاء الحواري لقوى المعارضة الذي توقفت جلساته ولم يعلن عن انتهائه، ومن الأسباب التي أضعفته غياب القوة اللازمة لحمايته والدفاع عنه، ومن أهداف التحرك : الدعوة لمثل هذه الأنشطة وتعزيزها وحمايتها والدفاع عنها؛ فالتحرك سوف يكون من دعامات الوحدة والعمل الوطني المشترك القائم على التكافؤ بين الشركاء، واحترام حقوقهم كافة ، وعدم التعالي عليهم، أو ابتزازهم، أو التقليل من شأنهم، أو تهميشهم، ونحوه.
وقد نجح التحرك في الوصول إلى التحالف مع حركة ‘حق’ وحركة أحرار البحرين، وحركة خلاص، وله صداقة متميزة مع جمعية أمل، وجمعية وعد، وجمعية الإخاء، ولايزال التفاوض مستمراً مع عدد من الأطراف بهدف التحالف أو التعاون أو التنسيق معها بشأن بعض الملفات، وسوف يعلن عن نتائج ذلك في حينه.
وعلى مستوى التيار، دعا التحرك إلى تشكيل هيئة عليا مشتركة، تضم الشخصيات الرئيسة: العلمائية والسياسية، على أن يفوض إليها اتخاذُ القرارت وفق آليات محددة من المرجعيات الدينية العليا لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) فإن لم يتحقق هذا، فليس أقل من التواصل بين مختلف الأطراف من أجل تحقيق بعض الأهداف الرئيسية، منها : خلق الأجواء الأخوية، والسعي إلى تقريب وجهات النظر، وتجنب المواجهات البينية، وعدم السماح لأي طرف بأن يستخدم أحد الأطراف لإضعاف طرف آخر أو الإضرار به، والتعاون على المشتركات.
والتحرك سائرٌ في هذا الاتجاه ويلقى التجاوب من جميع الأطراف التي سعى معها ماعدا جمعية الوفاق حتى الآن، رغم أننا زرنا سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم وطلب منا الالتقاء مع الوفاق، وعبرنا له عن رغبتنا في ذلك وحرصنا الأكيد عليه، وسعينا إليه مخلصين، إلا أن الوفاق لم تتجاوب معنا حتى الآن.
* ذكرتم في بيان “الحجة” أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمطالبة بالحقوق العادلة العامة للشعب، لا تتطلب إذن الولي الفقيه’ فلماذا كنت تصر على ضرورة توافر الغطاء الشرعي لتحركك إذا كان لديك ذلك الفهم الوارد في البيان في نقطته الرابعة؟
– ما ذكر في البيان هو نقل لرأي الولي الفقيه وليس رأيا شخصياً لأحد من الذين صدر عنهم البيان، وهو لا يلغي مسألة الغطاء الشرعي للتدخل في الشأن العام الذي يدخل في دائرة الولاية الشرعية للفقيه صاحب الولاية الشرعية، وتفاصيل ذلك يرجع فيها إلى الفقهاء من مراجع التقليد.
* السعي إلى تقريب وجهات النظر، على أمل الوصول إلى الهيئة القيادية الواحدة أو المشتركة’ هو أحد الأهداف التي دعوتم إليها في بيان ‘الحجة’، فما الذي يمنع أن يكون الشيخ عيسى قاسم قيادة واحدة أو مشتركة لجميع المتصدين للشأن العام؟
– لامانع من جعل سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم على رأس الهيئة القيادية المشتركة بالتوافق عليه إذا رغب في أن يكون مظلة للجميع، وذلك يختلف عن كونه مصدر الشرعية فيها، فهذا مما يختلف حوله المؤمنون، والمطلوب أن تكون مرجعيات التقليد، هي مصدر الشرعية فيها، على التفصيل المذكور في البيان ونحوه.
* بالنسبة لزيارة إيران، عم كان يبحث التحرك الجديد؟ وما مدى صحة الإشاعات التي تقول إنه قد وردكم احتجاج على اقتطاعكم بعض ما دار في اللقاء مع مكتب السيد على الخامنائي وما يتعلق تحديداً بأن الخامنائي يثق كثيراً في الشيخ عيسى قاسم؟
– ليس لدي ما أضيفه على ما ورد في البيان، وما ورد فيه كان في غاية الوضوح والدقة والأمانة في النقل، ولسنا في حاجة لإخفاء مسألة الثقة في سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم لأنها ليست موضوعَ نزاع أو اختلاف بين المؤمنين أو الوطنيين الشرفاء، والقول المذكور في السؤال هو أقرب إلى التهريج والضحك على عقول البسطاء، من كونه يثير مسألة تستحق النظر فيها.
ومن المؤسف جدا شغل الساحة الإسلامية والوطنية بمثل هذه المهاترات والأطروحات السخيفة والمضحكة، وهي دليل على الضعف والإفلاس، وتهدف إلى تضليل البسطاء وحجب بصيرتهم عن إدراك الحقائق.
* كيف تري ‘الآخر’ المختلف معه و’الآخر’ المتفق معه سياسياً؟ وبم يبرر هاجس الإسلاميين تجاه الآخر الذي يصل إلى حد القطيعة وإعلان الحرب عليهم؟
– أتعامل مع الآخر المختلف على أساس العدل كحد أدنى، وربما على أساس المحبة، والعدل يقتضي على المستوى الشخصي، صدور السلوك والمواقف عن النفس بصورة موافقة للحق المعلوم، ويقتضي على المستوى المجتمعي، الاعتراف بحقوق الآخرين والالتزام العملي بحفظها وعدم التفريط فيها، ويشمل ذلك حتى الأعداء فضلاً عن غيرهم. أما المحبة، فهي أسمى من العدل، وواجباتها أوسع من واجبات العدل، وتكون الحاجة إلى العدل إذا فقد الإنسان شرف المحبة، والمحبة تؤسس قطعاً للعدل، لأن الناس إذا تحابوا تناصفوا، ولم يظلم بعضهم بعضاً؛ فالظلم والإجحاف بحقوق الآخرين هو نتيجة للأنانية الكريهة والبغض للآخرين.
ولا حاجة لتوجس الإسلاميين من غيرهم، ويمكن أن تقوم العلاقة بين الجميع، على قاعدة أن يحتفظ كل طرف بخصوصياته الأيديولوجية والسياسية، ويتعاون الجميع على المشتركات الوطنية التي تصب في خدمة جميع المواطنين وتصون حقوقهم الطبيعية كافة والوضعية بما هم مواطنون، وهو ما يعرف بالمواطنة، ولا يسلب ذلك شيئا من حق البحث العلمي، وحق التعبير عن الرأي، وحق الاستقلال في المواقف، ونحوها.
* هل أعضاء ‘التحرك الجديد’ جماعة من المحبطين والمتوجسين الذين لم يستطيعوا العمل وفقاً لأطر معينة، ورأوا في التحرك الجديد خلاصاً لهم وفسحة للتعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يريدونها؟
– أعضاء التحرك الجديد ليسوا كذلك، وإنما هم جماعة لهم رؤيتهم الدينية والوطنية التي يستندون إليها في مواقفهم الإسلامية والوطنية، ويهدفون من ورائها إلى مرضاة الله عز وجل وتحقيق مصالح العباد.
وقد وجدوا أنهم يستطيعون أن يلعبوا دورا في الساحة الوطنية يكملون به أدوار الآخرين، ويساهمون في صد التهديدات والتراجعات، وهو المقصود بالفراغ المذكور في بيان الانطلاق الذي فهمه البعض فهما سيئا في ظل خلفيات غير ودية ـ وهم لا ينافسون أحدا في وجودهم ودورهم على شيء من حطام الدنيا الفانية، فوجودهم ودورهم في الساحة الوطنية، عنوانه: الاستجابة للتكليف الشرعي الشريف والمسؤولية الوطنية النبيلة، وليس شيء غير ذلك.
* كيف تصنف المعارضة البحرينية لجهة أدائها الإعلامي؟ وبم تنصحها في هذا المجال؟
– لا توجد في البحرين وسائل إعلام حرة، تستطيع نقل الأخبار والقناعات وتعمل على تشكيل المفاهيم والتوجهات بصدق وحرية كافية، إلا أن هذا لا يعني تجاهلها من قبل المعارضة، بل عليها الاستفادة منها قدر ما هو ممكن، وعليها الاستفادة من وسائل الإعلام الخارجية الحرة قدر ما تستطيع، والسعي لإيجاد وسائل إعلام خاصة بها في الخارج مستقبلاً، لكي تستطيع التعبير عن قناعاتها بحرية، وتخدم قضاياها الوطنية وتوصل رأيها ومظلومية شعبها للرأي العام العالمي.
العدد 1238 الأحد 19 رجب 1430 هـ – 12 يوليو 2009