كلمة سماحة السيد مرتضى السندي في حفل تأبين الشهيد النمر

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

السلام على شيخ الشهداء..

السلام على من صدع بالحق في وجه سلطانٍ جائرٍ من أجل كرامة أمة..

السلام على الشهيد المغيّب الجثمان..

السلام على من آثر الموت على حياة الذل والهوان..

السلام عليكم أيها الأخوة الحضور ورحمة الله وبركاته

مثل سماحة الشيخ النمر ظاهرةً غريبةً في واقعٍ ميّتٍ انتهن السكوت والسكون، كان صرخةً مدوية لإيقاظ مجتمعٍ نام عن عزته وكرامته وأراد أن يتأقلم مع واقعه الفاسد، وصل حال الأمة إلى موت الإرادة أمام إرادة الطغاة، وكان بإمكان الشيخ النمر أن يتأقلم مع واقعه الفاسد كما تأقلم المجتمع، كما كان بإمكانه أن يعيش همومه الصغيرة بحثاً عن مبررات الخضوع والخنوع والرضا بالعيش والهوان، آثر العيش مطارداً وسجيناً وشهيداً على أن يقبل واقع الظلم والجور والهوان، يسير لوحده عكس التيار فلا أنصار ولا أعوان ولا أفق في المسار إلا أنه قرر أن يسير حتى يفتح للناس أفق العيش الكريم أو شهادة الأحرار، كان يعلم أنه لن يصل إلى النصر ولكنه كان يعلم أيضاً بأن دمه سيخلق جيلاً برفض عيش الذل والهوان.

من دم الشهيد النمر الفوار وزئيره المدوي في القلوب والآذان انبثقت فكرة سيوف الثأر، تسرب اليأسُ في نفوس الناس وبان التعب على وجوه الناس وحركتها، فكان الشهيد القائد رضا الغسرة يراقب الحدث ويتسائل ماذا يمكن أن نفعله لنعيد الناس للحياة ونعيد للثورة جذوتها ونعيد للشعب الأمل بعد ٱن تسرب اليأس في قلوب كثيرٍ من الناس فكان القرار سيوف الثأر.

كانت الأنظار متجهة نحو الدراز، نحو الشيخ المحاصر وأعداد الناس تتناقص كلما طال الحصار وقلت الحيلة وكثرت الاعتقالات والاستعدادات، كانت العيون تترقب حدثاً من الدراز وإذا به ينطلق من سجن جو، رضا الغسرة يعود للمشهد من جديد، يعود بثورةٍ جديدة وإرادةٍ فولاذية وعزمٍ حسيني،حريةٌ أو شهادة، لا يأس ولا استسلام، نفض الغبار عن جسد الأمة وقام وقاوم حتى انتزع حريته ولكن هذه المرة لم يكن وحيداً بل قرر أن يعود الحدث مجلجلاً، في البداية كان يفكر كيف يحرر جميع الأسرى من المعتقل ولكن بعد استخارات واستشارات ودراسةٍ للوضع الميداني قرر أن يبحث عن خطةٍ بديلة تمكنه من نقل المحررين إلى بر الأمان بيسرٍ وسلام وذلك للموقع الذي يقع فيه سجن جو بعيداً عن المناطق المأهولة، خطط المهمة بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة من داخل السجن، كان الأمل في نجاح الخطة قليلاً جداً لدى كل من كان يعرف بالعملية إلا رضا فقد كان واثقاً كل الوثوق بأن الله لن يخيّب رجاه وبشعار “يا زهراء” انطلق وباسم الشهداء وشيخ الشهداء أعلن انطلاق العملية لتنتج زلزالاً هزّ البحرين من أولها إلى آخرها، كل الشوارع أُغقلت وكل المناطق حوصرت وذهولٌ كبيرٌ بين الموالين والمعارضين، الكل لا يصدق حقيقة ما جرى، أعتقد البعض أن الأمر حلماً، والبعض أعتبره خديعةً، والبعض عبّر عنه بالمسرحية لتصفية المعارضين.

كثيرٌ من الناس أجسامهم حرة ولكن إرادتهم مقيّدة أسيرة أما رضا فقد كان جسده مقيّدة إلا أن روحه الكبيرة كانت ولا زالت وستبقى حرة، إن فكرة انتزاع الحرية أمر فطري وطبيعيٌ لكل إنسان، السلطات الخليفية قد أمعنت في إجرامها واعتقلت الآلاف وحكمت عليهم بالسجن لمئات السنين والهدف من ذلك ترويض الروح الثورية الناهضة والنابضة في قلوب وعقول شبابنا الغيور.

نحن في هذه المناسبة نؤكد بأننا مع كل حالة تمردٍ على القبضة الأمنية ومع كل عملٍ من أجل انتزاع حرية معتقلينا ومع كل جهودٍ من أجل كسر القبضة الأمنية لإركاع شعبنا وإن هذا الحفل هو لترسيخ ثقافة انتهاز الحرية فالحق يُؤخذ ولا يُعطى والحرية عروسٌ مهرها الدم الفاني وإن خيار الاستسلام ساقطٌ من قاموسنا، سنواصل المسير مع كل أبناء شعبنا لانتزاع حقوقنا وكرامتنا وحرياتنا وسيبقى شعارنا حرية أو شهادة هو شعار المسير.

والحمدلله رب العالمين وصلى اللهم على محمدٍ وآله الطاهرين ورحم الله من قرأ سورة الفاتحة للشيخ النمر والشهيد رضا الغسرة وجميع شهداء الإسلام تسبقها الصلاة على محمدٍ وآل محمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى