كلمات آية الله قاسم خلال انتفاضة التسعينات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله وكفى، والصلاة على نبيه المصطفى، واله أهل الوفاء، وأصحابه في الاقـتـفاء.

الحوار الجاد والملتزم لقيم الحق والعدل هو لغة الدين والعقل والعقلاء في حل المشاكل. وللشارع البحريني مطالب ليس فيها ما هو ترف أو نافلة، وقد أكدت هذا القول مرارا. والشعب يتمسك بمطالبه كلها لأنها لا تزيد على حد الضرورة. واعظم ما يحيا هذا الشعب من اجله، ويموت دونه هو قيمه السماوية، وحريته الدينية، وشعائره المقدسة التي يعنى تحديها تفجير

براكين الغضب على حد تعبير وزير العدل في سياق حـديثه عن الفعلة الإسرائيلية المنكرة، والتي سبق اليها الشغب المسلمون، في البحرين المسلمة، ذات الحكومة المسلمة، في مساجد وحسينيات الإسلام بتمزيق القـرآن الكريم وركله وبعثـرته، وهدر كرامة منبر الحسين (ع) وتكسيره. ولكن ياله من عار على اليهود أن فعلوا ما فعلوا من قبيح! واعظم بها مفخرة لنا حين فعلنا قبلهم ما يفعلون!.

وما كان عليه التشديد مني مرارا وتكرارا كتابة وخطابة هو أن الشعب ممثل بصورة صادقة في حركته المطلبية بمن تحركوا من اجله على ارض الواقع فعلا، وضمتهم صفوفه، ووجدهم معه وأمامه في مواقع تجمهره، وتحرك معهم ونادى بهم وأعطاهم ثقته وحملهم مسـؤولية دينه ودنياه، وأعني بهم سماحة الشيخ عبدالامير الجمري ورفاقه في السجن واخوتهم المشايخ الذين هجروا في الأحداث قسرا من اجل دينهم وشعبهم ووطنهم.

والتمثيل المطروح إنما ترشح له المواقف لا الكلمات، وشاهده ساعات العـسر لا اليسر، والضنك للإفساح، وهو تجسيد روحي وشعوري وقيمي، وتوحد في المعاناة في كل هذه الأبعاد مع من يكون الخطاب باسمه ونيابة عنه. وليس هو في علاقات الشعوب ومحنها وقضاياها على مستوى التوكيل في البيع والشراء الجاري في علاقات السوق،

على انه حتى هذا المستوى من التوكيل الذي لا يقاس بتمثيل الشعوب يتطلب ما يتطلب. وعن الإخوة الذين يسعون لخلق اجواء الحوار وتفعيلها لو وجدت فهم مقدرون مشكورون، كلما انطلقوا من الإحساس بمعانات الشعب وتفكير في مصلحته. على أن شعارات المطالبة بالحقوق التي يرفعها الشعب لا يحتاج التوقف عنها وعن مسايرتها إلا لئن تعيد الحكومة للناس حقوقهم، فالأزمة سرها سلب الحقوق، ونهايتها عودة الحقوق، وهو ما تمتلكه الحكومة. فالأزمة ابتداءا واستمرارا وإنتهاء مربوطة بموقفها.

أمـا عن الشهيد السعيد الشيخ علي النكاس فهو واحد من الذين مضوا في سبيل دينهم على هدى من ربهم وتوفيق إلى جنة الخلد إن شاء الله، شاهدين على مظلومية شعب ممتحن يأبى إلا أن يعيش كريما. وتبقى مسؤولية رحيل الشيخ رحمه الله على عهدة الحكومة حتى يثبت العكس، وإنى ذلك؟!

وإني أشجب جدا أعمال الحرق للممتلكات والاشخاص وكل اعمال القتل وهي اعمال تجـري في ساحة الوطن في خفاء ومن عناصر مندسة تكون التحقيقات الجارية في هذه الامور بعيدة عادة عن دائرتها كل البعد، وهي معفية عن الملاحقة. ومهما كان فان البعيد الذي لايأتي افتراضه ان تـقع هذه الامور من المؤمنين الذين هم اشد الناس محاسبة لانفسهم في مسألة الدماء والاموال والاعراض. واوكد ثانية ان هذه الاعمال مشجوبة مرفوضة بشدة واول من تجب محاسبته في هذا المجال هم قتلة العمد لضحايا التعذيب في السجون وهم مكشوفون للحكومة ولا يحتاجون الى بحث.

والحمد لله اولا واخرا، والصلاة والسلام على سيد العالمين محمد واله الطاهرين واصحابه الخيرين.

عيسى احمد قاسم

3 ربيع الاول 1418هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين محمد واله الطاهرين وصحبه المخلصين.

السلام على المعذًبين وراء القضبان الحديدية المحاربة للدين والكرامة والانسان. السلام على الصائمين القائمين الركع السجود في زنزانات القهر وهي تحاصر الصوم والصلاة والكلمة الهادية الامرة بالمعروف الناهية عن المنكر. السلام على احرار الوطن وأباته … السلام على سياج الدين وحُماته… السلام على عشاق الغد المشرق بالعدل وبناته … السلام عليكم اخوة الايمان وانتم في محنة العذاب من اجل الله، واشفاقا على الوطن وانسانه، واخلاصا للامة ومستقبلها.

يا(شيخ الشعب) انت ايها الاخ الجمري الابي : السلام عليك وعلى اخوانك واخواتك وابنائك ممن تغص بهم الزنزانات، وتضيق السجون اجساما مكدودة، وينطلقون وراء حدود المحسوس في رحاب القديسين في افاق الملكوت العلوي ارواحا طاهرة وقلوبا روية بالايمان في وله اهل الملكوت لأنس اللقاء وهي تحمل الشكوى إلى الله العلي القدير. السلام عليكم اسرى الاجساد احرار القلوب ورحمة الله وبركاته.

أبارك لارواحكم الهانئة في عذابكم الجسدي المرهق صيامكم وقيامكم وعيدكم الميمون، وقد حققتم مع انتصار الصائمين على نفوسهم في بعض رغائبها انتصار المجاهدين على كل رغائب الدنيا في تفوق باهر من امداد الله. ومن احق منكم بان يبارك له بالعيد وانتم صناع لتاريخ امة الامجاد … امة الصلاة والصوم والاعياد … اعياد الطاعات والقربات والانتصار على النفس في كل الميادين. نعم تصنعون تاريخ امة القران قرآنيا بجراحاتكم وآلامكم ودمائكم ونصبكم وعزمكم الشديدين وعنتكم في ذات الله. وابارك لشعب الصمود والتضحيات عيده المضمٌخ بكل الوان الاذى من اجل الله. وابارك له جهده وجهاده، وليله المؤرق ونهاره المرهق في سبيل دينه وشرفه وكرامته. الهي لانت اعلم بان هذا الشعب لم يبتغ في حركته ظلما ولا غيًا، ولايريد علوا في الارض ولا فساداً. وانما حرٌكته الغيرة لدينك، ودفع المظلمة عن المستضعفين من عبيدك وامائك. ولا اغبَر منك على دينك، ولا ارجى من عدلك ورحمتك للمظلوم من عبيدك وامائك ياعدل ياحكيم يا قوي يامتين.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصطفى الامين محمد واله الميامين وصحبه المهديين.

عيسى احمد قاسم

7 فبراير 1997م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى الهداة من حجج الله وأصفيائه وأوليائه.

بلاد بِلا مساجد بلاد بِلا إسلام، ومساجد بِلا تبليغ لا مساجد، ومحاربة المساجد محاربةٌ للإسلام، وتصفية لآخر معاقله وقلاعه.

والغريب أن يعود دور المسجد للانتعاش في البلاد الشيوعية: في موسكو أُم الشيوعية، والصين الحديدية، وبولندا المتشددة وغيرها، وان تأخذ المواجهة للمسجد والحسينية في الوقت نفسه في بحرين الإسلام والإيمان… هذا البلد الذي يحق صدقا أن يطلق عليه طوال تاريخه الإيمان المجيد عنوان(بلد المساجد والحسينيات) كثرة وتقديسا واهتماما… في البحرين التي عشقت المسجد والحسينية وذابت فيهما، ورأت منهما البيت الأول قبل البيوت الخاصة والمسكن الأصيل اكثر من بيوت السكنى.

والرأي أن ليس لائقا أصلا أن تتسلم البحرين ـ حكومة ـ الدور الشيوعي السابق في مصادرة المسجد والحسينية صلاة وتبليغا، ودرسا وتدريبا، فبئس الإرث وبئس الموروث. وان ليس سائغا أبدا أن تحرف البحرين ـ شعبا ـ بهذه المصادرة والتعطيل والتهميش، فان في هذا بدعة منكرة، ينبغي أن لا تجد لها قرارا في بلد من بلاد المسلمين، ولا في شبر من أراضيهم، وتقويضا لشعيرة إسلامية ثابتة يجب أن لا يتزحزح عنها قيد أنملة.

ولو توقف أئمة الجماعة والجمعة عن الوعظ والإرشاد وبيان الأحكام الشرعية، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخلت المساجد من الدروس والتدريس والمذاكرات الدينية لكان في هذا الضرر البالغ بالإسلام لما فيه من تغريب الدين والتسليم بأساس جائر ينبغي أن يقطع من الأساس، واعني به تعطيل المسجد عن دوره الذي شرعه الله عز وجل وباشره رسوله الكريم ـ صلى الله عليه واله ـ مصرا عليه، واقتداه فيه الأئمة الطاهرون والخلفاء الراشدون وعاشته الأمة في ظله ـ صلى الله عليه واله ـ ومن بعده ممارسة حية متصلة، وسيرة إسلامية عامة متحركة ثابتة طوال تاريخنا الإسلامي العظيم. ولا يسع أحدا من أصحاب الفضيلة أئمة المساجد أن يساعد على تمرير شيء من هذا المنكر وتأسيسه بالتخلي عن الوظائف المسجدية التي فتح بابها الإسلام أكد عليها الرسول ـ صلى الله عليه واله وسلم.

انه لمن المحرم الواضح أن تحول المساجد في أي بلد من بلاد المسلمين إلى مقابر مهجورة، أو مؤسسات رسمية تنطقها وتسكنها هذه المصلحة السياسية أو تلك من مصالح السياسة الزمنية التي طالما ناقضت مصلحة الدين، وخالفت المنطق والمنهج والغاية.

اسأل الله الكريم أن يلهمنا جميعا رشدا نبصر به عبوديتنا أمام عظمته التي لا تتناهى، ومقهوريتنا الذليلة أمام قدرته التي لا تترامى، لئلا نجهل بمكابرته ونشقى بمضادة شرعه وإرادته وهو السميع المجيب.

عيسى احمد قاسم

قم المقدسة

24 شعبان1417هـ

4يناير1997م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على كل حال، والصلاة والسلام على المصطفى محمد وآله الأبرار، وأصحابه الأخيار.

عاشوراء الأسى والثورة، والدم واللوعة – موسما وذكرى – ليس ترفا ولا نزهة، ولا عادة من عادات السطح الموروثة عن تقليد. إن عاشوراء قضية من قضايا العمق واللباب، وشعيرة ثرة من شعائر الروح والعقل والقلب، ومن شعائر الفرد والمجمتع، ومن شعائر العبادة والسياسة العبادية.عاشوراء من اجل إن نبكي بكاء دافعا حافزا، وان نعبّ عبا إيمانيا رويا مخصبا، وان نستلهم استلهاما سياسيا شاملا ناضجا…. من اجل الصحوة المستمرة النامية المتقدمة، ومن اجل إرادة في مستوى الصحوة وتكاليفها، وقدرة على الإقدام في إطار من سنا الروح، وضابطة من الفكرة، ورفعة من سماء القيم، وفلك من وعي الشريعة.

عاشوراء للتأكيد على الهوية الإسلامية الخالصة، فلا شرقية ولا غربية، وإنما صراط الهي مهيع لاحب… صراط القرآن والسنة. والقرآن والسنة واهل البيت (ع) مثلث متكامل، فلا مباينة ولا مزايلة وإنما ملاقاة ومعانقة، وانسجام واندغام. عاشوراؤنا وكربلاؤنا من أجل نظافة الهدف، وسمو القصد، وطهر الوسيلة، ونقاء الأسلوب.. ومن اجل إخلاص العمل، واخوُة الإيمان، وقوة الارادة، وصلابة الموقف، وثبات الخطى والمضي على الطريق، طريق الحسين، طريق الله إصلاحا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، ونصرة للدين، وللمظلوم والمستضعف. وما نصرتهما إلا من نصرته، وما خذلانهما إلا من خذلانه.

عاشوراؤنا وكربلاؤنا تجديد للبيعة من الحسين (ع) خطا أبديا ثابتا راسخا أكيدا، لا يتغير ولا يتبدل، ولا نحيد عنه ولا نميد…. الحسين(ع) الذي ما عاهد الله العظيم إلا واصدق العهد، وما بايع الدين إلا ووفى البيع…. وكل حياته (ع) من اجل عهد الله، وكل ما ملك من اجل الدين.

عاشوراؤنا موسم الروح الرسالية المضمخة بشذى روح الحسين (ع)، وهو موسم الكبير والصغير والرجل والمرأة …. موسم كل الأحرار وكل الشرفاء. والموكب الحسيني موكب لكل من تقله رجلاه من المؤمنين، ولكل من حملته مع الرجل العصا، ولكل من حبا وكبا…. الكل يخرج في موكب الأسى واللوعة والجهاد والثورة ليقول من كل وعيه وشغاف صدره وأعماق قلبه: لبيك يا حسين … لبيك يا حسين.. إن لم يجبك بالأمس بدني، فإني اليوم أجيبك بحشاشة نفسي، وأشلائي ودمي… وإني لكلي سمع لنداء يا لثارات الحسين…. وثارات الحسين (ع) دائما وأبدا ثارات الدين والقرآن والسنة… لا ثارات المكان والزمان، ولا ثارات البيت والقبيلة، والقوم والطائفة. السلام على الحسين وعلى على بن الحسين وعلى أحبة الحسين وأنصار الحسين… السلام على الأوفياء لخط الحسين (ع) من أهل القران والسنة، والمسجد والحسينية، والدرس والحفل العامر بذكر الله، والكلمة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر وهم يحيون ذكرى عاشوراء في سجونهم وزنزاناتهم بظروفهم الخانقة وقلوبهم المحترقة من اجل القيم والمظلوم والمستضعف، وبمأساتهم الكئيبة ورساليتهم الثابتة وصبرهم في ذات الله. السلام على صوت حر من صوت الحسين (ع) وشاعر أبي من شعراء الطف، وخطيب مفوه من خطباء منبر الرسالة ويوم كربلاء، وعالم كبير من علماء مدرسة أهل البيت (ع).

السلام عليك أخي سماحة الشيخ الجمري ورحمة الله وبركاته.

والحمد لله وإنا لله وانا إليه راجعون.

عيسى احمد قاسم

قم المقدسة 4محرم 1418هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام على رسول الله، وآله اولياء الله، واصحابه المهتدين بهدي الله. يجب إن يتضح جيدا ما يريده الشعب في البحرين من جهة، وما تريده الحكومة من جهة اخرى قبل إن يفكر في الوفاق، أو استمرار الشقاق.

ما يريده الشعب انما هو المواطنية الصالحة بمسؤلياتها وحقوقها معا، وهي مواطنية لايمكن إن تنفصل عن الاسلام في عقيدته وشريعته وقيمه وآدايه وخلقه في بلد الاسلام العريق والايمان المعمق. وكل ما طالب ويطالب به الشعب من امور تكرر ذكرها ، وعرفها الكبير والصغير، مما يمس ضروراته الدينية والدنيوية انما يقع في اطار هذه المواطنية الصالحة الملتحمة بالاسلام، المطلقة من رؤاء، في تاكيد قوى مستمر على التعايش الاخوي الكريم بين كل الفئات لتحقيق المشتقبل الحافل بالتقدم والعزة والكرامة والسمو والرخاء للجيمع.

هذا ما يريده الشعب فما تريد الحكومة؟

اذا كان مطلوبها الاستقرار الامني للجميع وسلامة الوطن وحدوده واستقلالتيه وتقدمه ورخاءه فلا خلاف، فهي لا تطلب غير ما يطلبه الشعب، ولاتتمسك به اكثر من تمسك به واصراره عليه . فلماذا كلفها؟! ولماذا إيداع الالوف في السجون، وتشريد من يشرد، وقتل من يقتل؟! ولماذا منه الاستباحة الواسعة لكل الحرمات والمقدسات، ونشر الرغب والهلع في كل ربوع الوطن العزيز؟! واذا كان المطلوب إن يفزع الاخرون، وان يخلوا، ويعيشوا روح الهوان والشحة في داخلهم، وان يكونوا الفقراء والجهلة والمساكين والمعذبين في الارض، وان تكسر عظامهم وجماجمهم حتى يحطوا الاعتراف الاستسلامي بالعبودية الكاملة والرق التام فهنا وقفات ومحاسبات. فهل يجوز إن تكون المهمة الكبرى لحكومة في الارض إن تستهدف من شعبها تحطيم كل ما به من شعور بالعزة والكرامة والاباء، وان تخرج منه امة ممسوخة من الناس؟! وما قيمة شعر من هذا النوع في مجتمع الانسان؟ وما قيمة حكومة تكون على رأس هذا الشعب؟! وهل ترتجي لشعب بهذه الصناعة إن يبنى وطنا، ويحمي حدودا، ويذود عن ارض؟! وما هو موقف الحكومة لو ارادت بها حكومة اقوى منها ما تريده من هذا بشعبها؟ اتستسلم ام تنتفض لتقول إن الموت في عز اولى من حياة العبيد؟! وهل تجد الحكومة اساسا عقائديا اوشرعيا أو نفسيا لهذا العشب مما يجمع إن تقام عليه امنية اذلاله وخضوعه حتى يقبل احذية المرتزقة وطلاب اللقمة الحرام؟!

هذا شعب القران الذي يطارد في النفس البشرية كل منابت المظلوم لغير الله، ويمدها بالشعرو بالثقة والمتانة من صلتها بالله، وشعب السيرة المحسومية التي زرعت روح العزة والكرامة والاباء في قلوب المسلمين حتى عادت الدنيا برغبها ووهجها لاتساوي في انفسهم شيئا. اليس مستحية على امة لمحمد(ص) وعلي والحسن والحسين المهديين (ع) … امة لها من رموز الصحابة والتابعين مالها من رموز الشموخ والرفعة والعلياء أن تنسى ربها ونبيها وكتابها وعزها وكرامتها ومجدها الكبير؟ اذا كانت الروح الانسانية وروح الاباء والشهامة تسري وتنتفض ببركة الاسلام وهداه في صفوف الوثنيين والشعوب الجاهلة في الارض، أيتوقع من شعوب الاسلام والايمان المختلط لحمها ودمها به أن تركع وتفسق في داخالها؟! لا الشعب يريد ازلالا للحكومة، ولا هو يمكن إن يذل ويستكين، الممكن، والمعقول جدا، والمطلوب التعاون على الخير، وبناء وطن الامجاد والتقدم والعز والكرامة. مطالب الشعب مفهومة وعادلة، ولاتمس من مصلحة الحكمة ولا من موقعها. ومطالب الحكومة إن كانت من النوع الاول فهي تلتقي مع عموم الشعب ومطالبه، فالعل اذا في تحقيق مطالب الشعب النابعة من ضورراته الدينية والدنيوية، والتى طالما اكدت وحددت بشكل واضح جلي. وان كانت مطالب الحكومة من النوع الثاني فهي من المستحيل، ومن الامر الحرام عوضه، الحرام قبوله، الاثم قاتله، والساعي به، والراضي بشيئ منه… وهو بريئ من الاسلام والاسلام بريئ منه.

فلا نرضى للحكومة إن تقوله، و ترضى للشعب إن يوافق على شيئ منه. ((ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)) ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد واله الطيبين واصحابه المنتجبين.

عيسى احمد قاسم

25 محرم الحرام 1418هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي اليه مرد العباد، والصلاة والسلام على محمد وآله اهل السداد والرشاد، واصحابه من حماة الشريعة الامجاد.

اود ان اؤكد للاخوة المؤمنين في البحرين ان ما اخاطب به هذا الطرف او ذاك مما يتعلق بالانتفاضة واحداثها انما ينطلق من الاحساس بثقل الوظيفة الدينية ولزومها، ويعبر عن موقف شرعي يتقيد بكل الضوابط الدينية من اجل احراز الوظيفة الشرعية لي ولمن يسمع مني الكلمة بعيدا عن المزايدات السياسية والتجاوزات الاعلامية، آخذا في التقدير كل ما قد يترتب على القول، والموقف العملي الذي قد يتـرشح منه، ومدى انسجام هذه النتائج سلبا او ايجابا مع اذن الشريعة، فما لم تحـرز لي الضوابط الشرعية رضى المالك الحق تبارك وتعالى لااخاطب احدا ولا اكتـب حرفا، فلست شاعرا هائما، ولاصحفيا متملقا، ولاسياسيا منفلتا، ولست ممن يستذوق ان يكتب للاثارة والالفات. وانما هي الوظيفة الشرعية، وكلمة الدين التي تفرض نفسها في الموقف خفت على النفوس او ثقلت، جاءت نتائجها سهلة مرضية، او صعبة مما يكره الناس.

بعد هذا فالكلمة للمؤمنين وقد قرب موسم عاشوراء الامام الحسين (عليه السلام) ان يبقوا على عهدهم مع ابي عبدالله وان يفوا بهذا العهد الوثيق الذي هو من عهد الله العظيم، فيحيوا امر الحسين (ع) والحسينية والموكب بكل جد واجتهاد، وبكل اخلاص ووفاء، بعيدا عن السمعة والرياء، وانما عبادة خالصة لوجه الله الكريم.

وان لايتخلف متخلف عن الحسينية والموكب، بل يلتحق بقافلة الحسين (ع) ولو حبوا على الركب، وان مصيبتنا بفقد حسينية او موكب من مصيبتنا بالحسين (ع). اذن فلا نرضى ولن نرضى بان نفقد مأتما واحدا او موكبا واحدا.

ولو كان هذا الكلام من تحديات اهل الدنيا لما استسغت ان اقوله، ولكنه من التزامات المؤمنين، ولايسع المؤمنين التنصل عن التزاماتهم.

والحمد لله رب العامين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وآله الطاهرين واصحابه الميامين.

السلام على المؤمنين الذين ارتضوا الله العظيم ربا، ومحمدا الامين (ص) نبيا ورسولا واماما، والاسلام القويم دينا، وموازينه موازينا.

عيسى احمد قاسم

20 ذي الحجة 1417 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيد النبيين رسول الله، واله حجج الله، وأصحابه الموقنين بالله. جاءت الأنباء مقلقة جدا بشان وضع شعبي متدهور أمنيا بصورة مروعة على مستوى الطائفة الشيعية في البحرين نتيجة لعنف حكومي بالغ الخطورة، معتد متحد لكل الضوابط الدينية والدستورية والعقلانية، وروح الحضارة العامة.

ويجب التأكيد ابتداء على الاخوة الشيعية السنية واعتبارها من الثوابت الراسخة التى ينبغي أن لا يفرط بها في البحرين، وسائر البلاد الإسلامية أبدا.

كما يجب التأكيد على الاخوة الوطنية، والعلائق والمصالح المشتركة المرتبطة بها، وان لا ينجر أحد تحت ضغط العنف الحكومي إلى التفريط بالاخوة المذهبية بين الطائفتين الإسلاميتين المحترمتين، ولا الاخوة الوطنية كذلك.

ونؤكد أن الانتفاضة في البحرين ترتبط بمطالب عادلة وهي ملتزمة هذا المسار ابتداء واستمرارا وليس لها أي شأن من قريب ولا بعيد بغرض زعزعة نظام الحكم.

أما العدوان الحكومي السافر على الطائفة الشيعية برجالها ونسائها، وشيوخها وشبابها وأطفالها، ومساجدها وحسينياتها، ومقدراتها المذهبية وشعائرها الدينية مما يمثل هجمة شرسة واضطهادا طائفيا بينا مخططا، فهو مما يقضي أمن البلد حاضرا ومستقبلا، أن تتراجع الحكومة عنه حالا، وان يعمل العلماء من الطائفتين الإسلاميتين الشقيقتين وكل المثقفين والوجهاء عاجلا على الوقوف في وجهه من خلال الكلمة الموحدة الصريحة الناصحة للدولة، وإلا فانه سيجر إلى مطب خطير وكارثة حقيقية مدمرة يجب أن نقف جميعا مخلصين للحؤول دون وقوعها، استجابة لنداء الله سبحانه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفاظا على المقدسات والدماء والأعراض والأموال. وهي أمور لم يبق منها شيء وللأسف إلا واستهدفته الغارات الحكومية على المواطنين العزل في مدنهم وقراهم. وهذا أسوأ درس توحي به حكومة لشعبها، وتجسده عمليا أمامه على مسرح الأحداث الواقعية، وهو اخطر درس مرشح لان يعصف بكل أمن وبكل استقرار ومكتسبات. وهل يراد بهذا الدرس أن يركع؟! لو كان فهو ظن باطل، ورهان خاسر، فكلما استهدف العنف أن يركع زاد في روح الإباء، وانتفضت روح العزة بالله في النفوس المؤمنة، وهي من ثمار الأيمان والاُكل الطيب لروح التقوى. وهل يراد لهذا الإرهاب أن يهز الأرضية من تحت منبر الحسين (ع) وموكب الحسين (ع)؟ الجواب انهما يبقيان – في قرار المؤمنين – ولو عبر موج من دمائهم الزكية.

ونؤكد هنا أن المذهب الشيعي يحرم علينا أن يتحول إلى مؤسسة حكومية عبر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أو غيره ونحن متفرجون.

ندائي للحكومة أن تطلب الأمن بالأمن، والاعتراف بالذات بالاعتراف بالآخرين، وان تمد إلى شعبها يد الإخلاص لا يد العداوة. وعلينا جميعا ألا نتعدى حدود الله سبحانه في مال خاص أو عام ولا في دم أو عرض ولا حرمة من الحرمات، وان نطلب وحدة الوطن لا تمزيقه، وخيره لا شره، وبناءه لا هدمه. والحكومة بيدها مفتاح هذا الأمر كله. وقرار العنف الذي تاخذ به ممزق لا موحد، وهادم لا بان، وفيه شر الوطن لا خيره، فإلى قرار السلام يا حكومة، إلى قرار الوحدة والبناء والخير.

وندائي للشعب المسلم أن يهب لتدارك ما يستطيع من الخسائر المادية الفادحة التى حلت بمناطق العدوان الحكومي المدمر ((وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وانتم لا تظلمون)) الأنفال 60.

والسلام على جميع الشهداء والشهيدين : بشير عبدالله احمد وعبد الزهراء إبراهيم عبدالله اللذين مضيا إلى رضوان الله وهما يقولان عن أمة الأيمان: نموت ويبقى الحسين.. نموت ويبقى منبر الحسين … نموت ويبقى موكب الحسين (ع).

والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين واله الطيبين وأصحابه الميامين.

عيسى احمد قاسم

قم المقدسة

10 صفر 1418 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الملك الحق المبين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين

محمد وآله الطاهرين وأصحابه الميامين.

قضية السجن لسماحة الشيخ المجاهد المؤمن، الشيخ عبد الأمير الجمري لا يوقف معها الوقوف مع المناسبة العابرة، لانها هم يومي مشتعل وقضية لاهبة دائمة تؤرق ضمير شعب وتعذب أيامه وتهدد أمنه، وتسخر بمشاعره. والقول بأن سجن الشيخ ورفاقه لمصلحة سياسية حكومية – بغض النظر عن كونها مصلحة غير مبررة شرعاً إلاهياً، ولا قانوناً وضعياً، ولا عرفاً عقلائياً – قول يرده الواقع الذي يتحدث بلغة صارخة يومية بأن سجن الشيخ لا يعطي إلا تأجيجاً، ولا يزيد إلا إلهاباً. هذا الواقع نفسه يتهم الحكومة بأن اعتقال الشيخ واستمراره ليس إلا للاستخفاف بالشعب عامة وبحقوقه وكرامته ومقدساته، وبطموحاته العادلة واتطلعاته المعتدلة. وهو حكم على كل ذلك بالمصادرة والالغاء، على انه استخفاف والغاء بصورة خاصة لطائفة معينة من أبناء الشعب مظلومة مقهورة بشكل مركز ومريع. والشعب وحدة واحدة لا تتجزأ، وكيان مترابط واحد لا يتعدد. وهل يراد للشعب أن ينسى الشيخ الجمري! ضميره اليقظ، وفكره الأصيل، وصوته المعبر، وكلمته الصادقة ؟! أن ينسى جرحه الدامي، ومرآة معاناته، وصرخته المدوية بالمطالبة بحقوقه ؟!

أنت جميل أبا جميل، ولك على الشعب الجميل. وشعبك حر لا ينساك ولن ينسى جميلك الكبير. أنت الشعب وهل ينسى الشعب نفسه ؟! أنت الوطن، لمجده وحينيته، ولناديه وجمعيته … أنت لعماله وتجاره، لكباره وصغاره … وأنت لرجاله ونسائه … أنت رمزه وبطله ومجاهده، وكيف ينسى الوطن رمزه لينسى ؟! وكيف يغفل عن بطله ومجاهده فيغفل ؟! إذا أرادت الحكومة أن تسمع للشعب كلمة فالشعب المظلوم كله عندها في السجن. فالشيخ هو كل ذلك الشعب المظلوم، وكلمة الشعب عنده، وهو حر أن يقول هذه الكلمة داخل السجن، أو يرفض أن يقولها إلآ في أحضان شعبه وبين أبنائه وأخوته. والشعب لم يأخذ شيئاً يطالب به، وليس بيده مكتسبات وامتيازات يعطي منها. ولو أعطى الآخذ ما أخذ لم تكن أحداث تتراكض، ولا مشكلة تتصاعد. وعندما تستمر الأحداث وتتصاعد وتيرتها، فذلك لا يفسره إلآ قرار مسبق من الآخذ، وعزم منه مبيت على التدمير. نرجو أن تبدي الأيام القادمة ما هو على خلاف هذه الرؤية التي تلجئ إليها لغة الموقف الحكومي المراوح على أرضية التصلب بل الآخذ بالتصعيد.

اللهم أرنا الحق حقاً فنتبعه، وأرنا الباطل باطلاً فنجتنبه.

عيسى أحمد قاسم

قم المقدسة

16 يناير 1997م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد النبيين، وخاتم المرسلين وآله الطيبين وصحبه المنتجبين.

بلغ القتل للمؤمنين في البحرين على يد الحكومة في صوره المتعمدة المتعددة حد السرف، واسقاط حرمة الدم الحرام في نظر السلطة. ومن صور ذلك ماترتبه الدولة من عقوبة الاعدام على المحاكمات الصورية التي لا تلتقي مع كتاب ولا سنه، ولا تأخذ حتى بالقوانين الوضعية المدنيّة اليوم في تقيّداتها.

وهذه الايام تجري محاكمات في محكمة أمن الدولة لعدد كبير من المؤمنين تتهدّدهم بالاعدام والسجن المؤبد. والوثيقة الوحيدة لهذه المحاكمات الاعترافات المضطربة والمنطوية على مضامين معلومة الكذب، والمترتبة على عذاب ظلت اثاره في اجساد البعض عددا متطاولا من الشهور، فنسأل علماء البحرين وطلابها الدينيين كملا، ونسأل علماء الخليج والعلماء المسلمين قاطبة هل يرتب الاسلام – دين الدولة والمصدر المنصوص عليه دستوريا لقوانينها – على هذه الاعترافات المأخوذة ليس تحت التهديد وانما تحت العذاب أي عقوبة فضلا عن عقوبة الاعدام والسجن المؤبد؟! ونسأل كل الحقوقيين في العالم هل يسوغ ذلك في ما عرفوه من دساتير وقوانين؟!

لئن قال عالم نعم فقد افترى على الاسلام فرية تبوئه مقعده من النار، ولئن قال حقوقي نعم فقد فضح نفسه، وليت العلماء في البحرين وكل الحقوقيين معهم يعلنون اجابتهم الصريحة على هذا السؤال في هذا الوقت، فالعلم له ضريبة وهذا من ضريبه. واني انصح الحكومة بالتدبر والحكمة قبل الحكم، وبالرويّة والتفكير قبل القرار، وبخوف الله العظيم وسطْوته وقهره.

ولتعلم الحكومة ان اتخاذها أي اجراء يهدد حياة هؤلاء المؤمنين باسم هذه المحاكمات الصورية المرفوضة من القرآن والسنة، وحتى من دستور البلاد ان بقي لها دستور، انما يعني افتاء منها نفسها بأن على المؤمنين بالله ورسوله (ص) واليوم الآخر ان يلبسوا اكفانهم لملاقاة الموت، صونا لحرمة الدم المسلم ولو ببذل الدم، وحماية لمقاييس الحق والعدل والدين ولو بالروح.

والى الله اللجأ وعليه المعتمد وعنده الحمى لمن لا حمى له.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الكريم وآله الطيبين وصحبه المنتجبين.

عيسى أحمد قاسم

6 ذي القعدة 1417 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الكريم محمد الأمين وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

يمر العيد بعد العيد والسجون في البحرين تغص على كثرتها وتزايدها بالألوف لا المئات من أبناء الوطن العزيز ذي الرقعة الجغرافية الضيقة والعدد السكاني الضئيل.

ولو طرحت الدولة على نفسها بعض الأسئلة وحاولت أن تأخذ بالقسط في الاجابة لما وجدت الجواب الذي يبرر لها دينا، أو عقلا، أو عرفا عقلانيا، أو حتى على مستوى المصلحة السياسية البحتة هذا الاضطهاد المتواصل، والزج بالافواج تلو الافواج من مختلف الاعمار في السجون.

الشيوخ والشباب، الكهول والصبية، والرجال والنساء، والعلماء والمثقفون ممن تعج بهم السجون من أبناء الانتفاضة أهم من شريحة اللصوص والمختلسين؟! والجناة وقطاع الطرق؟! والمتساهلين أخلاقي والموغلين في المخدرات والسلوكات المنحرفة؟! أم هم من شريحة المصلّين الصائمين، التّالين لكتاب الله ، المتعففين عن محارم الله ، الطالبين لرضوانه؟ لا أرى أن يتجاسر أحد، فيبهت هؤلاء الصالحين الأخيار فيصنّفهم تحت القسم الأول.

ثم هؤلاء المؤمنين، أشهروا السلاح في وجه السلطة؟ أو انتظموا جيشا يهاجم معاقل الحكومة، ويسعى لاسقاط الحكم؟! أهم هؤلاء هو نشر الفوضى وزعزعة الأمن وتسميم الجو بالرعْب.؟! أهم كذلك؟! أم هم مواطنون أحسوا ظلما ورهقا فرفعوا مطالب لا تبلغ في حدّها الأعلى، ما هو الحد الأدنى مما تعيشه المجتمعات التي تعترف بآدمية المواطن شيئا ما، فضلاً عما تقرّره الشريعة الاسلامية العادلة من حقوق انسانية جليلة؟!

مواطنون وجدوا أنفسهم يندفعون الى الشارع بعد الضيق والخناق ونفاذ كل الوسائل ليصرخوا بالحكومة واويلاه، واغوثاه. فجاءهم الغوث رصاصاً في الرؤوس والصدور، وجاءهم الغوث سجنا وتعذيبا وتنكيلا. وغيره كثير مهول مخجل من المؤسف أن يكتب في تاريخ البحرين البلد الاسلامي العريق.

الصحيح والدقيق من الأمرين، هو ما يقول به الفرض الثاني. وآية ذلك تظهر فيما لو استجابت الدولة لصرخات الشعب، وحقّقت مطالبه العادلة، حيث من المؤكد أنه ستنتهي عندئذ كل مظاهر الاحتجاج والتظاهر.

ومن دون ذلك ستبقى ضرورات الشعب أقوى من عنف الدولة. والمسألة في جانب الشعب مسألة ضرورة ودين لا مسألة بطر وغرور. وهي الطرورة التي جعلت هذا الشعب المبارك يدفع كل الثمن الذي دفعة ويدفعه كل يوم، وأن تكون اعياده مآتم، وهو الدين الذي جعله لا يمل المعاناة، ولا يمن بما أعطى، ولا يستكثر ما بذل. والمراهنة على كسر ضراوة الضرورة، وتراجع الدين بالعنف، قرار غير مدروس ولا موفّـق.

يامن بيده الفرج، ومن عنده يلتمس المخرج، فرّج للمؤمنين والمؤمنات، وأخرجهم بفضلك من الضيق الى السعة، ومن الشدة الى الرخاء، واحرسهم بعينك التي لا تنام، وأكنفهم بركنك الذي لا يرام ياقوي ياقوي، ياعزيز ياعزيز.

والحمد لله أولا وآخرا، والصلاة والسلام على محمد وآله سادات الورى، والمحجة البيضاء إلى رب العلى، وعلى أصحابه النجباء.

عيسى أحمد قاسم

9 ذي الحجة 1417 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الملك الحق المبين والصلاة والسلام على نبيه الأمين ، ورسوله الكريم محمد واله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

لا أزيد تعقيبا على محاكمات يوم الأربعاء 26 مارس 1997م ، والتي أجرتها محكمة أمن الدولة في البحرين، والمحاكمات السابقة عليها والمحاكمات التالية لها على ما جاء عن منظمة العفو الدولية في تعليقها على محاكمات يوم الأربعاء المذكور في الوثيقة رقم11/04/97  MDE-  بتاريخ 26 مارس 1996م ، من هذه الكلمة ((.. غير أنا نعتقد أن هذه المحاكمات تتسم بالجور الشديد )) وهذه الكلمة الأخرى (( أن تحقيق الصالح العام لا يتأتى مطلقا بإهدار حق المتهمين في تلقي محاكمة علنية عادلة وفقا لما تقضي به المواثيق الدولية )). هذا من كلمات الحقوقيين الذين يتكلمون عن حقوق الإنسان في ضوء مواثيق ودساتير وقوانين عالم التشريع الوضعي هذه الأيام. وأما من ناحية شرعية إسلامية وهي ميزان الحق والعدل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فالقيمة الاثباتية لهذه المحاكمات هي والصفر على حد سواء.

وعليه يبقى إطلاق السراح لكل سجناء الانتفاضة من حكم عليهم ومن من لم يحكم محل مطالبة الشعب واحد استحقاقاته اللازمة التي لارفع لليد عنها أبدا. ولا يدخل في الاعتقاد أن تتوقف حركة المطالبة في يوم من الأيام أو أن يوافق على حل، وواحد من سجناء الرأي في الانتفاضة وما قبلها قابع في السجن .

وإذا كان من أحد يضع المسالة في إطار تركيع الشعب أو الحكومة، فنحن إنما نضع المسالة في إطار تحقيق أمن وطني مشترك، في ما نعتقد أن الشعب هو أول من يبحث عنه، وهو المفتقد الحقيقي له، والمحتاج للإصرار على توفيره . وكل شهداء الانتفاضة و سجنائها ضحايا المطالبة الصادقة بتوفير الأمن في بعديه المادي والمعنوي الكبير في هذا الوطن المعذب.

ومن هو أولى من هذا الجمهور الشعبي الذي منه السجناء والشهداء والمعذبون والمغربون بالبحث عن أمن الوطن، والعمل عليه بحرص، والمطالبة به بإصرار، وهم الذين يجدون جذورهم وامتدادهم النسبي والسببي البعيد الأصيل متغلغلا فيه ؟!

ومن يصدق أن مستوطني ما قبل اشهر أو سنة أو سنتين احرص على الوطن وسلامته من أبناء الوطن ذواتا وأباء وأجدادا بعد أجداد بعد أجداد وأجداد، ضاربين بجذورهم في أعماق الزمن في تفاعل وحنين مع تربته الكريمة ؟! ومن يصدق أن من كل أهليهم وعشائرهم في البلاد الأخرى ولهم من تلك البلاد مواطن ومأوي اكثر حفاظا وتمسكا بأمن البحرين ممن يجد كل أهله وعشيرته في أرضها؟! نعم لا اشد طلبا لأمن البحرين ولا احرص عليه من هذا المواطن الذي ينحدر من سلسلة طويلة من الأجداد الكرام، الذين تصبب عرقهم جهدا وجهادا لبناء هذا الوطن حقبا وحقبا من التاريخ.. من هذا الذي ترتبط كل أمال عيشه بأرض البحرين، ويجد فيها عشبه الوحيد، وفي أهلها أهله وعشيرته.

ومن اجل هذا الأمر في بعديه كانت الانتفاضة ولا زالت تتواصل والمطالب الشعبية المعروفة الثابتة ومن بينها المجلس الوطني وسيلة من وسائل هذا الأمن. الانتفاضة مرهونة بتحقيق هذا الأمن وتلبية المطالب التى يقتضيها. وكلها مطالب بعيدة عن التحليق والمعالاة، ودون مستوى المعاناة عند الشعب. فالأمن وتوقف الانتفاضة ومصلحة الوطن الكبرى تنظر موقفا متعقلا منصفا من الحكومة واستجابة عملية للمطالب الشعبية العادلة لا في إطار التفكير بعقلية الغالب والمغلوب وإنما في إطار التفكير في إطار أمن وطني حقيقي ثابت وبناء وطني رصين متين.

والحمد لله، والصلاة على رسول الله، واله أولياء الله، وأصحابه الموفين بعهد الله.

عيسى احمد قاسم

قم المقدسة

29 ذي القعدة 1417هـ.

28 مارس 1997م.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، واله أولياء الله، وأصحابه الأوفياء بعهد الله . إن الأحداث التي تتحدى الحكومات والأمم، ويمكن لها أن تثبت جدارتها الكبيرة من خلالها، هي أحداث البناء الحضاري الشامخ، والتقدم الإنساني المجيد. ولا طريق إلى هذا أمام أي حكومة من الحكومات، ما لم تستطع أن تجمع الصفوف في وحدة وطنية رائعة، وراء مشروع حضاري إنساني رائد، يلتزم القيم، ويستهدف مصلحة الجميع، ويهمه شأن الإنسان بكل أبعاد روحه وعقله وقلبه وبدنه. ولم تتم هذه الوحدة ولن تتم في يوم من الأيام في أي دولة من الدول عن طريق القهر والقسر لتبقى وتتجذر، وتُعطي وتُنْمي. وكل يوم من حياة الوطن يمكن أن يمر عابرا بلا تاريخ، أو بتاريخ من المأساة والتمزق، والشيء الصعب أن تُوجد حكومة ذلك اليوم الذي يمثل نهاية للمأساة والتمزق، وبداية لإشراقه تاريخ جديد حافل بالتعاون والأُخُوات، غني بالعطاء، مؤكد على الأنصاف، مفعم بالمحبة، منفتح على خير الجميع. ويوم السادس عشر من ديسمبر قريب موعده، وبوسع الحكومة في البحرين أن تجعله نقلة من تاريخ الأزمة إلى تاريخ الانفراج والتفاهم والتلاقي على طريق المصلحة الوطنية الواحدة، باتخاذ خطوات إيجابية – يتطلع إليها الشعب، ويثمن المبادرة بها – من رفع أحكام الإعدام وإطلاق كل المعتقلين، وفي مقدمتهم سماحة الشيخ الجمري حفظه الله وبقية المشايخ والأساتذة، ورفع المنع عن المبعدين والممنوعين من العودة إلى الوطن. وهذه الخطوات افضل باب تفتحه الدولة على مسألة تسوية المشكلات، والحوار الوطني الناجح الذي لا يستهدف إلا بناء الوطن ووحدته ومجده بالتشييد والتثبيت والترسيخ. وهي خطوات لو تمت لوجدت ترحيبا شعبيا واسعا ولكان لمصلح أن يرفع عقيرته بتثمينها. نأمل أن يكون هذا تاما غير منقوص، كاملا غير مجزوء فإنه لا ينقص من قدر أحد، ولا ينال من كرامة أحد، بل فيه عز العدل وشرف الإنصاف، وفيه سلامة الوطن ووحدة أبنائه. والله ولي امرنا جميعا وهو المعين تفضلا لمن استعانه، والهادي تكرما لمن استهداه، والموفق تحننا لطالبي سبيله.

عيسى احمد قاسم

قم المقدسة

16/رجب 1417 هـ -28/11/1996م.

10 صفر 1418 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين محمد واله الطاهرين واصحابه المنتجبين. بدأت احداث البحرين بدعوات تطالب بتوفير فرص العمل، واحترام القيم الخلقية والمشاعر الدينية. وكان هناك سجناء ومبعدون، وتعطيل لدور الكلمة المصلحة، ومصادرة للمجلس الوطني- قناة التعبير الشعبي عن الشكوى والمظلمة-مما يشكل موضوعا للمطالبة العادلة. فاختارت الحكومة يومها الرد الباطش والمواجهة القاسية، فكان هذا الخيار زيتا مشتعلا يصب على النار التى كانت تجد من ضرورات الناس ما يلهبها. وحجم الضرورات ومبررات البداية للاحداث تزداد على الايام من خلال بشاعات سفك الدم الزكي على حرمته وقداسته واحد من فظائعها وليس افظع ما فيها. فاذا كانت المطالبة بتلبية ضرورات كلقمة العيش، ورفع مظالم كالقتل والهتك، والسجن والتشريد والتعذيب، فهي مطالبة يهتف بها الدين ويدعو اليها العقل، ويجمع على حقانيتها العقلاء، ويستحيل ان نجد عالما واحدا في الدنيا كلها بل ولا جاهلا يتنكر لهذه المطالب، أو يلوم شعبا يرفع عقيرته بها. نعم للناس ان يدعوا الشعب لحسن المطالبة، وان يدعوا الحكومة إلى حسن الاستجابة، ولقد احسن الشعب صنعا جدا وهو يرفع شعار الحوار من اول يوم ويستمر عليه اما خطأ قد يحدث من هذا أو ذاك، هنا أو هناك فالشعب ليس معه. واوصي هنا مجدا مشددا برفعة الكلمة، وتجنب كل ما يشين ولا يزين من قول أو فعل، وان لا يدخل في المشادات والمخاصمات وان يطالب بالحق باللغة النظيفة الرفيعة انسجاما مع الادب الشرعي واكراما للنفس واثباتا للفضيلة. وللآن فلنار الاحداث زيت يزيد اوارها، وما يطفي لهبها، وفي يد الحكومة من هذا الزيت والماء ما ليس في يد الشعب، وعليها مسؤوليتهما، والشعب هو الماخوذ منه لا الآخذ، وهو المطالِب لا المطالَب. فماذا نقول له قبل ان تعدل الحكومة عن سياسة صب الزيت في النار، وتأخذ بالترجيح للغة الحوار في حقوق وضرورات هي اوضح من ان تحتاج إلى الأخذ والرد، وتقليب الرأي، أو ان تحتمل المناورة ؟! ايقال للمأخوذ منه بالصمت، ولا يقال للآخذ بالعدل؟! ويقال للمطالِب المغبون سكونا، ولا يقال للمطالب الغابن انصافا؟!! اما نار الاحداث فشأنها خطير وشرها مستطير ولئن بدأت تحرق بيت عدوك فإن استمرارها يحرق بيت صديقك وبيتك ولماذا يكون عدو وصديق في البلد الواحد على يد حكومة هي مسؤولة امام الله القادر قبل كل شيئ ان تحنو على الكل وترص صفوف المواطنين جميعا في الطريق الصالح وتكون لهم عونا ويكونوا لها عونا على الرقي بالحياة واصلاح الشأن الواحد المشترك؟!!

( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) التوبة 105

عيسى احمد قاسم

قم المقدسة

1/رجب/1417هـ 13/11/1996

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى