رسالة إلى الأحبة المحكومين بالإعدام – الأستاذ عبدالوهاب حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

نصح حبيب النجار مؤمن آل ياسين لقومهِ أهل انطاكيا على عهد السيد المسيح عليه السلام ودعاهم إلى التوحيد ونهاهم عن الشرك؛ فقتلوه ظلماً، وأخبر القرآن عنه أنهُ بعد قتلهِ مباشرةً وبدون فاصل زمني طويل أو قصير، قِيل تكريماً له أدخل الجنة، يعني جنة البرزخ، فكأن قتله على أيدي الظالمين هو عينُ دخولهِ الجنة، فلما شاهد ما في جنة البرزخ من النعيم والإكرام قال بحسرةٍ على قومه: يا ليت قومي يعلمون بحسن حالي وحنين عاقبتي وما أنا فيه من النعيم والإكرام، وبما غفر لي ربي ذنوبي وتقصيري وإسرافي على نفسي في عالم الدنيا قبل شهادتي، وجعلني بالشهادة من المقربين المكرمين عنده، فليتهم يعلمون ذلك ليتوبوا إلى ربهم عن الشرك والظلم فيؤمنوا بمثل إيماني ويعملوا بمثل عملي؛ فيغفر الله لهم مثلما غفر لي، ويرحمهم مثلما رحمني، ولينجوا من العذابِ والهلاك مثلما نجوت، ويفوزوا بالسعادة مثلي.

وعليه فقد كان محقًا في إيمانه وجهاده وما لانَ ولم يبالِ بتهديدات قومه ووعيدهم له، ولم تزدهُ عداوة قومه إلا إيمانًا بقضيته وثباته على موقفه وحبًا للخير، ولم يكسبهُ حلمهُ وعلمهُ وصبرهُ وتسليمهُ لأمر ربه ورضاهُ بقضائه وقدره إلا فوزاً عظيما، ولم يعقبه إلا خيرًا وسعادةً كاملة.

لقد أراد به قومهِ شرًا وأراد به الله خيرًا فغلبت إرادة الله الخيّرة إرادة قومهِ الشريرة، ومكرهم السيء ويظهر بذلك الفرق الكبير الواضح بين منطق وأخلاق وما يضمره المؤمنون الصالحون من المحبةِ والرحمةِ والتسامح، وبين منطق وأخلاق وما يضمره المشركون والظالمون من الكراهية والشرور والانتقام.

وفي سيرة حبيب النجار حثٌ للمؤمنين الصالحين على العلم والمعرفة والحلم والتسامح والصبر الجميل لإعزاز الدين الحق والدعوة إليه ونصرة المظلومين والمستضعفين والتلطف مع أهل الجهل وإظهار الحرص الكامل على هدايتهم وإرشادهم واسعادهم، وتخليصهم مما هم فيه من دواعي الشقاء والهلاك والخسران المبين بدون ضعفٍ في إحقاق الحق ونصرة المظلومين والمستضعفين وإقامة العدل وبدون تفريط في الواجبات والحقوق العامة كافة والعاقبة الحسنةُ حتمًا للمتقين.

أيها الأحبة الأعزاء.. الموت والحياة بيد الله وحده لا بيد غيره، فلا يموت أحدٌ قبل موعده، فلا تميلوا ببصركم إلى غير الله ولا تعوّلوا على سواه وخذوا بالأسباب ولا تيأسوا وكونوا متأهبين مستعدين للحياة كاستعدادكم وتأهبكم للموت، ففرصتكم في الحياة قوية بفضل الله تعالى، فلا تغمضوا عيونكم عن ذلك فخذوه بعين الاعتبار ولا تتجاهلوه، وإني لأخصكم بالدعاء بالسلامة والثبات، وليربط الله على قلوبكم للتوفيق إلى مواصلة المشوار في خدمة الدين والحق والأمة والوطن على هدى وبصيرة ونورٍ من ربكم ولا أنساكم من الدعاء في الليل والنهار فلا تنسوني.

أحبكم في الله

صادر عن:

  • الأستاذ عبدالوهاب حسين
  • الناطق الرسمي باسم تيار الوفاء الإسلامي
  • الأثنين 18 جمادى الأولى 1444 هـ
  • الموافق 12 ديسمبر/كانون الأول 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى