تقرير: “إطلالة على شعارات عاشوراء”
ضمن سلسلة البرنامج الذي دشّنه مركز الإمام الخمينيّ “قدّس سرَّه” في مدينة قم المقدّسة، وفي أُولى محاضراته، ألقى سماحة الشيخ أحمد نوّار محاضرة قيّمة تحت عنوان “إطلالة على شعارات عاشوراء”.
وقد استهل محاضرتهُ بسؤال حول فلسفة العاطفة والفكر في قصّة عاشوراء، ودور كل منهما في حفظ واقعة عاشوراء، والامتثال لدروسها وعبرها، حيث أن هذا السؤال موضع نقاش فكري داخل وخارج البيت الشيعي، بمختلف التوجهات الفكرية والعقائدية.
وبدأ سماحة الشيخ بمقدمّة للإجابة على التساؤل ، استخلصها من علماء النفس والفلّسفة، وهي حول وجود أربع قوى في تكوين الإنسان: القُوة العقليّة، والقُوة الشهويّة، والقُوة الغضبيّة، والقُوة الواهمة. وأوضح بأنّ لكل من هذه القوى فائدة، ولهذا خلقها الله سبحانهُ وتعالى الذي لايخلُق شيئاً عبثا، وأنّه في الرؤيّة الإسلاميّة تبقى القوة العاقلّة -أي العقليّة- هي التي ينبغي أن تسيّطر على القوى الأخرى.
وإسهابا في الإجابة على إشكالية العاطفة والعقل في مدرسة عاشوراء، تحدّث سماحة الشيخ النوّار عن روايات مروية عن النبيّ الأكرم وأئمّة أهل بيته الطيّبين الطاهرين، والتي تحث على البكاء على سيد الشهداء الإمام الحسين “عليه السلام” وعظمة ثواب البكاء عليه.
وقد قسّم سماحته رده إلى قسمين: القسم الأول ويخص البيّت الشيعيّ، وفيه نقطتان؛ استدلال عقائدي بالنصوص يشرح الحركة السياسيّة للإمام المعصوم زين العابدين “عليه السلام”، والتي أراد فيها الإمام تحريك عواطف المجتمع عبر سؤاله لمن أراد ذبح الكبش “هل سقيتموه ماءً؟”، والنقطة الأخرى سيرة الإمام الخمينيّ العظيم، الذي قال: “نحن أمّة البكاء السياسي”، وكلمة أخرى قال فيها :”نحن الأمّة التي تجرف بدموعها الطواغيت”، وبذلك تتأكد أهميّة العاطفة والبكاء في قضية الإمام الحسين “عليه السلام” وتعبير البكاء عن العاطفة الصادقة في القضايا السياسية التي يخوض المؤمنون صراعها.
وقد أكد سماحتهُ على أهميّة رفض الفكرة التي تريد فصل واقعة كربلاء عن الواقع السياسيّ المعاش.
أما القسم الثاني في شرح جدلية العاطفة والفكر في قضية عاشوراء، فقد رأى سماحة الشيخ أنه متعلق بخارج البيّت الشيعيّ، واستشهد سماحته بكلمة لأحد المفكرين المسيحيين ، والتي قال فيها: ” لو كنّا نملك الحسين لغزونا به العالم”، وأرجع هذا المفكّر سبب ذلك للعاطفة، أيّ ماجرى على الحسين وأهله وصحبه.
واستدرك سماحة الشيخ النوّار بأنّهُ ينبغي الموازنة بيّن العقل والعاطفة ، وتغليب الأول على الثاني ، وعدم إهمال أيّ منهما.
كما أكّد سماحة الشيخ على أن شعارات ومبادئ عاشوراء لايمكن اختزالها في زمان ومكان وقومية وشعب، وأنها مبادئ وقيم خالدة ينبغي تطبيقها في كل زمان ومكان، وهي جامعة للفكر والعاطفة بين معانيها ومفرداتها.
واختتمّ سماحته كلمته بنصيحة للشباب المؤمن بالتفرّغ في هذا الموسم للبكاء على قضية الحسين “عليه السلام”، وعدم الاكتفاء بالمجالس العامّة، بل حتى تخصيص وقت للخلوة مع النفس، والتفكر حول ماجرى على الحسين “عليه السلام”، وأخذ العبرة منه، والبكاء عليه في الخلوات .