“السعودية” في الفكر السّياسي للأستاذ عبد الوهاب حسين
ينظر الأستاذ عبد الوهاب حسين إلى السعوديّة، بما هي نظام سياسيّ مركّب، باعتبارها جزءا من محور محدّد، والذي تقوده الولايات المتحدة.
في التقاطع الإستراتيجي للبحرين؛ فإنّ الأستاذ يحدّد المنظار إلى السعوديّة من خلال “الفاعل الأمريكيّ” في البحرين وعموم المنطقة. فالبحرين، كما يقول الأستاذ “هي مركز الأسطول الخامس في الشرق الأوسط، وحليف إستراتيجي لأمريكا”. وفي الخطّ ذاته، يضيف الأستاذ، فإن “السعودية حليف لأمريكا، وداخلة بقوّة على خط الصّراع في المنطقة مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران”.
خلال النقاش المفتوح في مجلسه (جلسة الثلاثاء) بتاريخ 19 أبريل 2010م؛ يرصد الأستاذ المشروع السعوديّ الذي تمّ الإعلان عنه آنذاك بشأن إنشاء “مدينة نووية” في الرياض، والذي سيق في إطار ما وُصف بـ“توازن الرّعب النووي”. يلتقط الأستاذ هذا المشهد ليضع علامات تعجّب واستفهام حول “الاستخدام العسكري للطاقة النووية” من الجانب السعوديّ، وذلك في الوقت الذي لا تكفّ واشنطن عن تهديد الجمهورية الإسلامية بشأن مزاعم الاستخدام النووي لأغراض عسكريّة.
في السّياق نفسه، يكشف الأستاذ عن جملة من المفارقات التي وصفها بـ”الغريبة”. يقول “إن المشروع النووي الإيراني هو مشروع وطنيّ قامت به كوادر إيرانيّة، بينما المشروع النووي السعودي هو مشروع مستورد من الخارج”. وهذه الملاحظة تتضمن نقديّة جذرية لطبيعة “المحتوى” التفصيلي للكيان السعوديّ، وهو محتوى محكوم بالخارج، وتديره الهيمنة الأجنبيّة بالكامل، كما اتضح على نحو متدرّج ودراماتيكي؛ عندما جاء الرئيس الحالي دونالد ترامب ووضعَ يده على السعوديّة واعتبرها “بقرة حلوباً”، وبالتزامن مع اختطاف سيادتها باتجاه ربطها بالمشروع الأمريكي والصهيونيّ، وعلى النحو الذي يدفع به ولي عهد آل سعود، محمد بن سلمان.
في المجلس ذاته، وفي التاريخ نفسه، يقدّم الأستاذ قراءةً استبصاريّة ذات دلالة مهمة فيما يتعلق بـ”المشروع النووي السعودي”. ففي حين أن “الجمهورية الإسلامية في إيران تؤكد بأن مشروعها النووي هو مشروع للأغراض السلمية فقط، وتنفي أية صفة عسكريّة للمشروع، وقد تكلم مرشد الثورة عن حرمة السلاح النووي، بينما تتحدث السعودية عن البُعد العسكري لمشروعها النووي”. ويستنتج الأستاذ من ذلك أن السعودية “يمكن أن تتحول إلى مخزن للسلاح للنووي الأمريكي”، ما يعتبر “خروجا فاضحا على مباديء وقيم شعوب المنطقة، وتهديدا صريحا وحقيقيا لمصالحها”. وعند هذا الموقف يمكن التقاط الالتماعة التي وجّه إليها الأستاذ، في ذلك الوقت، بخصوص التهديد “السعودي” للمنطقة ولمصالح شعوبها، واحتمالات أن تصطفّ السعودية في الجهة المعادية لـ”مباديء وقيم شعوب المنطقة”.
ويذهب الأستاذ عميقاً في نقد النظام السعوديّ، ويلاحظ أن الأخير لم “يستثره المشروع النووي الصهيوني، مع العلم بالصبغة العسكرية الفاضحة لهذا المشروع، وامتلاك الكيان الصهيوني إلى مئات الرؤوس النوويّة”، في حين استثاره “المشروع النووي الإيراني، رغم تأكيد الإيرانيين على الصبغة السلميّة لمشروعهم، وعدم قيام أي دليل على البعد العسكريّ له”.
ما الذي يعنيه ذلك بحسب الأستاذ؟
يدلّ ذلك على أن السعوديّة تنظر إلى إيران “على أنها عدو أكثر عداوةً من الكيان الصهيوني”. لاشكّ هذه الخلاصة، وبالنظر إلى الظرف الذي كان يحيط بالمنطقة في أبريل من العام 2010م، تمثل استبصاراً دقيقاً للطبيعية السعوديّة التي ستأخذ التموضع الذي يتحدث عنه الأستاذ، وبشكل غير مسبوق، في السنوات التي بدأت من العام 2011 وما تلاه. فالموقف السعوديّ تجاه إيران “رغم أنها دولة إسلاميّة، جارة، بينها وبين شعوب المنطقة مصير ومصالح مشتركة” – والكلام للأستاذ – إلا أن آل سعود سعوا إلى توجيه المسار العام في المنطقة نحو استعداء إيران، واعتبارها “العدو الحقيقي”، وتزامنَ ذلك مع إرغام شعوب المنطقة على الإذعان لهذا الخيار السعودي، وساعد على ذلك أن “شعوب المنطقة للأسف، لا تمتلك حرية التعبير عن رأسها، وتُقاد إلى مصيرها الأسود كما تُقاد الخراف إلى المقصلة”، بحسب تعبير الأستاذ عبد الوهاب حسين.