بيان مهم حول قضية المعتقلين
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى {اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً } [فاطر:43]
لقد أتاح التصويت على ميثاق العمل الوطني فرصة ذهبية للسلطة لبناء الثقة مع الشعب ، إلا أنها ضيعت هذه الفرصة بالانقلاب على الدستور العقدي وميثاق العمل الوطني وطرح دستور 2002 بإرادة منفردة ، وأعقبته بمجلس يرتهن إرادة الشعب . وتورط ولا زال في إصدار قوانين جائرة مخالفة للمعايير الدولية تقيّد الحريات الشرعية وتسلب الحقوق المكتسبة
للمواطنين وتمنع أي نشاط يستهدف إدانة النظام أو المطالبة بالحقوق في حدها الأدنى . ولما خرج المواطنون للاحتجاج والمطالبة بحقوقهم الطبيعية المشروعة ، واجهتهم السلطة بالعنف والإرهاب والاعتقال التعسفي ، وعرضتهم للتعذيب وسوء المعاملة ، مما أدى إلى مزيد من الاحتجاجات والمواجهات الأمنية ” فالمواجهات الأمنية والاحتجاجات هي عبارة عن ردود فعل للانتهاكات الصارخة للحريات وحقوق المواطنين والقمع الوحشي للمواطنين ” وجاء دور المنابر الظلامية والإعلام المأجور ليزيد الطين بله من خلال سعيه لتهييج الرأي العام وتأجيج الوضع وخلق مناخ المواجهة على الساحة الوطنية على أسس طائفية بحتة ، وكأن هناك من ألف العبودية وعشق الفتنة والخنوع والتخلف ، فهو لا يستطيع أن يعيش في النور وأجواء الكرامة والحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة فيقوم بمحاربتها دون هوادة ، مما يعيق تقدم المسيرة الوطنية ويهدد السلم الأهلي والأمن الوطني . إلا أن ذلك كله يهون أمام المؤامرات التي تحيكها السلطة ضد أبناء الشعب وتستهدف تشويه صورة المواطنين الشرفاء وتمعن في أهانتهم ومحاصرتهم وحرمانهم من أدنى حقوقهم الطبيعية المشروعة، وكأنها عصابة وليست حكومة مسئولة عن أمن وسلامة الشعب ورخائه. وكان آخر المؤامرات حادثة حرق الجيب وقتل الشرطي المزعومة ، وهي قضية لفها الغموض والشك من بدايتها ، حيث تم نقل الجثة في نفس يوم الحادث لدفنها في باكستان ، رغم كونها موضوعا لمحاكمة حساسة وخطيرة على السلم الأهلي والأمن الوطني ، وتضاربت التصريحات حول تفاصيل الحادث ، فقد أشار بيان وزارة الداخلية إلى : ” قيام مجموعة من الأفراد باستهداف سيارة شرطة تابعة للوزارة باستخدام الزجاجات الحارقة وقتل شرطي ـ آسيوي الجنسية ـ وحرق السيارة بالكامل وإصابة باقي أفراد السيارة بإصابات طفيفة ” بينما يقول جد الشرطي المنوفي في تصريحه للصحافة : ” بأن حفيده قد تم الهجوم عليه بأدوات حادة وضرب ضربا مبرحا بعد خروجه من السيارة ، وأن به إصابات خطيرة في الرأس والكتف ” وهذا التصريح يشكك في حادثة الحرق المزعومة من قبل السلطة ، حيث لا يمكن عمليا أن يجتمع الهجوم بالأدوات الحادة مع حادثة الحرق . ثم تضطر السلطة من أجل تكذيب الوثيقة التي قدمها الدفاع عن المتهمين حول تاريخ الوفاة لتقديم شهادة رسمية للوفاة وفيها أن سبب الوفاة الإصابة في الرأس ، وهذا ينسجم مع تصريحات الجد للصحافة ، ويطعن في صحة أصل القضية . وحتى المبررات التي ساقتها وزارة الداخلية للرد على مدفوعات الدفاع هي مما يوجب محاسبتها وهي كفيل في دولة القانون لمحاسبة وزير الداخلية وإقالته وكل الذين وقعوا على الوثيقة فيما لو كان الخطأ الذي ساقته الوزارة حقيقيا. ومما يؤسف أن المتهمين تعرضوا لظلم صريح من خلال التصريحات الانفعالية المستعجلة ، كما تظافرت الأخبار عن تعرض المتهمين في القضية إلى التعذيب لانتزاع اعترافات قسرية غير صحيحة منهم ، وكان الهجوم الهمجي من قوات الشغب على المتهمين والأهالي في قاعة المحكمة ـ وهو عمل غير قانوني باعتراف وكيل وزارة العدل ـ آخر صيحات التجاوزات الخطيرة المعلنة أمام الرأي العام للسلطة على القانون وانتهاكها لحقوق الإنسان وهو أمر ينال من مصداقية السلطة : ( التحقيق والادعاء العام ) ويضعف سلطة القضاء ، ويخلق الأجواء ويهيئ الأرضية للخروج على القانون وتجاوزه وتحديه .
وانطلاقا من مسؤوليتنا الدينية والوطنية ، وحرصا منا على ضمان العدالة والمحافظة على السلم الأهلي وحماية الأمن الوطني ، فإننا نطالب بـ :
1 ـ إصلاح النظام السياسي من خلال إعادة الاعتبار إلى المجلس المنتخب ، واعطائه كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية ،وإصلاح القضاء وضمان استقلاليته وعدالته في فض المنازعات ، وإصلاح النيابة العامة والقوانين الجنائية ، ومنع التحقيق في أية قضية تعرض على النيابة العامة أو القضاء قبل إعطاء المتهمين فرصة تعيين محامي الدفاع وحضوره جميع مراحل التحقيق والمحاكمة ، وذلك من أجل تصحيح العلاقة وتعزيز الثقة بين الحكومة والشعب ، بحيث تكون هناك محاسبة وتكون هناك مشاركة حقيقية للشعب في صناعة القرار ، وضمان الحريات والحقوق للمواطنين ، بحيث يكفل حق التعبير والتنظيم والتجمع من دون تدخل الدولة ، وضمان المحاكمات العادلة للمتهمين .
2 ـ إسقاط جميع التهم الموجهة للمتهمين في قضية حرق الجيب وقتل الشرطي والإفراج الفوري وغير المشروط عنهم ، وذلك لبطلان أصل الدعوة ببطلان اساس التهم الموجهة إليهم .
3 ـ أنشاء لجنة محايدة للتحقيق في الفضائح والملابسات المتعلقة بالقضية برمتها ، وتقديم المسئولين المتورطين في حياكة المؤامرة ، والمتهمين في تعذيب الموقوفين وتعريضهم للمعاناة والمعاملة القاسية غير الإنسانية أثناء التحقيق والتوقيف إلى المحاكمة ، ووضع حد لإرهاب الدولة والاحتجاز التعسفي والتعذيب والمعاملة غير الإنسانية للمتهمين ، ورد الاعتبار للموقوفين في القضية والاعتذار إليهم وتطييب خواطرهم وتعويضهم ماديا ومعنويا عما لحق بهم من الأذى المادي والمعنوي .
4 ـ التوقف عن التجنيس السياسي / التوطين حيث لا يجوز للحكم أن يستأثر باتخاذ قرارات مصيرية مثل التجنيس الواسع دون مراعاة لإرادة الشعب ومصالحه ، والتوقف عن توظيف المرتزقة في سلك الأمن وقوات مكافحة الشغب والالتزام بالدستور الذي ينص على منع توظيف غير المواطنين في هذا السلك ، لأن هذا التوظيف خلاف الحس الوطني ، ويدل على عدم الثقة في أبناء الشعب ، ويؤدي إلى مزيد من التوتر بين السلطة والشعب ، ويهدد الأمن الوطني للبلاد .
5 ـ النظر للقضايا الوطنية بعين وطنية عادلة ومنصفة ومعالجتها على أسس قانونية ووطنية وأخلاقية بعيدا عن التخندق الطائفي ، وذلك لخطورة التخندق الطائفي في النظر للقضايا الوطنية ومعالجتها على السلم الأهلي والأمن الوطني والمصالح الوطنية العليا ، وهو خلاف الشرف والوطنية والأخلاق الفاضلة .
حرر بتاريخ : 13 / شوال / 1429هج .
الموافق : 13 / أكتوبر ـ تشرين الأول / 2008م .
الموقعون على هذا البيان
- الشيخ عبدالجليل المقداد
- الاستاذ عبدالوهاب حسين
- الاستاذ حسن مشيمع
- النائب البلدي الأستاذ حميد البصري
- الأستاذ عبدالجليل السنقيس
- المحامي علي العريض
- الشيخ عيسى الجودر
- الشيخ عبدالهادي المخوضر
- الشيخ فاضل الستري
- الشيخ علي مكي
- السيد كامل الهاشمي
- الشيخ ميثم السلمان
- الشيخ سعيد النوري
- الناشطة : ليلى دشتي