الإجابة على أسئلة مجلة الولاء – العدد الرابع عشر – توبلي
تأثير الانفتاح على الشباب
الموضوع : حوار مجلة الولاء ( قرية توبلي ) العدد ( 14 ) مع الأستاذ عبد الوهاب حسين .
التاريخ : 17 / ذو القعدة / 1425هـ .
الموافق : 30 / ديسمبر – كانون الأول / 2004م .
السؤال ( 1 ) : في مجتمع يعيش تعدد ثقافات ، وتتنوع فيه مصادر المعرفة ، كيف يمكن للشباب أن يسايروا ذلك .. دون المساس بثوابتهم الدينية والعقيدية ؟
الجواب ( 1 ) : وفيه عدة نقاط .. أهمها :
النقطة الأولى : أن الإسلام لا يخشى من الثقافات الأخرى ، لأنه إذا قيس بها أو قيست به .. بموضوعية ، فإن كفته سوف تكون الراجحة يقينا ، لأنه دين الله الحق الذي يحيط بكل شيء علما ، وهو الدين الخالد .
النقطة الثانية : منهجيا : يجب أن نتحرى الدقة بخصوص الحديث عن مصادر المعرفة ، وأن نميز بين الحالات المختلفة في المعرفة .. منها على وجه المثال لا الحصر :
الحالة الأولى : المعرفة في العلوم الطبيعية : وهذه العلوم محايدة ، ويمكنها أن تقبل في جميع الثقافات تقريبا .. فهي مقبولة عمليا : لدى الثقافة الوثنية والبوذية والشيوعية واللبرالية والمسيحية والإسلامية ، وقد سبقت الثقافة الإسلامية كافة الثقافات إلى هذه المعرفة .
الحالة الثانية : المعرفة في العلوم الإنسانية .. مثل : الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس : وهذه ليست كسابقتها ، فالثقافات المختلفة تتفق في قبول أصل وجودها تقريبا ، ولكن مناهج البحث فيها قد تختلف من ثقافة أو فلسفة إلى أخرى ، وبالتالي تختلف النتائج ، وهذا ما هو حادث بالفعل ، وعلى المسلم أن يتنبه إلى تأثير الثقافة أو الفلسفة المتبناة على نتائج هذه العلوم ، وأن يراجع المصادر الإسلامية لمعرفة أوجه التشابه والاختلاف فيها .
الحالة الثالثة : العادات والتقاليد والأعراف العامة : ويجب أن نميز بين جانبين فيها .. وهما :
الجانب الأول : ما يتعارض مع عقيدة التوحيد والأحكام الثابتة في الشريعة الإسلامية المقدسة ، والإسلام يطالب أتباعه برفضها والتخلي عنها ، ولا يسمح بانتقالها إلى المجتمعات الإسلامية .
الجانب الثاني : لا يتعارض مع عقيدة التوحيد ومع الأحكام الثابتة في الشريعة الإسلامية المقدسة ، والإسلام لا يعارض بقاء أتباعه عليها أو أخذهم لها ، ويسمح بانتقالها إلى المجتمعات الإسلامية .
الحالة الرابعة : الأحكام أو القوانين : يوجب الإسلام أخذها عن الله تعالى وحده ، ويحرم أخذها عن غيره ، ومصدرها القرآن والسنة ، ويجب استنباطها من قبل الفقيه المؤهل لذلك .. وفق قواعد علمية مقررة .
الحالة الخامسة : العقائد والرؤية الكونية : وتقوم على أساس التوحيد في الإسلام ، وباب الاجتهاد مفتوح فيها لكل مكلف ، ويجب أن يحصل كل مكلف على اليقين في العلم الإجمالي بأصول الدين ، ولا يجوز التقليد في ذلك ، ويجوز التقليد لمن يحكم العقل بوجوب صدقه في المسائل التفصيلية والجزئية ، والمصدران الرئيسيان الذين يجب الرجوع إليهما لمعرفة التفاصيل والجزئيات في العقيدة .. هما : القرآن الكريم ، وأئمة الهدى عليهم السلام ، ويجب رفض كل ما يعارضهما أو يختلف معهما ، ويجب على المكلف أن يحرص على سلامة عقيدته ، وأن يزيل كل شبهة تعرض إليه في دينه .
السؤال ( 2 ) : هل يمكن لنا أن نحافظ على هوية واضحة المعالم لديننا ونترسمها على شكل منهج عملي ؟
الجواب ( 2 ) : وفيه عدة نقاط .. أهمها :
النقطة الأولى : من خلال الرجوع إلى الإجابة على السؤال الأول ، ندرك إمكانية ذلك عمليا .. رغم الصعوبات والتحديات التي تواجه المسلمين في الوقت الراهن ، وهي صعوبات ليس منشأها الدين نفسه ، وإنما أساليب تعاطي المسلمين مع الدين والتحديات التي تواجههم فكريا وعمليا .
النقطة الثانية : إن المحافظة على الهوية الإسلامية وترسمها – حسب تعبير السؤال – على شكل منهج عملي ، واجب عقلي وشرعي على المسلمين جميعا ، فالإسلام منهج حياة ، وطريق الإنسان إلى السعادة في الدنيا والآخرة ، وبدون الإسلام يكون مصير الإنسان إلى الشقاء في دار الدنيا ودار الآخرة على السواء .
النقطة الثالثة : تعاني المجتمعات الإسلامية من عدة صعوبات فكرية وعملية تؤثر سلبا على القيام بذلك الواجب وتعيق تنفيذه .. أهمها :
الصعوبة الأولى : الغزو الثقافي ، وحينما أقول الغزو الثقافي .. فإني أعني : لجوء أعداء الإسلام لأساليب غير أخلاقية من أجل التأثير على عقيدة المسلم وثقافته وسلوكه .. مثل : استخدام القوة والتهديد والإغراء بالمال أو الجنس والتضليل بواسطة المؤثرات النفسية والخداع ، ولا يدخل فيه التبادل والتأثير الثقافي بواسطة الوسائل المشروعة التي تقوم على احترام العقل وأساليب الإقناع .
الصعوبة الثانية : يعتمد الإسلام على قوته الذاتية التي تلامس فطرة الإنسان وتدخل بسلاسة إلى عقله وقلبه في مواجهة أعدائه الجبارين الكثر .
فالإسلام محاصر في البلاد الإسلامية بحكومات خذلته ومستغربين ارتموا في أحضان الغرب ، وبقوى الاستكبار العالمي التي تكيد ضده بمختلف وسائل الكيد للقضاء عليه ، لأنه يحيل بينها وبين سيطرتها غير المشروعة على البلاد الإسلامية ومقدراتها ، ويعارض المشروع الحضاري العلماني الفاسد الذي تسير عليه .
ومع كل ذلك ..
ومع ضعف الإمكانيات المادية والبشرية التي يعتمد عليها الدعاة إلى الله تعالى بصورة كبيرة ..
فإن الإسلام يشق طريقه في الحياة ، ويتحدى كل تلك الصعوبات ببقائه ، ويقتحم على أعدائه ديارهم ويحاصرهم فيها ، ليسقط غرورهم ، ويمرغ كبرياءهم في التراب .
الصعوبة الثالثة : تتعرض صورة الإسلام الحنيف للتشوه بتأثير عوامل عديدة .. أهمها :
العامل الأول : تطرف بعض المسلمين ، وارتكابهم أعمال إجرامية ضد الإنسانية ، وأخرى عدوانية ضد الذين يختلفون معهم في الرأي ، وتورطهم في مخالفات قانونية غير مبررة ولا معقولة في البلاد الإسلامية وخارجها باسم الإسلام الحنيف .
العامل الثاني : فصل الدين عن الواقع ، وتقديمه في صورة مشوهة من قبل بعض الفقهاء والمفكرين الإسلاميين .. من خلال : فقه الأقيسة الجاهز أو المعلب في قوالب جامدة ، ومن خلال مفاهيم الأدمغة والخيال ، البعيدة كل البعد عن مجرى الحياة الدافق ، والأحكام الكلية للشريعة ، ومقاصد الإسلام الواقعية في الحياة ، وغاياته العبادية العظيمة .. في بناء وتطوير الأفراد والمجتمعات ، وهي الصورة التي تعبر عن أصحابها في أنفسهم ، لا عن الدين الرباني في واقعيته وأهدافه في الحياة .
العامل الثالث : ما تقوم به الحكومات في البلاد الإسلامية من ظلم وفساد واستبداد باسم الدين ، ثم ما يقوم به وعاظ السلاطين وبعض الشخصيات والمؤسسات الدينية بكل أسف من تزلف للحكام ، ومواقف سلبية وضعيفة تجاه قضايا الشعوب والمستضعفين في الأرض ، على خلاف ما يأمر به الدين الحنيف من الوقوف بقوة وحسم وصلابة في وجه الفساد والظلم والجهل والتخلف ، ومناصرة المظلومين وقوى الحق والخير والحرية والعدل والإصلاح والتطوير ، ضد الظالمين وقوى الباطل والشر والكبت والاستبداد والظلم والفساد والتخلف .
السؤال ( 3 ) : ألا ترون أن الثقافة الشرعية والفقهية قد تم تغييبها وتوارت تماما عن أجيال الشباب هذه الأيام في مقابل الثقافة السياسية ؟
الجواب ( 3 ) : نعم أرى تواري الثقافة الشرعية نسبيا وتقدم الثقافة السياسية عليها ، وذلك يعود لعدة أسباب .. أهمها :
السبب الأول : حجم المعاناة الكبير التي يعاني منها المواطن البحريني بسبب تدهور الأوضاع السياسية .
السبب الثاني : ما حققته الانتفاضة الشعبية المباركة من وعي سياسي ، ونجاحها في كسر حاجز الخوف ، وفتح الباب على مصراعيه لحرية التعبير .
السبب الثالث : الخلل الحاصل في الخطاب الإسلامي المحلي .. بشقيه : الديني والسياسي.
فالخطاب الديني : خطاب جاهز لا يشعر المتلقي بقيمته العملية والتوجيهية في حياته ، نظرا لأسلوب الخطاب التقليدي غير الجذاب ، ولمضامينه البعيدة عن واقع الحياة وما يدور في أذهن الناس من أفكار وفي نفوسهم من هموم وما يتعلق بحياتهم من قضايا ، وكأن الله تعالى جاء بالدين ليدور في عقول معتنقيه .. لا في حياتهم !!
وأما الخطاب السياسي : فهو لا يكاد يختلف عن الخطاب العلماني في منهجية تحليله للأوضاع ، وفي المواقف التي تنتج عنه ، مع غياب التكامل والتنسيق بين الخطابين .
السؤال ( 4 ) : ما البدائل المقترحة بحسب رأيكم التي يمكننا من خلالها تفعيل مناشط العمل الإسلامي ؟
الجواب ( 4 ) : أقترح التالي ..
أولا : ينبغي زيادة الاهتمام بالتعليم الديني ونشره بين كافة المؤمنين من النساء والرجال على حد سواء ، وتطويره على أسس علمية ، والاستفادة من الأساليب والتقنيات الحديثة ، والتركيز بصورة خاصة على شريحتي : الأطفال والشباب .
ثانيا : الانطلاق في العمل الإسلامي من المساجد وتنظيمه بصورة جيدة ودقيقة ، مع الاهتمام الكبير جدا بالموكب الحسيني : ( المنبر ، والمسيرات العزائية ، والزيارة ) .
ثالثا : الاهتمام بالعبادات الجماعية .. مثل : صلاة الجمعة والجماعة ، والدعاء الجماعي .. وذلك نظرا : لتأثيرها العميق في الوجدان الإسلامي الجمعي ، وقدرتها على تعويض قدرا كبيرا من النقص الحاصل في الإرشاد والتوجيه الإسلامي .
رابعا : أن يرعى العمل الإسلامي في كل مسجد عالم من علماء الدين الثقاة ، وأن يمارس دوره في التبليغ والقيادة والإنذار .
خامسا : التنويع في أساليب الخطاب والتبليغ وتفعيل كافة القدرات والمواهب ، بحيث يوظف : الفن والمسرح والأدب والتقنيات الحديثة .. مثل : الكمبيوتر والتلفزيون والإذاعة .
سادسا : الاهتمام بالجانب الاجتماعي .. مثل : الدخول إلى العائلة وتكوين الجماعات الصغيرة المترابطة والمخيمات ، والاهتمام بالترويح وأساليب التشويق .. مثل : الرحلات والمسابقات والجوائز .
السؤال ( 5 ) : لم يتم العمل حتى الآن لا من قبل علماء الدين أو الماسكين بالنشاط الديني على تأسيس جمعية شبابية إسلامية . هل تعتقدون بضرورة وجود جمعية كهذه ؟
الجواب ( 5 ) : الشباب في كل جماعة أو كيان هم رمز القوة والأمل المشرق فيه ، فإذا أردت أن تعرف مستقبل أية جماعة أو كيان ، فما عليك إلا أن تنظر إلى حجم وجود الشباب وتفعيل دورهم وحسن إدارتهم فيه ، واستقطاب الشباب يمكن أن يكون في مختلف المؤسسات الثقافية والسياسية ، ويمكن أن يكون من خلال مؤسسات خاصة بهم .. كلا الخيارين حسن ، وتوجد تجربة حالية في جمعية الوفاق للخيار الأول ، إلا أن الاهتمام بالشباب وإدارة وجودهم لا يزال حتى الآن أقل من الطموح ودون المستوى المطلوب .
السؤال ( 6 ) : ربما يذهب البعض إلى أن الثقافة الإسلامية عاجزة عن تلبية رغبة الشباب العصرية وميلهم للانفتاح واقتصارها على الأنشطة المسجدية والوعظ . ألا ترون من ضرورة لتجديد أساليب الثقافة الإسلامية ؟
الجواب ( 6 ) : وفيه نقطتين رئيسيتين .. وهما :
النقطة الأولى : تعتبر الثقافة الإسلامية وسيلة الإنسان المؤمن السالك إلى الله تعالى بقدم الصدق والمعرفة ، وهذا الإنسان يجب أن يكون مفتوح العقل والقلب والضمير .. مشدودا إلى الحق ، يبحث عنه ويتمسك به بغض النظر عن مصدره .
قال الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : ” كلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها ” ( البحار . ج2 . كتاب العلم . الحديث : 59 . ص 99 ) .
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : ” الهيبة خيبة ، والفرصة خلسة ، والحكمة ضالة المؤمن ، فاطلبوها ولو عند المشركين ، تكونوا أحق بها وأهلها ” ( نفس المصدر . الحديث : 46 . ص : 97 ) .
وقال عليه السلام : ” الحكمة ضالة المؤمن ، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق ” ( نفس المصدر . الحديث : 57 . ص : 99 ) .
وهذا يفرض على الإنسان المؤمن السالك إلى الله تعالى في تعاطيه مع المعرفة والحقيقة أمرين أساسيين .. وهما :
الأمر الأول : أن يكون الإنسان المؤمن في حالة حراك دائم في البحث عن الحقيقة والمعرفة والعمل بها من أجل السير إلى الله تعالى ومرضاته والوصول إليه .
الأمر الثاني : أن يكون في غاية الشفافية والموضوعية في التعامل معها ، لأن كل حجاب يحجبه عن الحقيقة .. هو في الحقيقة والواقع : حجاب يحجبه عن الله تبارك وتعالى الذي يسعى بكل جهده في التقرب إليه والوصول إلى مرضاته والدخول إلى ساحة قدسه .
والخلاصة : أننا نصل من خلال ما سبق إلى النتيجتين التاليتين ..
النتيجة الأولى : أن الأنشطة المسجدية لا يصح أن تغلق أفق الانفتاح لدى الشباب والمؤمنين عموما .
النتيجة الثانية : أن رغبات الشباب العصرية وميلهم إلى الانفتاح ، إذا كانت مرتبطة بسيرهم إلى الله تعالى والتمسك بالحق والحقيقة ، فهي دواء من الهدى .. ويجب التأكيد عليها ، والثقافة الإسلامية تسع ذلك – كما وضح في الإجابة على السؤال الأول – وإن كانت منفصلة عن سيرهم إلى الله والتمسك بالحق والحقيقة ، فهي داء من الضلال .. ويجب التحذير منها .
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : ” إن كلام الحكماء إذا كان صوابا .. كان دواءاً ، وإذا كان خطاً .. كان داءً ” ( البحار . ج2 . كتاب : العلم . الحديث : 55 . ص 99 ) .
النقطة الثانية : حول تجديد أساليب الثقافة الإسلامية : وفيها عدة مسائل رئيسية .. أهمها :
المسألة الأولى : الانفتاح على كافة الثقافات والحضارات الإنسانية والحوار معها ، والإجابة حسب الرؤية الإسلامية الرائدة على كل ما فيها : من رؤى وأفكار ومفاهيم وإثارات أساسية – كما فعل القرآن الكريم مع الثقافات والديانات والحضارات المعاصرة لنزوله والسابقة عليه – ونقبل منها ما لا يتعارض مع عقيدة التوحيد والأحكام الشرعية الثابتة إسلاميا ، ونرفض ما يتعارض .. وهذا جزء من رسالة الإسلام في الحياة ودوره التبليغي فيها .
المسألة الثانية : أن نسعى لفهم الإسلام كوحدة واحدة ، فهما كليا موضوعيا متكاملا ، على ضوء أحكامه الكلية ، ومقاصده الواقعية في الحياة ، وغاياته العبادية العظيمة ، وأن ينزل المفكرون الإسلاميون والفقهاء إلى ميدان الحياة ، وتقديم الإسلام كمنهج حياة واقعي متكامل ، وصياغة أحكامه ومفاهيمه على ضوء حركة الواقع ومجرى الحياة الدافق .. وليس بمعزل عن ذلك ، وأن يحاوروا الناس ويجيبوا على ما يدول في خلدهم وعقولهم من أفكار واستفسارات ، لا أن يتقوقعوا على أنفسهم ، فيعزلوا الإسلام عن الحياة والعباد ، ويقدموه كما يحلوا لأنفسهم ، فيكون صورة لهم ، لا دين الله الخالد العظيم .
المسألة الثالثة : الحرص على الصياغة الواضحة للرؤى والأفكار والمفاهيم والأحكام الإسلامية السمحة بأسلوب شيق جذاب ، وعدم الجمود على الأساليب البلاغية واللغة القديمة في تقديم الإسلام وعرضه إلى الناس ، فلأهل كل زمان وثقافة وحضارة ذوقهم البلاغي الخاص واللغة المؤثرة فيهم ، وينبغي أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار في تقديم الإسلام وعرضه .. مع التنبيه هنا : إلى أن هذا الأمر يتعلق باللغة والأسلوب ( الطبق وشكل التقديم ) وليس بالمضمون الذي لا يجوز تغييره والتلاعب فيه .
المسألة الرابعة : يجب الحرص على التنويع وتوظيف كل الأساليب الممكنة المشروعة في العرض والتقديم .. مثل : فنون المسرح والرسم والأناشيد والأدب والشعر والموسيقى والفلسفة والمنطق .. وغيرها ، وذلك نظرا لتنوع أذواق وأمزجة المتلقين ، كما فعل القرآن الكريم بتنويع أساليبه .. مثل : الحجة العقلية ، والموعظة ، والقصة .. الخ ، لأنه يخاطب الناس جميعا ، وفي الناس من يتأثر بالحجة والبرهان ، وفيهم من يتأثر بالموعظة الأخلاقية ، وفيهم من يتأثر بالقصة والصورة التاريخية ، وهو يريد التأثير فيهم جميعا .. ودعوتهم إلى الحق تعالى ووجوب طاعته ، ونحن يجب أن نفعل كما فعل القرآن الكريم في تنويع أساليب الدعوة إلى الله تعالى ، والتأثير الإيجابي الفعال في الناس .
المسألة الخامس : يجب توظيف كل ما هو متاح وممكن من الوسائل التقنية الحديثة .. مثل : الكمبيوتر والإذاعة والتلفزيون ، والبحث عن المزيد منها .
السؤال ( 7 ) : في قبال تعدد القنوات الفضائية التي أصبحت متكاثرة ومتنوعة ، فما الذي يمنع من تحريك رؤوس الأموال لإنشاء فضائية شبابية تعني بالشباب الإسلامي ؟
الجواب ( 7 ) : من خلال الإجابة على السؤال السابق توضح الإجابة على هذا السؤال عموما ، ولا مانع من تحريك الأموال واستثمارها – بما فيها أموال الحقوق الشرعية – لإنشاء فضائية شبابية تعنى بالشباب ، ولكن أيها الأحبة الأعزاء : الحكومات الإسلامية مقصرة ، والأموال الشرعية لا توظف بالشكل الصحيح غالبا ، وأصحاب الثروة ورؤوس الأموال لا يستثمرون أموالهم كثيرا في سبيل الله تعالى ، والدعاة يعانون من نقص الإمكانيات والموارد لتمويل مشاريعهم الأساسية ، وعلينا أن نحاول ونقترح ونسعى لبذل أقصى الجهد لتوفير الأموال وتوظيفها بإبداع في أيجاد المشاريع النافعة لأبناء الإسلام والدعوة إلى الله تعالى ، ونسأل الله الكريم الرحمن الرحيم القبول وتعجيل الفرج ، ولا حول ولا قوة إلا به .
السؤال ( 8 ) : ما هي أهم المشاكل التي تؤرق العلماء وتثقل كواهلهم بخصوص علاقتهم بالشباب ؟ وكيف نستطيع تقوية هذه العلاقة ؟
الجواب ( 8 ) : المشاكل كثيرة .. أهمها :
المشكلة الأولى : المنهجية الخاطئة لدى بعضهم في فهم الشباب وتقديرهم والتعاطي معهم .
المشكلة الثانية : توقف الكثير من العلماء عن النهوض بمسؤولياتهم ، وإلقاء الثقل على عدد قليل منهم .
المشكلة الثالثة : توقف بعضهم عند حدود الثقافة الدينية الحوزوية التقليدية ، والانفصال عن الواقع وقضايا الناس وهمومهم ، وعدم متابعة ما يجري في الساحة المحلية والعالمية بجدية .. أي : ضعف المستوى العلمي والتأهل المهني ، مما يجعله عاجزا بصورة حقيقية عن التعاطي مع الشباب وفهم مشاكلهم وهمومهم وقضاياهم والإجابة على أسئلتهم واستفساراتهم بكفاءة ونجاح .
المشكلة الرابعة : سوء إدارة الوقت ، والفشل في ترتيب الأولويات بشكل صحيح لدى بعضهم .
المشكلة الخامسة : ما يعانيه البعض منهم من صعوبات المعيشة ، مما يعيقه عن القيام بدوره وأداء واجبه الديني في التبليغ والإنذار .
أما كيف نستطيع تقوية العلاقة ؟
الجواب : بالانفتاح علي الشباب والتواصل معهم ومعالجة المشاكل التي سبق ذكرها .
السؤال ( 9 ) : ما دور الجمعيات الأهلية والمدنية أو اللجان التابعة للمآتم والصناديق الخيرية في مجال توعية الشباب واحتوائهم ؟
الجواب ( 9 ) : يجب على كافة المؤسسات الدينية : التقليدية والحديثة ، أن تسعى لأداء دورها التبليغي والرسالي .. بكفاءة ونجاح ، بما يتناسب مع ظروف وملابسات الزمان والمكان الذي تعمل فيه .. وإمكانياته ، فهي مطالبة : بأن تحدد أهدافها ، وأولويات عملها ، واستراتيجية تحركها .. بدقة ووضوح ، وأن تؤهل العاملين فيها ، وأن تقوم بدور المراجعة والتصحيح والتطوير لنفسهم وبرامجها باستمرار ، وأن تستهدف الشباب ، وتسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم ، وتهتم بتثقيفهم الثقافة الإسلامية العامة والتخصصية في الحقل الذي تعمل فيه ، وتوظيف قدراتهم ومواهبهم لخدمة الإسلام والمجتمع الذي تستهدفه بعملها وخدماتها ، فإنها بقدر نجاحها في استهداف الشباب وتوظيف قدراتهم في أنشطتها .. تكون قوية وناجحة ، وتنفتح أبواب المستقبل في وجهها .
أكتفي بهذا المقدار ..
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .