النص الكامل لكلمة السيّد مرتضى السّندي ليلة السبت 14 ديسمبر: الاستقامة.. وعيد الشهداء
- نص كلمة سماحة السيد مرتضى السندي ليلة السبت، 14 ديسمبر 2018م، ضمن البرنامج الإيماني الأسبوعي.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمدلله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
اللهم أحينا حياة محمدٍ وآل محمد وأمتنا ممات محمدٍ وآل محمد بجاه محمدٍ وآل محمد صلواتك عليهم أجمعين
من التكاليف التي كلّف الله بها نبيه الكريم (ص) في القرآن الكريم كثيرة جداً ولم نجد من النبي الأكرم (ص) إلا التسليم لله سبحانه وتعالى ولكن هناك آية عندما طلب الله سبحانه وتعالى من نبيه أمراً تغيّر حال النبي وتعجبّ أصحاب النبي والقوم من تغيّر حال النبي حتى قال في شأن هذه الآيات: «شيبتني سورة هود»، ما هي هذه الآيات التي نزلت على النبي الأكرم (ص) بحيث بأنه تغيّر حال النبي؟ هذه الآيات هي الآيات الكريمة التي طلبت من النبي (ص) أن يستقيم هو ومن تاب معه، الاستقامة ضد الزيغ والانحراف والميل، الاستقامة في سبيل الله، قال تعالى «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ» في طريق الدعوة والجهاد والمقاومة إلى الله سبحانه وتعالى يعترض الإنسان صعوبات داخلية وخارجية، الصعوبات التي تعتري الإنسان من الخارج هي الضغوطات في الخارج؛ الحرب، السجن، الملاحقة، القتل، الفتك، الجرح، الجوع، الخوف، كلها ضغوط خارجية يمارسها الطغاة المستبدين الجبابرة المشركين ضد المجاهدين وأنصار دين الله وأنصار العدالة وإحقاق الحق، فهناك ضغوط خارجية تتركز على الإنسان بحيث تدفعه في اتجاه الميل عن الطريق المستقيم، وهذه ضغوط تأثر على كثير من الناس، الكثير من الناس عندما يلتحقون بقافلة الجهاد والمقاومة والمطالبة بالحقوق والدعوة إلى الله هذه الضغوط تثنيهم عن المواصلة والاستمرار فتبعدهم عن طريق الاستقامة، هذه الضغوط الخارجية التي تفرض على الإنسان.
هناك أيضاً ضغوط داخلية أمثال حب الراحة، حب الأمن، حب الاستقرار، البخل، الشّح، كل هذه الأمور داخلية تدفع الإنسان إلى أن يبتعد وينحرف ويزيغ عن طريق الاستقامة.
الله سبحانه وتعالى عندما يخاطب النبي (ص) لا يطلب منه أن يستقيم لوحده، النبي (ص) بما ربى عليه نفسه وبما أعطاه الله سبحانه وتعالى من نِعَم يسهل عليه أن يستقيم لوحده ولكن الذي شيّب النبي الأكرم (ص) حينما قال: «شيبتني سورة هود» بأن الطلب لن يأتيه لوحده بل قال: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ»، إذن هناك وظيفة إضافية إلى النبي الأكرم (ص) وهي أنه يأخذ بأيدي الناس الذين آمنوا برسالة ودعوة وخط النبي الأكرم (ص) إلى الاستقامة، الاستقامة يعني الصبر والصمود والمواجهة مع التحديات الخارجية والداخلية، هذا الأمر كان شاقاً على النبي (ص)، النبي لوحده سهلٌ عليه أن يواجه هذه التحديات الخارجية والداخلية ولكن حينما تنضم وظيفة أخرى إلى النبي وهي أن يأخذ بيد الذين آمنوا مع النبي ومن تاب معه، هنا تتضاعف المسؤولية وهذا الذي دفع النبي الأكرم (ص) بأن يقول «شيبتني سورة هود»، بماذا يريد الله سبحانه وتعالى النبي الأكرم أن يستقيم؟ قال تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ» ما هو الركون؟ هو الميل القلبي، مجرد الميل القلبي للذين ظلموا هو ابتعاد عن خط الاستقامة.
اليوم الذين يشاركون في مشاريع الطواغيت كالانتخابات وعيد الجلوس هم الذين يرقصون على جراحات الشعب البحريني.
اليوم هناك دعوات وهناك إلزام من بعض الروضات وبعض المدارس بأن يأخذوا أبناءنا الذين هم أخوة الشهداء وأبناء الشهداء، أخوة المعتقلين وأبناء المعتقلين، أبناء الجرحى وأخوة الجرحى، أبناء المطاردين وأخوة المطاردين، أبناء المهجرين وأخوة المهجرين، أبناء هذا الشعب الذي وقع عليه الظلم والضيم يأخذونهم في حفلات الرقص وحفلات الغناء من أجل عيد جلوسهم، كل من يساهم في هذا الأمر سواء كان أولياء أمور أو روضات أو مدارس أو مؤسسات أهلية هم يميلون إلى الظالم ويركنون إلى الظالم، وهذا مصداقٌ جلي الركون إلى الظالمين؛ المشاركة في هذه الحفلات والبرامج والدعايات هي مشاركة في الركون إلى الظالمين، على أولياء الأمور مسؤولية منع أبناءهم وبناتهم في المشاركة في هذه الفعاليات الماجنة التي لا تليق بديننا فضلاً عن مبادئنا ورسالتنا وتضحياتنا وتضحيات شهداءنا.
يتزامن عيد الجلوس مع عيد الشهداء؛ أكبر مصداق للاستقامة هم هؤلاء الشهداء الذين استقاموا وصبروا وصمدوا واستمروا حتى قدموا أنفسهم قرابين في سبيل الله وفي سبيل قضيتهم التي خرجوا من أجلها وفي المقابل هم الذين ينسون جراحات الشعب البحريني ويرقصون عليه، علينا أن نختار إما أن نكون مع الشهداء أو مع أولئك الذين باعوا قضيتهم وركنوا إلى الظالمين.