رسالة الفقراء – الأستاذ عبدالوهاب حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

الفقر فَقدُ ما يحتاج إليه الإنسان في حياته وأمر معاشه، والفقير المحتاج ومكسور الفِقار، كأنَّ حال الفقير المحتاج كحال مكسور الفقار، وفي الدعاء ﴿اللهم إني اعوذ بك من الفقر لأن الفقر يحمل الفقير على حسد الأغنياء، والتذلل وبذل ماء الوجه، ويتسبب في الاضطراب وفقدان الأمن.

وفي الحديث النبوي ﴿كاد الفقر أن يكون كفرا، وقيل عن الفقر أنهُ الموت الأكبر، وأشدُّ من القتل وغربةٌ في الوطن. وقيل لا تلم إنسانًا يطلبُ قوته. وقال الإمام علي عليه السلام ﴿لو كان الفقرُ رجلاً لقتلته؛ أي أنه في حربٍ ضروس مع الفقر.

ومن الفقراء من يطلب الغنى ويسعى إليه جهده ولكن لا يجد إليه سبيلاً، ومنهم من هو عاجزٌ عن الطلب لمرضٍ ونحوه، ومنهم من يترك الطلب كسلاً واتكالاً على غيره، ولكل قسمٍ حكمه، والذي يهمنا ذكره أن تكونَ الدولة غنية بثرواتها، وبحسب دخلها القوميّ كالبحرين، إذ تحتل المرتبة الخامسة عشر عالميًا ضمن أغنى البلدان، ويفترض أن يكون نصيب البحريني من الناتج المحلي خمسينَ ألفًا ومئتين وأربعة وستين 50264 دولار أمريكي سنويًا، وذلك بحسب تقرير حديث لصندوق النقد الدولي ويكون متوسط ثروة الفرد البالغ في البحرين ثمانية وتسعين ألفًا 98000 دولار أمريكي، أي ما يعادل سبعة وثلاثين ألفًا وأربعة وأربعين 37044 دينار بحريني.

وتحتل البحرين المرتبة الرابعة عربيًا بعد قطر والكويت والإمارات، وذلك بحسب دراسة لبنك كريدي سويس السويسري، أي يفترض أن يكون حال البحرين أفضل من السعودية ومن جميع الدول العربية الأخرى، ومع ذلك يكثر بين أهلها الفقراء الذين يعتمدون على المساعدات، والعاطلين الجامعيين وغيرهم عن العمل بسبب الفساد والسطو على ثروات البلد بالنهب والسرقة والتضييع وسوء توزيع الثروة والتفاوت الطبقي البشع، إذ البحرين من الدول المتفوقة نسبيًا بين دول العالم في عدد المليونيرات، وكما قال الامام علي عليه السلام ﴿ما رأيت نعمةً موفورة إلا وجانبها حقٌ مضيع، وأيضًا بسبب التمييز الطائفي في التوظيف، وعدم العدالة في توفير فرص العمل وإيجاد المنافسين الأجانب على الوظائف وفرص العمل في القطاعين العام والخاص لدوافع سياسية، والرغبة في الانتقام وإنزال العقاب والتوحش الرأسمالي لرغبة زيادة رؤوس أموال أرباب الثروات الجشعين، وليس لتلبية حاجات تنموية أو رعاية المصلحة الوطنية، مما يسلط الأضواء على الخلل في الروابط الوطنية والسياسة الأمنية حيث المبالغة في الإنفاق الأمني والعسكري لكبت الحريات وقمع المعارضة.

وتُستنزف ميزانية الدولة على الخلل في السياسة الاقتصادية والاجتماعية وغيرهما، الأمر الذي من شأنهِ أن يهدد الأمن والاستقرار، ويفصم عرى الوحدة الوطنية، وذلك بحكم السنن والمنطق وحقائق الأشياء، ومن المؤسف أن تكاد لا تجد أحدًا يتحدث عن هذا الموضوع الخطير حتى من المعارضين غفلة، وهناك من يسعى لقلب الصورة تعسفًا والواقع والأرقام تعاكسه ولا تسعفه.

وتجب معالجة الفقر بالوعي والبصيرة وفهم ما هو قائم والقناعة والمقاومة، والصبر وحسن التدبير، وبذل الوسع في البحثِ عن فرص العمل الكريم الحرِ وغيره، ولرفع الحاجة وتحصيل الغنى بكل الوسائل المشروعة والاستعانة بالله عز وجل والثقة به وحسن التوكل عليه والاقتصاد وترشيد الإنفاق وترك التبذير والإسراف وحفظ الكرامة الإنسانية وعزة النفس وماء الوجه والتكافل والتضامن الاجتماعي والحرص الكامل على إنجاح المشاريع الخاصة للشباب وغيرهم، وأداء الحقوق المالية للفقراء وهو من حقائق وصدق وكمال الإيمان والتحلي بالعفاف وتجنب المعاصي والتطلع الإيجابي للتغيير بالوسائل المشروعة وبذل الوسع في ذلك ولتحصيل الحقوق، اللهم رضنا يا قاسم بما قسمتَ لنا وأكتبنا مع الشاهدين.

صادر عن:

  • الأستاذ عبدالوهاب حسين
  • الناطق الرسمي باسم تيار الوفاء الإسلامي
  • الجمعة 29 جمادى الأولى 1444 هـ
  • الموافق 23 ديسمبر/كانون الأول 2022
  • معتقل سجن جو المركزي – البحرين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى