المحاضرة الرابعة من سلسلة “ميدانكم الأول أنفسكم” بعنوان “المنهج 2”

أُقيمت مساء يوم الخميس (15 مايو/أيار 2025) في مركز الإمام الخميني (قدس سره) بمدينة قم المقدسة، المحاضرة الرابعة من سلسلة المحاضرات الثقافية “ميدانكم الأول أنفسكم”، التي يُلقيها سماحة الشيخ مصطفى الأنصاري.

استهلّ الشيخ الأنصاري محاضرته بالإشارة إلى أن الإنسان قد يعيش حياته كلها في مسارٍ معيّن، غافلًا عن وجود خللٍ مركزي في هذا الطريق. واستشهد بقول السيد الشهيد الصدر الأول (قدّس الله نفسه): “من منّا عُرِضت عليه دنيا هارون ولم يفعل ما فعله هارون؟“، موضّحًا أن المشكلة لا تكمن في نقص العبادة أو الجهاد أو التضحيات، بل في غياب تهذيب النفس وتربيتها على مستوى الجذور والأسس. فالقرآن الكريم يقول: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾، إذ إن بعض المشكلات تكون خفية حتى على الإنسان نفسه؛ فهو قد يظن أنه من أهل التزكية وتهذيب النفس، وأن حبّ الدنيا قد خرج من قلبه، لكنه ما إن يخضع للاختبار، حتى يُكتشف أن هذا الحبّ كان كامنًا في أعماقه.

وأشار الأنصاري إلى أن واقعنا اليوم يشهد تغليبًا للحالة الفردية في التديّن، وأن تهذيب النفس يتكوّن من طبقتين: الأولى هي التهذيب الأخلاقي السلوكي، أي تزيين النفس بالفضائل وتنزيهها عن الرذائل، وهو ما يجعل الإنسان صالحًا، لكنه غير كافٍ. فثمة حاجة إلى طبقة ثانية أعمق، تتمثّل في تهذيب النفس على مستوى الوعي والرسالية. فالشريعة لم تأتِ فقط لصناعة الإنسان الصالح، بل لصناعة الإنسان القوّام بالقسط، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ﴾. وقد بيّن أن الرسالة الإسلامية تسعى إلى صناعة النفس الجهادية الرسالية التي تمثّل رقمًا فاعلًا في معادلة الصراع بين الدين والاستكبار. وهذا ما يشير إليه النبي (ص) بقوله: “من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم“. فالدين لا يقتصر على التكاليف الفردية كالصلاة والصيام، بل يشمل التكاليف الاجتماعية أيضًا، مثل الدفاع عن المستضعفين ونصرة قضايا الأمة.

وختم الشيخ الأنصاري محاضرته بالتأكيد على أن تهذيب السلوكيات والأخلاق هو البداية فقط، أما الطبقة الأعلى فهي الوعي وبناء النفس. وأشار إلى صمود أهل غزة في وجه الحرب والحصار والدمار والجوع، مؤكدًا أن ما نحتاجه اليوم ليس مجرد أفراد ذوي أخلاق وسلوكيات مهذبة، بل نفوسًا صلبة ثابتة، لا تزعزعها الأزمات ولا تنكسر تحت الضغوط. وذكر أن هذا ما عبّر عنه سيد الشهداء (عليه السلام) بقوله عن أصحابه: “الأشوس الأقعس، يستأنسون استئناس الطفل إلى محالب أمه“، وهي النماذج التي نحن في أمسّ الحاجة إليها في هذا الزمن، من أجل التمهيد الحقيقي.

أبرز محاور المحاضرة بحسب التوقيت:

(01:25) يعلم السر وأخفى.

(02:51) الاختبارات سلوكية وأحيانًا نفسية.

(07:16) الطبقة الأولى من تهذيب النفس (الفضائل والرذائل).

(10:56) نعيش اليوم الحالة الفردية في الدين.

(21:22) الطبقة الثانية من تهذيب النفس (الوعي والبناء).

(24:07) النفوس التي نحن اليوم بحاجة إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى